خبراء لـ«رؤية»: خطط وسيناريوهات بديلة لأزمة الغذاء العالمية في إفريقيا

هالة عبدالرحمن

أكثر من 7 ملايين شخص يعانون انعدام الأمن الغذائي في الصومال، وراح مئات الأطفال كضحايا لأزمة الجوع في الأسابيع الأخيرة، وأصبحوا من ضحايا أسوأ موجة جفاف منذ أربعة عقود.


تسببت الحرب الروسية الأوكرانية في ارتفاع أسعار العديد من السلع الأساسية والمواد الغذائية حول العالم.

وصرح المستشار السابق بمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) الدكتور محمد فتحي سالم، لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، بأن العالم كله يمر بأزمة حبوب بعد الحرب، في حين تسيطر روسيا وأوكرانيا على 30% من إنتاج الحبوب و46% من إنتاج الزيوت.

أزمة إنتاج وتوزيع الحبوب حول العالم

أوضح أستاذ الزراعة بجامعة السادات، في تصريحاته لـ”شبكة رؤية الإخبارية”، أن الأزمة مضاعفة، لأنها أزمة إنتاج وأزمة نقل أيضًا. وكانت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، قد نشرت تحقيقًا صحفيًّا يتهم القوات الروسية بسرقة الحبوب والمنتجات الزراعية في المناطق الأوكرانية التي تخضع لسيطرتها.

ووفقًا للتحقيق الذي نشرته بي بي سي الاثنين الموافق 27 يونيو 2022، تسيطر القوات الروسية على 80% من الأراضي التي يزرعها الأوكرانيون. وحسب شهادات هؤلاء المزارعين، فقد سرقت روسيا شاحنات الحبوب، ووجهتها إلى شبه جزيرة القرم وتركيا.

خطط بديلة

ووفقًا لـ“الفاو” لا بد أن يكون لدى الدول النامية، خاصة منطقة الشرق الأوسط، خطط بديلة، فمصر مثلًا تتوسع أفقيًّا ورأسيًّا في الزراعة لرفع نسب الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الرئيسة، مثل القمح والفول والذرة، جانب النشاط التصديري للحاصلات الزراعية ذات الفائض الإنتاجي، وعلى رأسها الخضراوات والفواكه، حسب ما أفاد الدكتور محمد فتحي.

وفيما يخص دول الخليج العربي فإن لديها سيناريو مختلف، لأنها دول لا تعتمد على الزراعة كثيرًا، لذلك لديها توجه للاعتماد على الاستثمار الزراعي في الخارج، فمثلًا نجد الإمارات تعتزم ضخ 6 مليارات دولار كاستثمارات في السودان، ومن بينها مشاريع زراعية، وفقًا لتصريحات الخبير الزراعي محمد فتحي سالم.

كيفية استعادة السيطرة على الأمن الغذائي

تعد الحرب الروسية الأوكرانية، وأزمات إنسانية أخرى في مختلف أنحاء العالم، أبرز التهديدات الرئيسة المحدقة بالأمن الغذائي العالمي، ما يستدعي مواجهتها بسناريوهات بديلة. وأوضح سالم أن مصر من أكبر مستوردي الحبوب، ويجب أن ترفع إنتاجيتها في الفدان عبر تبني أساليب زارعية حديثة، ودعم المنتجين للقمح لتوفير نفقات تصل إلى 23 مليار جنيه.

وكشف الدكتور محمد فتحي سالم، عن أنه قدم ورقة بحثية تحت عنوان “الأمن الغذائي المصري بين الواقع والمأمول” تقدم حلولًا لتحقيق الاكتفاء الذاتي لمدة عام، عبر برنامج استرشادي للأسمدة لتزويد إنتاجية الفدان من القمح، لأن أزمات الغذاء أمر سيئ للجميع، ومدمر للفئات الأشد فقرًا والأكثر احتياجًا.

هل ستنخفض أسعار الغذاء مجددًا؟

أوضح الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية الدكتور رشاد عبده، في تصريحات لـ”شبكة رؤية الإخبارية”: “العقوبات الغربية على روسيا ومنع أوكرانيا من تصدير الحبوب، ووقف صادرات الهند من الحبوب، أدى إلى حرمان العالم من 51% من إنتاج القمح، لذا لن تنخفض الأسعار”.

وأضاف: “المشكلة الأكبر أن روسيا تعد أكبر دولة منتجة للأسمدة، فيتردد صدى أزمة الأسمدة في إنجلترا الآن، حيث أوقف الفلاحون الزراعة، لأن القمح لن يصبح صالحًا للاستخدام الآدمي”. وحذر الدكتور رشاد عبده من قلة الإنتاج أمام المعروض، وأن ما يحدث في بريطانيا سوف يتكرر في معظم دول العالم.

الحرب تدفع إفريقيا نحو المجاعة

يعاني أكثر من 7 ملايين شخص من انعدام الأمن الغذائي في الصومال، وراح مئات الأطفال ضحايا أزمة الجوع في الأسابيع الأخيرة، وأصبحوا من ضحايا أسوأ موجة جفاف منذ 4 عقود. وذكرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “اليونيسيف“، أن 1.4 مليون تقل أعمارهم عن 5 سنوات يعانون سوء التغذية الحاد.

وتظهر بيانات الأمم المتحدة وجود 448 حالة وفاة للأطفال في مراكز علاج سوء التغذية، في الفترة من يناير إلى إبريل. ويحتاج الصومال إلى 1.5 مليار دولار  لمساعدة الفئات الأكثر فقرًا، ومع ذلك قدّم المانحون 18% فقط. في ضوء أزمة مساعدات عالمية، وفقًا لتقرير “واشنطن بوست” المنشور في 30 يونيو 2022.

أزمة منظمات الإغاثة العالمية

وفقًا للصحيفة الأمريكية، فإن واشنطن زادت مساعداتها للمنطقة بمقدار 105 ملايين دولار. وبالمقارنة، وافق الكونجرس الأمريكي الشهر الماضي على صرف 7.5 مليار دولار من المساعدات الاقتصادية لأوكرانيا، خاصة بعد أزمتها في الحرب مع روسيا.

وبشأن أزمة التبرعات للدول الفقيرة، أفاد الخبير الاقتصادي رشاد عبده، أن الدول المانحة لن تسعى إلى توفير المساعدات للدول الفقيرة التي تعاني مجاعات، في ظل الحرب. ولذلك نشأت أزمة كبيرة داخل تلك المنظمات الدولية، ولا يوجد في الأفق أي قرارات حاسمة قدر تصدر من تلك المنظمات، بشأن أزمة الجوع وارتفاع الأسعار.

السيناريو البديل

حول موقف الدول النامية من الأزمة، أشار الخبير الاقتصادي إلى أن معظم الدول منخفضة الدخل، ستضطر إلى اللجوء للقروض، ما سيضيف الأعباء الاقتصادية، وستدخل في دائرة فوائد وأقساط لا متناهية، ما سوف يعرضها لمخاطر التعثر في سداد الديون وأزمات الاستدانة.

وأضاف “يجب استصلاح الأراضي الزراعية وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء، ومنع تصدير السلع الاستراتيجية مثل الأرز، مقابل تعويض المزارعين”. واقترح خفض سعر الدولار الجمركي ليستورد التجار السلع الاستراتيجية بتكلفة أقل، وكانت مصر قد رفعت “الدولار الجمركي” من 17 جنيهًا إلى 18.64 جنيه في يونيو الماضي، الزيادة الثانية في سعر الدولار الجمركي.

 

 

ربما يعجبك أيضا