برلماني نمساوي لـ«رؤية»: حفظ السلام مسؤولية مصر والنمسا.. وبوتين هو من بدأ الحرب

رنا أسامة

جدد عضو المجلس الوطني للنمسا ، هيرالد تروخ، إدانة بلاده لما وصفه بالعدوان الروسي على أوكرانيا، باعتبار أنه انتهاك وحشي للقانون الدولي.


وصف وزير الخارجية النمساوي، ألكسندر شالينبرج، مصر بأنها شريك أساسي للنمسا وللاتحاد الأوروبي، خلال زيارة وصفت بالتاريخية للقاهرة في 3 يوليو 2022، بحث خلالها مع نظيره المصري، سامح شكري، آخر التطورات الإقليمية والدولية.

وفي حوار عبر البريد الإلكتروني مع “شبكة رؤية الإخبارية”، رحب عضو لجنة العلاقات الخارجية بالمجلس الوطني النمساوي، هارالد تروخ،  بزيارة شالينبرج، واعتبرها مهمة في ظل الوضع الجيوسياسي غير المستقر عالميًّا، بسبب الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من 100 يوم.

هل لمصر والنمسا دور في حفظ السلام؟

بالنظر إلى أن مصر والنمسا حققتا الاستقرار في معظم الأوقات خلال الـ50 عامًا الماضية، فقد حملهما البرلماني النمساوي مسؤولية خاصة لحفظ السلام أو تحقيقه لتجنب نشوب أي حرب أو نزاع عسكري.

وقال لـ”رؤية”: “يمكن أن تلعب مصر والنمسا دورًا أكثر نشاطًا من خلال تعزيز الحوار والمبادرات الدبلوماسية لبناء الجسور، والمساعدة في إيجاد حلول وسط”.

سامح شكري ووزير الخارجية النمساوي في القاهرة

ما موقف النمسا من الحرب الروسية الأوكرانية؟

في ما يتعلق بالحرب التي يشنها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، منذ 24 فبراير الماضي، جدد البرلماني النمساوي إدانة بلاده لما وصفه بالعدوان الروسي على أوكرانيا، باعتباره انتهاكًا وحشيًّا للقانون الدولي، واتفاقيات هلسنكي لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا عام 1975.

وأوضح تروخ أن النمسا تقف في صف جميع دول الاتحاد الأوروبي التي تفرض عقوبات أكثر قساوة على موسكو، ردًّا على الحرب بأوكرانيا. وكان المستشار النمساوي، كارل نيهامر، أول زعيم أوروبي يلتقي بوتين بموسكو منذ بدء الحرب في محاولة للتوسط وتهدئة النزاع.

بوتين

في نظركم.. من المسؤول عن الحرب؟

في كلمة بمنتدى سان بطرسبرج الاقتصادي الدولي، بتاريخ 17 يونيو 2022، دافع بوتين عن قرار الحرب التي يسميها عملية عسكرية، قائلًا إنه كان صعبًا لكنه ضروري، الأمر الذي عارضه البرلماني النمساوي، محملًا الرئيس الروسي المسؤولية كاملة.

وقال في حواره لـ”رؤية”: “لا أرى أي ضرورة لشن حرب في أوكرانيا”، بالنظر إلى أن الحقائق التي خلفتها تلك الحرب مدمرة، مع سقوط عشرات آلاف القتلى والجرحى من الجنود، وآلاف القتلى والجرحى المدنيين، وتشريد ملايين اللاجئين، وتدمير البنية التحتية كاملًا، فضلًا عن عواقب مدمرة على التجارة والاقتصاد العالميين، بما في ذلك نقص الغذاء وأزمة الطاقة. وأضاف: “الرئيس بوتين مسؤول عن كل ذلك”.

ماذا تمثل عضوية دول غرب البلقان بالاتحاد الأوروبي للنمسا؟

حول مسألة انضمام أوكرانيا للاتحاد الأوروبي، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان النمساوي إن بلاده ترى أن “دول غرب البلقان الصبورة، مثل الجبل الأسود وصربيا وألبانيا ومقدونيا الشمالية، لها أولوية واضحة في الانضمام إلى الاتحاد”، فيما ظلت عضوية بعض تلك الدول معلقة لسنوات.

وأضاف تروخ لـ”رؤية”: “لحسن الحظ فإن الشروط الواضحة المسبقة التي يضعها الاتحاد الأوروبي لمنح العضوية تنطبق على جميع المرشحين”، بما في ذلك أوكرانيا أيضًا، لكنه قال إن ضم أعضاء جدد قد يستغرق وقتًا. وكان المستشار النمساوي قد دعا، ضمن أعمال منتدى أوروبا، إلى منح دول غرب البلقان آفاقًا حقيقية للانضمام، باعتبار أن استقرار وأمن أوروبا مرتبطان ارتباطًا مباشرًا بغرب البلقان”.

النمسا في الاتحاد الأوروبي

لماذا لم تطلب النمسا الانضمام إلى حلف الناتو؟

على النقيض من فنلندا والسويد اللتين طلبتا الانضمام لحلف الناتو بعد عقود من الحياد، لم تفكر النمسا في التخلي عن حيادها المستمر منذ عام 1955، ذلك العام الذي أنهت فيه القوات المتحالفة لأمريكا والاتحاد السوفيتي وبريطانيا وفرنسا احتلالها للنمسا بعد الحرب العالمية الثانية. عزا تروخ ذلك إلى أن الحياد يمنحها مكانة في القانون الدولي.

وفي الوقت نفسه، أشار البرلماني النمساوي إلى أن الدور الحاسم للنمسا في بداية وأثناء الحربين العالميتين دفعها إلى تجنب الدخول في تحالفات عسكرية، مُحاولة بدلًا من ذلك أن تكون وسيطًا مُحايدًا وتبني جسورًا في النزاعات الدولية والمحلية.

وشدد على أن بلاده تنظر إلى الناتو باعتباره عاملًا من عوامل الاستقرار وحفظ السلام، داعيًا إلى تطوير مسؤولية مشتركة لحماية الحدود الخارجية لأوروبا، وتعميق مفهوم المجموعات القتالية الأوروبية كعامل أمني طارئ.

هل تأثرت علاقات النمسا وروسيا بالعقوبات الأوروبية؟

في ما يتعلق بالعلاقات النمساوية الروسية، قال تروخ إن النمسا وروسيا كانتا جارتين حتى عام 1918، تتشاركان المصالح وتتنافسان أحيانًا على النفوذ السياسي في البلقان، واعترف الاتحاد السوفيتي بسيادة النمسا ضد الاحتلال النازي في عام 1938، فيما عمقت النمسا التعاون الاقتصادي مع اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفيتية وطورتها، كذلك أقرت بموثوقية روسيا في توصيل الغاز والبنزين.

غير أن عقوبات الاتحاد الأوروبي ضد روسيا قبل وبعد بدء الحرب في أوكرانيا أثرت على علاقات فيينا وموسكو، بما يعقد أنشطة البنوك والشركات النمساوية في روسيا. وشدد تروخ على أن بلاده حريصة على إقامة علاقات اقتصادية جيدة وعادلة مع موسكو، لكنها “لن تُصبح بأي حال من الأحوال دُمية في يدها”، بحسب تعبيره.

روسيا والنمسا

هل تتخلى أوروبا نهائيًّا عن إمدادات الطاقة الروسية؟

استبعد النائب البرلماني عن الحزب الديمقراطي الاجتماعي بالنمسا، في حواره لـ”رؤية”، تخلي أوروبا نهائيًّا عن إمدادات الطاقة الروسية، مطالبًا بمزيد من الصدق وتجنب الدعاية عند الحديث بهذا الصدد في المستقبل القريب.

ومع ذلك، رأى تروخ أن هذه الأزمة تُعد فرصة حقيقية لإعادة التفكير في سياسة الطاقة الأوروبية والاستثمار في الأنواع المستدامة لإمدادات الطاقة. وقال: “علينا أن نطور استراتيجية لإمداد الطاقة اعتمادًا على سلاسل توريد مختلفة”.

هل واجهت النمسا أزمة طاقة؟

في يونيو الماضي، أعلنت الحكومة النمساوية إعادة تشغيل محطة طاقة تعمل بالفحم الحجري لتعويض النقص في إنتاج الكهرباء، ما اعتبرهتروخ “نكسة خطيرة لسياسات الطاقة المُستدامة” بعد خفض واردات الطاقة الروسية.

وأغلقت محطة ميلاخ، آخر محطة طاقة تعمل بالفحم الحجري بالنمسا في ربيع عام 2020، بعد أن تخلصت الحكومة تدريجيًّا من الطاقة الملوثة بهدف الانتقال لمصادر الطاقة المتجددة بـ100%. وقال المستشار النمساوي المحافظ كارل نيهامر، الذي يحكم بالتحالف مع حزب الخضر، حينها: “هدفنا الأول هو تأمين إمدادات طاقة للبلاد”، موضحًا أن 80% من إمدادات الغاز تأتي من روسيا.

أزمة الطاقة

لماذا لم تدعم النمسا أوكرانيا أو روسيا عسكريًّا؟

عن العقوبات الغربية المستمرة على موسكو، أعرب البرلماني النمساوي عن خيبة أمله إزاء تلك العقوبات التي قال إنها لن تردع بوتين، واصفًا إياها بالفاترة. وفي ما يبدو أن السحر انقلب على الساحر، لفت تروخ إلى أن العقوبات الاقتصادية وضعت أوروبا في مأزق، مشبهًا الأمر بنمط من أنماط الماسونية حينما تصيب العقوبات بلدان مسالمة على نحو أكثر حِدة من دعاة الحرب.

في المقابل، قال تروخ إن النمسا لم تقدم أي معدات عسكرية لأوكرانيا أو لروسيا، بموجب حيادها المعترف به دوليًّا، الذي يحظر أي إمدادات عسكرية لدول في حالة حرب أو صراع حاد. مع ذلك، أشار إلى أن الحكومة النمساوية والأغلبية الواسعة في البرلمان النمساوي، يؤيدون تقديم مساعدات إنسانية للشعب الأوكراني الذي يعاني أكثر من غيره من الهجوم.

هل تعتقدون انتهاء الحرب في وقت قريب؟

لا يلوح في الأفق ما ينبئ عن انفراجة وشيكة، قال عضو المجلس الوطني للنمسا إنه لا يزال من غير الواضح موعد انتهاء الحرب، لكنه أعرب عن أمله في انتهائها بأسرع وقت ممكن، مع استمرار المحادثات والجهود الدبلوماسية الدولية لإيجاد استراتيجية خروج من الحرب، قائلًا: “يجب أن يفوز العقل والتسامح”.

وأوصى تروخ الاتحاد الأوروبي باتخاذ مزيد من المبادرات لوضع روسيا وأوكرانيا على طاولة المفاوضات. وصرح منسق الاتصالات الاستراتيجية بمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، جون كيربي، في 3 يوليو الحالي إن الوقت لم يحن بعد لمفاوضات السلام بين روسيا وأوكرانيا، فيما اتهمت موسكو الدول الغربية بعرقلة المفاوضات لإطالة أمد الحرب.

ربما يعجبك أيضا