تقرير: لبنان ينزلق أكثر في فلك إيران مع اعتزال الحريري

authoraccount401

رؤية

بيروت- يفتح قرار الزعيم السني سعد الحريري تعليق عمله بالسياسة في لبنان الطريق أمام “حزب الله” لتوسيع نفوذه المتجذر بالفعل مما يجعل لبنان أكثر من أي وقت مضى معقلاً لإيران على البحر المتوسط.

ويوم الإثنين الماضي أعلن الحريري الذي تولى رئاسة الوزراء لثلاث مرات تعليق دوره في الحياة السياسية وعدم خوض الانتخابات البرلمانية المقبلة المقررة في مايو (أيار)، معرباً عن اقتناعه “بأنه لا مجال لأي فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني”.

ومن شأن خطوته هذه أن تفتح مرحلة جديدة في الحياة السياسية الطائفية في لبنان وتضفي حالة من عدم اليقين في بلد يعاني من انهيار مالي يمثل أكبر تهديد للاستقرار منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990، وفقا لشبكة رويترز.

تفتت الطائفة السنية

ويسعى نظام تقاسم السلطة الطائفي في لبنان إلى الحفاظ على التوازن الدقيق بين 18 طائفة رسمية معترف بها. ولكن خطوة الحريري ستؤدي إلى تسريع تفتت الطائفة السنية التي تزعمتها عائلة الحريري لمدة 30 عاماً.

حزب الله الذي أسسه الحرس الثوري الإيراني عام 1982 والذي يمتلك ترسانة ضخمة من السلاح هو أقوى فصيل في لبنان منذ فترة طويلة مما جعل البلاد تدريجياً واحدة من عدة دول عربية تمارس فيها طهران الشيعية نفوذاً كبيراً وجعل لبنان مسرحاً لصراعها مع دول الخليج العربية.

وحزب الله في وضع مالي أفضل بكثير من الآخرين في هذه الانتخابات للاستفادة من انسحاب الحريري. وقال مصدر مطلع على تفكير حزب الله، إن كل طرف من الأطراف السياسية عنده خسائر وأرباح جراء قرار الحريري، مشيراً إلى أن الجماعة تتطلع بالفعل إلى مكاسب محتملة لحلفائها في الطائفة السنية ومعظمهم من السياسيين المحليين الذين يفتقرون إلى النفوذ الذي كان يتمتع به على مستوى الوطن تيار المستقبل الذي ينتمي إليه للحريري.

لكن حزب الله يشعر بالقلق أيضاً من التحديات الجديدة بما في ذلك خطر سعي الخصوم المحليين والإقليميين لاستبدال الحريري بشخصيات أكثر تشدداً ستسعى إلى المواجهة بدلاً من تقديم تنازلات كما فعل في السنوات الأخيرة.

جاء زلزال الحريري السياسي على خلفية تصعيد الصراع الأوسع بين إيران ودول الخليج العربية المتحالفة مع الولايات المتحدة. فقد أطلقت ميليشيا الحوثي الإرهابية المتحالفة مع إيران في اليمن صواريخ على الإمارات العربية المتحدة مرتين هذا الشهر.

ويقول التحالف الذي تقوده السعودية، إن حزب الله يساعد الحوثيين.

وسلم مبعوث خليجي عربي يوم السبت الحكومة اللبنانية قائمة شروط لإذابة الجليد قال مصدر دبلوماسي لبنان إنها تشمل تحديد إطار زمني لتنفيذ قرار للأمم المتحدة عمره 18 عاماً يطالب بنزع سلاح حزب الله.

هل ستتأجل الانتخابات؟

كما كررت القائمة، التي وصفها المبعوث الخليجي بأنها إجراءات مقترحة لبناء الثقة، المطالب الغربية بإجراء الانتخابات في موعدها.

لكن في ظل التخبط في المشهد السياسي السني يتوقع بعض المحللين تصاعد الدعوات لتأجيل التصويت.

يعتقد العديد من المراقبين أن هذا من شأنه أن يناسب جميع اللاعبين الرئيسيين على الساحة اللبنانية تقريباً باستثناء خصوم حزب الله ولا سيما حزب القوات اللبنانية المسيحي.

وقال نائب رئيس تحرير صحيفة “النهار” اللبنانية نبيل بومنصف، إنه إذا اعتقدت القوى الكبرى في لبنان ومن بينها حزب الله أن من مصلحتها تأجيل الانتخابات، فإنها ستفعل ذلك.

وإذا أجريت الانتخابات فمن المرجح أن تكون عملية تشكيل حكومة جديدة أكثر صعوبة من المعتاد.
ولا تبشر حالة عدم اليقين السياسي بالخير فيما يتعلق بفرص اتخاذ إجراءات حكومية لمعالجة الأزمة الاقتصادية التي تركتها النخبة الحاكمة تتفاقم منذ عام 2019.

وأدى قرار الحريري إلى قلب المشهد الانتخابي المعقد بالفعل رأساً على عقب. وهذا القرار لن يؤثر فقط على المقاعد الـ20 التي فاز بها تيار المستقبل في عام 2018 إنما سيؤدي إلى تأثر عشرات المقاعد في البرلمان المؤلف من 128 مقعداً حيث للصوت السني تأثير في التحالفات المحلية مع المستقبل.

ولا يوجد حالياً أي سياسي سني لديه نفس النفوذ الذي يتمتع به الحريري على مستوى البلاد. ورغم أنه خسر ثلث مقاعده في عام 2018 فقد حافظ على موقعه كزعيم سني.

“إطلاق يد”

قد يترشح أحد أشقاء الحريري، بهاء، أو قد يدعم مرشحين آخرين، لكنه لم يصدر أي إعلان بعد. وينتقد بهاء بشدة سياسات أخيه سعد تجاه حزب الله.

وقال الزعيم الدرزي السياسي اللبناني وليد جنبلاط يوم الإثنين، إن الإعلان “يعني إطلاق يد حزب الله والإيرانيين”.

وفاز السنة المتحالفون مع حزب الله بمقاعد من تيار المستقبل في عام 2018 لكن الأمور ليست بهذا الوضوح حالياً بالنسبة لحزب الله المصنف كمنظمة إرهابية من قبل الولايات المتحدة.

وفي حين أن سياسة الحريري ارتكزت في البداية على معارضة سلاح حزب الله وصولاً إلى المواجهة التي قادت إلى حرب أهلية قصيرة عام 2008، فإن سنواته الأخيرة في الحكم شهدت العديد من التنازلات والتسويات مع الجماعة الشيعية.

وقال الحريري في خطابه يوم الإثنين، إن تنازلاته جنبت البلاد الحرب الأهلية.

وقال هايكو ويمن من مجموعة الأزمات الدولية، “لست متأكداً من مدى سعادة حزب الله” بقرار الحريري.

وأضاف، “من مصلحة حزب الله أن يكون هناك على الأقل ظاهرياً نظام سياسي فاعل يشارك فيه الجميع، بمن فيهم السنة”.

ربما يعجبك أيضا