الصحف الهولندية تناقش مستقبل الشرق الأوسط في ظل رئيس البيت الأبيض القادم

سحر رمزي

رؤية- سحر رمزي

أمستردام- باهتمام كبير يتابع الإعلام الهولندي تأثير الانتخابات الأمريكية، على منطقة الشرق الأوسط  وخاصة على مصالح  العراق وإيران وسوريا وفلسطين من جهة، ومن جهة أخرى على  مصالح دول الخليج العربي، وفي تقرير خاص لموقع  نيدرلاند نو، عرض آراء مختلفة حول مستقبل الشرق الأوسط في ظل رئيس البيت الأبيض القادم.

وقد جاء على النحو التالي:

بدأ العد التنازلي لموعد إعلان الفائز في سباق الانتخابات التي ستحدد من يعتلي عرش البيت الأبيض. فسيتجه يوم الثلاثاء 3 نوفمبر / تشرين الثاني، الأمريكيون إلى صناديق الاقتراع لانتخاب رئيسهم الجديد للسنوات الأربع القادمة.

غالبًا ما يحدد المرشح الجديد وتوجهاته وانتماؤه الحزبي بشكل كبير مستقبل علاقات الولايات المتحدة الدولية، وملامح سياسة خارجيتها. ولكن تتمثل المجادلة الأكثر إثارة حول هذه الانتخابات في تأثير نتائجها على قضايا منطقة الشرق الأوسط. فالملفات الشرق أوسطية لم تغب عن برامج المرشحين الأمريكيين وذلك نظرًا للأهمية الاستراتيجية، الاقتصادية والجيوسياسية التي تشكلها هذه المنطقة بالنسبة للولايات المتحدة أولا، والتطورات التي حدثت خلال إدارة ترامب فيما يتعلق بأزمة الملف النووي الإيراني واتفاقيات السلام مع إسرائيل ثانيا. ولكن ماذا تعني الانتخابات الأمريكية لدول الشرق الأوسط؟ وكيف ستؤثر النتائج على هذه المنطقة؟ هل ستشهد الأخيرة إعادة شاملة لرسم التحالفات فيها؟ وماذا سيحدث إذا أعيد انتخاب ترامب؟ ما الذي سيتغير عندما يصبح بايدن رئيسًا؟ وكيف ستنعكس نتائج الانتخابات على مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران، سوريا، فلسطين، العراق ودول الخليج؟

الشرق الأوسط والانتخابات الأمريكية:

يرى الصحفي السوري-الفلسطيني خالد عثمان، بأن الانتخابات الأمريكية تحظى باهتمام كبير لدى مجتمعات الشرق الأوسط. فما أن توشك ولاية الرئيس الأمريكي، ديمقراطياً كان أم جمهورياً على الانتهاء، حتى يستعر التخمين ويتجدد طرح الأسئلة الكبرى في المجتمع السياسي، وعلى مستوى الرأي العام في دول الشرق الأوسط. وفي سياق مواز، يؤكد الخبير في الشؤون الإيرانية فؤاد عطية، على أهمية دور الانتخابات الأمريكية في استشراف مستقبل الوضع الاقتصادي والسياسي لعدد من دول الشرق الأوسط، وفي مقدمتها إيران.

المعضلة الفلسطينة-الإسرائيلية والبيت الأبيض:

وبشأن دور ترامب في حل هذه المعضلة، يرى الصحفي عثمان، بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد أجرى تغييرًا جذريا في بعض القضايا الرئيسية في الشرق الأوسط، وخاصة القضية الفلسطينية خلال فترة ولايته الأولى. إذ إنه نقل سفارة واشنطن إلى القدس، وذلك على الرغم من حساسية هذه الخطوة وتعارضها مع اتفاق أوسلو. كما تمكن هو وفريقه السياسي من إقناع بعض الدول العربية بالدخول في اتفاقيات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.

ويضيف الصحفي السوري، من وجهة نظر إسرائيلية بقاء إدارة الرئيس ترامب يعني استمرار عملية تطبيع العلاقات مع دول عربية جديدة، وتحقيق ما تمناه الإسرائيليون منذ قيام دولتهم عام 1948.

من ناحية أخرى، أي من وجهة نظر فلسطينية، فإن الأمر معكوس تمامًا. أن الموقف الرسمي والشعبي يأمل ألا ينجح ترامب في هذه الانتخابات، أملاً في إعادة واشنطن إلى أسلوبها التقليدي المتوازن نسبياً إزاء المسائل الحساسة في الملف الفلسطيني.

إيران والانتخابات الأمريكية.. فرصة التأثير وحدوده:

يربط عطية، تحسين الوضع الاقتصادي والسياسي الإيراني بنتائج الانتخابات الأمريكية القادمة. إذ إن النظام الإيراني يعلق آماله على خسارة ترامب الذي ضيق الخناق عليه خلال فترة توليه لرئاسة الولايات المتحدة.

وعلى الصعيد الشخصي، يدعم فؤاد فوز الرئيس ترامب على خصمه بايدن في دورة ثانية. إذ يقول، كمعارض لنظام ديكتاتوري راديكالي أطمح بتقويض سلطة المرشد الإيراني وإسقاط نظامه لإقامة نظام ديمقراطي تعددي، أدعم الرئيس الحالي لدورة جديدة.

وتجدر الإشارة، إلى أن الولايات المتحدة شددت الخناق خلال السنوات الأخيرة على إيران وعزلتها عن النظام العالمي عبر فرض عقوبات شديدة على طهران استهدفت عددًا من القطاعات، أهمها القطاع المالي. كما اشترط وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، استجابة إيران لقائمة مكونة من 12 مطلبا مقابل إبرام الولايات المتحدة اتفاقًا نوويًا جديدًا مع إيران وتطبيع العلاقات معها.

وفي مقارنة سريعة لبرامج المرشحين للانتخابات الأمريكية، يعتبر فؤاد، أن مواقف ترامب تجاه قضايا المنطقة، وخاصة فيما يتعلق بالتعامل مع إيران من شأنها تعزيز جهود الأمن والاستقرار فيها، بينما لا تختلف مواقف بايدن تجاه الملف الإيراني عن رؤية الرئيس السابق باراك أوباما. إذ إنها رؤية تتجاهل مصادر الخطر الذي تشكّله إيران في المنطقة.

سوريا وأمل الانتخابات:

على الصعيد السوري، فإن النظام السوري يفضل فوز المرشح الديمقراطي على الرئيس ترامب في الانتخابات، آملًا أن ترفع الإدارة الجديدة العقوبات التي أثقلت كاهل النظام ورعيته خلال سنوات ترامب، يعتقد خالد. 

ويضيف، في سوريا يحدو الكثير أمل ما، في بقاء الجمهوريين، لا سيما حكومة الرئيس الحالي الذي أعرب أكثر من مرة عن رغبته في التحرك ضد نظام الأسد.

العراق ودول الخليج:

وعلى صعيد الملف العراقي، يؤكد الباحث كمال الربيعي، على دور البناء الذي قام به الرئيس الأمريكي الحالي ترامب بالحد من نفوذ الميليشات العراقية لصالح بناء حكومة وطنية في العراق. وكانت الولايات المتحدة قد أكدت أكثر من مرة دعمها للتظاهرات الشعبية المطالبة بالحرية والحد من سلطة الميلشيات ومحاربة الفساد في العراق.

بينما تتصارع العديد من الدول الإقليمية على بسط نفوذها في الشرق الأوسط، تمكنت إيران من التفوق في هذا الصراع الذي عزز نفوذها الاستراتيجي في المنطقة. فهي تتمتع بنفوذ كبير في سوريا، لبنان، العراق واليمن. كما أنها تحولت في العقود الأخيرة لمصدر تهديد دائم لأمن واستقرار عدد من دول الخليج.

لكن وفقا للربيعي، فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لعب دورا بارزا، خلال فترة توليه لرئاسة البيت الأبيض، في الحد من نفوذ النظام الإيراني في معظم انحاء الشرق الأوسط. تصفية أمريكا للجنرال الإيراني قاسم سليماني ونائب رئيس الحشد الشعبي أبومهدي المهندس قد أنهى بشكل كبير التمدد الإيراني في المنطقة، يقول الربيعي. و وفقا له، هذه كلها أسباب تجعل من ترامب الخيار الأمثل لرئاسة الولايات المتحدة بالنسبة للكثير من الشرق أوسطيين. 

ولكن هل سيحول بايدن دون بقاء ترامب في البيت الأبيض لمدة أربع سنوات أخرى؟ وما هي ملامح السياسة الخارجية الأمريكية الجديدة تجاه الشرق الأوسط في حالة فوزه؟.

ربما يعجبك أيضا