تسلسل الأزمة الأردنية.. قصة الأمير حمزة من «الفتنة» إلى تقييد الحركة

محمود رشدي

شهد الأردن تطورات غير مسبوقة خلال الأشهر الماضية في ظل حديث عن مؤامرة تستهدف أمن واستقرار البلاد تورط فيها الأمير حمزة بن الحسين.


قررت الإرادة الملكية الأردنية تقييد اتصالات الأمير حمزة وإقامته وتحركاته، بناءً على توصية رفعها المجلس المشكّل بموجب قانون الأسرة المالكة.

وذكر العاهل الأردني، في كلمة وجهها للشعب اليوم الخميس 18 مايو 2022،  أن “حمزة حاول فرض احتكاك على نشامي الحرس الملكي صبيحة عيد الفطر المبارك”، وعدّ ذلك “مؤشرًا قاطعًا على أن ولي العهد السابق مستمر في سعيه لافتعال القلاقل وإشعال الأزمات”.

بداية الأزمة

بدأت الأزمة في شهر إبريل 2021، حين شهد الأردن تطورات غير مسبوقة في ظل حديث عن مؤامرة تستهدف أمن واستقرار البلاد، تورط فيها الأمير حمزة بن الحسين. وأعلن مصدر أمني أردني، أنه “بعد متابعة أمنية حثيثة جرى اعتقال الشريف حسن بن زيد، وباسم إبراهيم عوض الله، وآخرين لأسبابٍ أمنيّة”.

وباسم إبراهيم عوض الله، شغل سابقًا منصب رئيس الديوان الملكي بين عامي 2007 و2008، في حين عمل الشريف حسن بن زيد مديرًا لمكتب الأمير علي بن الحسين. وزعمت تقارير اعتقال الأمير حمزة بن الحسين في ذات العملية، لكن القوات المسلحة الأردنية نفت ذلك.

الجيش ينفي اعتقال حمزة

في 3 إبريل 2021، نفى رئيس هيئة الأركان المشتركة، اللواء الركن يوسف أحمد الحنيطي، صحة ما نشر من ادعاءات بشأن اعتقال الأمير حمزة بن الحسين، الأخ غير الشقيق لعاهل الأردن، الملك عبدالله الثاني بن الحسين.

وقال الحنيطي، في بيان أوردته وكالة الأنباء الأردنية، إنه “طُلِب من الأمير حمزة التوقف عن تحركات ونشاطات توظف لاستهداف أمن الأردن واستقراره، في إطار تحقيقات شاملة مشتركة أجرتها الأجهزة الأمنية، واعتقل نتيجة لها الشريف حسن بن زيد، وباسم إبراهيم عوض الله وآخرون”.

تحقيقات شمولية

في اليوم التالي، خرج وزير خارجية الأردن، أيمن الصفدي، في مؤتمر صحفي، قال فيه إن الأجهزة الأمنية تابعت عبر تحقيقات شمولية حثيثة شاركت بها القوات المسلحة ودائرة المخابرات والأمن العام على مدار فترة طويلة نشاطات وتحركات للأمير حمزة بن الحسين، والشريف حسن بن زيد، وباسم عوض الله وأشخاص آخرين.

وبحسب الصفدي، تلك النشاطات والتحركات “تستهدف أمن الوطن واستقراره، ورصدت تدخلات واتصالات مع جهات خارجية حول التوقيت الأنسب للبدء بخطوات لزعزعة أمن الأردن”. وأشار إلى اعتقال ما بين 14 و16 شخصًا، إضافة إلى باسم عوض الله والشريف حسن بن زيد.

العودة والالتزام

في 5 إبريل 2021، نقل بيان نشره حساب الديوان الملكي عبر موقع “تويتر” إن الأمير حمزة بن الحسين تعهد بالالتزام بنهج الأسرة الهاشمية، والدستور. وذكر أنه “في ضوء قرار الملك عبدالله الثاني في التعامل مع موضوع الأمير حمزة ضمن إطار الأسرة الهاشمية، أوكل جلالته هذا المسار إلى عمِّه، الأمير الحسن”.

وفي 11 إبريل، ظهر العاهل الأردني وولي عهده السابق معًا للمرة الأولى منذ الأزمة، وذلك في حفل بمناسبة مئوية تأسيس المملكة الهاشمية، وأظهرت وسائل إعلام حكومية العاهل الأردني وأفرادًا آخرين من العائلة الحاكمة يضعون أكاليل الزهور على النصب التذكاري للجندي المجهول.

رفض استدعاء الأمير حمزة للشهادة

منذ 21 يونيو الماضي، بدأت محكمة أمن الدولة الأردنية جلسات محاكمة الموقوفين في ما عُرف بقضية “الفتنة” خلف الأبواب المغلقة نظرًا إلى حساسيتها.

وقال محامي الدفاع بالقضية إن المحكمة رفضت طلب استدعاء الأمير حمزة بن الحسين للشهادة، بعد أن طلب فريق الدفاع عن أحد المقربين السابقين من العاهل الأردني الذي يُحاكم بتهمة التحريض على زعزعة استقرار المملكة، الحضور للإدلاء بشهاداته ضمن 25 آخرين.

الأحكام ضد المتهمين بالقضية وتأييدها

في يوليو 2021، قضت محكمة أمن الدولة بالسجن 15 عامًا بحق رئيس الديوان الملكي الأسبق، باسم عوض الله، والشريف حسن بن زيد، وفي 9 سبتمبر أيدت محكمة التمييز الأردنية أعلى هيئة قضائية بالمملكة، الأحكام الصادرة ضد المدانين.

وقالت المحكمة في بيان نقلته وكالة الأنباء الأردنية الرسمية إن “الأفعال التي ارتكبها المتهمان بقضية الفتنة انطوت على أفعال كان من شأنها تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر”.

تقديم اعتذار

قدم الأمير حمزة بن الحسين اعتذارا للعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني عن تصرفاته، وقال: “أعتذر إلى الشعب الأردني وإلى أسرتنا عن كل هذه التصرفات”. وأضاف في رسالة نشرتها وسائل إعلام محلية: “أتحمل مسؤوليتي الوطنية إزاء ما بدر مني من إساءات خلال السنوات الماضية، وما تبعها من أحداث في قضية الفتنة”.

وأضاف الأمير حمزة في رسالته: “لقد مرّ أردننا العزيز العام الماضي بظرف صعب، وفصل مؤسف تجاوزهما الوطن بحكمة الملك عبد الله الثاني وصبره وتسامحه، ووفرت الأشهر التي مرت منذ ذلك الوقت فرصة لي لمراجعة الذات، والمصارحة مع النفس، ما يدفعني إلى كتابة هذه الكلمات إلى الملك عبد الله الثاني، عميد الأسرة الهاشمية”، معربًا عن أمله طيّ تلك الصفحة في تاريخ الأردن والأسرة.

تقييد حركة الأمير حمزة

اليوم الخميس، أعلن الديوان الملكي الأردني تقييد اتصالات الأمير حمزة وإقامته وتحركاته، بناءً على توصية المجلس المشكّل بموجب قانون الأسرة المالكة رفعها للملك عبدالله الثاني منذ 23 ديسمبر الماضي.

وبحسب ما نشرته وكالة الأنباء الأردنية (بترا) قال العاهل الأردني إنه يدرك التّحديات التي تواجه البلاد والحاجة المستمرّة لمعالجة الاختلالات وسد الثغرات، متابعًا: “أرحب بالنقد البناء والحوار الهادف وأطلبهما من الجميع، لكنني أدرك في الوقت نفسه أن هذه التحديات لا يمكن علاجتها والتصدي لها بتصرفات استعراضية تحاول توظيف ظروفنا الاقتصادية واستغلالها لبثّ اليأس والخطاب العدمي”.

ربما يعجبك أيضا