الصحافة العبرية فلنستعد لمرحلة ما بعد أبومازن.. وحان الوقت لعقد سلام حقيقي مع مصر

مترجمو رؤية

ترجمة: محمد فوزي – محمود معاذ

الاحتلال هو التطبيع الأساسي

اعتبرت الكاتبة بصحيفة يديعوت أحرونوت “آدي جرانوت” أن اللامبالاة التي تتعامل بها إسرائيل مع حوادث مقتل فلسطينيين خاصة من ذوي الاحتياجات الخاصة بنيران الجيش الإسرائيلي مخيفة جدًّا، مؤكدةً أنه يتم التضخيم من اتفاقات السلام مع الإمارات والبحرين والسودان والمغرب وبوتان، لا سيما وأن هذا التعبير “سلام” الذي يكرره رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ورجاله هو كذبة كبيرة، لكن مع رجل كذب كثيرًا في السنوات الأخيرة، لا يمكن أن نتوقع منه فجأة أن يقول الحقيقة عندما يتعلق ذلك بالدبلوماسية الخارجية لإسرائيل.

وأضافت الكاتبة أن الحقيقة هي أن إسرائيل لم تكن مع أي من هذه الدول في حالة نزاع حقيقي، بالتأكيد ليس بصورة مباشرة، وبشكل أو بآخر أقامت إسرائيل مع كل واحدة منها علاقات من أنواع مختلفة قبل ذلك أيضًا.

وأكدت أن تطبيع العلاقات مع دول عربية وإسلامية له نواح إيجابية، ولا شك أن لتلك الخطوات أهمية اقتصادية وثقافية ودبلوماسية بالنسبة إلى إسرائيل، ويمكن أن تستفيد منها بصورة لا بأس بها، لكن احتفالات التوقيع والرحلات إلى دبي هي في الأساس لتحويل الانتباه والرأي العام في إسرائيل عن الحقيقة في الداخل وما يحدث فيه.

وأوضحت “جرانوت” أنه ما دام المسئولون في إسرائيل ومن يقف على رأس السلطة لا يتقيدان بقواعد الديمقراطية، فإن على كل مواطني إسرائيل محاربة اللامبالاة ورفع الصوت عاليًا، والمطالبة بأنه إذا كنا نستخدم مصطلح “سلام” بهذه الصورة الشائعة فإنه يتعين علينا على الأقل التوقف عن القتل بالرصاص الحي أبرياء لم يشكّلوا قط خطرًا أمنيًّا.

تحسين العلاقات التركية – الإسرائيلية أمر ضروري

تناول الكاتب “ميخائيل هراري” العلاقات التركية الإسرائيلية، مشيرًا إلى أن منظومة العلاقات بينهما لم تكن في أفضل حالاتها في السنوات الأخيرة، فالخلافات في الآراء بين الدولتين عميقة فيما يتعلق بمجموعة قضايا، وعلى رأسها النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، ودعم تركيا للإسلام السياسي في المنطقة. في المقابل وثّقت إسرائيل علاقاتها جدًّا بمجموعة من دول المنطقة، بينها اليونان وقبرص ومصر والإمارات، وهم كلهم خصوم بارزون ومعارضون للسياسة الخارجية التركية الحالية.

بالإضافة إلى ذلك، فمنذ مايو 2018 لا يوجد سفيران في السفارتين بتل أبيب وأنقرة، بل قائمان بالأعمال، حدث هذا بعد أن طلبت تركيا من السفير الإسرائيلي المغادرة دون أن تخفض بصورة رسمية مستوى العلاقات، وذلك ردًّا على الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس.

وأكد الكاتب أن هناك محاولات بين البلدين لتحسين العلاقات، لا سيما من الجانب التركي، حيث كشف تقرير عن اجتماع سري عُقد بين رئيسي استخبارات الدولتين بحث في تطبيع العلاقات، وتعيين سفير تركي جديد في إسرائيل. واعتبر الكاتب بصحيفة “يديعوت أحرونوت” أن تحسين الحوار بين الجانبين أمر حيوي، وهو يمكن أن يسمح لهما بتسوية الخلافات والحيلولة دون حدوث سوء التفاهم على خلفية تصاعد التوترات في المنطقة، وتوسيع التعاون الاقتصادي والمدني بينهما، وأن عودة السفيرين إلى تل أبيب وأنقرة هي خطوة مطلوبة أولى حذرة وليست بالضرورة صعبة، بمقدار ما تحاول تركيا فعلًا تحسين الحوار مع إسرائيل، ومن المستحسن أن ترد إسرائيل على ذلك بإيجابية، لكن عليها أن تضع حلفاءها في المنطقة في صورة المستجدات، وأن تتعامل معهم بشفافية.

فلنستعد لمرحلة ما بعد أبومازن

أكد الكاتب والمحلل “ميخائيل ملشتاين” أن الفترة الحالية بالنسبة إلى الفلسطينيين تتميز بتدهور وطني متعدد الأبعاد، حيث الابتعاد عن كل هدف استراتيجي سعوا إليه، وعلى رأسها الدولة، والانقسام بين قطاع غزة والضفة الغربية يزداد عمقًا، بينما عملية المصالحة الداخلية تفشل على الدوام، والمجتمع الدولي والعالم العربي يُظهران يأسهما المتزايد إزاء القضية الفلسطينية، ويتجلى ذلك بوضوح في الدفع قدمًا بالتطبيع مع إسرائيل، وأيضًا في عدم تبلور حل للنزاع الإسرائيلي – الفلسطيني، حيث لا يوجد لدى القيادة الفلسطينية رؤية حقيقية تستطيع تقديمها إلى الناس في المناطق المحتلة، باستثناء الصبر والصمود، وهو شعار في نظر الكثيرين من الفلسطينيين لا يقدّم جوابًا على ضائقتهم الحالية.

ورأى الكاتب في مقال له بموقع معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي، أنه يجب على إسرائيل زيادة استعدادها لمواجهة اليوم التالي ما بعد أبومازن، فهذا ليس شأنًا فلسطينيًّا، بل مشكلة يمكن أن تنعكس مباشرة على وضع إسرائيل الاستراتيجي، على الأقل الآن، فمن المحتمل أن يترك اختفاء أبومازن من الساحة المنظومة الفلسطينية في غموض شديد، من دون جهاز وإجراء واضح لنقل السلطة، ودون وريث واضح، مع مجموعة من المرشحين الباهتين للغاية، ومع احتمال تطور صراع بين الطامعين بالمنصب من صفوف “فتح”، وانقسام في صلاحيات الحكم التي احتفظ بها أبومازن اليوم، حيث السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير و”فتح”، وتعمق الشرخ بين قطاع غزة والضفة الغربية، وأيضًا استغلال الفرص من طرف حماس لترسيخ قوتها في المنظومة الفلسطينية.

حان الوقت لصنع سلام حقيقي مع مصر

أكدت الكاتبة “كاسانيا سبيتلوفا” أنه يجب على إسرائيل استخدام نافذة الفرص الحالية من أجل العودة للعلاقات مع جارتها الجنوبية الكبيرة، مشيرةً إلى أن العلاقات التي تأسّست فقط على تعاون بين الجيوش هي ليست علاقات سلام، فالتعاون يجب أن يكون في كافة المجالات، مؤكدةً أن هذا الأمر يعزّز الاستقرار في المنطقة ويعزز أمن إسرائيل.

وأضافت الكاتبة بموقع “جلوبوس” أنه في مصر يتابعون بيقظة عملية التطبيع السريعة والعلاقات بين إسرائيل ودول الخليج، ويتخوفون من أن هذا الحلف الجديد يُنحي رواد السلام في العالم العربي مع إسرائيل جانبًا، وأن تخوفات كهذه قائمة أيضًا عند الأردن، لا سيما بأنهم هناك يأملون على مدار سنوات أن يكونوا جسرًا بين إسرائيل ودول الخليج.

أما الآن وبعد أن تحوّل التعاون بين إسرائيل والإمارات والبحرين لشأن رسمي، فإن مصر مضطرة لمواجهة هذا الواقع الجديد الذي تتواجد فيه إسرائيل وفي مركزها الحلف الإقليمي العسكري الأمني الكبير، مع الأخذ في الاعتبار عدم وجود سياحة بشكل كبير، وتقريبًا لا توجد أنشطة تجارية واتفاقيات الـ “QIZ”، كما لا يوجد تعاون أكاديمي أو تبادل ثقافي، وفي النهاية لا توجد حرب، ولكن لا يوجد سلام أيضًا.

السلام مع العرب موضة المرحلة

أبدى الكاتب “تسفي بارئيل” مخاوفه من أن يكون السلام بين إسرائيل والدول العربية هو مجرد موضة في تلك المرحلة، لا سيما في ضوء التناقض الواضح في المفاهيم لدى المسئولين الإسرائيليين والتفرقة بين العرب الفلسطينيين والعرب في الدول الأخرى التي يتم توقيع اتفاقيات السلام معها.

وأكد الكاتب أن ست دول من مجموع 22 دولة عربية هذه ليست حقًّا الغالبية، لكن لم يعد في الإمكان الادعاء بعد الآن أن إسرائيل دولة صغيرة محاطة بالأعداء، بقينا مع تهديدات لبنان وسوريا وإيران، بينما إيران فقط تعدّ عدوًّا وجوديًّا، فدولة تخسر بهذه الطريقة أعداءها هي دولة هويتها في خطر، العلامات الأولى للانهيار تظهر في التوجيهات والتوصيات التي تعطى إلى الإسرائيليين الذين يذهبون لقضاء الأعياد في دبي والمغرب أو البحرين، كونوا مهذبين، احترموا الثقافة المحلية، تعلموا القواعد، فجأة لم يعد العرب عبوة ناسفة تنتظر لتنفجر أمام وجوهنا، بل أصحاب ثقافة.

وتساءل الكاتب أين اختفت البارانويا والهوية الإسرائيلية التي بُنيت على أسس الحصار، فالحرب الدائمة ستكون مضطرًا إلى أن تجد لها أصنامًا جديدة، ولا شك أن السياسة الإسرائيلية التي تمجد رؤساء الأركان وتجعلهم قادة، يمكن أن تجد نفسها من دون ذخيرة، عندما يكون السلام مع الدول العربية ليس حلمًا يساريًّا واهمًا؛ بل هو تحفة سياسية من صنع زعيم الجناح اليميني، تتطلب التهديدات الاستراتيجية مراجعة جديدة وثورة في الوعي. لكن من الصعب تحطيم جدار الفصل الذي أعطى الإسرائيليين الإحساس بأنهم يعيشون داخل القفص المحكم الذي نمت فيه القومية اليهودية والوطنية والتضامن الأمني، في الواقع الخوف على سلامة الدولة اليهودية بدأنا نسمعه من زوايا متعددة.

الوحدة بين اليسار والأحزاب العربية أمر ضروري

رأى الكاتب “ديمتري تشومسكي” أن أيمن عودة رئيس أكبر قائمة يسارية بالبلاد، تقع على عاتقه مسئولية إحياء اليسار الإسرائيلي، وأن عليه التوجه مباشرة لميرتس ولأحزاب اليسار العربي، ودعوتها لتشكيل قائمة يسارية عربية يهودية مشتركة. ولكن لتحقيق هذه الخطوة، يجب توفر شرطين مهمين: على القائمة المشتركة إنهاء شراكتها مع القائمة الموحدة، كما ينبغي على ميرتس التنصل من عضو الكنسيت “يائير جولان” صاحب مقولة: “لا أقول إنه احتلال”.

ورأى الكاتب أن هناك قواسم مشتركة بين “جولان” و”منصور عباس” رئيس القائمة الموحدة والذي ارتمى في أحضان نتنياهو، حيث يحلمان بتقاسم السلطة. ثانيًا، أخطأ كلاهما العنوان بانضمامهما لأحزاب يسارية، حيث يمثل عباس حركة دينية رجعية تورّط رغمًا عنه في إطار سياسي يستند إلى قيم تقدمية حضارية تطالب باحترام حقوق الآخرين، أما جولان، والذي تتوافق رؤيته ومواقفه الشخصية مع حزب العمل، فقد وجد نفسه في حزب لا يتحدث لغته السياسية.

وتمنى الكاتب أن يرتقي رئيس القائمة المشتركة إلى مستوى الحدث، بل وأن يهدم حاجز الفصل القومي في صفوف اليسار الإسرائيلي، الذي يمر بأحلك أوقاته.

لا للاقتراب من الميزانية

عبّرت صحيفة “كالكاليست” الاقتصادية عن حالة التقشف والبخل التي يمثلها نتنياهو تجاه القضايا الرئيسية، وعدم الرغبة في الإنفاق على معظم المواضيع الملحة، وأبرزها كورونا، وكذلك العديد من الملفات الاجتماعية، حيث يتكتم بشكل كبير عن الحديث عن الموازنة الإسرائيلية العامة، والمخصصات التي تحتويها لكل قطاع من القطاعات المختلفة في الدولة.

ويصوّر الكاريكاتير نتنياهو ممسكًا بصندوق يمثّل الميزانية الإسرائيلية الجديدة بشكل هيستيري، وهي موصدة ولا يسمح لأحد بفتحها أو الاقتراب منها.

ربما يعجبك أيضا