بايدن يدعو للحد من أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار

شيرين صبحي

رؤية

واشنطن – دعا جو بايدن القوى الأوروبية، أمس الجمعة، إلى العمل معاً للحدّ من أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في الشرق الأوسط، بعد ساعات على إبداء إدارة الرئيس الأمريكي الجديد استعدادها للمشاركة في محادثات لإحياء الاتّفاق النووي بين طهران والدول الكبرى.

وأبلغ بايدن مؤتمر ميونيخ الأمني أنّ الولايات المتحدة ستعمل عن كثب مع الحلفاء في التعامل مع إيران بعد أن اتّخذ سلفه دونالد ترامب نهجاً عدائياً أحادياً، وفقا لوكالة “فرانس برس”.

وقال للزعماء -خلال المؤتمر الذي عقِد افتراضياً- إنّ “تهديد الانتشار النووي لا يزال يتطلّب دبلوماسيّةً وتعاوناً دقيقَين في ما بيننا”، وأضاف “لهذا السبب قُلنا إنّنا مستعدّون لإعادة الانخراط في مفاوضات مع مجموعة 5+1 بشأن برنامج إيران النووي”، في إشارة إلى الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن الدولي وألمانيا.

وتابع بايدن “يجب علينا أيضاً معالجة أنشطة إيران المزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وسنعمل في تعاون وثيق مع شركائنا الأوروبيين وغيرهم بينما نمضي قدماً”.

ومن جهته، قال المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الأمريكيّة نيد برايس أول أمس الخميس، إنّ واشنطن قبلت دعوة المدير السياسي للاتّحاد الأوروبي إنريكي مورا لعقد اجتماع غير رسمي يضمّ إيران، مشيراً إلى أنّ الاجتماع سيناقش طريقة دبلوماسيّة للمضي قدماً.

وجدّدت إيران أمس مطلبها رفع العقوبات التي أعاد ترامب فرضها عليها اعتباراً من العام 2018 إثر انسحابه الأحادي من الاتفاق حول برنامجها النووي.

واتّخذت الإدارة الأمريكيّة الجديدة ثلاث خطوات حيال الجمهورية الإسلامية أول أمس، أبرزها الاستعداد للمشاركة في محادثات يرعاها الاتّحاد الأوروبي لإحياء الاتّفاق المبرم في فيينا عام 2015.

وكتب وزير الخارجيّة الإيراني محمد جواد ظريف على تويتر صباح أمس “التزاماً بـ(قرار مجلس الأمن الدولي الرقم) 2231، ترفع الولايات المتحدة بشكل غير مشروط وفاعل كلّ العقوبات التي فرضت أو أعيد فرضها أو أعيدت تسميتها من قبل ترامب”.

وأكّد “عندها، سنعكس فوراً كلّ الإجراءات التعويضيّة التي اتّخذناها اعتباراً من 2019، وشملت التراجع عن كثير من الالتزامات الأساسيّة بموجب الاتّفاق”، رداً على الانسحاب الأمريكي منه، ولم يتطرّق ظريف مباشرة إلى الطرح في شأن إجراء محادثات.

ويأتي ذلك مع اقتراب 21 فبراير(شباط) الجاري، وهو مهلة حدّدتها إيران لتقليص عمل مفتّشي الوكالة الدوليّة للطاقة الذرّية، ما لم ترفع واشنطن العقوبات.

وحذّرت الولايات المتحدة والدول الأوروبية المنضوية في الاتّفاق، بعد اجتماع عقدته أول أمس، من تبعات خطرة للخطوة الأخيرة.

وأبرِم الاتّفاق بين الجمهورية الإسلاميّة والقوى الستّ الكبرى (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين وألمانيا)، وانسحبت منه واشنطن أحادياً عام 2018، معيدة فرض عقوبات اقتصاديّة انعكست سلباً على الاقتصاد الإيراني وقيمة العملة.

وبعد نحو عام، بدأت إيران التراجع تدريجاً عن كثير من التزاماتها الأساسيّة بموجب الاتّفاق المعروف بـ”خطّة العمل الشاملة المشتركة”، والذي وضِع إطاره القانوني بقرار مجلس الأمن 2231.

وأبدت إدارة بايدن عزمها على العودة إلى الاتّفاق، لكنّها تشترط بدايةً عودة طهران لكامل التزاماتها، وفي المقابل، تؤكّد إيران أولويّة رفع العقوبات قبل عودتها إلى التزاماتها.

وطلب مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني من الحكومة بموجب قانون أقرّه في ديسمبر(كانون الأول) الماضي، تعليق التطبيق الطوعي للبروتوكول الإضافي الملحق بمعاهدة الحدّ من انتشار الأسلحة النووية، في حال عدم رفع الولايات المتحدة العقوبات بحلول 21 فبراير (شباط) الجاري.

وسيُقيّد ذلك بعض جوانب نشاط مفتّشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي أكّدت تبلّغها من طهران دخول الخطوة حيز التنفيذ في 23 منه.

وأعلنت إدارة بايدن أول أمس موافقتها على دعوة أوروبية للمشاركة في محادثات تحضرها إيران وكلّ الدول المنضوية في الاتّفاق، والمعروفة بـ “5+1″، في إشارة إلى الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن، وألمانيا.

ولكنّ المتحدّث باسم الخارجيّة الإيرانيّة سعيد خطيب زاده كتب على تويتر أنّه “بسبب الانسحاب الأمريكي لم يعد ثمّة 5+1، الآن ثمّة إيران و4+1 فقط”.

وأضاف “البادرات لا بأس بها، لكن من أجل إحياء 5+1، على الولايات المتحدة أن تتحرّك: ترفع العقوبات”، مرفقاً تغريدته بوَسم (“هاشتاغ”) من ثلاث كلمات مترابطة بالإنجليزية هي “التزام”، “تصرّف”، “لقاء”، كان ظريف استخدمها أيضاً.

وأتى الاستعداد الأمريكي بعد دعوة المدير السياسي للاتحاد الأوروبي إنريكي مورا إلى عقد اجتماع غير رسمي لأطراف الاتّفاق الذي يمرّ في “لحظة حرجة”.

كما اتّخذت واشنطن خطوتَين رمزيّتَين بتخفيف القيود المفروضة على تنقّلات الدبلوماسيين الإيرانيين في نيويورك، وإبطال إجراء اتّخذه ترامب، وذلك بإقرارها رسمياً أمام مجلس الأمن بأنّ العقوبات الأممية التي رُفِعت بموجب الاتّفاق لا تزال مرفوعة.

وقال مسؤول أمريكي: إنّ “الأمر يتعلّق اليوم باتّخاذ إجراءات دبلوماسيّة لمعرفة ما إذا كان بإمكاننا الوصول إلى هدف بايدن إعادة العمل بالاتّفاق”، وأوضح أنّ “الأمر يتعلّق بالجلوس إلى طاولة مع إيران وفتح الطريق لمحاولة العودة إلى وضع تكون فيه الولايات المتحدة وإيران متمثّلتين مجدّداً”.

ورأت الخارجيّة الأمريكيّة أنّ محادثات بمشاركة كلّ أطراف الاتّفاق ستسمح بمناقشة أفضل السبل للمضيّ قدماً في ما يتعلّق بالبرنامج النووي الإيراني، وأكّدت الخارجيّة البريطانيّة مشاركتها في محادثات قد تُشكّل “خطوةً أولى للعودة إلى الدبلوماسية”.

واعتبرت موسكو الجمعة عبر المتحدّث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أنّ تراجع واشنطن بشأن العقوبات الدوليّة “أمر جيّد”، مشدّدةً على أنّ “المهمّ هو إعادة إحياء نظام الاتفاق النووي”.

وسبق إعلان واشنطن، تصريح وزراء الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان والألماني هايكو ماس والبريطاني دومينيك راب والأمريكي أنتوني بلينكن في بيان بعد مؤتمر بالفيديو، أنّ هدفهم هو “رؤية إيران تعود إلى الاحترام الكامل لالتزاماتها من أجل حماية نظام منع الانتشار النووي وضمان عدم تمكن إيران أبداً من امتلاك سلاح نووي”.

وتعتزم إيران اعتباراً من الثلاثاء المقبل، الحدّ من وصول مفتّشي الوكالة الدوليّة إلى منشآت غير نوويّة، بما في ذلك مواقع عسكريّة يُشتبه في أنّها تشهد نشاطاً نوويّاً.

ودعت أوروبا والولايات المتحدة طهران إلى تقييم عواقب إجراء خطير كهذا، خصوصاً في هذه اللحظة التي تسنح فيها الفرصة، العودة إلى الدبلوماسية.

وأعلنت الوكالة، ومقرّها فيينا، أنّ مديرها العام رافاييل غروسي سيصل اليوم السبت إلى طهران لإيجاد حل مقبول من الطرفين.

وأكد البيان الأمريكي الأوروبي “القلق المشترك” إزاء القرار الإيراني الأخير إنتاج اليورانيوم المخصب بنسبة 20% واليورانيوم المعدني، وهو ما يشكل مرحلة أساسية في تطوير سلاح نووي.

ورد ظريف مساء أول أمس بالتأكيد أنّ “إجراءاتنا هي ردّ على الانتهاكات الأمريكيّة والأوروبية”، وأضاف “سنردّ على الأفعال بأفعال”.

ربما يعجبك أيضا