مشروع توتال العملاق في موزمبيق معلق بسبب جيش «محبَط»

شيرين صبحي

رؤية

مابوتو – يقول الباحث في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية بنجامين أوجيه، إنّ مشروع الغاز العملاق الذي تقوده شركة توتال الفرنسية في أقصى شمال شرق موزمبيق وتوقف إثر هجوم نفذته جماعية جهادية متطرفة، يمكن أن يستأنف أعماله في حال نجاح الحكومة في تحريك جيشها.

فكيف تؤثر الأحداث الأخيرة في موزمبيق على مشاريع توتال في المنطقة؟، قال الباحث “ما يجب أن يؤخذ في الاعتبار عند تحليل هذه الحالة بالذات هو ضخامة الموارد، فلو كانت الاحتياطات صغيرة، لكان المشروع ولد ميتاً، في موزمبيق، نحن نتحدث عن مشروع بحجم عالمي، وبالتالي، فإنّ مجموعة على غرار توتال سوف تسعى إلى الاستمرار ولو علّقت الأعمال لعدّة اشهر أو عام”، وفقا لوكالة “فرانس برس”.

وأضاف “يقع المشروع في موقع جغرافي جيد، بالقرب من آسيا، نحن لا نتحدث عن مشروع كان سيواجه صعوبة في الحصول على تمويل أو العثور على عملاء، نحن أمام مشروع يكفيه تشييد قاطرات تسييل الغاز للشروع في تزويد العملاء، ويمكن أن يصل حجم الموارد المكتشفة في البلوك 1 (توتال) وبلوك 4 (إكسون وإيني)، عبر عشر قاطرات تسييل في المجموع، إلى ما يقرب من ثلاثة أرباع الإنتاج الحالي لدولة قطر في غضون عقد من الزمن، لكن كل هذا يظل نظرياً طالما أن الوضع لم يعد إلى طبيعته”.

وحول دور توتال وماذا يمكن أن تفعل؟، قال “ستضغط توتال على حكومة موزمبيق للتحرك بسرعة، لا تستطيع توتال إدارة أمن الموقع، هذه مهمة الجيش الموزمبيقي، سيكون من الصعب القضاء على الجماعة المسلحة في المدى القصير، لكن الجيش قد يعمل على تأمين محيط يبلغ 25 كيلومتراً حول أفونغي (حيث يقع موقع الغاز)، في هذه الحالة، سنكون إزاء وضع محصّن كما شهدنا في العديد من البلدان على غرار نيجيريا أو العراق على سبيل المثال”.

وأوضح أن المفارقة في موزمبيق هي أنه في اليوم الذي أعلنت فيه توتال أنها تعيد إطلاق المشروع الذي كان قد تم تعليقه بعد سلسلة من الهجمات في ديسمبر(كانون الأول) الماضي، بدأ هجوم الجماعة المتطرفة على مدينة بالما القريبة، وبالتالي فإنّ حكومة موزمبيق وجبهة تحرير موزمبيق (التي تحكم البلاد منذ استقلالها في عام 1975، بعدما قاتلت ضد القوة الاستعمارية البرتغالية) والجيش، تعرضوا للإهانة.

وأشار إلى أن مدّة تعليق المشروع ستعتمد على مدى استعداد الجيش للقتال، وتابع “المشكلة هنا عميقة: الجيش محبط، وبعض الجنود إما يتقاضون رواتب زهيدة أو حتى أنّهم لا يحصلون على رواتب لأن الأرصدة في بعض الأحيان تكون قد اختلست، بالإضافة إلى ذلك، يؤثر الفساد في أعلى هرم الجيش سلباً على فعالية المعارك: عدد معين من الكوادر لديهم مصلحة في إطالة أمد النزاع لأنّ ذلك يتيح زيادة الإنفاق الدفاعي”.

وأردف قائلاً إنه “بسبب ذلك يجب أن يكون هناك حرص على ضمان أن يكون الجنود في الجبهات يقاتلون بشكل حقيقي ميدانياً وأن يشعروا بدعم قيادتهم، مالياً ومعنوياً، خاصة أنّ ثمة نقص في المعلومات لناحية القدرة على فهم تطوّر الجماعة المسلحة ومن هم أعضاؤها بالضبط، كما أنّ زعماء موزمبيق رفضوا لمدّة طويلة المساعدة الخارجية، وحتى قبل شهرين أو ثلاثة أشهر لم يكن هناك محادثات مع تنزانيا المجاورة بسبب العلاقات المعقدة بين رئيس موزمبيق فيليب نيوسي ونظيره الراحل جون ماغوفولي”.

وفي سؤال حول من هم الجهاديون؟، أجاب الباحث “هم أساساً من الموزمبيقيين والتنزانيين، يجب التأكيد على أن هذه مشكلة محلية، ويجب الإشارة إلى أنّ موالاتهم تنظيم داعش وسيلة للفت الأنظار، كما هو الحال مع بوكو حرام أو الأفرع التابعة لها في نيجيريا، فإنّ الحركة في موزمبيق لم تنبثق من الجهادية العالمية، وإنّما برزت في أرض خصبة مجبولة بالفقر وسط نزاعات النفوذ الديني بين مذاهب مسلمة، وفي ظل إشكالات عرقية محلية في مقاطعة كابو ديلغادو حيث المشروع وحيث ما زالت بعض الجماعات تعاني التهميش بقدر أكبر من غيرها”.

وأضاف “ثمة نقاط ضعف على صعيد تحديد أهداف القوات الموزمبيقية، تظهر مدى الخلل على مستوى المعلومات الاستخبارية، يتم استهداف بعض الموزمبيقيين من قبل قوات الأمن في وقت أنّ لا علاقة لهم بالجماعة، ما قد يساهم في زيادة عدد الناشطين ضمنها وفي انتقالها تدريجاً من كونها حركة ذات خطاب ديني راديكالي إلى حركة مناهضة للدولة تماماً”.

ربما يعجبك أيضا