قضية إفلاس «جرينسيل».. تداعيات اقتصادية تضر بسمعة بريطانيا المالية

هدى اسماعيل

رؤية

لندن – ما زالت قضية إفلاس المجموعة المالية جرينسيل بانعكاساتها الصناعية والاقتصادية والسياسية تتطور في بريطانيا وخارجها، مؤثرة في سمعة البلاد المالية، وفقا لـ”الفرنسية”.

وتضررت مكانة ديفيد كاميرون رئيس الوزراء البريطاني المحافظ الأسبق لفترة طويلة بسبب رهانه الكارثي على أن البريطانيين سيصوتون ضد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ولحق بإرثه السياسي ضرر كبير منذ الكشف عن ضغوط مكثفة مارسها لمصلحة مجموعة جرينسيل، التي كان أحد مستشاريها. وفي ربيع العام الماضي أغرق كبار المسؤولين الماليين في البلاد وعلى رأسهم ريشي سوناك وزير المالية، برسائل إلكترونية ونصية لحثهم على تغيير معايير بعض إجراءات الدعم الحكومي في مواجهة الوباء، لتتمكن “جرينسيل” من الاستفادة منه.

ومع مرور الوقت وتفاقم الأزمة الاقتصادية، لم يعد رئيس الحكومة الأسبق، الذي حصل على حقوق في “جرينسيل” كانت تبلغ قيمتها ملايين الجنيهات، لكنها لم تعد تساوي شيئا الآن بعد إفلاسها، يخفي استياءه وتحدث عن عملية محبطة إلى درجة لا تصدق في مواجهة رفض السلطات تلبية طلباته.

وعبرت المعارضة العمالية عن استيائها من تمكن كاميرون من الوصول إلى أعلى دوائر الإدارة المالية في البلاد وإن كانت لم تسجل أي مخالفة للتشريعات المتعلقة بمحاولة التأثير في البلاد.

واتصل كاميرون بشكل مباشر عبر رسائل نصية بريشي سوناك وزير المالية الذي يواجه انتقادات لرده بأنه “طلب من فريقه” دراسة طلبات رئيس الوزراء الأسبق، لكن مسؤولي وزارة الخزانة ثم بنك إنجلترا لم يتجاوبوا.

وجاء رد جون كانليف المسؤول في بنك إنجلترا، أن “وزارة الخزانة تتعرض لضغوط هائلة لمنح المساعدة في اتجاهات متعددة وكذلك نحن”.

أما ليكس جرينسيل (44 عاما) رجل الأعمال الأسترالي، الذي حافظ على تكتمه منذ الإفلاس، سيبقى اسمه مرتبطا بواحدة من أهم القضايا المالية المدوية في الأعوام الأخيرة.

أسس جرينسيل وهو ابن عائلة من مزارعي قصب السكر، الشركة التي تحمل اسمه في 2011 عندما كان في الثلاثينيات من عمره، وتمكنت الشركة من النمو بسرعة كبيرة وفي كسب النخبة المالية.

وذكرت صحيفة ذي غارديان أمس الأول، أن جرينسيل كان يفكر حتى في إدراج شركته مطلع 2020 في البورصة بتقييم قدره 22 مليار جنيه استرليني.

وأدرك ليكس جرينسيل بسرعة كبيرة، أن الاعتماد على سياسيين مفيد جدا له وتمكن من دخول حكومة ديفيد كاميرون رئيس الوزراء آنذاك، من أجل تقديم خبرته كمالك شركة تكنولوجية ناشئة، وحدث هذا قبل أن يصبح زعيم حزب المحافظين فيما بعد مستشارا لجرينسيل.

وقد نمت شركته بعيدا عن الأنظار، لكن قصر الورق الذي شيده انهار في نهاية المطاف، بعدما أدى الوباء إلى إضعاف المتعاملين معه والثقة في الأموال التي اعتمد عليها في بناء نموذجه، يضاف إلى ذلك شكوك حول عدم شفافية هيكل شركته والاحتيال في سجلات المحاسبة.

وتوظف إمبراطورية سانجيف جوبتا للصناعات المعدنية 35 ألف شخص في جميع أنحاء العالم ويملك مواقع عديدة في فرنسا وكان من أهم زبائن جرينسيل.

وبفضل الشركة المتخصصة بالقروض القصيرة الأجل، بنى رجل الأعمال الهندي البريطاني مجموعته عبر شراء شركات متعثرة لم يكن بإمكانها الوصول إلى وسائل التمويل التقليدية.

وتبلغ ديون مجموعته لجرينسيل مليارات الدولارات، وهي بحاجة ماسة للحصول على أموال جديدة خصوصا لتجنب إغلاق مصانع في جناحها المخصص للفولاذ “ليبرتي ستيل”.

ونجحت جرينسيل في الحصول على دعم شركات كبرى مثل المجموعة اليابانية العملاقة للاستثمار في صناعة التكنولوجيا سوفت بنك التي ضخت في جرينسيل 1.5 مليار دولار من المستبعد أن تنجح في استعادتها.

ويواجه مصرف “كريدي سويس” انكشاف حسابات بنحو عشرة مليارات دولار من خلال أربعة صناديق نيابة عن مستثمرين اشتروا سندات دين صادرة عن “جرينسيل”.

ومع إفلاس الفرع المصرفي لـ”جرينسيل” في ألمانيا، تطالب جمعية البنوك الألمانية بملياري يوروـ وفي حين يمكن حماية أموال عملائها الأفراد في ألمانيا، لكن هذا ليس هو الحال بالنسبة لعشرات البلديات ومنطقة استثمرت فيها.

ربما يعجبك أيضا