الطاقة الخضراء والتعافي الصيني يشعلان أسعار المعادن

إبراهيم جابر

رؤية

بكين – اشعل الاتجاه العالمي نحو الطاقة الخضراء أسواق المعادن، ودفع أسعارها إلى مستويات قياسية، ويعزز ذلك بدء التعافي  الاقتصادي الصيني.

منع درجة حرارة الأرض من الزيادة فوق درجتين مئويتين السنوات المقبلة، سيتطلب رفع استهلاك الليثيوم 40 ضعفًا في السنوات الـ 20 المقبلة، مما يدعم أسعار المعادن للصعود لمستويات قياسية، وفقا لـ”الطاقة”.

والليثيوم هو واحد من أهم الخامات اللازمة لتصنيع بطاريات السيارات الكهربائية، والتي يعوّل العالم عليها لتقوده إلى الحياد الكربوني وتنفيذ متطلبات اتفاقية باريس للمناخ للحد من الاحترار العالمي، حسبما ذكرت صحيفة الغارديان البريطانية، نقلًا عن وكالة الطاقة الدولية في أحدث تقاريرها.

تزيد احتياجات السيارات الكهربائية من المعادن عن السيارات التقليدية بمقدار 6 أضعاف، وفقًا للوكالة الدولية.

ومن المتوقع أن يرتفع الطلب على السيارات الكهربائية وبطارياتها بشكل درامي خلال السنوات المقبلة، حيث تحتاج لتصنيعها كميات ضخمة من الكوبلت والنيكل والليثيوم، إضافة إلى كمية هائلة من المعادن الأرضية النادرة.

كما تزيد احتياجات مزرعة رياح برية من المعادن بـ 9 أضعاف عن محطة غاز، وأيضًا تعتمد مزرعة الرياح على كميات كبيرة من الزنك والمعادن النادرة.

وربما يكون ذلك واحد من أسباب ارتفاع الطلب العالمي على المعادن، ودفع أسعارها إلى مستويات قياسية الفترة الأخيرة.

وانتعشت أسعار السلع بفضل عاملين رئيسين، هما بوادر التعافي الصيني بعد أزمة كوفيد-19، وتحركات عالمية نحو الطاقة الخضراء.

وكسرت الأسعار الأرقام القياسية الأسبوع الماضي، متجاوزة حتى التوقعات المخيفة لمعدلات التضخم.

وصعد سعر طن خام الحديد إلى 237.57 دولارًا يوم الأربعاء، مقارنة بنحو 94 دولار للطن في الوقت نفسه العام الماضي.

قفز سعر النحاس، وهو الخام الذي يُصنع منه بعض أجزاء الهاتف المحمول، إلى 10.7 ألف دولار للطن، ما يعني أنه زاد بمقدار الضعف عن سعره في الفترة ذاتها العام الماضي.

ويتوقع خبراء الأسواق استمرار زخم الأسعار بالتزامن مع تواصل التعافي العالمي، لكن إذا كانت الصين قد أشعلت نار الأسعار بتعافيها الاقتصادي، فإن التكالب العالمي نحو الطاقة الخضراء قد أجّجها.

وتدفع شهية العالم المفتوحة نحو السيارات الكهربائية، والبطاريات، والأدوات اللازمة لبُنية مشروعات تخفض الاعتماد على الوقود الأحفوري التحتية، الطلب على معادن مثل النحاس والنيكل، كونهما من الخامات الرئيسة في معظم المنتجات الكهربائية.

ومع ذلك، تُعدّ هذه أنباء سارّة لشركات التعدين مثل “ريو تينتو” و “بي أتش بي بيلتون”، حيث تحلّق أسعار أسهمها في الأسواق، مع اشتعال رغبة المستثمرين في الشراء بسبب توقعات انتعاش سوق المعادن لفترة طويلة.

ووجد تقرير وكالة الطاقة الدولية أن الطلب على المعادن الضرورية والنادرة سيرتفع 6 أضعاف بحلول عام 2040، إذا أراد العالم تحقيق الحياد الكربوني في 2050.

على جانب آخر، وفي مقابل توقعات الطلب المتزايد على المعادن اللازمة، تشير توقعات أخرى إلى عدم قدرة المعروض من تلك المعادن على الوفاء بالاحتياجات اللازمة.

فمثلًا، لن يغطي الليثيوم والكوبلت أكثر من نصف الاحتياجات المطلوبة المتوقعة، ولن يزيد النحاس المتوفر عن 80% من احتياجات الاستهلاك.

كما يثير تركّز إنتاج تلك المواد في يد عدد محدود من الدول المخاوف.

تحذّر وكالة الطاقة الدولية من أن أكبر 3 منتجين في العالم، يسيطرون على ثلاثة أرباع الإمدادات العالمية.

وعلى سبيل المثال، أنتجت جمهورية الكونغو الديمقراطية 70% من الكوبلت والعناصر الأرضية النادرة في عام 2019، وفقًا لبيانات وكالة الطاقة الدولية، وكانت الصين مسؤولة عن تكرير ما يقرب من 90% من العناصر الأرضية النادرة المستخدمة على مستوى العالم.

وقال المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول: “إذا لم نتعامل مع نقاط الضعف المحتملة، فقد تجعل التقدم العالمي نحو مستقبل للطاقة النظيفة أبطأ وأكثر تكلفة، ما يعرقل الجهود الدولية للتصدي لتغيّر المناخ”.

إلّا أن المحلل في مركز أبحاث كاربون تراكر، كينغسميل بوند، يرى أن الوضع ليس بهذا القدر من السوء، وقال: “لا أحد ينكر أنه سيكون هناك اختناقات في الإنتاج مع ارتفاع الطلب على المعادن المهمة ، لكن هذا ليس شيئًا جديدًا بالنسبة لقطاع التعدين”.

وأضاف أنه “يتطلب النظام الأحفوري مواد أكثر 300 مرة من النظام المتجدد.. التفاوت هائل، ولا ينبغي لأيّ قدر من العمل الخيالي من قبل المدافعين عن نظام الوقود الأحفوري أن يصرفنا عن النقطة المركزية المتمثلة في أن لدينا الموارد اللازمة لجعل انتقال الطاقة حقيقة واقعة والدخول في عصر جديد من النمو والازدهار “.

ربما يعجبك أيضا