بطء التطعيمات واستمرار الإغلاق يدخلان طيران آسيا في أزمة

إبراهيم جابر

رؤية

بكين – أدى تفشي “كوفيد –19” والإغلاق الناجم عنه إلى مزيد من التأخير في انتعاش السفر الدولي في آسيا، إذ ما تزال الحركة مقيَّدة بشدة حتى في الأماكن التي جرى فيها احتواء تفشي فيروس كورونا.

وبرغم أنَّ هونغ كونغ شهدت انخفاض الحالات الجديدة لديها إلى مستوى الصفر فعلياً، إلا أنَّ نظام الحجر الصحي القاسي فيها يجعل السفر غير جذَّاب للجماهير، وفقا لـ”بلومبرغ”.

وجرى تأجيل خطة سفر لا تتضمَّن حجراً صحياً مع سنغافورة بعد تفشي المرض هناك، في حين دخلت ماليزيا في إغلاق لمدة أسبوعين اعتباراً من مطلع شهر يونيو الجاري بعد قفزة في عدد الإصابات. ولم تساعد معدلات التطعيم المنخفضة في حدوث انفراجة.

ووفقاً لمايور باتيل، رئيس وحدة آسيا والمحيط الهادئ في شركة ” أو ايه جي أفييشن” لبيانات السفر ( OAG Aviation)، فإنَّ التوزيع البطيء للقاح، مع رغبة الحكومات في الوصول لمستوى الصفر من الإصابات أدى إلى حالة من توخي الحذر الشديد لدى السلطات إزاء إعادة فتح أسواقها. يقول باتيل: “في أوروبا وأمريكا الشمالية، هناك قبول أوسع بكثير بأنَّه سيتعيَّن علينا تعلُّم كيفية التعايش مع مرض كوفيد، بقدر ما نعيش مع الأمراض والفيروسات الشائعة الأخرى”.

ومثل تايوان، تمَّت الإشادة بسنغافورة باعتبارها واحدة من أفضل الأماكن خلال فترة تفشي وباء فيروس كورونا، لكنَّ حدَّة تفشي العدوى زادت مؤخراً.

وأكَّد رئيس الوزراء “لي هسين لونغ” أنَّ أطفال المدارس سيجري تلقيحهم، وأنَّ كلَّ شخص بالغ يريد جرعة سيحصل على واحدة بحلول أوائل شهر أغسطس المقبل، وتعهد بعدم التخلُّف عن الركب، إذ يبدأ العالم في الخروج من الجائحة.

وفي خطاب وجَّهه إلى الأمة، قال “لي”: سيتعين علينا أن نتعلم الاستمرار في حياتنا حتى مع وجود الفيروس بيننا”

تخضع سنغافورة لإجراءات تباعد اجتماعي مشددة حتى 13 يونيو الجاري بعد تزايد معدلات تفشي المرض مؤخَّراً. وتلقى حوالي 40% من السكان جرعة أولية على الأقل من اللقاح.

وجرى توزيع ما يقرب من ملياري جرعة لقاح على مستوى العالم، إذ تأتي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة من بين أولئك الذين يتصدَّرون مسار التطعيم. ووفَّرت الصين أكثر من 680 مليون جرعة، لكنَّ المعدلات أقل بكثير في أجزاء أخرى من آسيا، بما في ذلك الوجهات السياحية في تايلاند وفيتنام، فقد جرى إعطاء جرعات كافية لتغطية 2.6%، و0.6% فقط من السكان، على التوالي.

مع اقتراب العطلة الصيفية في نصف الكرة الشمالي، ارتفعت سعة الطيران العالمية إلى ما يقرب من 60% من مستويات عام 2019، محققةً قفزة بنسبة 3 نقاط مئوية في أسبوع واحد، وهي أعلى نسبة في شهر واحد على الأقل، وفقاً لمؤشر تتبُّع الرحلات الأسبوعية من “بلومبرغ”، الذي يستخدم بيانات شركة “أو ايه جي” لمراقبة حركة العودة.

تمكَّنت بعض الأسواق من استعادة مكاسب متواضعة، فقد عادت السعة في روسيا تقريباً إلى مستويات 2019، في حين ارتفعت في نيجيريا بنسبة 7.3% عن ذلك العام، فيما تسارع التعافي في الولايات المتحدة.

أعطى “يوم الذكرى” انتعاشاً كبيراً في الولايات المتحدة، فقد حملت شركات الطيران أكبر عدد من الركاب في حوالي 15 شهراً يوم الجمعة قبل عطلة نهاية الأسبوع الطويلة.

على النقيض من ذلك، تراجعت آسيا مرة أخرى في الأسابيع الأخيرة، بعد أن كانت منذ فترة طويلة رائدة في تعافي الطيران العالمي، متخلِّفةً بذلك عن الانتعاش الأمريكي، بحسب ما تُظهر البيانات.

مع التفاؤل بشأن التقدُّم في توزيع اللقاح وفتح الحدود في أجزاء أخرى من العالم، قدَّمت بعض الشركات في آسيا حوافز غير عادية لتشجيع الناس على التطعيم، من بينها تقديم شقة جديدة في هونغ كونغ تبلغ قيمتها 1.4 مليون دولار، وتبلغ مساحتها 42 متراً مربعاً، لتكون متاحة لصاحب الحظ عبر سحب قرعة بين المقيمين الذين جرى تطعيمهم. أيضاً قدَّمت شركة الخطوط الجوية “كانتاس إيرويس” الأسترالية “جوائز ضخمة “بما في ذلك رحلات غير محدودة لمدة عام.

ووفقاً لتصريحات سوبهاس مينون، المدير العام لاتحاد آسيا والمحيط الهادئ للخطوط الجوية؛ فإنَّ وتيرة التطعيمات البطيئة نسبياً مستمرة في تقويض الانتعاش الاقتصادي في المنطقة، ولا سيَّما في قطاعي السفر والسياحة، فقد أظهرت البيانات حجم الركاب الجويين الدوليين في المنطقة التي كانت في شهر إبريل الماضي 3.5% من المستويات المعلنة للشهر نفسه من عام 2019.

وأظهر استطلاع أجرته شركة “كولينسون ” على 46830 شخصاً على مستوى العالم أنَّ حوالي 78% من المشاركين سيسافرون طالما جرى تطعيم المزيد من الأشخاص. وكان الناس أيضاً على استعداد لاستخدام جواز سفر اللقاح، وإجراء اختبارات ما قبل المغادرة، إذا كان ذلك يعني أنَّهم يستطيعون السفر. وكان الحجر الصحي أكبر رادع للمشاركين في المسح من جميع المناطق.

ما تزال الرحلات الجوية داخل آسيا إلى شواطئ ووجهات حضارية مشهورة بعيدةً عن مستويات ما قبل الجائحة، وفي بعض الحالات تراجعت أكثر منذ بداية عام 2021. وانخفضت الرحلات الجوية من مدينة هونغ كونغ إلى مدينة بانكوك بنحو 85% عن مستواها هذه المرة بالمقارنة بعامين سابقين.

وتظهر بيانات شركة “سيريوم” (Cirium) أنَّ الرحلات من سنغافورة إلى جزيرة فوكيت الاستوائية التايلاندية أقل انخفاضاً، على الرغم من أنَّ رحلات هذا المسار بدأت تنتعش منذ بداية العام، عندما لم تكن هناك رحلات على الإطلاق. وبقي مسار السفر إلى بالي بدون رحلات، إذ ما تزال الجزيرة الإندونيسية مغلقة أمام الوافدين الدوليين.

من جهتها، تكافح تايلاند للتغلب على تفشي الفيروس وإنعاش السياحة، وهي جزء مهم من اقتصاد الدولة الواقعة في جنوب شرق آسيا.

ومن المقرر إعادة فتح جزيرة “بوكيت” أمام الزوار الأجانب الذين جرى تطعيمهم بالكامل في الأول من شهر يوليو، فقد قالت الخطوط الجوية القطرية عن هذه الوجهة للرحلات، إنَّها ستستأنف أربع رحلات أسبوعية هناك، وستليها وجهات أخرى في شهر أكتوبر المقبل. ومع ذلك، حذَّرت السلطات التايلاندية من أنَّ السياحة قد تستغرق خمس سنوات أخرى لتتعافى تماماً في البلاد.

وأثبتت خدمات الشحن من آسيا أنَّها أكثر مرونة بفضل الطلب المستمر على المنتجات من المصدِّرين الرئيسيين، مثل الصين واليابان.

مع تعطُّل تعافي السياحة في آسيا، بدأت القيود على الحركة تتراجع في أماكن، مثل أوروبا. وأشار مجلس المطارات الدولي في أوروبا يوم الإثنين الماضي إلى أنَّ ذلك سيجلب تحديات، إذ من المقرر أن تتضاعف حركة الركاب في المنطقة ثلاث مرات تقريباً من 47 مليوناً في شهر مايو الماضي إلى 125 مليوناً في شهر أغسطس المقبل.

وستكون إدارة الزيادة بمثابة “تحدٍّ تشغيلي غير مسبوق” بسبب عوامل تشمل قيود المساحة الناتجة عن إجراءات التباعد الجسدي، والأوقات الأطول في التعامل مع الركاب، وفحوصات مرض كوفيد المتعددة.

وفي حين تعاني شركات الطيران والمطارات نتيجة مشكلات ناجمة عن قلة الخدمة المقدَّمة؛ فإنَّ هناك مخاوف بالنسبة للآخرين من عدم القدرة على تلبية الطلب المتدفق.

ووفق لأوليفييه يانكوفيتش، المدير العام لمجلس المطارات الدولي في أوروبا؛ فإنَّ مستوى عدم اليقين والتعقيد في التخطيط لإعادة التشغيل أمر مثير للحيرة في الوقت الحالي. وحذَّر من أنَّه مع كلِّ يوم يمر، أصبح احتمال تعرُّض المسافرين لفوضى واسعة النطاق في المطارات هذا الصيف أكثر واقعية.

ربما يعجبك أيضا