عمدة إسطنبول: المعارضة ستصل إلى السلطة في تركيا

إبراهيم جابر

رؤية

أنقرة – لم يستبعد رئيس بلدية مدينة إسطنبول أكرم إمام أوغلو، وصول حزبه “الشعب الجمهوري”، إلى السلطة في حال أجريت انتخابات رئاسية وبرلمانية سواءً أكانت مبكرة أو تمّت في موعدها المقرر، بينما يواجه عدداً كبيراً من التحقيقات الأمنية، التي تجريها وزارة الداخلية التركية بشأنه، متهماً الادعاء بـ”عدم ملاحقة أولئك الذين يجب محاسبتهم بالفعل”.

وجدد إمام أوغلو، الذي ينهي عامه الثاني كرئيس لأكبر بلدية في البلاد بعد يومين، في حوار مع “العربية.نت”، رفضه لمشروع “قناة إسطنبول” المائية، التي ينوي الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وضع حجر أساسها بعد أيام رغم معارضة إمام أوغلو وبعض المنظمات البيئية والأحزاب المعارضة لهذا المشروع “الضخم” الذي وصفه بأنه “كتلة من الإسمنت” أو “الباطون”، وفقا لـ”العربية”.

وقال السياسي المعارض الذي فاز بهذا المنصب بعد تكرار العملية الانتخابية بحجة وجود تجاوزات إن “أكثر من 60% من سكان المدينة يعارضون مشروع القناة المائية وباعتبار أن أردوغان تولى سابقاً منصب رئيس بلدية إسطنبول وعبّر عن حبّه لها خلال حياته السياسية، فعليه أن يتخلى كلياً عن هذا المشروع، وكنتُ قد أخبرته بعدم تأييدي لإنشاء هذه القناة عندما قابلته العام الماضي وأعطيته خطاباً يتضمن موقفي الرافض للمشروع الذي أتابعه عن كثب”.

كما أضاف في مقابلته المطوّلة مع “العربية.نت” أن “هذا المشروع مجزرة بحق الطبيعة ومن شأنه أن يتسبب في قتل بحر مرمرة وخنق إسطنبول ولا يجب أن يقترن اسمه بالمدينة التي تعد واحدة من أجمل مدن العالم”، مشدداً على أن “القناة المائية بالنسبة له هي كتلة من الاسمنت أو الباطون وأضرارها تكاد لا تحصى”.

كذلك اعتبر أن هذا المشروع لا يُدار في الأساس بطريقة شفافة، والمثال على ذلك عروض المناقصات التي تمّت مؤخراً بشأنه، وكانت مخالفة للقوانين.

وتابع “التكلفة الفعلية للمشروع غامضة أيضاً وعلى الرغم من أن العروض الترويجية التي أعدتها ووزعتها المؤسسات العامة ذات الصلة تذكر أنها تقدّر بحوالي 65 مليار دولار أميركي، إلا أن هذا الرقم لا يبدو حقيقياً مقارنة بتكاليف إنشاء القناة، التي قد تتجاوز الـ 100 مليار دولار والتي ستستخدم في قتل الطبيعة وتحويل إسطنبول إلى كتلة من الاسمنت وهذا أمر لا يتماشى مع واقع المدينة واحتياجاتها”.

إلى ذلك، كشف إمام أوغلو أن “7% من المناطق التي ستتأثر بالمشروع مكونة من غابات، و44% من الأراضي الزراعية، وبالتالي فالقناة الاسمنتية عند بنائها ستدمّر 13400 هكتار من أراضي الغابات وسيتمّ قطع 394 ألف شجرة تؤمن الأكسجين لملايين الأشخاص من سكان إسطنبول. كما ستدمّر أراضي زراعية بمساحة 134 مليون متر مربع، بينما الزراعة وتربية المواشي هما المصدران الرئيسيان للدخل لدى سكان تلك المنطقة”.

كما سيؤدي مشروع “قناة إسطنبول” الذي يتبناه الرئيس التركي، إلى تدمير سدّ سازليدير بالكامل، بحسب إمام أوغلو الذي اعتبر أن هذا السدّ “أحد أهم الموارد المائية في المدينة”، لافتاً إلى أن بحيرة تيركوس الواقعة أيضاً في إسطنبول “سوف تتأثر سلباً جراء بناء هذه القناة التي ستخلف أضراراً بيئية كبيرة”، على حدّ تعبّيره.

ولفت رئيس بلدية إسطنبول إلى أنه: “سيتمّ إنشاء مناطق سكنية جديدة أيضاً، ربما تضم مليونا أو مليوني شخص على جانبي القناة وهو ما سيؤدي إلى فصل منطقة يعيش فيها أكثر من 8 ملايين شخص من مواطنينا في شبه جزيرة كوجايلى عن منطقة تراقيا، وسيحدّ هذا الأمر من القدرة على الحركة عند حدوث الكوارث، ولذلك أدعو كل من يعمل بالشأن العام في البلاد إلى الوقوف بحزم ضد هذه القناة الإسمنتية”.

إلى ذلك، لم يستبعد إمام أوغلو إجراء انتخاباتٍ رئاسية وبرلمانية مبكرة في تركيا، قائلاً: “إذا نظرنا إلى أمثلة من ماضي البلاد، نرى كيف أن الانتخابات المنتظمة تحوّلت إلى مبكرة. ومن هنا يمكنني القول إن الناس سيأتون بتحالف الأمة إلى السلطة مع إجراء مثل هذه الانتخابات، وهذا يعني أن الحكومة سوف تتغير”.

وأضاف: “مثلما ثبت أن كل شيء على ما يرام في إسطنبول خلال الانتخابات المحلية الماضية، فسيكون الأمر كذلك في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة”.

ويقود حزب “الشعب الجمهوري”، أكبر حزبٍ تركي معارض ينتمي إليه إمام أوغلو، تحالف “الأمة” الانتخابي الذي يضم حزبي “السعادة” الإسلامي و”الجيد” القومي وأحزابا أخرى صغيرة. وحظي هذا التحالف بدعمٍ من حزب “الشعوب الديمقراطي” المؤيد للأكراد في آخر انتخاباتٍ محلية شهدتها تركيا في عام 2019.

إلى ذلك، رفض عمدة إسطنبول التعليق على مشاركته في الانتخابات المقبلة رغم أن أوساطاً سياسية تركية تصفه بمنافسٍ محتمل للرئيس أردوغان، لكنه أعاد التذكير بـ 16 مليون ناخب صوّتوا له في انتخابات بلالدية التي فاز فيها مرتين بعد إعادتها بعدما رشّحه حزبه لهذا المنصب، حسبما ذكر.

وأشار إلى أنه “في الوقت الحالي، لا يفكر سوى بإسطنبول ومستقبل سكانها”. وتابع: “لقد فزت برئاسة بلدية اسطنبول بنسبة تصوّيت بلغت تقريباً 55 %. وهذه نسبة لم يتم رصدها خلال انتخابات اسطنبول المحلية منذ 3 عقود، لذا يقع على عاتقي وزملائي الكثير من المسؤولية، ولذلك عندما توليت منصبي تعهدت أن أكون العمدة الأكثر ديمقراطية في تركيا وخارجها. ولهذا السبب لن أتخذ أي قرارات بمفردي دون العودة لأولئك الذين سيتأثرون بها”.

أما عن التحقيقات التي تجريها وزارة الداخلية بشأنه بين الحين والآخر، فوصفها بـ “الأمر السخيف”، كاشفاً أنها لا تثير غضبه، معتبرا في الوقت ذاته أن “المدّعين اتخذوا هواية جديدة على ما يبدو وهي بدء تحقيقاتٍ سخيفة بشأن إمام أوغلو، ولسوء الحظ يحصل هذا كل شهر تقريباً، دون معرفة السبب.

وختم قائلا: “أعتقد أنه على المدعين ملاحقة الأشخاص الذين يتسببون في مشاكل حقيقية وليس رئيس بلدية إسطنبول الذي وظف 18 ألف شخص ويشرف في الوقت عينه على عدّة مشاريع بينها 10 محطات مترو، مع المساهمة في تعليم نحو 30 ألف طالب وتوزيع 10 مليون ليتر حليب لـ 130 ألف طفل وغيرها من الأمور، إلى جانب توفير المياه لسكان إسطنبول بأسعارٍ زهيدة”.

ربما يعجبك أيضا