بعد الأداء القياسي لـ«ستاندرد آند بورز 500».. رهانات الهبوط تتزايد

هدى اسماعيل
ستاندرد آند بورز

رؤية

واشنطن – منذ ستة أشهر كانت حالة من القلق بشأن أسواق الأسهم وسط توقعات بتعرُّض الأسواق لنزيف من الخسائر، بعد ارتفاعات قوية قادت أسعار الأسهم مستويات تجاوزت التقييمات على حد وصفها ذلك الوقت، ولكن “جنون العظمة” قاد مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” إلى الاقتراب من تحقيق أفضل أداء نصف سنوي على الإطلاق.

المحللون الاستراتيجيون في وول ستريت، دائماً ما يُظهِرون حماستهم للأسهم عندما يكون ذلك مبرَّراً، لكنهم يحذّرون من أن المكاسب قد انتهت.

يتحرك البائعون على المكشوف حالياً، وترتفع الرهانات على هبوط أكبر صندوق يُتداول في البورصة بأكبر وتيرة هذا العام، مع ظهور تحذيرات من مستثمرين بارزين مثل مايكل بيري الذي يتوقع اقتراب “أم الانهيارات” في أسهم “الميم”.

رغم التقلبات المرتبطة بعمليات المضاربة وتوجه سياسة الاحتياطي الفيدرالي نحو التشدد، فشلت العوامل كافةً التي كان من الممكن أن تضع حدّاً لارتفاع الأسهم، وعلى العكس ارتفعت مشتريات الأفراد بصورة ثابتة، لترتفع قيمة الأسهم الأمريكية بنحو 6 تريليونات دولار منذ بداية عام 2021، وسار مؤشر “ستاندارد آند بورز” على طريق تحقيق ثاني أفضل أداء نصف سنوي من يناير حتى يونيو منذ عام 1998 بتحقيقه ارتفاعاً بنسبة 14%.

قال مايك ويلسون، كبير محللي الأسهم الأمريكية في مورغان ستانلي، في مقابلة مع تليفزيون وراديو بلومبرغ: “لا تزال تدفقات الأموال إلى أسواق الأسهم جيدة جدّاً، السيولة لم تغادر السوق لكنها تبحث فقط عن مكان للذهاب إليه” ، حسبما ذكرت «الشرق».

في حين تزداد الدببة جرأة، فإن الثيران تتفوق تاريخياً، فعلى مدار 27 عاماً عندما كانت المكاسب في الأسهم بهذه القوة خلال الأشهر الستة الأولى من العام، كانت تستمر الارتفاعات حتى ديسمبر في ثلاثة أرباع المدة المشار إليها.

ارتفع مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” للأسبوع الرابع مقابل تراجع واحد في خمسة أسابيع، إذ أحيت صفقة حزمة البنية التحتية التي أبرمها الرئيس جو بايدن بقيمة 579 مليار دولار ريادة الأسهم الحساسة للتغيرات الاقتصادية مثل البنوك والطاقة.

كذلك قفز مؤشر “فوتسي راسل 2000” للشركات الصغيرة بأكثر من 4%، وهو الارتفاع الأكبر منذ مارس، فيما تَقدَّم مؤشر “ناسداك 100” لأسهم التكنولوجيا لمدة ستة أسابيع متتالية ليسجِّل بذلك أطول سلسلة مكاسب في خمسة أشهر.

وبدعم من التوسع في أرباح الشركات بوتيرة هي الأسرع خلال عقد من الزمان، تقلصت التقييمات التي بدأت العام بمضاعفات ربحية 23 مرة -تقارب أعلى مستوى منذ عصر الدوت كوم- إلى 21 مرة حالياً، ولكنها لا تزال أعلى من متوسط السنوات الخمس البالغ 18 مرة.

علاوة على ذلك، من المحتمل أن يمثل الربع الثاني ذروة انتعاش الأرباح من الركود الوبائي، مع تباطؤ النمو المتوقع لأرباح الشركات من 63% حالياً إلى 4% في أوائل العام المقبل.

مع مخاطر الزيادات الضريبية وتشدُّ د بنك الاحتياطي الفيدرالي فليس من الصعب معرفة سبب دعوة استراتيجيي وول ستريت إلى توخِّي الحذر، إذ بلغ متوسط مستهدفاتهم التي تتبعها بلومبرغ لمؤشر “إس آند بي 500” بنهاية العام نحو 4213 نقطة، بانخفاض 1.6% عن آخر إغلاق للمؤشر.

انضمّ بيري، الذي اشتهر برهاناته ضد الرهن العقاري التي فازت في أزمة انهيار 2007-2008، إلى المحذرين هذا الشهر، وأصدر سلسلة من التغريدات التي تحذّر المستثمرين الأفراد من خسائر تمثّل “حجم بلدان” بخاصة لمتداولي العملات المشفرة وأسهم الميم التي يرفضها.

يعيد البائعون على المكشوف بناء مراكزهم، بعد أن كادوا ينقرضون بسبب ضغوط ارتفاع الأسهم في شهر يناير، إذ صعدت الرهانات الهبوطية على صندوق المؤشر “SPDR S&P 500 ETF” إلى 5% من أسهمه القائمة، مقابل أقلّ من 2% في بداية هذا العام، وفقاً لبيانات “آي اتش إس ماركيت” (IHS Markit). وفي الوقت نفسه يرتفع الطلب على التحوط من الخسائر في الأشهر المقبلة في سوق الخيارات.

قال كيفن كارون، مدير مَحافظ في “واشنطن كروسينغ”: “لديك سوق ما زالت تسبق نفسها نوعاً ما، من المرجح الآن أنك ستواجه بعض التقلبات خلال الأشهر الستة المقبلة أو نحو ذلك حتى نصل إلى التوازن بين الأرباح والأسعار السوقية في ظلّ أسعار الأسهم التي أصبحت مرتفعة جداً”.

مع ذلك فإن الأعداد المتزايدة من المتداولين الأفراد الذين اشتروا في أثناء هبوط الأسعار في بداية تفشي الوباء أصبحوا منذ ذلك الحين أقوى الحلفاء في هذه السوق الصاعدة. فقبل أسبوع، عندما انخفض مؤشر “ستاندرد آند بورز 500” بأكثر من 1% ، ضخ المستثمرون الأفراد سيولة قياسية بلغت مليارَي دولار في الأسهم، وفقًا للبيانات التي جمعتها “فاندا للأبحاث”.

ولا شيء يشير إلى انسحاب المستثمرين الأفراد قريباً، فوفقًا لتقرير صادر عن شركة “بيترمنت” (Betterment LLC) مستشار الاستثمار، فإن 58% من المتداولين الذين شملهم الاستطلاع والبالغ عددهم 1500 متداول يخططون للتداول بشكل أكبر مع رفع القيود الوبائية. قال 12% فقط منهم إنهم يتوقعون تداولاً أقلّ.

رفع الخبراء الاستراتيجيون في “غولدمان ساكس” بقيادة ديفيد كوستن توقعاتهم لصافي مشتريات الأفراد من الأسهم للعام بأكمله إلى 400 مليار دولار من 350 مليار دولار بعد أن أظهرت بيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي عمليات شراء قوية منهم.

كتب كوستن في مذكرة بحثية: “حينما تواجه الأسر المفاضلة بين الأسهم وفئات الأصول الأخرى فإنها تفضّل الأسهم حتى نهاية العام لضعف أسواق النقد وعائدات الائتمان. بالإضافة إلى ذلك فإن أي مؤشرات على الزيادة المستمرة في التضخم ستزيد أفضلية الأسهم على السندات أو النقد”.

ربما يعجبك أيضا