«لو بوان» الفرنسية.. أردوغان: صديق المغرب العربي الذي لا يريد لدوله الخير

محمود رشدي

رؤية

باريس- حذّرت مجلة “لو بوان” الفرنسية من تمكن تركيا من اقتحام جيوب وعقول الشعوب المغاربية بأشكال مختلفة، مُشيرة لتضاعف حجم الاستثمارات التجارية التركية في منطقة دول المغرب العربي في السنوات الأخيرة، فضلاً عن غزو الثقافة التركية للمجتمعات المغاربية عبر المسلسلات التلفزيونية والرحلات السياحية بهدف زرع أفكار الإسلام السياسي، واصفة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنّه يُحاول أن يظهر كصديق لدول “المغرب الكبير”، لكنّه في الواقع لا يُريد لها الخير لشعوبها الذين انكسرت أحلامهم.

وجاء الغلاف الأول للمجلة واسعة الانتشار، تحت عنوان “الجزائر، المغرب، وتونس.. ماذا لو تعثّرت الدول المغاربية؟”، حيث ضمّ العدد الأخير العديد من التحقيقات والتحليلات حول الثقل الحقيقي للإسلاميين ورهانات فرنسا ضد خطر جماعات الإخوان التي تتخفى تحت ستار واجهات مختلفة يجمعها كما تقول “روحانية أردوغان”، بينما تُحاول تلك الدول الواقعة في منطقة شمال أفريقيا، والتي دمرها الفساد، وهزها الوباء، والغارقة في تدفقات الهجرة نحو أوروبا، وقف موجات جديدة من الإسلامويين الطامعين باستلام الحُكم في بلادهم.

وقالت “لو بوان”، إن هناك علاقات اجتماعية واقتصادية وسياسية باتت تجمع كل من الجزائر وتونس والمغرب مع تركيا، مُشيرة على سبيل المثال لزعيم حركة النهضة التونسية راشد الغنوشي الذي دأب على إبداء إعجابه بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وكان يُحاول نقل تجربة حُكم حزب العدالة والتنمية الإسلامي التركي، إلى تونس من خلال رئاسته للبرلمان في البلاد، والذي تمّ تجميد عمله بقرار رئاسي قبل نحو 3 أسابيع، مما أطاح بمساعي الغنوشي والإخوان.

وعلى صعيد المملكة المغربية، فقد قدّمت لها تركيا دعماً واضحاً في حربها غير المتكافئة ضد الانفصاليين الصحراويين، وهو ما أثار غضب الجزائر بشكل خاص، التي استاءت أيضاً من التدخل العسكري التركي في الصراع الليبي منذ مطلع عام 2020، حيث أبدت القيادة العسكرية الجزائرية العليا غضبها من الوضع الأمني المقلق على حدودها الشرقية، وذلك على الرغم من وجود جماعات إسلاموية مؤيّدة لأردوغان وحزبه في الجزائر.

ونقلت “لو بوان” في ملفها الشامل، عن الخبير في الإسلام السياسي يوسف شهاب، قوله إنّ فرنسا والمغرب يواجهان نفس العدو الإسلامي الراديكالي، وهما حريصان على الحفاظ على علاقة قوية تكاملية في مجال مكافحة الإرهاب، حيث يُدرك القادة المغاربة جيداً أنهم في مرمى الإسلاميين الراديكاليين وأن أفضل طريقة لدرء الخطر وضمان المستقبل هي تعزيز التعاون على أعلى مستوى مع حلفائهم.

وقالت إنّ الإسلاميين من أعضاء حزب العدالة والتنمية المغربي، المُقرّب أيديولوجياً من حزب رجب طيب أردوغان التركي الذي يحمل الاسم نفسه، قد استلم الحكومة لمدة 10 سنوات في الرباط، ومع ذلك، فإنّه يمكن للانتخابات التشريعية والإقليمية والبلدية المقبلة تعديل الأوراق حيث تتضاءل نسب تأييدهم وحظوظهم، بينما ينجح الملك محمد السادس بمهارة في وضع حدّ لطموحاتهم إذ لم يتمكن الإسلاميون من التشكيك في المكانة الروحية للملك وإقامة الشريعة الإسلامية، أو حتى المساس بالنموذج الاقتصادي الليبرالي للبلاد.

من جهتها، وفي الشأن التونسي، أشادت صحيفة “لو موند” بمساعي الرئيس قيس سعيد المتواصلة للاعتماد على الجيش والشرطة في بلاده ضدّ تدخلات الإسلاميين في العمل السياسي ونظام الحُكم، ولذلك فقد استقبل أفراد القوات التونسية العسكرية والأمنية، كباقي أفراد الشعب، خطوات الرئيس بالارتياح والترحيب، على حدّ قول اليومية الفرنسية.

يُشار إلى أنّ وسائل الإعلام التركية الحكومية وحتى غير الرسمية التي توالي حزب العدالة والتنمية الحاكم، تواصل شنّ هجوم لاذع من حينٍ لآخر على الصحافة الفرنسية، وبشكل خاص مجلة “لو بوان” التي سبق وأن أفردت أعداد كثيرة لكشف المطامع التوسعية، الإسلاموية والعثمانية، للرئيس أردوغان في منطقة الشرق الأوسط وآسيا وأفريقيا، والذي وصفته في مناسبات كثيرة بالسلطان والدكتاتور وحتى بـِ “هتلر الجديد”.

ربما يعجبك أيضا