تكتم ميركل على مستقبلها بعد التقاعد يثير سيلا من التكهنات

شيرين صبحي

رؤية

برلين- تقول المستشارة الألمانية المنتهية ولايتها أنجيلا ميركل، المرأة الأكثر نفوذا في العالم على مدى 16 عاما، إنها تودّ بدء تقاعدها بالنوم قليلا، لكن تكتّمها حول مستقبلها يثير سيلا من التكهّنات.

وبعد أيام معدودة، وتحديدا في الثامن من كانون الأول/ديسمبر، سوف تسلّم المستشارة ميركل مقاليد الحكم لخلفها أولاف شولتس، بعد أربع ولايات لها على رأس ألمانيا.

وعندها، ستطوي صفحة القمم الدبلوماسية، واجتماعات الأزمات، وخطط الطوارئ لمكافحة كوفيد-19 التي شغلت أيامها.

والواقع أن المستشارة ميركل البالغة من العمر 67 عاما، لن تأسف لترك مسؤولية حل مشاكل البلاد إلى سواها، وفقا لوكالة “فرانس برس”، اليوم (الأحد).

وقالت خلال زيارة إلى واشنطن هذا الصيف وعلى وجهها ابتسامتها المعهودة: ”سأفهم سريعا جدا أن كل ذلك بات من مسؤولية شخص آخر. وأعتقد أن هذا الوضع سيحلو لي جدا“.

فأولويّتها كما سبق أن قالت مرارا، هي أن تأخذ قسطا من الراحة، بعد مسيرة سياسية استمرّت 30 عاما.

وأعلنت في التصريح نفسه في واشنطن، أنها ”تتخيّل نفسها تحاول قراءة أمر ما“، مضيفة: ”سأبدأ بإغلاق عينيّ لأنني متعبة، سأنام قليلا، وبعدها سنرى إلى أين سيقودني ذلك“.

وإن كانت ميركل تركت أسئلة كل الذين استطلعوها حول مشاريعها المستقبلية عالقة بلا جواب؛ فلأنها هي نفسها على ما يبدو تتساءل فعلا عن الأمر.

وأوضحت مؤخرا أثناء لقاء عام، أنها ”منذ ولايتها الأولى كنائبة عام 1990 بعيد توحيد ألمانيا، لم أعد أسأل نفسي بطبيعة الحال ما هو أكثر ما يهمّني خارج السياسة“.

وتابعت: ”ليس لدي وقت غير محدود أمامي. هذا يعني أنني أريد الآن أن أفكّر في ما أريد فعله في الفترة المقبلة من حياتي“.

والاحتمالات كثيرة بهذا الصدد، وتساءلت ميركل: ”هل أريد أن أكتب، هل أريد أن أتحدث؟ هل أريد أن أقوم برحلات في الطبيعة؟ هل أريد أن أبقى في المنزل؟ هل أريد أن أجوب العالم؟“.

وختمت: ”قررت ألا أقوم بأي شيء في الوقت الحاضر وأن أنتظر ما يلي“، مخيبة مرة جديدة آمال الذين كانوا يرغبون في رؤيتها تعلن عن جولة محاضرات أو كتابة مذكراتها أو القيام برحلة إلى جبال روكي الأمريكيّة كما سبق أن ذكرت ذات مرة.

وشوهدت ميركل، الأسبوع الماضي، في مقطع فيديو انتشر على نطاق واسع على تطبيق ”تيك توك“، في قسم الأحذية الرياضية في متجر كبير في برلين، فخلص ناشطون على الإنترنت إلى أنها تستعدّ لفترة تقاعد نشطة.

ونادرا ما بقي أسلاف ميركل لوقت طويل بدون عمل. فقد أصبح هيلموت شميت بعد مغادرته المستشارية عام 1982، محررا مشاركا في مجلة ”دي تسايت“ الأسبوعية المرجعية.

كما نجح هيلموت كول وغيرهارد شرودر في استغلال تجربتيهما، فأنشأ الأول شركة استشارية، وقام الثاني بمهمّات في إطار حملات الضغط، من ضمنها توليه رئاسة مجلس إدارة شركة النفط الروسية العملاقة ”روسنفت“ في دور مثير للجدل.

تخيّل الروائي دافيد زافير تحوّلًا آخر محتملا لميركل: ففي رواية بوليسية هزلية صدرت منذ بضعة أشهر، أطلق شخصية ”ميس ميركل“ (السيدة ميركل) المستوحاة إلى حدّ ما من شخصية ”ميس ماربل“ في روايات أغاثا كريستي، في تحقيق حول جريمة غامضة أخرجت المستشارة السابقة من هناء تقاعدها.

ويُفترض أن يكون لدى ميركل الآن وقت للاستفادة مع زوجها يواخيم زاور، من منزل متواضع يملكانه على بعد 80 كم شمال برلين، في ألمانيا الشرقية سابقا حيث نشأت.

وروت ميركل التي تحرص على إعطاء صورة امرأة عادية كسائر النساء ولا تولي اهتماما للاجتماعيات، متحدثة لمجلة ”بونته“ الأسبوعية، أنها ترغب في أن تزرع خضارا وبطاطا في حديقة ذلك المنزل.

هذا البرنامج لن يكفي ليشغل المساعدين السبعة والسائقَين الذين وُضعوا في خدمة المستشارة السابقة التي ستتقاضى معاشا تقاعديا تبلغ قيمته 15 ألف يورو، بحسب عملية حسابية قامت بها جمعية دافعي الضرائب، ما لم تقرر العالمة السابقة الانخراط في النشاط الأكاديمي.

فهي حصدت شهادات دكتوراة فخرية من جامعات لا تُعد ولا تحصى حول العالم، من سيول إلى تل أبيب، وقد تقرر القيام بجولة عليها بعدما وعدتها بالعودة إليها لإجراء مناقشات أطول مع الطلاب.

ربما يعجبك أيضا