لحظة قطع بث التلفزيون الرسمي الروسي أمام شجاعة صحفية.. ما القصة؟

هالة عبدالرحمن

واصلت مذيعة الأخبار القراءة بصوت أعلى من صوت الاحتجاجات في خلفيتها ، لكن احتجاج الصحفية الشجاعة كان يمكن رؤيته وسماعه لعدة ثوان قبل أن يتم قطع البث المباشر.


في لحظة غير متوقعة، قاطعت محررة تلفزيونية في القناة الأولى بالتلفزيون الروسي الحكومي البرنامج الإخباري الرئيسي للقناة باحتجاج غير عادي على غزو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لأوكرانيا.

حملت المحررة الصحفية، مارينا أوفسياننيكوفا، لافتةً مناهضةً للحرب انطلقت بها إلى موقع البث المباشر للأخبار المسائية، مساء أمس الاثنين 14 مارس 2022، خلف مقدّمة البرنامج، وهي تصرخ: “أوقفوا الحرب، لا للحرب”.

شجاعة صحفية بالتلفزيون الروسي.. ومعارضة الحرب

ظهرت المحررة بوضوح خلف مقدّمة البرنامج ممسكةً باللافتة، وهي تقول: “لا تصدقوا الدعاية، إنهم يكذبون عليك هنا”. ووقّعت باللغة الإنجليزية: “روس ضد الحرب”. وواصلت مذيعة الأخبار القراءة بصوت أعلى من صوت الاحتجاجات في خلفيتها، لكن احتجاج الصحفية الشجاعة أمكن رؤيته وسماعه لعدة ثوانٍ قبل أن ينقطع البث المباشر.

ونشرت أوفسياننيكوفا أيضًا مقطع فيديو مسجلًا مسبقًا، عبر مجموعة حقوق الإنسان، أعربت فيه عن خجلها من العمل في القناة الأولى ونشر “دعاية الكرملين”، وقالت: “للأسف، عملت في القناة الأولى لعدة سنوات، وفي دعاية الكرملين، والآن أشعر بالخجل الشديد من هذا، خجلت من الكذب على شاشة التليفزيون. وأشعر بالخجل لأنني سمحت بزومبي الشعب الروسي، كنا صامتين في عام 2014 عندما كان هذا في البداية”.

النظام المعادي للإنسان.. ودعوة إلى الاحتجاج

قالت أوفسياننيكوفا: “لم نخرج للاحتجاج عندما سمّم الكرملين زعيم المعارضة أليكسي نافالني، نحن فقط نراقب بصمت هذا النظام المعادي للإنسان، والآن ابتعد العالم كله عنا، ولن تتمكن الأجيال العشرة القادمة من التخلص من عار هذه الحرب بين الأشقاء”. وكشفت، وهي ترتدي قلادة باللونين الأزرق والأصفر للعلم الأوكراني، في بيان مصور لها، عن أن والدها أوكراني ووالدتها روسية.

وأوضحت مارينا أن ما يحدث في أوكرانيا جريمة، وروسيا هي المعتدية. وأن مسؤولية هذا العدوان تقع على عاتق شخص واحد فقط هو بوتين، وحثت زملاءها الروس على الانضمام إلى الاحتجاجات المناهضة للحرب من أجل إنهاء الصراع. وتابعت: “فقط لدينا القوة لوقف كل هذا الجنون، اذهب إلى الاحتجاجات، لا تخافوا من أي شيء. لا يمكنهم سجننا جميعًا”.

ترحيب الرئيس الأوكراني بالصحفية الشجاعة

رحب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بالاحتجاج، وقال في خطاب مصور مساء أمس الاثنين، “أنا ممتن لأولئك الروس الذين لا يتوقفون عن محاولة إيصال الحقيقة، الذين يكافحون ضد المعلومات المضللة، ويخبرون بالحقائق الحقيقية لأصدقائهم وعائلاتهم، وخاصةً تلك المرأة التي ذهبت إلى استوديو القناة الأولى حاملةً ملصقًا مناهضًا للحرب”.

وأعلنت الجماعة الحقوقية “أو في دي إنفو” أن السلطات اعتقلت الصحفية التلفزيونية أوفسياننيكوفا بعد وقت قصير من احتجاجها، وأنها كانت محتجزة في مركز التلفزيون، وأوضح رئيس منظمة أغورا لحقوق الإنسان، بافيل تشيكوف، في وقت لاحق، أن أوفسيانيكوفا اعتُقلت واقتيدت إلى مركز شرطة في موسكو.

أوفسيانيكوفا  تواجه الاعتقال.. وروسيا تقمع المتظاهرين

قبضت السلطات الروسية على أكثر من 4 آلاف و300 شخص في احتجاجات مناهضة للحرب في جميع أنحاء روسيا، وقد تواجه أوفسيانيكوفا عقوبة السجن بموجب التشريع الروسي الجديد الذي يجرم نشر ما يسمى بـ”الأخبار الكاذبة” عن الجيش الروسي. يمكن أن يواجه أولئك الذين تثبت إدانتهم بموجب القانون عقوبةً تصل إلى 15 عامًا في السجن.

وشنت روسيا، منذ بداية الحرب، حملة قمع غير مسبوقة على المتظاهرين ووسائل الإعلام المستقلة وشبكات التواصل الاجتماعي الأجنبية. واعتقلت ما يقرب من 15 ألف شخص، من بينهم أطفال وكبار في السن، بسبب احتجاجهم على الحرب.

روسيا تحظر وسائل إعلامية روسية ومنصتي وفيسبوك وإنستجرام

حظرت السلطات الروسية أكثر من 20 وسيلة إعلام روسية من قبل منظم وسائل الإعلام في البلاد أو اختارت وقف عملياتها، وبناء عليه يظل تلفزيون الدولة المصدر الرئيس للأخبار للملايين في روسيا.

وطال الحظر أيضًا منصات التواصل الاجتماعي المستخدمة على نطاق واسع، مثل “فيسبوك” و”إنستجرام” ردًّا على حظر فيسبوك وسائل إعلام روسية، وفرضها قيودًا على أخرى.

ربما يعجبك أيضا