الإسلاموفوبيا.. ألمانيا تتخذ سياسات جديدة لمكافحة معاداة المسلمين

جاسم محمد

رؤية  ـ جاسم محمد

شهدت ألمانيا وأوروبا، حملات تجاوز على الرموز الدينية وعلى النبي محمد (صلى الله عليه وسلم). أعربت الهيئة الدائمة المستقلة لحقوق الإنسان بمنظمة التعاون الإسلامي، عن استيائها الشديد من تكرار نشر مجلة ” شارلي إيبدو” الفرنسية رسومات مسيئة للنبي محمد (صلى عليه وسلم)، مؤكدة إدانتها لهذا العمل بوصفه تعبيرًا واضحًا عن الكراهية والتعصب والازدراء والإساءة إلى مشاعر أكثر من 1.6 مليار مسلم حول العالم.

وعلى غرار تجارب موجودة في مكافحة معاداة السامية أعلن وزير الداخلية الألماني يوم 01 .09.2020 عن تشكيل مجموعة عمل من 12 خبيراً لوضع توصيات قابلة للتطبيق لتحديد أوجه معاداة المسلمين في ألمانيا وتحليلها ومكافحتها وتجنبها. ومن المقرر أن تفحص مجموعة العمل أوجه العداء للمسلمين، كي يتسنى للدولة والمجتمع اتخاذ إجراءات ضدها على نحو أفضل وأكثر تحديداً للهدف. وقال زيهوفر يوم الأول سبتمبر 2020: “المواقف المعادية للمسلمين لا تمثل تهديداً بالنسبة للمسلمين فحسب، ولكن بالنسبة للتكاتف المجتمعي بشكل عام”.

وفي وقت سابق أكدت المستشارة على حرية الأديان في ألمانيا، وقالت: “إن الجميع يعرف أن حرية الأديان تمثل لي قيمة كبيرة للغاية، وإنني أعتبرها ركيزة أساسية للديمقراطية”. وأضافت أنه لهذا السبب تم القيام بكل شيء في ألمانيا كي يمارس المسلمون شعائرهم بحرية أيضا. وجددت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل من تركيا احترامها للمسلمين في بلادها ورغبتها في التعاون معهم في محاربة الإرهاب، مشيدة بمعارضة الاتحادات الإسلامية للإرهاب. وأكدت أن بلادها تحترم حرية الأديان كـ”قيمة كبيرة للغاية”. 

المجلس الإسلامي

 المجلس الإسلامي يتزعمه أيمن مزيك وهو يعني يترأس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا .المجلس المركزي للمسلمين ففي ألمانيا هو أيضاً مجلس آخر تأسس عام 1993 يرأسه أيمن مزيك الذي تعمل تحته 19 منظمة إسلامية ويتبع هذا المجلس 300 مسجد .المجلس الإسلامي في ألمانيا، هو الآخر يتحمل مسؤولية الاندماج في المجتمع، على أن يركز في سياسته على التربية والتعليم والاندماج أكثر من الحديث عن أمور تخص الشريعة الإسلامية. 

الانتقادات الموجهة إلى الجاليات الإسلامية أنها ما زالت تعيش في مجتمعات ضيقة ومنغلقة على نفسها في بعض الأحياء، وتأتي بخطباء ورجال دين غير أكفاء من خارج ألمانيا، يتحدثون عن عالم لا يمت بصلة إلى واقع المسلمين في أوروبا وألمانيا، وأحيانا يطلقون فتاوى التطرف والتشدد.

إن الحديث عن مسؤولية الاندماج الاجتماعي، يعني تحمل الحكومات وكذلك المجتمع ومنظمات المجتمع المدني ذلك من خلال تبني سياسات وإجراءات تمنح اللاجئين الجدد فرصة للحصول على العمل والتعليم، ويبقى الدور على الجمعيات ومنظمات غير الحكومية بدعم  تلك السياسات.

وتقدم الكثير من الجمعيات الإسلامية وإدارات المساجد في ألمانيا نفسها كشريك ضمن برامج الوقاية من التطرف. في هذا السياق قالت مديرة مركز أبحاث الإسلام في فرانكفورت سوزانه شروتر في حديث مع  DW:” التعاون من قبل الجمعيات الإسلامية يعزز صورة الإسلام الإيجابية،بالإضافة إلى أنه يساهم في وصول الدعم الحكومي لها. لكن على المرء أن يتخذ المشاهدة الدقيقة، وخاصة إذا كان المرء معترف به رسميا كشريك مع الحكومات المحلية أو الدولة”. 

فيما ذكرت الخبيرة شروتر أن الدين أصبح “يشكل معيارا للهوية عند الشباب فيوقتنا الحاضر ودفع بالهوية العرقية إلى التراجع أمامه”. وأضافت شروتر أن الشروط والقوانين الدينية أصبحت أكثر تشددا. و”لذلك ينشغل الكثير من الشباب المسلم في ألمانيا بالتفكير يوميا قبل أداء عمل ما والتساؤل عما إذا كان عمل هذا الشيء حلال أم حرام”.

تحالف اليمين المتطرف ضد الأجانب

ما تشهده أوروبا الآن هو تحالف اليمين المتطرف ضد الأجانب خاصة المسلمين في أوروبا، وهذا ما يرجح من تصعيد المواجهات ما بين النازيين الجدد والجاليات المسلمة خلال هذه المرحلة، والذي من شأنه أن يضع الحكومة الألمانية في موقف لا يحسد عليه.

هناك تغيير نوعي في  نشاط اليمين المتطرف، ما يرجح تصعيد المواجهات ما بين اليمين المتطرف والاجئين والجاليات المسلمة، ومن المرجح أن تشهد شوارع ألمانيا خاصة الجانب الشرقي من ألمانيا، مواجهات عنيفة. 

وانعكست أفعال الجماعات الإسلاموية المتطرفة في ألمانيا، على حياة الجاليات العربية والإسلامية وأضرت مباشرة بحياتهم اليومية وتقليص فرصهم بالحصول على عمل. تقارير الحكومات وكذلك محركات الإنترنت كشفت، استغلال اليمين المتطرف، للعمليات الإرهابية التي تنفذها الجماعات المتطرفة، أو من يتورط فيها من أبناء المهاجرين أو اللاجئين. ونجح اليمين المتطرف كثيرا في صناعة الكراهية وفبركة الأخبار، إلى حد أصبح الخطاب اليمين يؤثر في أجندات عمل الأحزاب السياسية والانتخابات، كان في الغالب ضحيتها المهاجر.

هذه النتائج تأتي بسبب، ممارسات الجماعات الإسلاموية، الراديكالية بمختلف أنواعها. ما تحتاجه ألمانيا وأوروبا  ودول المنطقة هو تعزيز الخطاب الديني المعتدل، ومد الجسور مع المراكز والجامعات الإسلامية المعروفة في منطقة الشرق الأوسط.

إن ظهور اليمين المتطرف في أكثر دول العالم ، رغم اختلاف مستوى الظاهرة من دوله لأخرى ومن أبرزها معاداة الأجانب ورفض الهجرة والعداء للإسلام والمسلمين فيما عرف بظاهرة الإسلاموفوبيا ، وتصاعد فكرة القومية، كلها سمات الدفاع عن الهوية الوطنية والتقاليد التاريخية.  واستنادا إلى رؤية دولة أحادية العرق فإن مكافحة الهجرة وعدم تقبل المهاجر هي الرسالة الأساسية لليمين  المتطرف باعتقاده  تهديد لهويتة الاجتماعية. 

إن مسؤولية الاندماج الاجتماعي والوقاية من التطرف، هي مسؤولية مشتركة ما بين وزارة الداخلية والمجالس الإسلامية، أن ينهض كل طرف بمسؤوليته، من أجل التعايش السلمي، مع تصاعد التطرف بكل أنواعه اليميني واليساري والإسلاموي.

ربما يعجبك أيضا