«متاجر خاوية» و«مطاعم مغلقة» .. شكوك في استراتيجية «جونسون» بعد بريكست

سهام عيد

رؤية

لندن – منذ سنوات كان رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون قيادياً في حزب المحافظين الحاكم، وعلى رأس المنادين بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وقاد الحملة الدعائية لبريكست التي تكللت بالنجاح بالفعل عندما صوتت الأغلبية في بريطانيا للخروج من الاتحاد الأوروبي في استفتاء في يونيو (حزيران) 2016.

وشهدت بريطانيا أحداثاً عديدة منذ ذلك الوقت، وتعاقب على الحكم فيها أكثر من رئيس وزراء حتى تولى جونسون رئاسة الحكومة خلفاً لتريزا ماي التي فشلت في الاتفاق مع الاتحاد الأوروبي على تنفيذ قرار الخروج، وفقا لوكالة الأنباء الألمانية، اليوم الثلاثاء.

ويقول الكاتب البريطاني جو ماييس في تقرير نشرته وكالة بلومبرج للأنباء، إن تردد جونسون في اللجوء إلى الاتحاد الأوروبي لتخفيف أزمة سلاسل الإمداد، والتوريد الحالية، والذي أدى إلى خلو أرفف المتاجر البريطانية من البضائع، سلط الضوء على أولوية حكومته وهي “الخروج من الاتحاد الأوروبي أولاً”.

فرئيس الوزراء الذي قاد حملة الخروج من الاتحاد الأوروبي متعهداً  “باستعادة السيطرة” على حدود بريطانيا وحماية وظائف العمال البريطانيين، يعتبر اللجوء إلى العمالة الرخيصة في الاتحاد الأوروبي لسد النقص في سائقي الشاحنات ببريطانيا، خطوة ملغومة سياسياً.

ويقول جوليان جيسوب المحلل الاقتصادي في معهد الشؤون الاقتصادية، مركز الأبحاث الذي يتبنى مبادئ السوق الحرة، إن إقدام جونسون على هذه الخطوة سيكون اعترافاً منه بمزايا الوجود في الاتحاد الأوروبي.

ويضيف جيسوب المدافع عن الخروج من الاتحاد الأوروبي “لا يريدون الاعتراف بأن حرية حركة العمال عبر الحدود في أوروبا، تحقق بعض الفائدة لبريطانيا فهذا الأمر قد يبدو وكأنه فقدان للثقة في الخروج من الاتحاد الأوروبي”.

ولكن نقص الإمدادات، الناجم جزئياً عن الخروج من الاتحاد الأوروبي، تسبب في فوضى للمستهلكين في بريطانيا.

واضطرت مجموعة ناندوز غروب إلى إغلاق بعض منافذ بيع الوجبات السريعة في ظل نقص الدواجن، في حين خلت مخازن سلسلة ماكدونالدز في بريطانيا، من مشروب الميلك شيك.

ويقول تيم بيل أستاذ السياسات في كلية كوين ماري بجامعة لندن: “الخروج من الاتحاد الأوروبي يسبب دائماً مأزقاً لفلسفة حزب المحافظين بين الالتزام بحرية الأسواق، والتمسك بالسيادة الوطنية”.

والسؤال الذي سيفرض نفسه على جونسون في الأسابيع المقبلة، هل سيظل متمسكاً بموقفه من الاتحاد الأوروبي، حتى إذا زاد تدهور الأمور.

فمن المحتمل أن يزيد الضغط على سلاسل الإمداد مع العودة إلى المدارس، ورفع القيود لاحتواء فيروس كورونا المستجد. 

ويقول بيل، إن جونسون ربما وصل إلى النقطة التي يصبح فيها تغيير المسار السياسي محتملاً “إذا وجدنا الحكومة تلغى العديد من فعاليات عيد الميلاد،  فمن المحتمل أن تتراجع عن موقفها، وقد يؤدي ذلك إلى بعض الأخبار السيئة لها في أيام قليلة، لكن لا شيء سيكون في صعوبة ما ستواجهه الحكومة إذا استمر نقص المنتجات على أرفف المتاجر”.

وفي غياب مؤشرات على تغيير رأي جونسون من الاتحاد الأوروبي، ستواصل الشركات تحمل العبء.

وفي تقرير لمكتب الإحصاء الوطني البريطاني في 26 أغسطس (آب) الماضي كانت 7% من الشركات عاجزة عن توفير المواد الخام، أو السلع أو الخدمات التي تحتاجها في بريطانيا خلال الأسبوعين السابقين.

ورغم الدعوات المتكررة من قطاع النقل والخدمات اللوجيستية في بريطانيا لمنح سائقي دول الاتحاد الأوروبي تأشيرة مؤقتة لدخول بريطانيا لتخفيف حدة أزمة نقص السائقين في بريطانيا، والذي تقدره الشركات بنحو 100 ألف سائق، ترفض الحكومة البريطانيا الاستجابة، وتطالب الشركات بتوظيف وتدريب الشبان البريطانيين على قيادة الشاحنات، وزيادة الأجور، وتحسين ظروف العمل لجذب المزيد من العمال.

من ناحيتها تقول وزارة الأعمال واستراتيجية الطاقة والصناعة البريطانية في بيان: “نريد أن نرى أصحاب الأعمال يستثمرون في قوة العمل المحلية البريطانية على المدى الطويل، نعمل بشكل وثيق مع القطاع لعلاج التحديات التي يواجهها”.

ويمكن القول إن جذور مشكلة نقص السائقين في بريطانيا معقدة وتاريخية، فعدد سائقي الشاحنات لم يكن كافياً قبل الخروج من الاتحاد الأوروبي، وأجورهم منخفضة وعدد ساعات العمل كبير، إلى جانب غياب ساحات الانتظار الكافية، وخدمات الحمامات والاستراحات للسائقين، ما جعل القطاع غير جاذب للعمالة.

وحسب بيانات اتحاد تجارة التجزئة البريطاني في الشهر الماضي، فإن المستهلكين بدأوا يشعرون بتأثيرات تداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي، فنقص السائقين، والقيود المرتبطة بالخروج من الاتحاد، وارتفاع تكاليف الشحن، وأسعار المواد الخام، دفع الأسعار في المتاجر إلى الارتفاع.

وقال الاتحاد الذي دعا الحكومة في الشهر الماضي إلى منح سائقي الاتحاد الأوروبي تأشيرة مؤقتة، إن من المحتمل ارتفاع أسعار الغذاء في الأشهر المقبلة.

وتقول هيلين ديكنسون رئيسة الاتحاد: “دون تحرك حكومي، سيدفع المستهلكون البريطانيون الثمن ومع اقتراب موسم عيد الميلاد، يمكن أن يزيد الموقف سوءاً”.

ربما يعجبك أيضا