تعزيزًا لأمن أمريكا الشمالية.. هل حان الوقت لضم جرينلاند والدنمارك إلى «نوارد»؟

رنا أسامة

توسيع قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية، من شأنه أن يزيد مشاركة موارد "نوراد"، ويعزز قدرات الإنذار المبكر لكل من أمريكا وكندا.


بينما أسهمت الحرب الروسية الأوكرانية في توسيع الناتو، يرى خبراء أنه ينبغي أن تتبنى قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية (نوراد) النهج ذاته، بفتح أبوابها أمام جرينلاند والدنمارك.

ومع تصاعد التوتر مع روسيا إلى مستويات غير مسبوقة منذ الحرب الباردة، رأى جادل الكاتبان بمؤسسة “راند” للأبحاث، مايكل بونيرت وسكوت سافيتز، في مقال نشره موقع “بريكنج ديفنس” الأمريكي أن “نوراد” قد تكون بحاجة إلى رصد وصد الاختراقات الجوية الآخذة في التزايد.

قيادة ثنائية القومية

تضم “نوراد” دول قارة أمريكا الشمالية كافة، ولكن هذا الأمر لا يسري على قيادتها، فمنذ تأسيسها في العام 1958 تتألف فقط من قوات أمريكية وكندية، وتركز على الدفاع عن الولايات المتحدة وكندا.

ولأن أقصر الطرق المحمولة جوًا من الأراضي الروسية أو الصينية أو الكورية الشمالية إلى أمريكا الشمالية، تمر عبر القطب الشمالي ومناطق شبه القطب الشمالي، حظيت الطرق الشمالية المباشرة بأهمية خاصة لدى “نوراد”. ومع ذلك، فإن القطب الشمالي في أمريكا الشمالية يضم 3 دول، لا دولتين، بحسب المقال.

أهمية جرينلاند

أشار المقال إلى أن جرينلاند، أكبر جزيرة غير قارية في العالم بمساحة تزيد على 830 ألف ميل مربع، جزء من أمريكا الشمالية، تمامًا كما اليابان التي تعد جزءًا من آسيا، وبالرغم من أنها مكونة بالكامل من جزر، وتحظى بأهمية عسكرية، كونها تهيمن على المداخل الشمالية الشرقية للقارة.

ولطالما أدركت “نوراد” أهمية جرينلاند، لا سيما أنها تستضيف قاعدة جوية أمريكية في مدينة ثول، إضافة إلى منشآت صغيرة ورادارات، في حين تجري جيوش الدنمارك وأمريكا وكندا، جنبًا إلى جنب مع جيوش دول الناتو الأخرى، تدريبات روتينية بالقطب الشمالي في أمريكا الشمالية.

امتداد لأوروبا

بالرغم من ارتباطها بأمريكا الشمالية، فغالبًا ما يُنظر إلى جرينلاند على أنها امتداد لأوروبا، في وقت تشرف فيه القيادة الأمريكية الأوروبية على العمليات العسكرية في الجزيرة، بما يعكس جزئيًّا أهميتها البحرية لـ”يوكوم”.

وتحتاج السفن والغواصات الروسية التي تدخل المحيط الأطلسي إلى عبور جرينلاند وأيسلندا وبريطانيا، ذلك النفق الذي يشكل نقطة خنق طبيعية ينبغي رصدها وتتبعها. ومع ذلك، رأى الكاتبان أنه لا يزال ممكنًا وضع الجزيرة تحت مظلة قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية.

توسيع نوراد

بحسب المقال، فإن توسيع قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية، من شأنه أن يزيد مشاركة موارد “نوراد”، ويعزز قدرات الإنذار المبكر لكل من أمريكا وكندا، مع تمكين القوات الدنماركية من الوصول الموسع إلى بيانات”نوراد”، بما يسهم بدوره في تحسين أمن الدول الثلاث، دون الحاجة إلى تعزيز قوات أو تدشين قواعد عسكرية إضافية.

وأشار إلى أن مسألة ضم جرنيلاند والدنمارك إلى “نوراد” لا تدعمها الحرب الروسية الأوكرانية فقط، بل الزخم السياسي الذي ولّدته، بما في ذلك النزاع الحدودي بين كندا والدنمارك في مناطق بعيدة عن القطب الشمالي، بغية التركيز على قضايا أكثر أهمية في أعقاب الحرب.

وبينما توشك السويد وفنلندا على الانضمام رسميًا إلى الناتو، يتوقع أن تنضم دول القطب الشمالي كافة، باستثناء روسيا، إلى الحلف، بما يعزز تركيز الناتو في القطب الشمالي واهتمامه بالتكامل العسكري عبر تلك المنطقة.

منفعة استراتيجية

لفت المقال إلى أن ضم الدنمارك وجرينلاند إلى قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية قد يكون له منفعة استراتيجية على الصعيد الإقليمي أيضًا. وفي حين أن جرينلاند تتمتع بدرجة عالية من الاستقلالية، وتعتمد اقتصاديًَا فقط على إعانات دنماركية، وتسيطر الدنمارك على الأمن والشؤون الخارجية، فيوجد رغبة واسعة بين سكان جرينلاند بتحقيق استقلال كامل.

وفي حال أظهرت “نوراد” أية بادرة لضم جرينلاند، قد يدرك سكانها حينئذ أهمية الجزيرة للولايات المتحدة وكندا، وتتضح أمامهم الصورة بشأن تكاليف الدفاع عن الجزيرة إذا نالوا الاستقلال، وهو أمر يحظى بأهمية خاصة، لا سيّما أن حركة استقلال جرينلاند مهددة باستغلالها من الصين و/ أو روسيا، في إطار منافسة أوسع بين القوى العظمى.

اهتمام صيني وروسي

في حين أن الاهتمام الصيني والروسي بجرينلاند يعكس الرغبة في استغلال مواردها السمكية والمعدنية، فإنه يعكس أيضًا الرغبة في كسب نفوذ سياسي عليها. وفي حال استقلت جرنيلاند قد ينخفض نشاط الناتو في الجزيرة، ويصبح من اليسير بمكان جمع معلومات استخبارية، بما يهدد أمن أمريكا الشمالية والبوابة الأوروبية إلى المحيط الأطلسي، ولكن تتضاءل هذه التهديدات إذا انضمت جرينلاند إلى جيرانها الغربيين، بحسب المقال.

ودوليًّا، فإن إدماج حليف رئيس في “نوراد” قد يظهر للعالم عزم الولايات المتحدة على احترام تحالفاتها التعاهدية، ورغبتها بأن تكون إلى جانب الناتو رائدة في تحديد مستقبل القطب الشمالي، وأظهرت استطلاعات رأي أن 69% من سكان جرينلاند يؤيدون تعاونًا أكبر مع الولايات المتحدة، في حين أن 39% فقط يؤيدون تعاونًا أكبر مع الصين.

تكاليف ومخاطر

بيّن المقال وجود تحديات ومخاطر استراتيجية تنطوي على ضم جرينلاند إلى قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية، بما في ذلك حاجة الولايات المتحدة وكندا إلى عسكريين دنماركيين، وربما ممثلين عن حكومة جرينلاند المستقلة مستقبلًا، لنشرهم في مرافق “نوراد” الاستراتيجية، والوصول إلى معلومات مهمة للدفاع عن أمريكا وكندا.

وقد يتعين على الدنمارك تمويل أفراد للعمل لدى قيادة الدفاع الجوي لأمريكا الشمالية، وتحمل نفقات تدريب وأمن ذات صلة، فضلًا عن الحاجة إلى زيادة قدرة الاتصالات وقابلية التشغيل البيني، لتمكين جرينلاند والدنمارك من الانضمام إلى اتفاقية “نوراد” بين كل من الولايات المتحدة وكندا.

ربما يعجبك أيضا