البنوك السعودية تواجه أزمة سيولة.. وكلمة السر «تسارع الإقراض»

ولاء عدلان
الراجحي

وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني: البنوك السعودية ستحتاج إلى تدخل من البنك المركزي لضخ المزيد من السيولة وسط استمرار تسارع نمو الإقراض وارتفاع تكلفة التمويل.


قال محافظ البنك المركزي السعودي، فهد المبارك، نهاية الأسبوع الماضي، إن القطاع المصرفي للمملكة يتمتع بملاءة مالية وقدرة على مواجهة التحديات الراهنة.

ويأتي هذا التصريح في توقيت تعاني فيه البنوك السعودية من بوادر أزمة سيولة، توقعت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني في نوفمبر الماضي أنها تتطلب تدخلًا حكوميًّا، وسط استمرار ارتفاع معدل الفائدة بين البنوك وتكاليف التمويل إلى مستويات قياسية.

ضغوط مؤقتة

قال وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، في تصريحات صحفية الأسبوع الماضي، إن نقص السيولة في النظام المصرفي مؤقت، ويعود أساسًا إلى تقلبات السوق الأوسع، مشددًا على أن البنك المركزي يمتلك رافعات مالية كافية تمكنه من التدخل في أي وقت لدعم القطاع، وفق “بلومبرج“.

حديث الوزير يتسق مع تقرير سابق لوكالة “ستاندرد آند بورز” للتصنيف الائتماني، في يونيو الماضي، خلصت فيه إلى أن وضع البنوك السعودية لا يزال إيجابيًّا بفضل رأس المال القوي، وأشارت إلى أن ضغوط السيولة الراهنة ستتناقص على المدى القصير، بفضل تدخلات البنك المركزي.

 أسباب أزمة السيولة السعودية

تواجه سيولة البنوك السعودية ضغطًا أساسيًّا، بسبب نمو الودائع البنكية بوتيرة أقل من معدلات الإقراض، خلال السنوات الماضية، نتيجة سياسات التيسير النقدي، التي انتهجها البنك المركزي، لاحتواء تداعيات كورونا، وخلال العامين الماضيين، مولت بنوك الملكة 60% من الإقراض، عبر زيادة ودائع العملاء، أو الدين الخارجي، في ظل انخفاض الأصول السائلة.

ومنذ مارس الماضي، انخرط “المركزي” السعودي في دورة التشديد النقدي، التي بدأها نظيره الأمريكي لكبح التضخم المتصاعد، لتصل أسعار الفائدة بالمملكة حاليًّا إلى مستويات 4% و4.5%، وفي ظل تراجع وتيرة نمو الودائع، ارتفع معدل فائدة الإقراض بين البنوك “السايبور” لآجل 3 أشهر إلى أعلى مستوياته منذ أكثر من 17 عامًا، مسجلًا 5.9% في أكتوبر.

قروض

نمو مستويات الإقراض في البنوك السعودية حتى الربع الثالث من 2022

ويستخدم “السايبور” عادة لتسعير قروض البنوك التجارية للشركات والأفراد، وبعض إصدارات السندات، وتمول البنوك قدرتها على إقراض العملاء من خلال مصادر عدة، مثل ودائع العملات، أو الاقتراض من بنوك أخرى بتكلفة “السايبور”، أو الاقتراض من البنك المركزي مقابل أوراق مالية كالسندات، عبر اتفاقيات إعادة الشراء “الريبو”.

فجوة بين نمو الإقراض والودائع بالسعودية

الشهر الماضي، توقعت “بلومبرج” أن تسجل البنوك السعودية هذا العام نموًا مكونًا من رقمين في معدلات الإقراض، مقابل نمو بأقل من 4% للودائع، وعلى سبيل المثال، خلال يوليو الماضي نمت معدلات الإقراض المصرفي للقطاع الخاص 14%، في المقابل نمت الودائع 9.3% فقط، في حين سجل “السايبور” 2.9%، مقابل 0.8% خلال الشهر المماثل من 2021.

وتشير هذه الفجوة بين نمو الإقراض والودائع إلى حاجة المصارف لإجراءات منوط بها البنك المركزي، لدعم مستويات السيولة، كضخ السيولة المباشرة، أو تأجيل دفعات القروض وضمان القروض، أو شراء الأوراق المالية من المصارف والمؤسسات المالية، أو تقليل نسبة الاحتياط النقدي الإلزامي.

مؤشرات البنوك السعودية الربع الاول

فجوة بين وتيرة نمو الودائع ومستوى القروض خلال الربع الأول 2022

«المركزي» يدعم البنوك السعودية

خلال يونيو الماضي، ضخ البنك المركزي السعودي نحو 50 مليار ريال، أي 13.3 مليار دولار، كودائع طويلة الأجل لدى البنوك التجارية، لدعم سيولة القطاع المصرفي على المدى القصير، ما انعكس بتراجع “السايبور” الذي يعد معيارًا لمستوى السيولة، بنهاية يونيو، بنحو 17 نقطة أساس إلى 3.13%، وفق “بلومبرج”.

لكن “السايبور” عاود الارتفاع مع استمرار رفع معدلات الفائدة، ليصل إلى 5.37% بنهاية نوفمبر، وتوقعت “فيتش” خلال الشهر نفسه ارتفاعه إلى 6%، متجاوزًا أعلى مستوياته منذ 13 عامًا، وقالت إن البنوك ستحتاج إلى تدخل من المركزي السعودي لضخ المزيد من السيولة وسط تسارع نمو الإقراض وارتفاع تكلفة التمويل.

أوضاع البنوك السعودية مطمئنة

شدد محافظ المركزي السعودي، في بيان بتاريخ 7 ديسمبر الحالي، على أن الأوضاع النقدية في المملكة مطمئنة، نتيجة للسياسة النقدية الحصيفة، التي يتبعها، موضحًا أن القطاع المصرفي يتمتع بملاءة مالية، وكفاءة تشغيلية، وسيولة جيدة، وقدرة على مواجهة التحديات الراهنة.

وأشار البيان إلى أن القطاع المصرفي سجل خلال الربع الثالث من 2022 مؤشرات أداء جيدة، بمعدل كفاية رأس المال 19.4% وتغطية السيولة بقرابة 174.2%، وسجل عرض النقود، أي مجموع النقد المتداول خارج المصارف والودائع تحت الطلب والودائع الزمنية والادخارية وشبه النقدية، زيادة 9% على أساس سنوي، إلى نحو 2.466 تريليون ريال، أي 655.9 مليار دولار.

عرض

عرض النقود “ن3” في بنوك السعودية خلال الربع الثالث

وخلال يونيو الماضي، قالت “ستاندرد آند بورز”، في تقرير، إن البنوك السعودية تتمتع بمحفظة كبيرة من الأوراق المالية الحكومية والخاصة، التي يمكن تسييلها لتخفيف الضغوط، وتوقعت الوكالة نفسها، في مارس الماضي، أن يحسن رفع أسعار الفائدة بقدر كبير من ربحية بنوك الخليج عامة خلال 2022.

ربما يعجبك أيضا