بين الحرب والدبلوماسية.. إلى أين تتجه الأزمة الأوكرانية؟

محمد عبدالله

رؤية – محمد عبدالله

بين الحرب والدبلوماسية، يقول السياسيون إنهم يفضلون حلا سياسيا ينهي أزمة بدأت منذ ثماني سنوات.. بين الحرب والدبلوماسية أيضا يختلف الأوكرانيون بشأن مستقبل شبه جزيرة القرم وإقليم دونباس بعد أن قال الرئيس فلاديمير زيلينسكي إن استفتاء بشأن منحها وضعا خاصا أمر مطروح على الطاولة. وتشير استطلاعات للرأي إلى أن نحو ثلثي الأوكرانيين ينظرون إلى روسيا كدولة معادية، بينما يطالب أكثر من نصفهم بالانضمام إلى حلف الناتو .

لا تستبعد أوكرانيا غزوا روسيا لأراضيها وتستعد لذلك عبر تعزيز قواتها على الحدود الشرقية، وفي الوقت ذاته يقول المسؤولون في كييف إن ردع موسكو دون حرب وقبل فوات الأوان لن يحمي بلادهم فحسب، بل بل سيكف عن أوروبا بأسرها خطرا محتملا قادما من الشرق.

حروب بوتين بدأت عام 2000 في الشيشان ثم التدخل في جورجيا 2008 ودعم انفصال أوسيتيا وأبخازيا عنها ثم التدخل في القرم 2014 وسوريا 2015 وكلها ما عدا الشيشان اتسمت بالاكتفاء بالقوات الخاصة بجانب الطيران أي أنه تدخل محدود وحذر وهذا بعكس الحشود الروسية الضخمة قبالة حدود أوكرانيا حاليا.

مفاوضات فورية

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين

من جانبه، دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى محادثات “فورية” مع الناتو والولايات المتحدة بشأن الأمن الروسي والضمانات التي ينبغي تقديمها لروسيا بشأن أمنها، في الوقت الذي ترابط فيه أكثر من 1000 دبابة على الحدود الأوكرانية وأكثر من 100 ألف جندي روسي.

وقال الكرملين في بيان “أكد الرئيس الروسي على أهمية البدء فورا في مفاوضات دولية لوضع ضمانات قانونية تمنع أي توسع جديد لحلف شمال الأطلسي شرقا ونشر أسلحة تهدد روسيا في بلدان مجاورة، أوكرانيا بشكل أساسي”. وخلال اتصال جمعه بالرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، حذر بوتين من أن إمداد أوكرانيا بأسلحة حديثة يشكل تهديدا مباشرا لـ روسيا .

وعلى خط التوتر بين روسيا وأوكرانيا، أجرى الجيشُ الروسي، تدريباتٍ عسكرية، في منطقة كاداموڤيسكي الواقعة على بعد أقل من خمسين كيلو متراً من الحدود الأوكرانية. وأفادت وزارة الدفاع الروسية، بأن أكثر من ألف عسكري روسي شاركوا في هذه التدريبات، ضمن وحدات الجيش الروسي الجنوبي.

هذا ويتساءل خبراء ومحللون حول إمكانية شنّ موسكو لهجوم مع حلول برد الشتاء القاسي في هذه المنطقة، وبمواجهة جيش أوكراني تمرس في القتال على مدى أكثر من سبع سنوات من النزاع المسلح مع الانفصاليين الموالين لروسيا في شرقي البلاد، وبالتالي، فإن مواجهة مسلحة روسية أوكرانية قد تسفر عن حصيلة بشرية ومالية باهظة.

صرخة أخيرة

في إشارة إلى الجارة الأوكرانية، يقول بوتين «”إن الدولة التي تجاور روسيا من الجنوب وشعبها كانا جزءا لا يتجزأ من التاريخ والثقافة الروسيين، وانهيار الاتحاد السوفيتي في عام 1991 كان تفككا لروسيا التاريخية تحت اسم الاتحاد السوفييتي». تصريح يوضح بما لا يدع مجالا للشك برغبة الدب الروسي الذي يطمح لإعادة «روسيا التاريخية».

ولبحث التوتر مع الغرب، لن يجد بوتين صديقا أو حليفا أقوى من التنين الصيني، الذي يعيش هو الآخر خلافات يكبر يوما بعد يوم مع الغرب من جهة ووواشنطن من جهة ثانية، لذلك سيبحث بوتين ونظيره الصيني شي جين بينغ التوتر في أوروبا، وخطاب الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي “العدواني”، في مكالمة فيديو غداً (الأربعاء).

في صرخة ربما تكون الأخيرة من وزير خارجية أوكرانيا للغرب، مؤداها ضرورة الرد على روسيا بالقوة وليس بالاسترضاء، لأنه وببساطة فإن حديث بوتين الحالم بعودة «روسيا التاريخية» عن وقف تمدد الناتو شرقاً مقابل وقف عدوانه على أوكرانيا محض حُلم، فحيادية الأخيرة كما يعلن لن توقف شهوة غزوه.

عقوبات على الطاولة

في المقابل، تلوح واشنطن وعواصم أوروبية بسلاح العقوبات، وفي محاولة لتطويق التحركات الروسية، يسعى الاتحاد الأوروبي بالتنسيق مع بريطانيا والولايات المتحدة إلى وضع خيار العقوبات على الطاولة.

حزمة عقوبات جديدة، من شأنها وفق الغرب، ردع أي خطط لعدوان روسي على أوكرانيا. فهل تنجح العقوبات أو التلويح بها، بردع موسكو؟ وهل سيتجه الأوروبيون إلى قطيعة مع روسيا في ظل الخلافات القائمة؟ تقول المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، إن حلفاء واشنطن من دول الناتو في شرق أوروبا، يدرسون خيارات عدة، من بينها نشر قوات في المنطقة، في حال غزت روسيا أوكرانيا.

جدير بالذكر أنه سبق لموسكو وأن حشد في إبريل/ نيسان الماضي عشرات الآلاف من جنودها ومعداتها العسكرية على الحدود المشتركة، ما أثار مخاوف كييف والغرب من وقوع غزو لم يحصل في نهاية المطاف. وفي ظل استمرار التوتر بين موسكو وكييف تزداد المخاوف الأوكرانية من إمكانية قيام روسيا بغزوها وضم إقليم دونباس كما فعلت عام 2014 وضمت القرم.

ربما يعجبك أيضا