رجل فلسطين الجديد فى واشنطن

أميرة رضا

ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح

جلس حسام الزملوط, وهو مستشار رفيع لرئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس, على أريكة في بهو فندق "جراند بارك"الفخم في رام الله عصرًا, وسط جدول مزدحم باللقاءات. كان على زملوط أن ينجز الكثيرمن الأمور قبل أن يسافر لشغل منصبه الجديد كسفير لفلسطين في واشنطن, اعتبارا منالأول من إبريل.
الداخل– غزة, ومخيم اللاجئين, وجامعة بيرزيت- وصولاإلى  الخارج– سياسة المهجر ومنظمة التحرير الفلسطينية." عاد زملوط في نهاية المطاففي عام 2010 إلى "الداخل", في الضفة الغربية تحديدا, حيث عُينه عباسورئيس الوزراء الفلسطيني في وقتها, سلام فياض, في عدة مناصب, أولها في قسمالعلاقات الخارجية في حركة فتح, وبعدها مباشرة في مكتب الرئيس, حيث عمل كمبعوثدولي خاص للرئيس, وفي وقت لاحق, تولى منصبة الحالي كمستشار إستراتيجي للشؤونالمحلية والأجنبية.

يؤكد زملوط مرارا وتكرار على علاقته الوثيقة مع عباس, موضحا أنهسيحتفظ بلقبه كمستشار إستراتيجي, وبمكتبه في المقاطعة حتى أثناء عمله في واشنطن. فيالحقيقة, ظهرت الإشارة الأبرز على تنامي دور زملوط في الخريف الماضي, حيث تم انتخابه,بتوصية قوية من عباس, في المجلس الثوري لفتح, وهو بمثابة الجسم التشريعي للحركة, بعدأن حلّ في المرتبة السادسة من حيث عدد الأصوات التي حصل عليها.

قال زملوط، " لقد ساعدني عملي لصالح الرئيس خلال السنواتالقليلة الماضية, وعلاقتي الوثيقة به, على فهم منطقه وإستراتيجيته, وعلى حصولي علىقناة اتصال مباشرة معه, هذه الثقة التي منحني إياها الرئيس تعتبر أمرا مهما في واشنطن".    
         
وكما هو الحال دائما مع أي شأن فلسطيني, برزت على الفور المقارنة معإسرائيل, حيث ذكر زملوط الرجل الشهير بلقب "عقل نتنياهو"- والمقصود سفيرإسرائيل القوي لدى واشنطن. " علينا أن نتذكر أن (رون ديرمير) هو صديق مقرب مننتنياهو, وكل سفير إسرائيلي لدى واشنطن يجب أن يكون لديه اتصال مباشر مع رئيس الوزراءالإسرائيلي."

بعيدا عن الأجواء المتفائلة, يدرك زملوط جيدا حجم التحدي الذي ينتظرهفي واشنطن. فهناك, بالطبع, تباين في حجم وعمليات الجانب الفلسطيني, مقارنة مع قوةالحضور الإسرائيلي, حيث لا يُطلق على السفارة الفلسطينية رسميا اسم سفارة, لكنيطلق عليها اسم بعثة منظمة التحرير الفلسطينية لدى واشنطن, التي يبلغ عدد موظفيها12 موظفا. علاوة على ذلك, هناك, كما يسميها زملوط, " الأفكار المسبقة عنالفلسطينيين, والصعوبات في الكونجرس" يدرك زملوط جيدا أن الدعم المقدملإسرائيل هو أمر مسلم به بالنسبة لمعظم المشرّعين في مبنى الكونجرس. " الوضع يختلف تماما فيما يتعلق بالفلسطينيين… لو كنت سياسيا مؤيدا للفلسطينيين, فإن ذلكسيكون بمثابة انتحار سياسي لك."

زملوط محق في تلك النقطة تحديدا. " السلطة الفلسطينية مازالت لاتتمتع بشعبية في الكونجرس" حسبما أخبرني خبير سياسي مطلع متخصص في شؤون الشرقالأوسط. حيث يثير الكونجرس من حين إلى آخر فكرة سحب التمويل الأمريكي المقدملوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة, وليس من قبيلالصدفة أن هذه هي نفس الوكالة التي ترعرع زملوط في ظلها في غزة. تؤكد الحكومةالإسرائيلية وحلفاؤها في واشنطن مرارا وتكرار على مسألة التحريض على العنف في المدارسوالمساجد الفلسطينية. في الوقت الحالي, يناقش الكونجرس قانونا يوقف بموجبه تمويلالسلطة الفلسطينية, في حال واصلت دفع مرتبات لإرهابيين فلسطينيين مسجونين, أولعائلات الإرهابيين الميتين. كيف سيعالج زملوط تلك القضية المثيرة للجدل.

"بمصداقية, وبصورة شرعية, وبصراحة"أجاب زملوط على الفور, مستخدما سيلا من المرادفات- من دون الدخول في تفاصيل حقيقية." أنا لم أذهب هناك لكي أكون متصلبا عنيدا- مثلما يحدث على التلفاز, حيث يكثرالمتحدثون من الكلام ولا يستمعون- أو أن أبدو كما لو كنت راغبا في حلّ كل الشواغلالتي تقف في طريقي… سأكون صريحا, وسأذكر الحقائق كما هي: لماذا نملك هذه الآلية,وما الغرض منها, وما الضير من تغييرها. وكيف نتأكد من معالجة بعض الشواغل الشرعية,من دون إلحاق الأذى بطموحاتنا, وشواغلنا, واحتياجاتنا الشرعية."

إذا نحينا الكونجرس جانبا, سنجد أن هناك مجالات خصبة أخرى تتيح فرصالزملوط. فهو شخصية معروفة جيدا بالفعل داخل الأوساط السياسية في واشنطن, حيث يسافرعدة مرات للولايات المتحدة كل عام من أجل عقد لقاءات في المراكز البحثية, ويلقيخطبا في الجامعات والمؤتمرات- بما في ذلك المؤتمرات التي تنظمها مؤسسات يهوديةيسارية مثل "جي ستريت" و " هآرتس". ومن مكتبه في رام الله, يتمتعزملوط بالفعل بحب المؤسسات الصحفية الدولية. إن حضور زملوط في واشنطن سيسهم فيتسليط الضوء على الفلسطينيين, حيث يكاد يكون وجودهم الرسمي منعدما. وحسبما أخبرنيأحد الخبراء المخضرمين المطلعين على دهاليز السياسة في (الكونجرس):" أنا لااعرف حتى اسم السفير الفلسطيني الحالي لدى واشنطن. لم أسمع عنه قط, ولم التقيه أبدا"    
              
العلاقات العامة هي أحد الأمور المهمة, لكن ماذا عن ما تخبئه إدارة ترامب للإسرائيليينوالفلسطينيين؟
خلال مؤتمره الصحفي في البيت الأبيض مع نتنياهو في شهر فبراير, صرّحترامب, بصورة ارتجالية تقريبا, بأنه " أدرس حل الدولتين, أو الدولة الواحدةللصراع, وأنا أفضّل الحل الذي يرتضيه الطرفان." مع ذلك, لم تتخل إدارة ترامبحتى الآن عن السياسة الأمريكية القديمة المتمثلة في حل الدولتين للصراع, وهو موقفيدعمه زملوط, وعباس, والسلطة الفلسطينية على نحو مستمر (وهو ما يزال السياسةالرسمية لإسرائيل أيضا, بالرغم من فتور حماستها تجاهه مؤخرا). "كل الحلولالأخرى غبية وسوداوية" قال زملوط صراحة. " هذه الخيارات ستقودنا إلىمواجهة, وسفك للدماء, ومعاناة في كلا الجانبين."   
   
يمتلك زملوط وضوحا في الأهداف. فمن خلال محاولة  " إعادة تحديد الخطاب" المتعلق بالصراعالإسرائيلي-الفلسطيني في واشنطن, يأمل الفلسطينيون في تحويل مسار السياسةالأمريكية أكثر لصالحهم. " ما سمعناه من إدارة ترامب عدة مرات هو أنه سيسعىلحل يكون فيه الكل فائز" قال زملوط. " هذا يتطلب تدخلا أمريكيا مختلفاعن الماضي. هذا يتطلب أن تكون أمريكا عامل توازن."
هذه ليست مهمة سهلة, وفي الحقيقة, سيعتمد الكثير على الفلسطينيينأنفسهم وعلى خياراتهم السياسية. " قد يكون زملوط قادرا على تيسير الأموروإحراز تقدم من الناحية الخطابية, لكن ما يهم فعلا هو ما يقوله ويفعله عباس" حسبمايوضح خبير "الكابيتول هيل" المخضرم. " إذا واصلت السلطة الفلسطينيةإفساد الأمور, فإن زملوط سيكون بطة عرجاء."  

في الوقت الراهن, مع ذلك, يأمل زملوط في أن هناك ريحا جديدة تهب فيواشنطن, وأن ترامب لن يترك الطرفين لمصيرهما, وسيؤدي دورا نشطا، حيث يقول زملوط" أشعر بأن الرئيس ترامب يرغب في التوصل لاتفاق سلام أكثر من نتنياهو بمراحلكثيرة"، مضيفا "إن الحضور الأمريكي القوي هو أمر ضروري, نظرًا إلىاختلال ميزان القوى بين إسرائيل والفلسطينيين".

"هل يتعين علي أن أذكر لك مئات الأمثلة عن وضع الذئب مع الحمل فىغرفة واحد و توقع أن يخرج الحمل من هذه الغرفة سليما؟"
حسام زملوط ليس حملا. لكن هناك الكثير من الذئاب التي تنتظره فيواشنطن.   

المصدر – بوليتيكو

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا