لماذا قد يُصبح مايك بينس رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية؟

أميرة رضا

ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح

يسعى معظم نواب الرؤساء في الولايات المتحدة جاهدين للبقاء في "دائرة اتخاذ القرار". لكن نائب الرئيس "بينس" كان محظوظا جدا ببقائه خارج دائرة اتخاذ القرار فيما يتعلق بقضية بالغة الأهمية.

 فبالرغم من أن وزارة العدل نبّهت البيت الأبيض إلى وجود مشاكل مرتبطة بتعيين "مايك فلين" مستشارا للأمن القومي في بداية شهر يناير, إلا أن أحدا لم يكلف نفسه عناء إبلاغ "بينس" بما يجري. حتى أن "فلين" كذب على "بنس" بشأن اتصالاته التي أجراها مع روسيا, وهو ما أدى إلى إقالة "فلين" من منصبه في نهاية المطاف.

أزمة فلين-بينس جعلت "بينس" يبدو بريئا مقارنة مع بقية المسؤولين في إدارة ترامب. لذا عندما أُعلن أن نائب الرئيس عيّن محاميا خاصا لمساعدته على اجتياز العديد من التحقيقات الصعبة التي تحاصر البيت الأبيض, اعتبر المراقبون ذلك مجرد استجابة روتينية لتحقيق قانوني, خلافا لمسؤولين آخرين في الإدارة قاموا أيضا بتعيين محامين شخصيين.

لم نعد نرى "بينس" كثيرا هذه الأيام. أين هو؟

خلال الأسبوع, يقضي "بينس" وقتا طويلا في التعامل مع الكونجرس. وبصفته عضوا سابقا في الكونجرس, تولى "بينس" بالنيابة عن إدارة ترامب مهمة التعامل مع كل القضايا المطروحة في الكونجرس. في الواقع, يمتلك "بينس" مكتبا في مجلس النواب, إلى جانب مكتب مجلس الشيوخ المخصص تقليديا لنائب الرئيس. كما أنه يتحدث بانتظام إلى رئيس مجلس النواب "باول راين" وزعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ "ميتش ماكونيل".   

عندما لا يقوم "بينس" بمهام الرئيس في الكونجرس, يسافر إلى جميع أرجاء البلد للمساهمة في الحملات الانتخابية لصالح المرشحين الجمهوريين للكونجرس. وقد شارك بالفعل في عدد من الانتخابات الخاصة المهمة لهذا العام, ولديه جدول أعمال حافل ينتظره هذا الصيف. ومع تزايد مشاكل الرئيس, سيصبح "بينس" الرجل الذي سيحاول إنقاذ أعضاء الكونجرس المعرضين لخطر خسارة مقاعدهم. فإذا بقى ترامب خاضعا للتحقيق واستمرت شعبيته في الهبوط بحلول العام المقبل, فسيكون بينس, وليس ترامب, هو واجهة الإدارة في الحملات الانتخابية. الأمر نفسه حدث في عام 1997 عندما خضع الرئيس بيل كلينتون للتحقيق بسبب فضيحة "لوينسكي". حيث حل نائب الرئيس "آل جور" محل الرئيس المشكوك في أمره أثناء الحملات الانتخابية.

وخلافا لترامب, يحظى بينس بعلاقات وثيقة داخل الجناح المحافظ في الحزب الجمهوري. حيث يعتبر مؤيدو شبكة "الأخوة كوش" المتنفذة "بينس" رجلهم داخل الإدارة الأمريكية.

وعندما لا يعمل "بينس" مع الكونجرس أو لا يروّج للمرشحين الجمهوريين, نجده يتحدث باسم السياسة الخارجية الأمريكية, مطمئنا حلفاءنا في الناتو ومنتقدا التوسّع الروسي. وهو يدافع بانتظام عن الرئيس فيما يتعلق بشؤون السياسة الخارجية, مرددا رسالة الرئيس بشأن جعلْ أمريكا عظمية مرة أخرى.

يبدو أن نائب الرئيس "بينس" يعتقد أن هناك لحظات في الحياة يحقق فيها المرء نجاحا من خلال عمل الخير. وبفضل كونه جنديا مخلصا يساعد رئيسه في القضايا العالقة مع الكونجرس, بات "بينس" يبني علاقات وثيقة مع الأعضاء الجمهوريين في الكونجرس, حيث يحظى هناك بحب الأعضاء.

ولما لا يحظى بحبهم؟ فهو محافظ  ومسيحي عتيد, ووفقا لما قاله هو نفسه, فقد كان منتسبا ل"حزب الشاي" قبل أن يحظى هذا الحزب بشعبية. علاوة على ذلك, وكما يشير جيمس هومان الصحفي في جريدة الوشانطون بوست, فإن "بينس" هو نقيض ترامب. فهو رجل لا يقبل أن يتناول العشاء بمفرده مع امرأة ليست زوجته- ناهيك عن التحرش بالنساء. وهو رجل لا يهين الناس, وقارئ للدستور. ولا يظن أحد أنه سوف يُدخلنا في حروب. لقد ذكر زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ "كونيل" ذلك بطريقة أكثر دبلوماسية, عندما قال:" أظن أننا جميعا نتفق على أن (بينس) لديه شخصية مختلفة عن الرئيس, ويتبنى مواقف وسطية حيال كل الأمور. هو شخص عظيم ورائع."

إن إعجاب الكثيرين بمايك بينس يستند إلى الرغبة في إعادة منصب الرئاسة إلى وضعه الطبيعي.

بحلول شهر يناير 2019, سينعقد الكونجرس الجديد. وفي حال استمرت الانماط التاريخية المعهودة ( دائما ما يخسر حزب الرئيس بعض المقاعد في الانتخابات التي تجري خارج موسم الانتخابات الرئاسية) فسيكون هناك عدد أقل من الجمهوريين في الكونجرس. إذا فشل ترامب في إدارة الأمور بشكل جيد, فستشهد انتخابات عام  2018 هبوط نسبة إقبال الجمهوريين على صناديق الاقتراع, وعودة النشاط إلى الحزب الديمقراطي, مما سيؤدي إلى استعادة الديمقراطيين للأغلبية في مجلس النواب.

بصرف النظر عن نتائج انتخابات الكونجرس المقبلة, فإن الجمهوريين في الكونجرس القادم سيجمعهم أمر واحد. فكلهم سيعرفون مايك بينس. بعض منهم سيتعرفون عليه من خلال العمل التشريعي. والبعض الآخر سيعرفوه- وسيكونون مدينين له- لأنه ساعدهم في الحفاظ على مقاعدهم. ماذا قد يعنيه ذلك بالنسبة لمستقبل الإدارة؟ من الجدير بالذكر أن أعضاء مجلس النواب يصوّتون على مواد عزل الرئيس, وأعضاء مجلس الشيوخ يعقدون محاكمة لإدانة الرئيس الذي تعرض للعزل. إن عملية العزل تعتبر حدثا مؤلما في حياة أي حزب سياسي, لكن وجود بديل شعبي جاهز يخفف من تلك الصدمة.
 
المصدر – مركز بروكينجز

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا