السعوديون يلاحقون الإخوان المسلمين .. وتركيا في الطريق

أميرة رضا

ترجمة بواسطة – آية سيد

بالاستماع إلى دونالد ترامب وهو يتحدث خلال زيارته للشرق الأوسط نرى الشرق الأوسط ينقسم إلى معسكرين متعارضين ومن الواضح أي واحد منهم يأوي الأخيار.

لم يمض الكثير من الوقت لكي يُفضح زيف ذلك المفهوم علنًا. في غضون أسبوعين من مغادرة الرئيس اندلعت أزمة بسبب قطر وتسببت في خلاف بين حلفاء الولايات المتحدة. والأكثر من ذلك أوضحت إنه لا يوجد تكتلان فقط للقوة في المنطقة. وإنما يوجد ثلاثة على الأقل.

على ما يبدو يتمتع التحالف الذي تقوده السعودية بدعم ترامب الكامل. تقود إيران ائتلافًا من أعداء أمريكا. لكن هناك تكتل ثالث فضفاض ومن الصعب تصنيفه يكمن في قلب النزاع الدائر في مستودع النفط العالمي. إنه يضم قطر التي تستضيف قاعدة عسكرية أمريكية كبيرة وتركيا عضو الناتو والجماعة التي لا تتبع أي دولة، المحاصرة والصامدة التي تدعمها الدولتان: جماعة الإخوان المسلمين.

إن الحركة الإسلامية الموجودة منذ 90 عامًا على عداء مع السعودية وغيرها من الممالك الخليجية منذ الثورات العربية التي اندلعت في بداية هذا العقد, عندما تولت السلطة لفترة قصيرة عقب الفوز بالانتخابات في مصر، وبدت عازمة على تكرار الفوز في دول أخرى.

قال شادي حامد الزميل في مؤسسة بروكجنز والذي عمل في المركز التابع للمؤسسة في الدوحة، "إنهم يرون الإخوان الحركة المنظمة العابرة للحدود الوحيدة التي تقدم نموذجًا مختلفًا من النشاط السياسي والشرعية. إنهم يرون هذا تهديدًا. لهذا السبب جماعة الإخوان المسلمين مسببة للخلاف بشدة. لإنها تقتنص هذا الانقسام الأساسي حول الربيع العربي."

عدم احترام

كانت تلك الأجندة واضحة في المطالب المقدمة إلى قطر. بعد وضعها تحت حصار جزئي طُلب من الدولة الصغيرة الغنية بالغاز أن تقطع علاقتها بإيران وتُنهي دعمها المزعوم لتنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، وهما التنظيمان اللذان يحتلان قمة معظم قوائم الإرهاب الغربية.

لكن طُلب منها أيضًا أن توقف دعمها لجماعة الإخوان التي لا تصنفها الدول الغربية جماعة إرهابية؛ وأن تُغلق قناة الجزيرة الموالية للإخوان؛ وأن تطرد القوات التركية من قاعدتها الجديدة في قطر.

رفضت قطر الإنذار النهائي لكنها ستقدم ردًا رسميًا ،يوم الإثنين، بعد أن وافق الائتلاف الذي تقوده السعودية على مد المهلة يومين لكي تلبي قطر المطالب.

وعدت تركيا بتقديم الدعم للإمارة المحاصرة وسارعت بإصدار قانون يسمح بنشر عدد رمزي من الجنود، وأقامت تدريبًا عسكريًا مشتركًا بالقرب من العاصمة القطرية الدوحة. تُعد المطالب تعديًا على السيادة القطرية، والحديث عن إجلاء القوات التركية يتسم بـ"عدم الاحترام" بحسب ما قال الرئيس رجب طيب أردوغان.

قطر مثل حلفائها الخليجيين الذين تحولوا إلى خصوم السعودية والإمارات نظام ملكي استبدادي. إنها لا تسمح للجماعات السياسية مثل الإخوان بالتدخل في شئونها الخاصة, حتى في الوقت الذي تدعمهم في الدول الأخرى. لكن أردوغان بصفته رئيس إسلامي منتخب، يحظى بتقارب أعمق. يرى حزبه الحاكم إنه نتاج لنفس القوى الديموغرافية التي جلبت الإخوان إلى السلطة في مصر في ذروة الربيع العربي.

تركيا مستهدفة

هذا أحد الأسباب التي تجعل عمرو دراج يعيش الآن في إسطنبول. لقد كان وزيرًا للتخطيط في حكومة الإخوان في مصر. بعد الإطاحة برئيسها محمد مرسي، على يد الجيش في 2013 وسط إحتجاجات حاشدة ضده زُج بالكثير من قيادات الإخوان في السجن. غادر دراج – إلى قطر. ثم انتقل إلى تركيا حيث يرأس المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية في يني بوسنا، إحدى ضواحي إسطنبول.

يقول دراج أن الحكومة التركية استقبلته بحفاوة، وهي الحكومة التي عارضت بشدة الانقلاب في مصر – تمامًا مثلما رحبت به السعودية. عندما تعرضت قطر لضغوط لكي تقطع علاقتها بالإخوان في 2014، وهو العام الذي أدرجتهم فيه السعودية والإمارات جماعة إرهابية، حظت الدولة الخليجية بالدعم التركي. مثلما تفعل الآن.

قال دراج "تقف تركيا مع قطر لإنه يوجد اعتقاد بإنه إذا استسلمت قطر أو سقطت, سوف تصبح تركيا مستهدفة." إذا غيرت الدولتان مسارهما "سوف تكون على الأرجح نهاية الحركات الإسلامية المعتدلة في المنطقة لفترة من الزمن."

من الواضح من سيأخذ مكانهم, وفقًا لياسين أقطاي، المشرع في حزب أردوغان الذي كان الشخص المحوري في التعاملات مع الإخوان. قال في حوار أن الجماعة "تمثل الديموقراطية الإسلامية. وإذا طردتها خارج عالم الديموقراطية, إذن سيكون عليك التعامل مع جماعات مثل تنظيم الدولة الإسلامية."

الوجهة المقبلة

طبعًا السعودية وحلفاؤها لا يوافقون على أن الإخوان جماعة معتدلة. وصفها وزير الداخلية السعودي ذات مرة بإنها "مصدر الشر" في المملكة. سجنت الإمارات عشرات الأشخاص بتهمة العمل باسم الجماعة للاستيلاء على السلطة.

قال غانم نسيبه مؤسس كورنرستون العالمية للاستشارات أن جماعة الإخوان "يُنظر لها على إنها تنظيم يتدخل في شئون الدول الأخرى من خلال الخلايا السرية والإرهاب."

في الأسابيع الأولى لها، ثمّنت إدارة ترامب فكرة الاقتداء بالسعودية وتسمية الإخوان جماعة إرهابية. لكنها لم تفعل ذلك. أخبر وزير الخارجية ريكس تيلرسون لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الشهر الماضي أن عناصر من التنظيم إنضموا لحكومات في بعض الدول و"فعلوا ذلك من خلال نبذ العنف."

أظهرت الجماعة علامات على التفتت منذ الانقلاب في مصر، الذي أعقب عام من الحكم الإخواني الفوضوي، يقول المحللون أن بعض الأعضاء المنشقين نفذوا هجمات على قوات الأمن المصرية.

يقول دراج إنه إذا كانت هناك انقسامات, فإنها ليست حول استخدام القوة وإنما سؤال كيف كان يمكن أن تسير الأمور بطريقة مختلفة عندما فتحت ثورة 2011 الطريق إلى السلطة. قال إنه كانت هناك فرصة للتخلص من الدولة الأمنية الفاسدة القديمة وتأسيس ديموقراطية مدنية. 

"نزل ملايين الأشخاص إلى الشوارع، لقد أرادوا التغيير." لكن "لأن الإخوان ليست حركة ثورية وإنما حركة تدريجية وإصلاحية إتبعت أجندة الجيش" – ودفعت ثمنًا باهظًا.

هذه التساؤلات مألوفة لدى أردوغان الذي يخوض صراعًا مع جيش تركيا العلماني منذ أن تولى السلطة في 2003. لقد نجا من محاولة انقلاب منذ عام. مدحت الحداد القيادي الإخواني المصري المقيم في إسطنبول, يتذكر ليلة 15 يوليو 2016 جيدًا. عندما ظلت السلطة معلقة واختفى أردوغان عن الأنظار لعدة ساعات قال "كنا نفكر الجالية المصرية والعرب بشكل عام, في وجهتنا التالية."

"لست في مستواي"

إن التعاطف الأيدولوجي ليس السبب الوحيد لعلاقات تركيا بقطر أغنى دولة من حيث دخل الفرد. كانت قطر ثاني أكبر مستثمر أجنبي في تركيا في الأربعة شهور الأولى من هذا العام؛ حصلت شركاتها على أسهم في الصناعات المصرفية والإذاعية والدفاعية.

مع هذا, عندما يتعلق الأمر بالتجارة السعودية والإمارات لهما أهمية أكبر. لقد قامتا بشراء صادرات تركية بقيمة 8,6 مليار دولار العام الماضي أي 20 ضعف ما تشتريه قطر تقريبًا.

لعل هذا هو السبب في أن دعم أردوغان لقطر لم يكن مصحوبًا بخطاب قاس تجاه السعوديين. إنه قادر على انتقاد الزعماء المسلمين الآخرين الذين يتصرفون بطريقة تزعجه. لقد انفجر غاضبًا في رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي العام الماضي وسط خلاف حول تواجد القوات التركية في الدولة المجاورة " لا تحاورني, أنت لست في مستواي. أنت لست مثلي."

على النقيض, حتى عند انتقاد معاملة قطر في الأسابيع الأخيرة أشار الرئيس التركي باحترام إلى الملك السعودي سلمان بـ"خادم الحرمين الشريفين" وهو لقب استخدمه الخلفاء العثمانيون لأربعة قرون.

إن تركيا مهمة للولايات المتحدة من كافة النواحي، بداية من استضافة قاعدة جوية رئيسية بالقرب من الحدود السورية إلى الإنضمام إلى مهام الناتو في أفغانستان وغيرها من المناطق. لم يُظهر أردوغان رغبة في الإنضمام إلى أي تكتل مناهض للسعودية. ولا يريد أيضًا الإنحياز إلى المملكة وقطع العلاقات مع قطر والإخوان.

وهذا يُظهر كيف أن الحملة السعودية ضد قطر, بتحريض من ترامب ربما زادت من ضبابية خطوط الانقسام في الشرق الأوسط – بدلًا من تكوين الجبهة الموحدة التي كان يريدها الرئيس.

عندما أغلق السعوديون الحد البري الوحيد لقطر, وهو الطريق الرئيسي للواردات الغذائية كانت تركيا واحدة من القوتين الإقليميتين التي عرضتا التدخل وإمداد الدولة بالغذاء خلال شهر رمضان، القوة الإقليمية الأخرى هي إيران.

المصدر: بلومبرج

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا