الأزمة القطرية ليست وليدة اليوم

أميرة رضا

ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح

دخل النزاع الجاري بين قطر وأربع دول عربية شهره الثاني, دون أن تلوح له نهاية في الأفق. يبدو أن الكثيرين في الغرب يجدون صعوبة في فهم أسباب قطْع السعودية, والإمارات العربية المتحدة, والبحرين, ومصر لعلاقاتها مع قطر في المقام الأول، ثمة فرضية شائعة آخذة في الانتشار تقول إن الرئيس دونالد ترامب مسؤول بطريقة ما عن أفعال تلك الدول، لكن هذا محض هراء، وفقًا لما نشرته مجلة "ناشيونال إنترست" في تقرير لها.

ويعود الخلاف بين قطر وجيرانها لسنوات مضت، حيث غُرست بذور هذا الخلاف في عام 1995، وذلك عندما انتزع "حمد بن خليفة آل ثاني" العرش القطري من والده خلال انقلاب أبيض.

وفي ظل حكم حمد, أُطلقت محطة "الجزيرة" التلفزيونية التي باتت مصدر إزعاج للكثيرين في المنطقة. كما أن "حمد" تربطه علاقات وثيقة جدا بأحد أبرز القادة الروحيين لجماعة الإخوان المسلمين, عالم الدين المصري المولد يوسف القرضاوي.  حظرت البحرين ومصروالسعودية جماعة الإخوان المسلمين, ووضعتها على قائمة الجماعات الإرهابية.

وازدادت حدة التوتر بين حمد وجيرانه في أعقاب "الربيع العربي" في عام 2011، حيث أزعج دعمه المتواصل لجماعات مثل الإخوان المسلمين الكثيرين في تلك الملكيات الخليجية.

وعندما تخلى حمد عن العرش في عام 2013، وسلّم الحكم إلى ابنه، تميم بن حمد آل ثاني، كان الكثيرون في المنطقة يأملون في أن تعود قطر إلى كنف دول الخليج. لكن هذا لم يحدث.

وبعد مرور عدة أشهر على صعوده للعرش, دخل تميم في خلاف دبلوماسي مع جيرانه. وكان السبب الرئيسي هو دعمه لجماعة الإخوان المسلمين في مصر. ما دفع السعودية, والإمارات, والبحرين لاستدعاء سفرائها من قطر في مارس عام 2013.

واستمر الخلاف لعدة أشهر, ولم يُحل إلا عندما وقّع الأمير تميم على اتفاق سري يُلزم قطر بتغيير مسارها. وبعد مرور ثلاث سنوات, وخروج الاتفاق للعلن, بتنا نعرف اليوم أن قطر لم تف بالتزاماتها مطلقا.

وهناك سبب آخر للتوتر الجاري اليوم، ويتمثل في دعم قطر المستمر للجماعات المتطرفة، فطالما قدّم أثرياء قطريون أموالا للمنظمات الإرهابية في عموم المنطقة، بينما غضت الحكومة القطرية الطرف عن ذلك.

ويفيد تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية نُشر الأسبوع الماضي أن: " الحكومة القطرية أحرزت تقدما في مكافحة تمويل الإرهاب, لكن ممولي الإرهاب داخل قطر مازال بوسعهم استغلال النظام المالي غير الرسمي لقطر." وهذا الأمر يجب أن يتوقف فورا.

ومن المعروف أن قطر توفر موارد كبيرة لحركة "حماس"، وهي جماعة فلسطينية تضعها الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي، ودول أخرى على قائمة المنظمات الإرهابية. كما دعمت قطر أيضا جماعات شريرة في سوريا, مثل "أحرار الشام" التي تربطها علاقات وثيقة بتنظيم القاعدة. أما في قطر نفسها، فقد عاش "خالد شيخ محمد"، العقل المدبر لهجمات الحادي عشر من سبتمبر, في قطر تحت حماية العائلة الحاكمة في الفترة بين عامي 1992 و 1996.

ويجب أن تثير هذه الممارسات قلق الدول العربية التي باتت تفرض الآن حصارا على قطر, كما يجب أن تثير قلق الولايات المتحدة أيضا.

وتحاول قطر أن تلعب على الحبلين. فهي تستضيف قاعدة جوية أمريكية كبيرة, ما جعلها شريكا مهما للولايات المتحدة في المنطقة. لكن لا يجب التسامح مع سجل قطر الطويل في زعزعة استقرار منطقة الشرق الأوسط.

ولا يزال هناك متسع من الوقت لقطر لكي تثبت أنها يمكن أن تؤدي دورًا بناءً ومثبّتا للاستقرار في المنطقة، يمكن لقطر أن تقتدي بسلطة عُمان في هذا الشأن.

فمسقط تحظى بعلاقات جيدة مع إيران, بينما تحتفظ بعلاقات وثيقة بجيرانها العرب السنّة والولايات المتحدة، والمهم أيضا أنها امتنعت عن تمويل الجماعات المتطرفة في ليبيا وسوريا. فعُمان لا تسمح مطلقا بوجود مثل تلك الأنشطة فوق أراضيها، وهي الدولة العربية الوحيدة التي لم ينضم مواطنوها لتنظيم داعش.

ويعتبر الاستقرار الإقليمي والوحدة بين العرب في مواجهة العدوان الإيراني أمرا ذا أهمية للولايات المتحدة. ولوقت طويل, أضرّت العديد من أفعال قطر بالمصالح الأمريكية في المنطقة.

ولم يكن الرئيس ترامب السبب في هذه الأزمة الحالية، لكن يمكن لقيادة أمريكا- بل ويجب عليها- أن تساعد في إنهاء تلك الأزمة، بطريقة تخدم المصالح الوطنية لأمريكا ولحلفائها الحقيقيين في المنطقة.

المصدر – ناشيونال إنترست 

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا