ما الذى سيحدث فى الساعات التى تعقب وقوع إنقلاب فى الولايات المتحدة؟

أميرة رضا

ترجمة بواسطة – آية سيد

يعتقد الجميع أن الحكومة الأمريكية لن يُسقطها أحد, صحيح؟ لا يفكر الناس حتى في عزل الرئيس عن منصبه بالقوة بنفس الطريقة التي سقط بها رؤساء بعض الدول الاخرى على مدار السنوات. حسنًا, تحدث بعض المصرفيين عن عزل فرانكلين روزفلت في ذروة الكساد الكبير, لكن الخطة لم تشهد أية نجاح.

لكن تخيل دولة أمريكية مجنونة, حيث ربح الرئيس الجديد, المعروف بإنه رجل أعمال صاحب نفوذ متقلب المزاج وغير نزيه, عقب عام ونصف من الصراع المرير للفوز في الانتخابات. يواجه هذا الرئيس معارك من الإعلام الذي يبغضه ويهاجمه باستمرار, وأجهزة مخابرات حكومته, وحركة احتجاجية ضخمة, ومعارضة تشكك في شرعيته, وأعضاء حزبه الذين يختلفون معه بشدة في بعض القضايا.

في الوقت نفسه, هذا الرئيس أحدث سابقة من نوعها بتعيينه لعدة جنرالات سابقين لكي يساعدوه في إدارة الحكومة. واحد من هؤلاء الجنرالات يحظى بدعم عالمي من نفس الوسائل الإعلامية التي تعارض الرئيس الجديد. إجمع كل هذا – تدني الشعبية, والاضطراب, والجنرالات, والعداء مع الدولة العميقة – وإذا كانت أية دولة أخرى, سوف تسأل إذا كان هناك انقلاب وشيك.

لا يظن الخبراء الذين يدرسون الانقلابات أن الانقلاب مرجحًا في الولايات المتحدة. أكدت ناتاشا إزرو, وهي محاضرة كبيرة في شئون الحكومة في جامعة إيسكس البريطانية ومعلقة على الاستبدادية, أكدت أن "الانقلاب مستبعد تمامًا." وافقها في نفس الشعور توم جينسبرج, الباحث في الانقلابات وأستاذ القانون في جامعة شيكاغو. لكنه أضاف, "نحن نمر بلحظة حيث من المناسب تمامًا التفكير في هذه الأمور."

مع الوضع في الاعتبار أن الانقلاب ليس مرجح الحدوث, ساعدني إزرو وجينسبرج في تخيل هذه الفرضية المجنونة. وهكذا إليك كيف سيسير الانقلاب:

الخطوة الأولى: الجميع يعارض الرئيس
جوزيف رايت, أستاذ العلوم السياسية المشارك في جامعة ولاية بنسلفانيا, وجد الفكرة كلها مجنونة جدًا لكي نناقشها بتعمق. أوضح إنه من أجل تواجد بذور الانقلاب, يتحتم أن يبدو هذا ممكنًا على الصعيد العالمي وإنه فكرة جيدة, لكن في واشنطن, الانقلاب ليس ممكنًا بالنسبة لأحد. تركز فكرته على الظروف النادرة والمعينة التي ربما تؤدي إلى انقلاب منطقي في الولايات المتحدة.

أخبرتني إزرو, "النوع الوحيد من الانقلاب الذي أتنبأ بأن يحدث في الولايات المتحدة هو شيء سيحدث خلف الكواليس حيث سيتفق كبار ضباط الجيش مع النخبة الجمهورية الرئيسية على أن ترامب يجب أن يتنحى, مما سيؤدي إلى استقالة ترامب." حسب منطقها, سيكون الجيش هو القوة التي تقف وراء الانقلاب, لكنه سيسلم السلطة على الفور لنائب الرئيس مايك بنس, أو – إذا ظل بنس مخلصًا لرئيسه – رئيس مجلس النواب بول رايان.

لكن ماذا إذا طلبوا من ترامب بلطف أن يتنحى, ولم يفعل؟

الخطوة الثانية: استنفاد جميع الخيارات الأخرى  
الكونجرس, المتحالف الآن مع الجيش في هذه الفرضية, سيكون لديه أدوات أخرى تحت تصرفه, مثل المحاكمة أمام البرلمان – وهي بطيئة ولا يعتمد عليها – أو الإعلان عن أن الرئيس لا يصلح للقيام بمهام منصبه وفق التعديل الخامس والعشرين. سيبدو الانقلاب خيارًا أفضل من هذا. من أجل حدوث هذا, سيكون الرئيس قد أشار إلى إنه لن يتنحى, حتى لو طُلب منه تقديم استقالته.

الآن حسب الافتراض, يمكن أن يُجبر ترامب على الرحيل بدون حدوث انقلاب. رغم كل شيء, سوف تنحاز المخابرات إلى الجيش إذا كان ترامب لا يتمتع بشعبية كافية لدرجة تخلق كل هذه المعارضة. سوف يحتاج ترامب لإحاطة نفسه بحرس رئاسي مخلص تحت سيطرته الخاصة بالكامل. (وقد فعل ترامب هذا بالفعل.)

أخبرني جينسبرج, "إذا اجتمع الجيش والكونجرس سويًا يمكنهم فعل أي شيء يريدونه." لكن بمجرد توفر خطة للإطاحة بالرئيس, أشار إلى أن المخططين سيحتاجون إلى أزمة طارئة على مستوى عالمي لكي يبرروا تعطيل الديموقراطية.

الخطوة الثالثة: الجيش يخبر ترامب إنه لم يعد رئيسًا
سيكون على ترامب فعل شيء يهدد الإنسانية لكي يحفز الثورة. ذكر جينسبرج, "حرب نووية مع الصين أو شيء من هذا القبيل." بشكل أساسي, سيكون على ترامب بدء حرب عالمية لم يرغب بها أحد. سيكون الانقلاب – إذا نجح – محاولة لكي نُظهر للعالم أن هذا لم يعد رجلنا.

هذا يعني أن أولئك الذين ينفذون الانقلاب سيكون عليهم أن يُظهروا للعامة إنهم أكثر عقلانية ومنطقية من ترامب. سيكون عليهم أن يمثلوا الاستقرار والنظام, لأن الأمر برمته سيجعل الأمريكيين غاضبين جدًا.

الخطوة الرابعة: مخططو الانقلاب يحاولون الحصول على دعم أمريكا
قال جينسبرج أن قادة الانقلاب سيوعدون – في البداية على الأقل – بالعودة السريعة إلى الديموقراطية. أخبرني, "هناك احترام للدستور," وأن أي جنرال سيمثل الانقلاب سيخبر الشعب الأمريكي, "نحن مجرد نظام مؤقت, لكي نضع الأمور في نصابها الصحيح." في أغلب الأحيان تعلّق الانقلابات في البلاد الأخرى الدستور, أو تعيد كتابته, لكن القائد الذي سيؤيد تعليق دستور أمريكا "سوف يواجه ردًا عنيفًا."

وفقًا لإزرو, "في اليوم الذي سيُعلن فيه عن انقلاب, سيكون على مخططي الانقلاب أن يسيطروا على وسائل الإتصال أولًا ويخبروا بوضوح عبر الراديو والتلفاز بأن انقلاب حدث."

بينما تترسخ فكرة الانقلاب في عقول الشعب الأمريكي, ربما يكون هناك قمع للإعلام, مع تدقيق الجيش في الإتصالات بطرق أكثر وضوحًا من المعتاد, وربما يجعل تواجدته على الإنترنت معروفًا – لكن على الأرجح لن يُغلق الإنترنت. وفقًا لجينسبرج, "قد يكون صديقك, بالطبع, لإنك يمكنك أن تكتشف من هو عدوك عن طريق مراقبة حركة الإتصالات." في أي من الحالتين, إذا كنت من مخططي الانقلاب, سوف ترغب في معرفة ما يقوله الناس والسيطرة عليه لكي "تمنع الإعلام من حشد الناس ضدك."

الخطوة الخامسة: رد فعل عكسي من أنصار ترامب
حتى الآن, كنا نتحدث عن عملية بدعم شعبي. لكن تغيير النظام لكن يكون منظمًا هكذا, والكثير من الناس سيرون الانقلاب كاستحواذ على السلطة – وهو سيكون كذلك, طبعًا. ربما يعارض بعض الأشخاص الانقلاب لأن الانقلابات سيئة, بينما سيبقى آخرون موالين للرئيس بدافع حبهم لشخصه. بحسب إزرو, "في الانقلابات التي يكون هناك بعض الاضطراب والعنف, يمكن أن تكون هناك محاكمات وإعدامات للمحاسيب والمقربين."

بحسب جينسبرج, يحتاج الجيش للتفوق على النظام القضائي على جميع المستويات الممكنة. "قد يقرر بعض القضاة الفيدراليين تقديم أمر مثول أمام القضاء وأن الرئيس ينبغي أن يخرج من السجن, ثم ستبدأ المنافسة مرة أخرى." وأشار إنه فوق كل هذا, "يوجد عشرات الآلاف من أقسام الشرطة, والتي لديها سلطة استخدام القوة, و50 حكومة ولاية مختلفة, والتي عليها تفويضهم لفعل ذلك."

طالما تدعم المحاكم الانقلاب, فإن مؤيدي ترامب الذين سينزلون للشوارع ويمارسون حقهم بموجب فهمهم للتعديل الثاني – تشكيل ميليشيا ومقاومة طغيات الحكومة – ليس لديهم أية فرصة للنجاح. تكون الحكومة الفيدرالية مترددة عادةً في استخدام القوة ضد الجماعات المسلحة مثل ميليشيا بوندي, لكن تلك الجماعات لا تشكل تهديدًا وجوديًا على النظام المهيمن. قال جينسبرج, "إذا كان حقًا موقف يشمل خطورة عالية حيث اعتقدوا أن نظامهم في خطر, سيكونوا في ورطة."

الخطوة السادسة: ترامب يرتب مواجهته الأخيرة
في هذه الحالة, ربما يكون ترامب ثريًا بما يكفي لتعيين مرتزقة للقتال من أجله, والتأييد الذي يحظى به بين أفراد الجيش يشير إلى إنه سيحظى ببعض الجنود المدربين المستعدين للإنضمام إلى أي جهد مناهض للانقلاب. لكن إذا إتحد كبار الضباط ضد ترامب, فإن قوته المقاتلة, أيا كان أفرادها, سوف تستسلم في النهاية.

أخبرتني إزرو, "إذا تمسك القائد بالسلطة, فإنه يلقى حتفه في العادة. إذا لم يحدث إغتيال, يكون هناك إنذار نهائي يسمح له بترك منصبه وعيش حياته في المنفى, إذا كان مستعدًا للتنحي بطريقة سلمية."

يختلف جينسبرج حول المنفى: "عندما تقوم بانقلاب, تريد أن تعزل القائد تمامًا, وتريد أن يكون تحت سيطرتك. لا اعتقد إنه سيكون هناك سببًا لنفيه في الولايات المتحدة." بدلًا من هذا, إذا كان الرئيس لا يزال على قيد الحياة, "سيكون عليك إتهامه ببعض الجرائم وحبسه."

الخطوة السابعة: النظام الجديد يحاول حكم الدولة
وفقًا لأبحاث إزرو, شهدت أمريكا الشمالية والجنوبية 145 انقلابًا, وكانت نسبة نجاحهم 48,3 في المائة. تتراوح نسبة النجاح في القارات الأخرى عند 50 في المائة, ما عدا أوروبا, حيث نجح 33,3 في المائة فقط من الانقلابات. قالت, "الانقلاب في بلد لم يشهد انقلابًا من قبل قد يسبب الكثير من الاضطراب والإحتجاج ضد مخططي الانقلاب."

إذا كان ناجحًا, حسب قولها, سوف تتشكل حكومة فاعلة, لكنها "في العادة تستغرق عدة أسابيع."

تلك الأسابيع العديدة الممتلئة بالفوضى, بالإضافة إلى المشهد الصادم لرئيس يُنفى أو يُسجن أو يُقتل في المعركة, والحملات المشددة على وسائل الإتصالات, والخروج عن قرنين من الانتقال السلمي للسلطة, والصراعات القائمة على الأرض بين داعمي الانقلاب ومن يعارضونه, ستكون جميعها كارثية على البلاد, وربما أسوأ من أي شيء قد يفعله رئيس. الأمر الجيد هو أن أي من هذا لن يحدث!
 
المصدر – فايس

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا