لماذا تقوم قطر ببناء قوة جوية ضخمة؟

أميرة رضا

ترجمة بواسطة – بسام عباس

بدأت قطر -تلك الدولة الخليجية الصغيرة- في بناء قوة جوية هائلة لغرض غير واضح، وقد جاءت آخر تطورات هذا الوضع في سبتمبر، عندما وقع وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون، ووزير الدفاع القطري خالد بن محمد العطية، رسالة نوايا لشراء 24 طائرة "يوروفايتر تايفون" من لندن.

وجاء ذلك بعد أن أعلنت قطر عن صفقة لشراء 36 طائرة بوينغ F-15 المتطورة من الولايات المتحدة مقابل 12 مليار دولار. وفي عام 2015 وقعت قطر صفقة بقيمة 7.5 مليار دولار مع فرنسا لشراء 24 طائرة مقاتلة من طراز "داسو رافال" وصواريخ "إم بي دي أيه"، فضلا عن دعم وتدريب الطيارين.

وما يجعل هذه الصفقات صادمة بشكل خاص هو مقدار الزيادة التي تمثلها على القوات الجوية القطرية حاليا. وعلى الرغم من استضافة قاعدة جوية أمريكية كبيرة، فقد اعتمدت قطر على نفسها في المقام الأول على 12 مقاتلة من طراز "داسو ميراج 2000-5". وهكذا، فإن 84 مقاتلة مختلفة تكون بمعدل زيادة 7 أضعاف.

وأدى ذلك إلى تعليق توني أوزبورن في "أفييشن ويك"، قائلا: "هذا النمو في القدرات الجوية لم يسبق له مثيل في الآونة الأخيرة، ومن المرجح أن يعود المؤرخون إلى وقت اندلاع الحربين العالميتين الأولى والثانية حيث تم رؤية هذا النمو السريع لأسطول جوي من قبل". وأيضًا لم تكن الجوانب الكمية هي الوحيدة التي تفسر الأمر. فكما قال موقع "أي إتش إس جاينز": "إن قرار قطر استبدال مقاتلاتها الحالية بثلاثة أنواع مختلفة هو أمر غريب".

وفيما يتعلق بقدرات الطائرات، ذكر الموقع أن: "يتفوق نظام طائرات F15 البديل في الدوحة على النماذج السابقة حيث إنه يضم اثنين من محطات الأسلحة تحت الحمراء الإضافية (بزيادة العدد من 9 إلى 11) مع مساحة كبيرة لقمرة القيادة، وأنظمة رادار وحماية ونظام إلكتروني للحرب الإلكترونية إضافة لمجموعة من التحسينات الأخرى".

ويمكن للطائرة أن تعمل وفق أنظمة جوية أعلى أو أن تقوم بدور قاذفة القنابل. وبالنسبة لمهامها السابقة، يمكن للطائرة أن تحمل 16 صاروخ جو– جو متوسط المدى من طراز "إيم 120"؛ و4 صواريخ قصيرة المدى "إيم-9 إكس سيدويندر"؛ و صاروخين عاليي السرعة مضادين للإشعاع، بالإضافة إلى 16 قنابل صغيرة القطر، وقذيفة هجوم مباشر زنة 2000 رطل من ضمن مجموعة تسليح أخرى.

و"يوروفايتر تايفون" هي طائرة ذات محركين تنتجها مجموعة من الشركات الأوروبية، بما في ذلك ليوناردو الإيطالية، وإيرباص الفرنسية و بي أيه إي سيستمز البريطانية. وكما أوضح روبرت فارلي أن هذا هو ما يعتبره الكثيرون الجيل المطور من الجيل الرابع للمقاتلات، ويتمتع بقدرات تفوق منصات الجيل الرابع دون طائرات الشبح الجديدة من الجيل الخامس.

ولطائرة تايفون سرعة قصوى مع نظام "ماخ 2" وهي مزودة بأحدث مجموعة رادار ميكانيكية مجهزة ليتم نشرها في مقاتلة متقدمة، على الرغم من أن المصفوفات الممسوحة ضوئيا وإلكترونيا قد تحل محل هذه الرادارات في النماذج القديمة.

كما أن لديها قدرة عالية على المناورة مما يجعلها مقاتلة ممتازة، ولديها القدرة أيضًا على حمل صواريخ خارج مدى الرؤية البصرية (BVR) ، وتحمل أيضًا صواريخ إيم 120. ومن المتوقع أن تكون الطائرات القطرية مزودة بصواريخ «مارتي إير» المضادة للسفن.

أما الرافال فهي مقاتلة أخرى متعددة الأدوار وتعود أصولها إلى الثمانينيات عندما استخدمتها فرنسا لتحل محل عدد من الطائرات المختلفة. وهي أصغر من تايفون ولكنها تتميز أيضًا بميزات الجيل الرابع المطور.

وفقا لموقع الميكانيكا الشعبية، فإن الرافال: "يمكن أن تحمل هذه الطائرة مجموعة من الصواريخ جو – جو وصواريخ جو – أرض وأجهزة استشعار وخزانات إسقاط. على والرغم من أن تصميم رافال يعود إلى 30 عاما، فإن هناك تحديثات أجريت عليها حيث تم إضافة مثل رادار المسح الإلكتروني، و صواريخ ميتيور جو – جو ، وقد حافظت صواريخ كروز سكالب على تصميم تنافسي مع غيرها مما يسمى مقاتلات "الجيل الرابع المتقدمة".

ولم تتمتع رافال بمبيعات دولية قوية مثل تايفون. وفي حين أن ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والنمسا والسعودية وعمان والكويت استخدموا طائرة يوروفايتر، كانت فرنسا هي المشغل الوحيد لرافال. وقد بدأ هذا التغيير في الآونة الأخيرة أولا مع بيعها لقطر وما تلاها من اتفاقات مع مصر والهند.

ومن غير الواضح ما هي المهام العسكرية التي تتطلع إليها قطر من وراء هذا التدفق الهائل لقوة النيران. وقد أبدت الدوحة استعدادًا أكبر في السنوات الأخيرة للمشاركة بطريقة ما في الائتلافات العسكرية الإقليمية مثل الائتلاف ضد تنظيم داعش. ولكن هذا وحده ربما لا يمكن أن يكون السبب وراء شراء الكثير من أنواع مختلفة من الطائرات التي سيكون من الصعب للغاية دمجها نظرًا لصغر حجم سلاحها الجوي. في الواقع، هناك تكهنات قوية بأن قطر قد تضطر إلى استخدام أفراد أجانب للتعامل مع الطائرات الجديدة.

وكما رجح توني أوسبورن، فإن السبب المنطقي هو على الأرجح مدفوع باعتبارات سياسية استراتيجية. وتتعرض قطر حاليا لعزلة متزايدة في المنطقة بسبب قيام التحالف الذي تقوده السعودية بقطع العلاقات مع الدوحة بسبب علاقاتها الودية مع إيران وجماعات مثل حماس والإخوان المسلمين. وإن توقيع عقود دفاعية ضخمة مع الدول الغربية سيجعل من الصعب على تلك الدول أن تنضم إلى الحملة السعودية ضد قطر. وعلى الرغم من الثمن الكبير، فإن هذه النتيجة ربما تستحق ذلك بالنسبة لبلد يفتخر بأكبر نصيب للفرد من الدخل في العالم.

المصدر – ناشيونال إنترست

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا