الصحافة الألمانية| بعد ربع قرن.. هل حققت اتفاقية أوسلو أهدافها؟ والأزمة الاقتصادية في إيران تهدد النظام

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – عماد شرارة
 هل حققت اتفاقية أوسلو السلام المنشود في الشرق الأوسط؟
نشر موقع "دويتش فيلله" تقريرًا بعنوان: "بعد مرور25عامًا على اتفاقية أوسلو: هل حققت السلام المنشود في الشرق الأوسط؟"، وتحدث التقرير عن الاتفاقية وأسباب اختيار النرويج للوساطة بين الطرفين، وبرهن على أن رهان رئيس منظمة التحرير الفلسطينية، الذي كان الطرف الأضعف آنذاك، على النظام العراقي بقيادة صدام حسين كان خاطئًا، لكنه أكّد في النهاية أن السلام المنقوص أفضل على كل حال من الحرب المثالية، وهو ما حدث في اتفاق "أوسلو".

وأضاف التقرير أنه بعد مرور 25 سنة على توقيع الاتفاق بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لا زال العديد من النرويجيين يحتفلون بنجاح الوساطة بين الطرفين حتى اليوم، على الرغم من أنها لم تكن محايدة منذ البداية.
"ايجلاند"، الذي وكِّلت إليه أول مهمة رسمية بعد أن صار نائبًا لوزير الخارجية حين كان عمره آنذاك 36 عامًا، والتي كانت تتمثل في الوساطة بين الإسرائيليين والفلسطينيين (منظمة التحرير بقيادة ياسر عرفات) للتمهيد لهذه الاتفاقية.

يقول ايجلاند: "لقد تحدّث الطرفان مع بعضهما مباشرة على الرغم من وجود أطراف أخرى فاعلة على الجانبين، وكان كبير المفاوضين من الجانب الإسرائيلي "إسحق رابين"، والدبلوماسي "أوري سافير"، ومن الطرف الفلسطيني حضر الرئيس الفلسطيني "ياسر عرفات"، والذي كانت إسرائيل تَعتبره إرهابيًا لفترة طويلة، بالإضافة إلى أحمد قريع".

إيجلاند، الدبلوماسي الذي يرأس حاليًا المجلس النرويجي للاجئين، وباقي فريق الوسطاء النرويجيين، كانوا يتعاملون مع الطرفين بنفس القدر من الاحترام، حتى أنهم استخدموا نفس السيارات والأماكن، وحاز الطرفان على نفس القدر من الاهتمام من قِبل الوسيط النرويجي، ولذلك صرح إيجلاند قائلاً: "كان يجب أن يعرف بعضنا البعض ونثق فيما بيننا".

اللقطة التاريخية كانت من واشنطن وليست من أوسلو
بعد محادثات دامت تسعة أشهر، وافق القادة الإسرائيليون والفلسطينيون على البيان المشترك، الذي يُمهد الطريق لإنشاء السلطة الفلسطينية، والاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، وتمَّ وضع الخطوط العريضة لاتفاق أوسلو.

 السلام الذي طال انتظاره بين الإسرائيليين والفلسطينيين بات عندئذٍ قريبًا، وذلك عندما صافح كلٌّ من رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحق رابين ورئيس منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات بعضهما البعض في حديقة البيت الأبيض يوم 13 سبتمبر 1993 أمام العالم، وكان وزير الخارجية النرويجي يوهان يورغن هولست هناك شاهدًا على هذه اللحظة التاريخية؛ فاثنان من ألد الأعداء أصبحا شريكين في صنع السلام بفضل الوساطة النرويجية، ولذلك امتدح الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في خطابه البلد الاسكندنافي قائلا: "النرويج وليس الولايات المتحدة هي من قامت على مدار سنين بالوساطة بين الطرفين لإتمام مثل هذا الاتفاق التاريخي".

واليوم نتذكر المشهد الذي حدث قبل 25 عامًا في ساحة البيت الأبيض بواشنطن، وكأن هذا الحدث كان قصة من وحي الخيال، وليس له أبطال حقيقيون؛ فشريكا هذا الاتفاق لم يعودا قريبين مرة أخرى كما كانا في هذا الحدث الفريد.

النرويجيون يُقيِّمون الاتفاق
على الرغم من أنَّ السلام لم يتحقق في الشرق الأوسط رغم اتفاقية "أوسلو"، غير أن هذه الاتفاقية ما زالت تُمثل إنجازًا للدولة الاسكندنافية، ولذلك تقول هيلدا فاجا: "هذا الشعور لم يعد قويًّا كما كان؛ لكن العديد من النرويجيين لا زالوا يرون أن اتفاقية أوسلو للسلام كانت ناجحة".

 وأكدّت هيلدا في دراسة لها أنَّ الوفد النرويجي استطاع تحقيق نجاح مفاجئ في هذه المسألة؛ فقد فشلت محاولات عدة في إقامة اتصالات مباشرة بين الطرفين قبل الوصول لهذا الاتفاق، ولكنَّ تيري رود لارسن، عالم الاجتماع مع بعض أعضاء حزب العمال النرويجي كانوا هم النواة للوساطة الرئيسية بين الإسرائيليين والفلسطينيين في الفترة التي سبقت المفاوضات الفعلية، وكذلك زوجته منى جول، والتي كانت تعمل دبلوماسية وخبيرة في الصراع بمنطقة الشرق الأوسط، وعملت مع هيلدا إيجلاند في وزارة الخارجية، إضافة إلى يوهان يورغن هولست، والذي كان وزير للخارجية 1993، فقد صرح قائلا: " كنا مجموعة صغيرة جدًا، تعرفنا جيدًا على كلا الجانبين وكنا قريبين جدًا منهما".

لم ينجح النرويجيون عن طريق الصدفة؛ ولكن كانت هذه الوساطة نتيجة للتواصل المكثف. تقول إيجلاند: " كانت لدينا علاقات جيدة مع إسرائيل على جميع المستويات، كما أنه كان هناك أيضًا اتصالات مباشرة مع منظمة التحرير الفلسطينية، وعلاقات وثيقة بشكل خاص بين الأطراف العمالية النرويجية والإسرائيلية، وبعد نهاية الحرب الباردة خطّطنا لبناء الثقة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهو ما مكّننا من الوساطة والانخراط في هذا النزاع بالشرق الأوسط".

عرفات أراد استغلال علاقة النرويج الجيدة بإسرائيل
على الرغم من طموح النرويج الشديد للوساطة والتدخل، لكن منظمة التحرير الفلسطينية هي من طلبت أولاً من الدولة الاسكندنافية التدخل بسبب علاقتها الوثيقة بإسرائيل، وكان الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات توجه بالفعل للنرويج عام 1979 بهدف الوساطة، على اعتبار أنها تمثل وسيطًا مناسبًا وجذابًا، وفي ذلك الوقت كانت الولايات المتحدة طلبت من النرويج تزويد إسرائيل بالنفط لأن إيران أوقفت شحناتها النفطية في أعقاب الثورة الإسلامية؛ لكنّ أوسلو لم تلبي هذا المطلب لواشنطن دون الرجوع إلى منظمة التحرير الفلسطينية؛ حيث إنه كان للنرويج 1000جندي في لبنان أثناء الحرب الأهلية للمشاركة في بعثة المراقبة التابعة لليونيفيل، وكانت تخشى من وقوع هجمات ضد هذه القوات بسبب تلك الإمدادات.

 ولذلك أبلغت أوسلو رئيس منظمة التحرير الفلسطينية عرفات، والذي أيَّد هذه الخطوة بشدة طمعًا في استغلال علاقة النرويج الجيدة مع إسرائيل، لذا طلب من النرويج فتح قناة حوار مع إسرائيل، فقد كان عرفات بحاجة إلى صديق لإسرائيل للتفاوض على إقامة دولة فلسطينية، حيث تتمتع البلاد بتاريخ طويل من المساعدات الإنسانية، ولذلك كانت النرويج جديرة بإنجاز هذه المهمة؛ فليس لها ماضٍ استعماري؛ بل على العكس كانت دائمًا مستقلة اقتصاديًا وسياسيًا، وهذا ما عزّز مصداقيتها لدى الكثيرين.

ضعف منظمة التحرير الفلسطينية وقوة إسرائيل
على مدار عشرة أعوام ظلت إسرائيل ترفض أي اتصالات أو اعتراف بمنظمة التحرير، لكن في عام 1992، وعندما تولى حزب العمل الإسرائيلي الحكومة، وأرادت إسرائيل أن تنفتح على السلام، أدركت الحكومة الجديدة أنه من غير المنطقي أن تحاط إسرائيل بجيرةٍ يحملون لها الكراهية.

وبعد الانتفاضة الأولى نشبت الحرب بين العراق والكويت بين عامي 1990و1991م، وراهن عرفات خطأً على صدام حسين، وبهذا فقد الدعم المالي من الكويت وصار في ورطة، وبذلك أصبح عرفات في موقف لا يُحسد عليه، وهذا لم يكن ليخفى على إسرائيل، لذا كان لزامًا على عرفات أن يقدّم بعض التنازلات؛ فلقد كانت إسرائيل ببساطة الطرف الأقوى؛ في حين وضعت منظمة التحرير الفلسطينية نفسها بين المطرقة والسندان؛ فإما مواصلة القتال بلا دعم مالي، وإما الخضوع للسلام مع تقديم التنازلات.

القوة غير متكافئة في المفاوضات
في دراستها في عام 2001م بحثت المؤرخة النرويجية "مساحة المناورة" التي كانت متاحة في هذه العلاقة غير المتكافئة، تقول المؤرخة: "لقد توصلتُ إلى استنتاج مفاده: أنها كانت ضئيلة جدًا، فالأقوى دائمًا هو مَن يفرض شروطه، لقد عرفت النرويج ذلك، واستسلمت في هذه النقطة، بعد أن علمت أن المفاوضات يجب أن تنتهي لصالح إسرائيل وإلا لن تكتمل، وبذلك لم تكن النرويج مجرد وسيط حيادي، بل كانت وسيطًا متحيزًا، ولهذا جرى استبعاد مسألتي "وضع القدس" وعودة اللاجئين الفلسطينيين من مسار المفاوضات آنذاك، لكن النرويج مع ذلك كانت حَسَنة النية وحاولت أن تكون أداة في "بناء الجسور" بين الطرفين؛ فالسلام يُمكن أن يتحقق خطوة تلو الأخرى".

أوسلو مدينة السلام
رغم أن اتفاقية أوسلو لم تحقق شيئًا من السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين؛ غير أن النرويجيين اكتسبوا شهرة دولية كبيرة بعد هذا الحدث التاريخي، ومن هنا وبسبب دورها في إنجاز اتفاق أوسلو في عام 1993، أصبحت عاصمة السلام في العالم؛ فمنها تُمنح جائزة نوبل وصارت مدينة السلام.


لماذا تبخّرت وعود ترامب بتحقيق السلام في الشرق الأوسط؟
في تقرير للكتّاب شتيفاني يركل، وكان وميري، وكرستيانا هورستن؛ تساءل موقع" فرايرا بريسا" تحت عنوان: "لماذا تبخرت وعود ترامب بتحقيق السلام في الشرق الأوسط؟" عن التناقض الصارخ بين تصريحات الرئيس الأمريكي السابقة ووعوده بتحقيق السلام في المنطقة وسياسته العدوانية التي أفقدت أمريكا القدرة على الوساطة بين الدول المتصارعة، فهل ما يصنعه ترامب مناورة أم تكتيك للوصول في النهاية إلى تحقيق السلام؟ أم أنها سياسة خاطئة عقَّدت الأوضاع أكثر مما كانت عليه من ذي قبل؟

سيُلقي الرئيس الأمريكي خطابًا أمام الأمم المتحدة في 25 سبتمبر المقبل، فهل سيقدّم ترامب جديدًا بخصوص حل النزاع بين إسرائيل وفلسطين في الشرق الأوسط، فقد وعد الرئيس الأمريكي بعد انتخابه في عام 2016 م أنه سيحقّق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وسينجح فيما أخفق فيه أسلافه، غير أنه حتى الآن أضحت كل وعوده سرابًا!

وقد أفادت بعض التقارير الإعلامية أن الإفصاح عن خطة ترامب لإقامة سلام في المنطقة بات وشيكًا، وربما يكون ذلك في خطابه أمام الأمم المتحدة، ففي الوقت الذي تمر فيه 25 عامًا على توقيع معاهدة السلام الأولى بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لا توجد حتى الآن دولة فلسطينية مستقلة، ولا تحقق السلام، وعلاوة على ذلك فقد تشوّهت العلاقة بين الفلسطينيين والولايات المتحدة.

وفي الساق، شكّكت السفيرة الأمريكية بالأمم المتحدة في إمكانية أن يعرض الرئيس الأمريكي شيئًا عن صفة القرن، وقالت للصحفيين في نيويورك: "إنه لن يعرض خطته بخصوص صفقة القرن في الجمعية العامة للأمم المتحدة مع أنها تقترب من نهايتها، وتمَّ مراجعتها، ولا يمكنني الإفصاح عن المزيد من المعلومات حول هذا الشأن".

وفي الواقع ترفض إسرائيل، التي احتلت القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة عام 1967 خلال حرب الأيام الستة عودة الفلسطينيين وترفض إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، بل على العكس تتوسع إسرائيل يومًا بعد يوم في بناء المستوطنات بالقدس والضفة، وفي ظل هذا التعنت الإسرائيلي يحاول المجتمع الدولي بأغلبية ساحقة دفع الطرفين إلى القبول بحل الدولتين؛ فهذا هو الحل الوحيد للصراع.

وقد فاجأ ترامب العالَم والفلسطينيين بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبهذا لم تعد أمريكا وسيطًا؛ بل باتت طرفًا في النزاع، لذا أعلن الفلسطينيون مقاطعة الحكومة الأمريكية، ولم يكتف ترامب بذلك بل نقل في مايو الماضي السفارة الأمريكية إلى القدس، إضافة إلى ذلك أوقف المساعدات الأمريكية لمنظمة الأمم المتحدة لإغاثة الفلسطينيين (الأونروا) في نهاية أغسطس.

وتابع التقرير: إنه ربما ترغب واشنطن في استخدام تكتيك معين يتمثل في الضغط المستمر على الخصم للحصول على أفضل النتائج في المفاوضات، حيث يكون الخصم في موقف ضعيف، وهذه سياسة معهودة لترامب سواء في الصراع مع إيران أو حتى في النزاع التجاري مع الاتحاد الأوروبي أو الصين أو كندا. وليس هناك دليل على نجاح هذا التكتيك حتى الآن، فلم يجرِ حل أي من هذه الصراعات، وفي نفس الوقت يرغب ترامب في تحقيق نجاح كبير لسياسته الخارجية، التي تعاني الفشل الذريع حتى الآن.

خليل شيكاكي، الباحث بالمركز الفلسطيني للبحوث السياسة والرأي في رام الله يقول: "تحتاج عملية عودة الفلسطينيين للتفاوض إلى بادرة حسن نية، فبدلًا من ممارسة الضغوط التي لن تُجدي نفعًا في هذه الآونة، ينبغي تحفيز الفلسطينيين بحل قضاياهم التي يناضلون من أجلها؛ مثل إعلان القدس الشرقية عاصمةً لدولة فلسطين، وإقامة دولة فلسطين على حدود ما قبل 1967م، والسماح بعودة اللاجئين".

وأكّد شيكاكي رفض المجتمع الفلسطيني للمقترح الأمريكي بجعل أبو ديس، وهي إحدى ضواحي القدس العربية، عاصمة لدولة فلسطين، وأضاف بأن أي خطة تحتوي على مثل هذا الأمر محكوم عليها بالفشل، وأشار إلى أنه كانت هناك تقارير في العام الماضي تؤكد بأن مسئولين أمريكيين قدّموا مثل هذا الاقتراح للفلسطينيين، كما يقال إن الولايات المتحدة اقترحت على الرئيس الفلسطيني محمود عباس كونفدرالية فلسطينية مع الأردن، حسبما ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية مؤخرًا، لكن الأردنيين رفضوا الفكرة، كما قالت متحدثة باسم الحكومة الأردنية.

من جانب آخر تقول "اينات ويلف" الخبيرة في السياسة الإسرائيلية: "هناك افتراض لدى الحكومة الإسرائيلية بأن أي شيء ستقدمه الحكومة الأمريكية لن يكون مقبولاً للفلسطينيين، الذين سيواصلون التشبث بفكرة عودة اللاجئين، وهي كلمة السر لاسترداد الأرض وطرد الإسرائيليين، بحيث تصبح هناك أغلبية عربية، وهذا لن يسمح به الجانب الإسرائيلي إطلاقًا، ولطالما تمسّك الطرف الفلسطيني بهذا الأمر فلن تقبل الحكومة الإسرائيلية بالدخول في محادثات سلام مع الفلسطينيين حتى ولو كانت برعاية ترامب.

الهجوم على إدلب.. الأطراف الفاعلة والمصالح
وفيما يخص الشأن السوري ذكر موقع شبكة دويتش فيلله تقريرًا بعنوان: "الهجوم على إدلب.. الأطراف الفاعلة والمصالح" تحدث عن موقف الأطراف الفاعلة على الأراضي السورية من الهجوم على مدينة إدلب، ومكاسب وخسائر كل طرف من خوض هذه المعركة، سواء كانت روسيا أو الولايات المتحدة أو إيران أو تركيا أو حتى الاتحاد الأوروبي، الذي يكاد يكون دوره معدوم في سوريا لكنه يحاول أن يجد له موطئ قدم هناك.

حكومة الأسد
لا يزال بشار الأسد يعدّ نفسه الرئيس الشرعي للبلاد؛ فقد جاء إثر انتخابات فاز فيها عام 2016م، وأُعلن فوزه فيها بنسبة تكاد تصل إلى 100%، ولذلك تستند الحكومة السورية على تلك الشرعية المزعومة في خطة استعادها لإدلب، والتي هي آخر معاقل المتمردين. وتعزم الحكومة السورية على إعادة السيطرة على إدلب مهما كان الثمن في مقابل ذلك.

روسيا
تُعدّ روسيا داعمًا قويًا للأسد، سواء كان ذلك على الصعيد السياسي في مجلس الأمن؛ فقد استخدمت موسكو حق الفيتو مرارًا وتكرارًا من أجل دعم نظام الأسد وذلك منذ اندلاع الثورة السورية في عام 2011م، وعلى الصعيد العسكري أصبحت روسيا الداعم الأكبر للنظام السوري جوًا وبحرًا، كما تتمركز قوات عسكرية ضخمة لها هناك على الأرض، والحكومة الروسية لها عدة أهداف في سوريا، يتمثل أولها في دعم مبدأ السيادة الوطنية، حيث إن سوريا دولة ذات سيادة مستقلة ولا يحق لأي طرف التدخل في شئونها ما لم تطلب منها ذلك؛ ولهذا تَعتبر روسيا أي تدخل خارجي في سوريا دون طلبها انتهاكًا للقانون الدولي.

الهدف الثاني تعزيز تواجدها العسكري في منطقة الشرق الأوسط، فقد كان ميناء طرطوس قبل ذلك ضعيفًا للغاية، لكن بعد ذلك زادت عدد القطع البحرية والقوات العسكرية هناك؛ بما يجعل ميناء طرطوس نقطة استراتيجية مهمة تخدم أهداف روسيا في الشرق. أضف إلى ذلك رغبة روسيا في القضاء على المتمردين ذوي الأصول الروسية أو القريبة منها وخوض المعركة بعيدًا عن الأراضي الروسية.

إيران
ترغب طهران في توسيع نفوذها في الشرق الأوسط وتعزيز تواجدها بشكل كبير، فبعد لبنان، حيث حزب الله، جاءت العراق، حيث قوات الحشد الشعبي، ثمَّ اليمن، حيث الحوثيون ثم سوريا، وهي المحور المهم في الهلال الشيعي المزعوم، ولذلك ترغب إيران في مساندة الأسد ليكون الضامن القوي للوجود الإيراني في سوريا، وبالتالي فإن طهران على استعداد لمساعدة الأسد في الاستيلاء على إدلب واستعادة حكمه إلى حد كبير، كما تلعب المصالح الاقتصادية أيضًا دورًا في إيران، حيث أصبحت إيران تستحوذ على نسبة كبيرة جدًا من الاستثمارات في قطاعات مختلفة في سوريا مثل القطاع العقاري وقطاع النفط، إضافة لذلك يمثل التكامل الاقتصادي بين إيران وسوريا مخرجًا قويًا من أي حصار اقتصادي يُمارس عليها من قِبل الولايات المتحدة أو أي دولة أخرى، وهذا يمثل مصدر ارتياح كبير لدى طهران.

الولايات المتحدة
في أعقاب النتائج الكارثية لتدخلها في العراق عام 2003، خفَّضت الولايات المتحدة مشاركتها في الشرق الأوسط بشكل كبير، ومنذ ذلك الحين وتواجد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط محدود جدًا، فواشنطن ترغب في الحفاظ على تواجدها في المنطقة، بحيث لا تترك الساحة خالية لروسيا من جانب، كما أنها تعمل على حماية الحليف الاستراتيجي إسرائيل من جانب آخر؛ فإسرائيل تخشى من التواجد الإيراني في سوريا، ولذا تستخدم الولايات المتحدة الهجوم على إدلب كورقة ضغط للحصول على مكاسب للحليف الإسرائيلي.

تركيا
 كانت تركيا – وما زالت – تدعم عددًا من جماعات المعارضة سوريا من أجل إسقاط نظام الأسد، لكن في هذا الأثناء تواجه تركيا تحديات جديدة؛ فتركيا تُعاني من الارتفاع المستمر في أعداد المهاجرين بسبب الحرب المستعرة هناك، والذي سيزداد بالتأكيد حال هجوم الأسد على إدلب، ولذلك تحذر تركيا من الهجوم على إدلب، كما تريد أنقرة منع الجهاديين من التقدم من سوريا إلى تركيا، ولهذا السبب شدّدت تركيا المراقبة على الحدود السورية، وتتمركز القوات التركية على الأراضي السورية قرب إدلب.

الاتحاد الأوروبي
لا يلعب الاتحاد الأوروبي دورًا عسكريًا كبيرًا في سوريا. لكنه نشط في مجال حقوق الإنسان على وجه الخصوص. وقد استقبلت بعض دول الاتحاد، لا سيّما ألمانيا، العديد من اللاجئين السوريين، ولذلك تعدّ دول الاتحاد الأوروبي هي الأكثر قلقًا من الهجوم على إدلب خوفًا من فرار العديد من السوريين نحو أوروبا، وفي الوقت نفسه تؤيد دول الاتحاد إسقاط حكومة الأسد، فقد ارتكب انتهاكات عديدة لحقوق الإنسان كفيلة بمحاكمته، وهو ما دفع بعض الدول مثل ألمانيا للمشاركة في التحالف ضد نظام الأسد.


أهمية سوريا بالنسبة لإيران وروسيا
نشر موقع فيلت مقالاً للكاتب فالتر فولوفليسك بعنوان: "أهمية سوريا بالنسبة لإيران وروسيا"، تحدث خلاله عن أهداف إيران المستقبلية في سوريا، وعن رغبتها في الحفاظ على نظام الأسد ضعيفًا وخاضعًا لهيمنة طهران، وعن احتمالية استخدام روسيا لإسرائيل من أجل الإطاحة بإيران من سوريا.
وانتقدت موسكو في العام الماضي الهجمات الإسرائيلية على سوريا بشدة، بينما تهاجم إسرائيل سوريا الآن دون انتقاد أو تعليق من روسيا، فهل ستستخدم الأخيرة الإسرائيليين للإطاحة بإيران من سوريا؟

وقد نفّذت إسرائيل ما يزيد عن 2000 طلعة جوية في عمق الأراضي السورية حتى باتت إسرائيل تهاجم مناطق في سوريا بالقرب من العاصمة دمشق ليس بها متمردين، وكان آخرها قاعدة فوج المدفعية السورية 200 في دير البشل على ساحل البحر الأبيض المتوسط، لكن ما يثير انتباه الخبراء أن هذا الموقع لا يبعد كثيرًا عن ميناء طرطوس، وهو الميناء العسكري الروسي الوحيد في البحر الأبيض المتوسط، وروسيا لديها نظام دفاع جوي حديث من طراز S-400 يمكنه صد هذه الهجمات الجوية الإسرائيلية، لكنها لم تفعل. وتساءل الكاتب: هل أعطت روسيا إسرائيل الضوء الأخضر لتنفيذ هذه الهجمات؟ ولماذا صمتت ولم تعلق على هذه الهجمات التي كانت تدينها وتستنكرها من قبل؟ وما الرسالة التي يجب أن تُفهم من وراء هذا الصمت؟

وقد أشارت بعض التقارير الإعلامية إلى أن الرئيس بوتن هو من أعطى الضوء الأخضر لإسرائيل لشن هجمات على مواقع تابعة لإيران في سوريا، فحين تتصادم المصالح يبحث كل طرف عن مصالحة الخاصة، فإيران وروسيا كانا هدفهما المشترك هو الحفاظ على الأسد والقضاء على الجماعات الإرهابية التي تهدّد البلدين، بالإضافة إلى تقليص النفوذ الأمريكي في المنطقة، ولكن الآن وبعد تحقيق الجزء الكبير من هذه الأهداف أصبح حلفاء الأمس خصوم اليوم، ليس فقط بسبب المصالح الاقتصادية؛ فطهران وموسكو يتنافسون على مكاسب كبيرة في سوريا جراء استغلال النفط والودائع وعقود الغاز والفوسفات السوري، وهذه المصالح الاستراتيجية لكلا البلدين تتباعد يومًا بعد يوم.

ماذا تريد إيران؟
إيران تريد ممرًا أرضيًا إلى البحر المتوسط ​​ووجودًا عسكريًا قويًا على الأرض، وهذا يتطلب نظاماً ضعيفاً في دمشق لا يزال يعتمد على إيران، ومن هنا ترغب إيران في استخدام النظام السوري كذراع يمكن أن يمتد إلى الدول الأعداء كما هو الحال في لبنان والعراق واليمن. ومن جانب أخر لا تريد روسيا أن تخسر علاقتها مع المملكة العربية السعودية والتي تمثل قيادة العالم السني في المنطقة، فيكفي لروسيا المصالح الاقتصادية مع المملكة والتي يعد من أهمها تحديد أسعار النفط، كما أن الولايات المتحدة لن تسمح ببقاء القوات الإيرانية قريبة من الحليف الإسرائيلي؛ وهو الأمر الذي يتفق عليه الجميع عدا طهران، وبذلك يتأكد أن الهجوم الإسرائيلي على المؤسسات الإيرانية في سوريا جرى بمباركة روسية.

الأزمة الاقتصادية في إيران تهدد النظام  
وفي الشأن الإيراني نشر موقع هندلسبلات تقريرًا للكاتب ماتيس بروجمان بعنوان: "الأزمة الاقتصادية في إيران تهدد بقاء النظام الإيراني الحالي"، وتحدث عن الأزمة الاقتصادية الإيرانية التي يعاني منها الشعب الإيراني والناجمة عن العقوبات الأمريكية، بالإضافة إلى استنزاف الموارد الاقتصادية للدولة الإيرانية في الحروب والصراعات الداخلية والخارجية في الدول المجاورة لتوسيع النفوذ الإيراني على حساب المواطن الإيراني والاقتصاد المتهالك للدولة الإيرانية في الآونة الأخيرة.

نقص الإمدادات
الوضع في إيران يزداد سوءًا؛ فالمواد الخام والغذائية باتت شحيحة، والنقص في الاحتياجات الأساسية يزداد يومًا بعد يوم، وقد جرى الهجوم على العديد من البازارات بهدف تخزين العديد من السلع الرئيسية خوفًا من نفادها من الأسواق المحلية وعدم إمكانية استيرادها مجددًا، ومن هذه السلع الشحيحة "حفاضات الأطفال"، ولذلك سخر أحد شاب إيراني من هذا الأمر قائلًا: "إنه لأمرٌ مدهش أن يكون لدينا صواريخ وليس لدينا حفاظات للأطفال!".

ولا تزال العُملة الإيرانية في سقوط مستمر، فيما أصبحت العملات الأجنبية شحيحة حتى في البنوك والمؤسسات النقدية؛ ما تسبب في أزمة كبيرة ترتب عليها إقالة رئيس البنك المركزي ووضعه تحت الإقامة الجبرية.

الأزمة الاقتصادية الإيرانية تتجاوز إمكانيات الدعم الأوروبي
رغم محاولة الاتحاد الأوروبي التأكيد على بقاء العلاقات التجارية والسياسية مع النظام الإيراني الحالي، وحث الشركات الأوروبية والمستثمرين على مواصلة الاستثمار في السوق الإيراني، بيد أن هذه التحفيزات لم تجد نفعًا أمام العقوبات الأمريكية، ولذلك جرى استدعاء الرئيس الإيراني حسن روحاني في البرلمان لتوضيح أسباب تلك الأزمة والارتفاع الحاد في معدلات البطالة، بل وهاجم البرلمان وزير المالية والاقتصاد بسبب عجزه عن إدارة الأزمة.

وتتزايد الأصوات، التي تتوقع سقوط روحاني أو حدوث انقلاب ضده من قِبل الحرس الثوري، في حالة تطبيق المرحلة الثانية من العقوبات الأمريكية على الاقتصاد الإيراني في الخامس من نوفمبر المقبل، لكن حتى ذلك الحين ينبغي على الشركات النفطية العاملة في إيران وقف نشاطها وتجارتها، وإذا ما استسلمت الصين والهند وتركيا للضغوط من واشنطن؛ فمن المتوقع أن يتقلص اقتصاد إيران في 2019 بنسبة 3.7%، كما يتوقع معهد أكسفورد للتحليل الاقتصادي، وبهذا ستكون تلك أسوأ نتيجة مر بها الاقتصاد الإيراني منذ ست سنوات.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا