ناشيونال إنترست | ليست ديمقراطية ولا ليبرالية.. تعرف على الوجه الحقيقي للحقوق والحريات فى إسرائيل

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح

أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" عن "لحظة فاصلة في تاريخ الصهيونية وتاريخ دولة إسرائيل" عندما اعتمد الكنيست في مطلع هذا الشهر قانونًا أساسيًا (يحظى بوضعية دستورية) يجعل حق تقرير المصير الوطني "مقتصرًا على الشعب اليهودي" ولا ينطبق على كل المواطنين. لقد زاد هذا القانون من ترسيخ العنصرية القائمة على الدين، بما في ذلك بند يشير إلى منح الأولوية لإقامة مجتمعات لليهود فقط، عبر الإعلان أن "إنشاء مستوطنات يهودية هو قيمة وطنية" والتعهد بـ "تشجيع تأسيسها وتعزيز وضعها".

وأثار هذا القانون جدلاً كبيرًا في إسرائيل. وقد تمت المصادقة عليه بهامش بسيط من 62 صوتًا مقابل 55 صوتًا رافضًا له، فيما يجادل المعارضون بأن القانون يمثل خطوة منافية للديمقراطية، لكنه لم يكن إلا عنصرًا آخر على جدول أعمال التحالف اليميني الحاكم الذي استطاع تمرير هذا القانون، نظرًا إلى الاتجاه اليميني الذي اتخذته السياسة في إسرائيل في السنوات الأخيرة.

بالرغم من أن المرء قد يتعاطف كثيرًا مع معارضي القانون، إلا أن هؤلاء المعارضين ليسوا فقط على الجانب الخاسر في هذا الاتجاه السياسي اليميني في إسرائيل، لكنهم يحاولون أيضًا تحقيق المستحيل. لقد كان هناك دومًا توتر أصلي وأساسي بين فكرة اعتبار إسرائيل دولة ديمقراطية وبين مفهوم منح معاملة تفضيلية لمجموعة دينية وعرقية بعينها على حساب المجموعات الأخرى.

يُدرك المعارضون الرئيسيون لهذا القانون الجديد هذا الأمر، وقد كان بعضهم صريحًا بشأنه. بدورها، انتقدت وزيرة العدل الإسرائيلية المتطرفة "آيليت شاكيد" بشكل صريح فكرة أنه ينبغي على إسرائيل احترام القيم العالمية، وذكرت الوزيرة صراحة أن لو كان هناك اختيار بين الحفاظ على الهوية اليهودية لإسرائيل وبين الحفاظ على حقوق الإنسان، فإنه يجب التضحية بحقوق الإنسان، أو لنتعرف على رأي الداعم المالي الأبرز لنتنياهو، والذي يمثل أيضًا الموقف الأمريكي الداعم لسياسات نتنياهو: شيلدون أدلسون، إمبراطور كازينوهات القمار في الولايات المتحدة، حيث إنه خلال مؤتمر في عام 2014 مخصص لمناقشة تداعيات الاحتلال الإسرائيلي أو الضمّ الإسرائيلي الدائم لأراضي الضفة الغربية من دون منح السكان الفلسطينيين حق التصويت، أعلن "أدلسون" أن "إسرائيل لن تصبح دولة ديمقراطية، ما المشكلة في هذا؟

بالتأكيد، ينبغي انتقاد أي انتهاك لحقوق الإنسان يحدث في أي مكان، كما أن هناك الكثير من الانتقادات لانتهاكات إسرائيل ضد حقوق الإنسان- ليس فقط تجاه خُمس سكان إسرائيل الذين هم من غير اليهود، والذين يرسّخ قانون القومية الجديد وضعهم كمواطنين درجة ثانية، لكن أيضًا تجاه سكان الأراضي الفلسطينية المحتلة المحرومين تمامًا من حقوقهم السياسية. لكن من باب معاملة الدول، وليس الأفراد فقط، بشكل متساوٍ، ينبغي القول إن إسرائيل ليست هي الدولة الوحيدة في منطقتها التي تمنح معاملة تفضيلية لأبناء دين بعينه، حتى لو كان هذا يعني تقييد حرية الآخرين وحقوقهم.

أوجه الشبه مع دول الإقليم
في هذا المجال، تشبه إسرائيل، على سبيل المثال، إيران، تطلق إيران على نفسها رسميًا اسم الجمهورية الإسلامية، وهذا هو نوع تحديد الهوية الذاتي الذي يماثل القانوني الأساسي الجديد في إسرائيل الذي ينصّ على أن تحديد المصير هو أمر يقتصر فقط على اليهود، كما تعترف إيران رسميًا ببعض (وليس كل) الأقليات الدينية، وهي تُخصص بعض المقاعد في برلمانها للمسيحيين واليهود والزراديتشيين، لكن الجميع يدرك أن دين الدولة المتمثل في الإسلام الشيعي، يحظى بأفضلية على كل الأديان من الناحية السياسية والدينية.

في أقصى الشرق، هناك دولة باكستان، التي حدّدت هويتها منذ تأسيسها باعتبارها موطنًا وملجأ لمسلمي جنوب آسيا، تمامًا كما عرّفت إسرائيل نفسها بوصفها موطن وملجأ يهود الشتات. إن التعصب الديني وتقييد حقوق غير المسلمين، بما في ذلك عبر قوانين ازدراء الأديان منتشران اليوم في باكستان.

حتى الدول المجاورة لإسرائيل والتي لا يهيمن عليها دين واحد، تمارس تمييزًا دينيًا يتناقض مع الحقوق الإنسانية والسياسية الأوسع نطاقًا، فلو كنتَ لبنانيًا، على سبيل المثال، عليك أن تنسى محاولة تولي منصب الرئيس إن لم تكن مسيحيًا مارونيًا – بالرغم من أن أتباع هذه الطائفة يمثلون نسبة متناقصة من مجمل سكان لبنان.

وبوجه أعم، أصبحت إسرائيل تدريجيًا تشبه المنطقة المحيطة في تقاليدها الاجتماعية، لا سيما مع تزايد أعداد ونفوذ اليهود المتشددين والأحزاب السياسية التي تمثلهم، وعندما يتعلق الأمر تحديدًا بالفصل بين الجنسين وحتى، في بعض الأحيان، المعاملة المهينة للنساء والفتيات، فإن هناك تشابهًا كبيرًا للغاية بين إسرائيل ودول أخرى في المنطقة يسود فيها الإسلام المتطرف.

باختصار، فإن إسرائيل، لا سيما فيما يتعلق بالتمييز الديني والتفرّد السياسي، باتت دولة شرق أوسطية، إنها تستحق هذا الوصف؛ نظرًا لأنها دولة تحدد هويتها وأهدافها مستخدمة تعبيرات تعود لعهد ما قبل التنوير، ولأنها تعطي الأفضلية لكتاب مقدّس قديم وآداب دينية على مفاهيم حقوق الإنسان المعاصرة.

خرافة القيم المشتركة
نتيجة لذلك، فإن إسرائيل لا تشارك العديد من أهم القيم التي تتبناها الديمقراطيات الليبرالية الغربية، من بينها الولايات المتحدة. لقد كان الحياد الديني، لاسيما بالنظر إلى الدور الكبير الذي لعبه الدين في تأسيس بعض المستوطنات الأمريكية، أمرًا مهمًا للغاية عند تأسيس الولايات المتحدة، وعندما وضع توماس جيفرسون وجيمس ماديسون مشروع "النظام الأساسي للحرية الدينية" في ولاية فرجينيا أمام الجمعية العامة للولاية في عام 1779، حاول بعض المسيحيين المتدينين مثل باتريك هنري إدراج إشارة "يسوع المسيح" في الكلمات الافتتاحية، لكن رُفض هذا الطلب بغالبية الأصوات، حينها نظر جيفرسون باستحسان إلى ذلك التصويت الرافض، واعتبره إشارة إلى أن الجمعية العامة كانت ترغب في أن يكون هذا القانون "جامعًا تحت مظلة حمايته، اليهود والوثنيين، والمسيحيين والمسلمين، والهندوس، وكل أتباع الطوائف الأخرى". لقد كان قانون فرجينيا مقدمة لأحد بنود الدستور الأمريكي –أول سطر في ميثاق الحقوق- الذي يمنع فرض دين بعينه.
إن إسرائيل بالتأكيد لا تشارك هذه القيمة، كما أنها لا تشارك القيمة المهمة المتمثلة في الحقوق السياسية المتساوية، وذلك نظرًا لإخضاعها شريحة كبيرة من السكان واحتجازهم خلف الجدران.

غير فكرة اعتبار إسرائيل "دولة ديمقراطية زميلة" ترتكز على طبيعة السياسات الممارسة دخل المجتمع اليهودي الإسرائيلي حصرًا، فالسكان الفلسطينيون في الأراضي المحتلة لا يشاركون في هذه الديمقراطية، وفي الواقع، لا يشارك خُمس الناخبين الإسرائيليين المنتمين للقومية العربية بشكل كامل في هذه الديمقراطية أيضًا، وهناك قاعدة غير مكتوبة في السياسة الإسرائيلية تنصّ على أنه من المحظور على الأحزاب الممثلة للعرب المشاركة في الائتلافات الحكومية.

إن حصر الديمقراطية في مجموعة سكانية بعينها، لا يجعل البلد بأكمله ديمقراطيًا، وقد مرّت الولايات المتحدة بمواقف مماثلة في مراحل بغيضة في تاريخها، فبالرغم من أن الانتخابات التمهيدية في الجنوب الأمريكي الخاضع لقوانين الفصل العنصري شهدت منافسة حامية، إلا أن هذا لا يجعلها أقل إهانة للديمقراطية والمبادئ الديمقراطية الأمريكية، فضلاً عن أن الولايات المتحدة لا تتقاسم قيمًا مهمة مع إسرائيل، لكن هذا لا يعني أنه لا يمكنها أن تقيم علاقة عادية ومفيدة مع إسرائيل، فواشنطن تربطها، في النهاية، علاقات وثيقة بالسعودية، وهذا يعني أنه ينبغي التخلي عن استخدام خرافة "القيم المشتركة" بوصفها أساسًا منطقيًا لعلاقة تتجاوز كونها مجرد علاقة عادية.

إن قبول إسرائيل بوصفها دولة شرق أوسطية هو ضروري لتحقيق نتيجة في مصلحة كل الأطراف، ومن بينها إسرائيل، وتتمثل مصلحة إسرائيل في أن يكون لها علاقات طبيعية مع جيرانها، بيد أن التخلص من خرافة "القيم المشتركة" مع الغرب، سيساعد في تحقيق هذا الهدف. إن رفض العرب القبول بإسرائيل، ينبع من اعتقادهم بأن إسرائيل هي جسد استعماري غربي استمر وقتًا طويلاً بعد انتهاء الاستعمار البريطاني والفرنسي (والعثماني أيضًا) في العالم العربي.

في الواقع، فإن منح العرب الفلسطينيين حقوقًا سياسية هو خطوة أساسية لتحقيق هذا الهدف، حتى بالنسبة للعرب الذين هم أنفسهم غير ديمقراطيين. لقد أعاد ملك السعودية مؤخرًا التأكيد على الموقف العربي القديم المتعلق بضرورة منح الفلسطينيين هذه الحقوق، وذلك على الرغم من التقارير الإخبارية التي تفيد بأن ابنه ولي العهد يخطط مع "جارد كوشنر" لفرض صيغة سلام بديلة.

أما القانون الأساسي الإسرائيلي الذي جرى اعتماده مؤخرًا، فإن بنده الذي يتعهد بأن تكون الأولوية للمستوطنات اليهودية فقط، يحمل "طابعًا استعماريًا بامتياز" كما يقول الكاتب العربي الإسرائيلي "سيد قشوع". 

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا