فورين بوليسي | لماذا يجب على الولايات المتحدة ألا تتعثر في الخروج من أفغانستان؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – بسام عباس
المصدر – فورين بوليسي

بينما تسعى الولايات المتحدة إلى إبرام صفقة مع طالبان، عليها التوفيق بين حقيقتين متعارضتين: الأولى أن الولايات المتحدة أخطأت بشدة في الاعتقاد بأنها قد تتغلب على حركة تمرد في أفغانستان وكان عليها التفاوض على انسحابها العسكري في وقت أقرب، والحقيقة الأخرى هي أن الصفقة التي تتفاوض عليها الآن قد تزيد من العنف بدلاً من أن تحدّ منه.

وبين هاتين الحقيقتين هناك مجال ضيق يمكن فيه للحكومة الأمريكية إنهاء حربها الأطول وتجنب اندلاع حرب أهلية شديدة في أعقابها؛ ولذلك فإن تحقيق الصفقة المتوقعة لتلك الأهداف سيعتمد على التفاصيل.

ويطغى على المحادثات نية واشنطن الواضحة الآن للانسحاب من أفغانستان، وقد كان المنطق السياسي للانسحاب الأمريكي في طريقه للاكتمال قبل أن يعلن المرشح "دونالد ترامب" رغبته في ذلك. إن مصاعب وتحديات بناء الأمة في إحدى أفقر دول العالم وأضعفها – وعدم وجود تهديدات أمنية مباشرة للولايات المتحدة بمجرد القضاء على القاعدة – تعني أنه في يوم من الأيام ستتبلور هذه الفكرة في واشنطن: ما الذي نفعله هناك بالضبط؟ كان اهتمام الولايات المتحدة بتدمير القاعدة واضحًا دائمًا؛ بينما كان الاهتمام بتدمير حواضن طالبان ضعيفًا دائمًا.

ولكن لمجرد أن القوات الأمريكية لن تبقى إلى الأبد – ولا ينبغي لها ذلك – لا يعني أن إدارة ترامب يجب أن تكون متعجرفة بشأن طبيعة مغادرتها. كان ينبغي على الحكومة الأمريكية التفاوض مع طالبان في ذروة نفوذها عندما كان لديها 100 ألف جندي في البلاد، وكان ينبغي لها أن تحبط تنامي التمرد في المقام الأول من خلال تشجيع التكامل السياسي لحركة طالبان في أضعف حالاتها، أي في السنوات القليلة الأولى بعد 11 سبتمبر، لكنها لم تفعل. ومع انخفاض القوات الأمريكية لنحو 14 ألف جندي الآن، بعد تخفيضها إلى حوالي 8000 منذ عامين، كان حشد الولايات المتحدة لقواتها يتراجع عامًا تلو الآخر. ومع ذلك، فلن تتحقق المصالح الأمريكية أو الأفغانية من بتفكيك أفغانستان مع خروج الولايات المتحدة.

وبغض النظر عن مهارة الولايات المتحدة في التفاوض، قد تنخرط أفغانستان في حرب أهلية ضروس بعد الانسحاب الأمريكي؛ حيث يمثل الصراع بالفعل مأزقًا دمويًّا، فقد أثبتت طالبان قدرة على البقاء بينما تتمتع بمزايا تكتيكية للتمرد بحيث لا تحتاج أن تحاول السيطرة على البلد بأكمله. في عام 2018، كانت أفغانستان تمثل بالفعل أكثر النزاعات دموية في العالم.

لكن دعم الولايات المتحدة لحكومة كابول وقوات الأمن التابعة لها على الأقل أعطى الفصائل السياسية والعِرقية المناهضة لطالبان سببًا للتكاتف والتآزر معًا خلال العِقدين الأخيرين. وليس من الصعب تخيل تراجع الدعم المالي والعسكري الأمريكي، ما لم يتم التوصل إلى تسوية سياسية بين جميع الفصائل وحركة طالبان، والذي سيؤدي إلى حرب أهلية متعددة الجوانب، على غرار حروب تسعينيات القرن الماضي، مع شبه الفراغ الحكومي. كان هذا ما حدث بعد أن غمرت الحكومة الأمريكية أفغانستان بالأسلحة لمحاربة الاتحاد السوفيتي خلال الثمانينيات ثم انسحبت القوى الكبرى.

وسيكون تحقيق تسوية سياسية أفغانية أمر شاق.. فهل ستقبل طالبان (التي تدّعي أنها لا تسعى إلى احتكار السلطة) الديمقراطية الانتخابية؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك، فكيف سيتم تحقيق الشمولية السياسية؟ هل ستصر طالبان – "الإمارة" عندما كانت تحكم – على تولية أمير، والذي سيكون قائدهم؟ وماذا سيكون دوره؟ لم تفصح طالبان أبدًا عن تصورها في التحول إلى حزب سياسي، لكن إذا لم يكن الأمر كذلك، فماذا سيكون دورها في أفغانستان في حالة السلام؟ ولطالما حكمت طالبان أفغانستان من جانب واحد فقط أو سعت إلى قلب النظام السياسي. وإذا كانت لديها إجابات ترضي الكثير من الأفغان فينبغي اختبارها في المحادثات.

في الوقت نفسه، تهدّد إجراءات القوى الإقليمية المحيطة بأفغانستان، كما يحدث في كثير من الأحيان، بتعطيل احتمالات الاستقرار. ففي الآونة الأخيرة، أدت الأزمة في كشمير إلى تكهنات بأن باكستان قد تحاول استخدام تعاونها مع الحكومة الأمريكية في عملية السلام الأفغانية كقوة دفع لجعل واشنطن تنخرط في الصراع حول الأراضي المتنازع عليها مع الهند.

وعلى الجانب الآخر، كان أحد الأسباب المقترحة لتوقيت تحرك رئيس الوزراء الهندي "ناريندرا مودي" لإلغاء الحكم الذاتي لكشمير هو القلق من أن التسوية في أفغانستان قد تترجم إلى تركيز متزايد من جانب بعض الجماعات المسلحة على كشمير. حتى قادة طالبان كانوا قلقين؛ حيث أصدر متحدث باسم طالبان بيانًا في الثامن من أغسطس وجّه أصابع الاتهام إلى القوتين النوويتين في جنوب آسيا برفض ربط كشمير بأفغانستان، قائلاً: لا ينبغي "تحويلها إلى ساحة التنافس بين الدول الأخرى".

ومع ذلك، فليس من المرجح أن تحاول باكستان بالفعل إفساد محادثات أفغانستان لتستفيد في كشمير. صحيح أن إسلام آباد لديها خيارات محدودة لحث الآخرين على ممارسة الضغط على الهند، ويبدو أن واشنطن تريد التوصل إلى اتفاق أفغاني، لكن باكستان ستستفيد من عملية السلام مع تقدمها الآن؛ وذلك لسببين: أولًا لأن عملاءها القدامى من طالبان يكتسبون أرضية في المحادثات، ولأنها [إسلام آباد] ستحصل على بعض الثقة إذا كانت النتيجة تروق لواشنطن.

وعلى افتراض أن عملية التفاوض تمضي قدمًا، فإن التحركات الأمريكية التالية يمكن أن تخفف من خطر نشوب حرب أوسع نطاقًا، وتحدي التوصل إلى تسوية سياسية، أو ربما قد تزداد سوءًا.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا