المنتدى الاقتصادي العالمي | لماذا ستكون إثيوبيا هي محرك النمو الجديد في أفريقيا؟

بسام عباس

ترجمة بواسطة – بسام عباس

إثيوبيا هي أقدم دولة مستقلة في أفريقيا واقتصادها هو الأسرع نموًا اليوم. ويبلغ عدد سكانها أكثر من 100 مليون، وحققت معدل نمو اقتصادي سنوي بنسبة 10٪ على مدى السنوات الـ 15 الماضية،  ولذلك فهي تمثل فرصة فريدة من نوعها، غير أن هناك العديد من التحديات التي تمنعها حاليًا من الانضمام إلى الخريطة العالمية للاقتصادات الناجحة، ومن ضمنها: الناتج المحلي الإجمالي المنخفض للفرد الواحد الذي يقل عن 800 دولار أمريكي في العام، وضعف انتشار الإنترنت والهواتف الذكية، ويرجع ذلك إلى زيادة عدد سكان الريف، واحتكار الحكومة لسوق الاتصالات.
وفيما يلي خمسة أسباب لكي يكون على المستثمرين العالميين إلقاء نظرة فاحصة على إثيوبيا:
1. مزيد من الاستقرار الاجتماعي
تتجه إثيوبيا – التي تعد تاريخيًّا إحدى أكثر الدول استبداديةً والمناخ الخانق سياسيًّا في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى – بشكل متزايد نحو الانفتاح والعمليات الديمقراطية. ففي السياسة الداخلية، تم تحقيق الديمقراطية، مصحوبة بطريق نحو المصالحة والسلام في الخارج، فقد بدأت البلاد محادثات مع إريتريا لحل النزاع الحدودي، وعملت على تطبيع العلاقات مع الصومال وجيبوتي، كما تلقت إثيوبيا دعمًا سياسيًّا وماليًّا جديدًا من عدد من الأطراف، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ولقيت السياسات الجديدة استحسان المغتربين الإثيوبيين، الذين يساهمون بشكل كبير في الاقتصاد من خلال التحويلات المالية، فيما يرى المراقبون الدوليون أن الخطوات المتخذة إزاء قضايا الأمن القومي والمصالحة السياسية خطوات إيجابية، وهي تتمثل في رفع حالة الطوارئ، والإفراج عن السجناء السياسيين، وإصلاح القوانين المشددة المتعلقة بمكافحة الإرهاب والإعلام والمجتمع المدني.
2. القدرات الشبابية

أكثر من 70٪ من المواطنين في إثيوبيا تقل أعمارهم عن 30 عامًا، وحوالي 50٪ منهم أقل من 15 عامًا. وفي عام 2017 ، كشف تقرير للبنك الدولي أن الالتحاق بالتعليم العالي تضاعف خمسة أضعاف منذ عام 2005، مع زيادة عدد المؤسسات التعليمية العامة من 8 إلى 36 خلال تلك الفترة. كما طبقت الحكومة سياسة التعليم العالي (70:30) والتي تعنى تدريب 70٪ من الطلاب في التكنولوجيا والعلوم، و30٪ في العلوم الاجتماعية والإنسانية. ففي عالم تمثل فيه صناعات الخدمات 65٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، تتكيّف سياسات التعليم مع الإطار العالمي الجديد. فالتكنولوجيا والصناعات القائمة على المعرفة لديها القدرة على الازدهار، وذلك بفضل مزايا التكلفة وتوفير رأس المال البشري في إثيوبيا. وإذا كان يمكن توجيه شباب البلاد من خلال التدريب على المهارات ذات الصلة، سيصبح رأس المال البشري أحد الأصول الأساسية لتعزيز الاقتصاد.

3. الخصخصة المحتملة للمؤسسات المملوكة للدولة
تعد إثيوبيا أحد أكبر الأسواق غير المستغلة في العالم، وهناك اعتقاد متزايد بأن خصخصة الشركات المملوكة للدولة يمكن أن تكون إحدى الطرق لجذب الاستثمارات المحتملة وتحفيز الاقتصاد. فعلى سبيل المثال، تعد إثيوبيا أيضًا واحدةً من أقل البلدان اتصالًا في العالم، حيث بلغ معدل انتشار الإنترنت 15٪ فقط في عام 2016، بعد أن كانت 12٪ في العام السابق (2015)، وفقًا لبيانات الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU). وتم تسجيل زيادة في انتشار الهواتف المحمولة بنسبة 51٪ بعد أن كانت 43٪ في عام 2015. وقاومت الحكومة الإثيوبية تحرير القطاعات الرئيسية للمستثمرين الأجانب والمحليين، ولكن اللجنة التنفيذية للجبهة الشعبية الثورية الديمقراطية الإثيوبية، الحزب الحاكم، كشفت خطة لتحرير القطاعات الاقتصادية الرئيسية جزئيًا في يونيو 2018. كما أن هناك خططًا لإتاحة امتلاك المستثمرين العالميين لحصص أقلية في شركات الطيران والطاقة والاتصالات. بالإضافة إلى ذلك، فإن إمكانية تنفيذ مشاريع السكك الحديدية والفنادق والصناعات التحويلية الرئيسية، قد خلقت بالفعل ما يكفي من الدعاية لتعزيز ثقة المستثمرين، وبالتالي، في إمكانية جذب الاستثمارات. كما أنشأت الحكومة خمسة مجمعات صناعية دفعت إلى توفير 45000 وظيفة، بهدف إنشاء ما مجموعه 30 مجتمعًا صناعيًّا وزيادة نسبة إسهامها الصناعي من 5٪ إلى 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي.
4. نظام إيكولوجي ريادي واعد
يمكن أن تتحول التحديات المحلية المتعلقة بالتنقل والزراعة والبنية التحتية والرعاية الصحية لبلد بحجم إثيوبيا إلى سلسلة من الفرص من الحركة الريادية، وتتطلب المحافظة على الاقتصاد الإثيوبي القوي وجود نظام إيكولوجي محلي ريادي.  وستكون مثل هذه البيئة ضرورية، حيث تلتقي كيانات مثل الجامعات والشركات الكبرى ومقدمي الخدمات ومنظمات البحث والتمويل للسماح لأصحاب المشاريع المحليين بالانطلاق والتوسع.
ويتمثل جزء مهم من أحجية الريادة في إثيوبيا في وجود نماذج رائدة ذات دور فعال مثل “بيت لحم تلاهون إلمو”، مؤسسة شركة سول ريبلز الأحذية وميرتها التنفيذية. ففي أوائل عام 2005، وبعد فترة وجيزة من تخرجها من الجامعة في أديس أبابا، أسّست بيت لحم شركة الأحذية الأسرع نموًّا في أفريقيا لتوفير وظائف صلبة قائمة على المجتمع. ومن خلال الاستفادة من تراث الحرف اليدوية الثري في بلدها، فهي على الطريق الصحيح لتكون أول سلسلة متاجر تجزئة ذات علامة تجارية عالمية من دولة نامية، فقد افتتحت 100 متجر وتحقق إيرادات تتجاوز 200 مليون دولار بحلول عام 2019.
ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات هيكلية أمام رواد الأعمال الإثيوبيين. ومع أن نجاح الشركات الناشئة في خدمات نقل الركاب حول العالم، مثل جراب و ديدي شوكسينج وليفت وكريم و تاكسي، ألهم نجاح ثلاث شركات من هذا النوع العمل في إثيوبيا. لكن هذا الثلاثي – رايد و زاي رايد و إي تي تي أيه – يواجه عقبات، مثل: تغلغل الإنترنت المنخفض وضعف الاتصال وعدم توفر التمويل. ومع ذلك، يمكن لهذا الثلاثي  أن  يتفاءل لأن الحكومة تخطّط لتحرير  قطاعين من أكثر القطاعات رقابة، وهما قطاعا البنوك والاتصالات.

5. موقع استراتيجي بين أوروبا وآسيا

بالإضافة إلى موقعها الاستراتيجي كمحور نقل بعيد المدى، أصبحت إثيوبيا بشكل متزايد وجهة مهمة للتصنيع، لا سيما في قطاع الملابس الجاهزة. ومع نجاح نموذج أعمال (زارا) ، يمارس مستورد الملابس الجاهزة ضغوطًا لتقليل المدة الزمنية بين التصميم والتسليم النهائي. وإحدى أسهل السبل لتحقيق ذلك هي البقاء بالقرب من العلامات التجارية. ومع ذلك، لا تملك معظم العلامات التجارية الكبرى حاليًا بدائل مثيرة للاهتمام أقرب إلى مناطقها، حيث تعتمد بشكل كبير على بلدان مثل بنجلاديش وفيتنام لأسباب تتعلق بالتكلفة. وينجذب قطاع الصناعات التحويلية في بنجلاديش نحو إثيوبيا للحفاظ على ميزتها المنخفضة التكلفة، بالإضافة إلى ذلك، البقاء بالقرب من العلامات التجارية الرئيسية في أوروبا. وبفضل موقعها الاستراتيجي والعمالة منخفضة التكلفة، تتمتع إثيوبيا بموقع فريد يمكِّنها من النجاح في مجال تصنيع الملابس، شريطة أن تتمكن من تدريب شبابها على تقديم الجودة الأفضل.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا