ذا هيل| لماذا يبدو العام 2019 مثل عام 1929.. وماذا يمكن أن نفعل لتغيير مساره؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

لقد طُرح فيلم (Downton Abbey) الأسبوع الماضي، ووراء كل البريق الأرستقراطي؛ تذكر أن القصة بها خفايا مظلمة. إن كل من يشاهد يعرف ما لم تعرفه الشخصيات التي تعود لعشرينيات القرن الماضي: في غضون سنوات قليلة, أسلوب حياتهم الأرستقراطي وكل العالم مِن حولهم سيتعرض للدمار.

أنا أشعر بقلق متزايد من أن عام 2019 يبدو مثل العام 1929. حينها, كان عدم المساواة في أعلى مستوياته، وكانت القومية الاستبدادية في ارتفاع، ودمرت الحرب العالمية الأولى  النظام العالمي القديم دون خلق نظام جديد. ثم أثار انهيار سوق الأوراق المالية في أكتوبر 1929 السلسلة الرهيبة من الكساد والفاشية والحرب العالمية الثانية، والتي يمكن القول إنها أسوأ 15 سنة في التاريخ.

إذا انتقلنا إلى الوقت الحاضر, يوجد ثلاثة تجاهات جيواقتصادية وجيوسياسية تبدو وكأنها تحديث للعشرينيات:

•    تبدو الصين والولايات المتحدة مصممتين على فصل اقتصاداتهما عن بعضهما البعض؛ ما يجعل الحرب الباردة الثانية حقيقة وحرب القوى العظمى أكثر ترجيحًا.

•    تهدد الروبوتات والذكاء الاصطناعي بتدمير وظائف أكثر من تلك التي تخلقها؛ ما يُضعف أسس الحياة الكريمة القائمة على وظيفة جيدة.

•    تبدو الشعبوية باقية؛ ما يُضعف أسس الديمقراطية ويزيد احتمالات الصراع الدولي.

إن فكرة أننا قد نكون قريبين من نوبة عالمية أخرى سيعتبرها الكثيرون سخيفة وغير واردة، لكن هكذا شعر الجميع في داونتون آبي أيضًا.

والآن ماذا يمكننا أن نفعل لضمان ألا تصبح عشرينيات هذا القرن إعادة لثلاثينيات القرن الماضي؟

إن الفكرة الكبيرة الجديدة في واشنطن وبكين هي أنه بعد أربعين عامًا من المشاركة, ينبغي أن "ينفصل" الاقتصادان الكبيران لتعزيز ابتكاراتهما الاقتصادية وتوطيد أمنهما القومي.

أنا أعتقد أن هذا أسوأ شيء يمكن أن يحدث, ليس فقط للسبب الواضح بأن هذا سيزعزع استقرار الاقتصاد العالمي ويرفع الأسعار على المستهلكين حول العالم. إن الانفصال سيتخلص أيضًا من كل هذا الثقل الاقتصادي الذي حافظ على العلاقات الصينية – الأمريكية لعقود. وفي ظل وجود مناطق ساخنة مثل هونج كونج, وبحر الصين الجنوبي وتايوان, فإن تقييد أيدي الجانبين عن طريق ربط اقتصاداتهما معًا هو أفضل طريقة لحفظ السلام. الانفصال سوف يحرّر النزعة العسكرية في كلا الجانبين.

من السهل اليوم التهكم على المشاركة الأمريكية لكونها فشلت في تغيير الصين، لكن كانت لها فائدة هائلة بتقليل احتمالات اندلاع صراع بين القوى العظمى.

وبالانتقال إلى مستقبل العمل, تتنبأ مؤسسات موقرة، مثل ماكينزي وجامعة أوكسفورد بأن التشغيل الآلي ربما يقضي على نصف الوظائف الموجودة اليوم.

إن أي وظيفة يمكن تشغيلها آليًا (الوظائف الروتينية التي تتطلب تكرارًا سريعًا وخاليًا من الأخطاء) ستواجه التقادم لا محالة. لكن الوظائف غير الروتينية – ليس فقط وظائف التكنولوجيا الفائقة للمبرمجين والمهندسين بل أيضًا الوظائف الخدمية الشخصية مثل الممرضات والمعلمين – تلقى طلبًا مرتفعًا وليست عُرضة للتشغيل الآلي.

نحن نحتاج لإعداد المزيد من الأشخاص لعالم العمل غير الروتيني. هذا لا يعني فقط تعليم أكثر لمزيد من الأشخاص, بل تعليم موجه بصورة أفضل. وهذا لا يعني فقط المزيد من معسكرات التدريب على البرمجة. إن الكثير من أفضل الوظائف في المستقبل ستتطلب "مهارات ناعمة" مثل: العمل الجماعي والمشاركة الوجدانية, وهو شيء بعيد جدًا على الروبوتات.

وأخيرًا, عندما يتعلق الأمر بالسياسة, "القيادة" هي المهدئ الحتمي لعكس المشاعر المناهضة للعولمة والمناهضة للهجرة التي أصبحت بارزة اليوم، غير أن توفير هذه القيادة يعني أكثر من مجرد الخطاب السياسي. إن ما نحتاجه هو سياسيون يتحدثون بصراحة عن الحقائق العميقة والحلول الصعبة.

نحن نحتاج لقادة يدافعون عن التكنولوجيا والعولمة عن طريق شرح كيفية عملهم وكيف استفادت المجتمعات منهم. سوف يخسر المستهلكون الكثير من عكس مسار هذه الاتجاهات الكبرى، وليس فقط بسبب الرسوم الجمركية. إن وجود عبارة "صُنع في أمريكا" على كل شيء من الملابس والصُلب إلى الهواتف الذكية ورقاقات الكمبيوتر يبدو جيدًا،  حتى تدرك كم سيتحتم على المستهلكين دفعه مقابلها.

ولا يكفي أن يُظهر القادة تعاطفًا حقيقيًا مع الأشخاص الذين جرى تسريحهم بسبب التكنولوجيا والعولمة؛ بل ينبغي أيضًا أن يقدموا خططًا مُقنعة لتوصيل المنافع إليهم. التعليم هو الحل. يجب علينا أن نركز على تغيير التعليم ليواكب وظائف الغد.

هل مُقدّر لنا أن نعيش أهوال الثلاثينيات مجددًا؟ بالطبع لا. لكن يجب أن نعترف بالتحديات الهائلة أمامنا. إن فيلم "داونتون آبي" رائع، لكن مغزاه الضمني هو أن التفاؤل الساذج للعشرينيات كان خطيرًا بشدة.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا