ترجمة بواسطة – آية سيد
يمر اقتصاد إيران بحالة انهيار حاد، وهو ما أثار الاحتجاجات. إنه في حال أسوأ بكثير مما كان عليه ليلة سقوط الشاه عندما كان هناك تراجع اقتصادي حاد بسبب سوء الإدارة الاقتصادية والتوجيه الخاطئ على الرغم من طفرة النفط في السبعينيات. كانت الضائقة الاقتصادية في أواخر السبعينيات مرتبطة برأسمالية المحاسيب لنظام الشاه والتي أضرت بطبقة التجار التقليدية، التي كانت يرمز لها بـ"البازار"، وكذلك أيضًا الطبقة المتوسطة النامية. لم تكن مصادفة أن طبقة التجار الملتزمة دينيًّا موّلت الحركة التي قادها آية الله روح الله الخميني والتي أسقطت الشاه.
ووفقًا للبنك الدولي: "من المتوقع أن تدفع أسعار الواردات المرتفعة نتيجة لخفض قيمة العملة التضخم إلى أعلى من 30% في السنوات المقبلة، حيث ترتفع توقعات التضخم وتنخفض ثقة المستهلك؛ ما يؤدي مجددًا إلى فترة من الركود التضخمي في إيران. وبالرغم من انخفاض قيمة العملة وانخفاض الواردات، من المُقدّر أن انخفاض صادرات النفط سيلغي الفائض في الحساب الجاري وهو أقل من فترة العقوبات الأولى، حيث إن أسعار النفط أقل بالنصف تقريبًا مما كانت عليه في 2012/2013 – 2013/2014. من المرجح أيضًا أن يفرض المسار الهبوطي للاقتصاد المزيد من الضغط على سوق العمل ويعكس مكاسب خلق فرص العمل الأخيرة".
إن رأسمالية المحاسيب مع المؤسسات الدينية التي يسيطر عليها النظام، ولا سيما الحرس الثوري، الذي يسيطر على جزء كبير من الاقتصاد ويحتكر قطاعات حيوية معينة، أضافت إلى متاعب الشعب الاقتصادية، لا سيما وأن ميزانيات هذه المؤسسات مجتمعة تمثّل أكثر من 30% من إنفاق الحكومة المركزية الذي ينفع قطاعًا صغيرًا من النخبة. وبالإضافة لذلك، وبحسب تقديرات البنك الدولي، كانت معدلات البطالة أكثر من 12% حتى أبريل – يونيو 2018 ونسبة البطالة بين الشباب أكثر من 28% في يونيو 2018. ويمكن أن يتوقع المرء أن هذه النسبة قد ارتفعت أكثر مع إعادة فرض العقوبات الاقتصادية في مايو 2018 والتي كان لها تأثير سلبي هائل على الاقتصاد الإيراني.
كانت إحدى المنتجات الثانوية للتراجع الاقتصادي الإيراني هو القرار في شهر نوفمبر بزيادة سعر البنزين بمتوسط 50%. وكان الشعب الإيراني قد اعتاد على سعر مدعم بشدة للنفط والزيادة المفاجئة بهذا الفارق الكبير عملت كمحفز للاحتجاجات التي اندلعت على الفور عقب الإعلان عن هذا القرار. مع ذلك، تلك المتاعب الاقتصادية تضيف إلى الإحباط الناتج عن القمع السياسي.
إن الاحتجاجات الحالية، التي تختلف عن تلك في 2009 التي أعقبت إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، كانت تلقائية وبلا قائد. ولم يشترك فصيل من النظام في المظاهرات الحالية وبالتالي فإنها تتجاوز الانقسام بين المتشددين والمعتدلين. إنها تتجاوز أيضًا الانقسامات الطبقية والعِرقية، حيث ينضم الناس من جميع الطبقات إلى الاحتجاجات والمجموعات العرقية المختلفة – الأغلبية الفارسية والأقلية العربية من سكان خوزستان – تشارك أيضًا. الاحتجاجات التي حفزتها في البداية عوامل اقتصادية اتخذت الآن طابعًا سياسيًّا حيث تطالب لا بعزل روحاني وحكومته فقط بل المرشد الأعلى وزمرة رجال الدين المحيطين به.
كان رد قوات الأمن التابعة للنظام مباغتًا ووحشيًّا، حيث أطلقت الرصاص على مئات المحتجين غير المسلحين بدم بارد، ما يُذكّر المراقبين بأحداث 1978 في الفترة التي سبقت سقوط الشاه. ويبدو أن هذه الوحشية كان لها تأثير حماسي على المعارضة مثلما فعلت في 1978، وهو ما يديم حلقة العنف والمقاومة التي تُذكّر بالشهور التي سبقت سقوط الشاه.
وذلك يعني أن النظام مرجّح للبقاء في المدى القريب، لكن في المدى القريب فقط. لقد تضررت شرعيته بشكل لا يمكن إصلاحه بسبب الاستخدام الوحشي والمفرط للقوة التي أطلقها على المحتجين غير المسلحين، ولم يعد أحد في إيران الآن يصدّق حُجة أن القوى الحاكمة – من المتشددين والمعتدلين على حدٍّ سواء – تدافع عن الإسلام أو الدولة ضد الأعداء الخارجيين. بالإضافة إلى هذا، على عكس ما حدث في الفترات الأولى من الاضطراب، لا يملك النظام فائضًا من الموارد الاقتصادية لشراء المعارضين بعروض الدعم، وهي ممارسة انخرط بها النظام بين الحين والآخر عندما ظلت أسعار النفط مرتفعة، وكان حجم صادرات النفط مرتفعًا أيضًا. لكن الانخفاض الحاد في حجم صادرات النفط أزال العازل المالي الذي اعتمدت عليه الحكومة سابقًا من أجل بقائها.
ربما يستطيع النظام النجاة من هذه الجولة من الاحتجاجات والمظاهرات لكن شرعيته وقدرته على التمسك بالسلطة تضررت بشدة، ما تسبب في تآكل قدرته على إدارة الجولات المستقبلية من الاحتجاجات بشكل لا يمكن إصلاحه. ربما لا تتكرر أحداث 1979 هذا العام، لكن الاحتجاجات بالتأكيد مهدت الطريق لتكرارها في المستقبل القريب.
”
للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا>
رابط مختصر : https://roayahnews.com/?p=6046