ماذا قالت الصحافة الفرنسية عقب مقتل قاسم سليماني؟ كل السيناريوهات واردة.. حتى عودة داعش

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – محمد شما


– من هو قاسم سليماني

تحت عنوان: "من هو قاسم سليماني الذي استهدفته الغارة الأمريكية"، ذكرت جريدة لوفيجارو أن سليماني كان قائد فيلق القدس، وهو وحدة قوات خاصة للحرس الثوري الإيراني منذ عام 1998 مسئولة عن عمليات خارج الحدود الإقليمية. ولم يكن سليماني، البالغ من العمر 62 عامًا، يفتقر إلى الشخصية؛ حيث قام بإدارة العمليات الخارجية للجمهورية الإسلامية وكان ينظر إليه باعتباره الشخصية الأهم في النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، لا سيما في العراق وسوريا.
ووفقًا لوصف محلل وكالة المخابرات المركزية السابق "كينيث بولاك" للجنرال الإيراني في عام 2017 على صفحات مجلة تايم الأمريكية ضمن أكثر 100 شخصية مؤثرة في العالم، فإنه "يمثّل بالنسبة للشيعة في الشرق الأوسط، مزيجًا من جيمس بوند وإروين روميل وليدي جاجا"؛ حيث بات نجمًا حقيقيًّا في إيران، علاوة على عدم التردد في نشر صور شخصية له مأخوذة من ساحة المعركة كطريقة لإظهار أنه "سيد رقعة الشطرنج في الشرق الأوسط".
جنرال مؤثر وذو شعبية

ويترجع شهرة سليماني إلى الصراع في سوريا؛ حيث بدأ يتصدر عناوين الصحف بعد اندلاع الصراع في عام 2011، بعدما كان في الظل لعقود، وظهر في الأفلام الوثائقية وأفلام الرسوم المتحركة ومقاطع الفيديو الموسيقية. وفي العراق، بلغ ثقله حد المشاركة في المفاوضات السياسية حول تشكيل الحكومة. يقول ريان كروكر، السفير السابق للولايات المتحدة في العراق وأفغانستان، لبي بي سي في عام 2013: "كان المحاورون الإيرانيون واضحين للغاية حتى أنهم أبلغوا وزارة الخارجية أن الجنرال سليماني هو مَن يتخذ القرارات".
ومنذ خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني، كان فيلق القدس في قلب تصاعد التوترات بين واشنطن وطهران، حيث عمل في العراق على مضايقة القوات الأمريكية بشكل منتظم باستخدام الصواريخ التي يقوم بإطلاقها صوب القواعد الأمريكية.
وتعتقد الولايات المتحدة أن سليماني أيضًا كان العقل المفكر الذي دبر الهجمات الأخيرة التي استهدفت السفارة الأمريكية في بغداد منذ أسبوع، فيما قال البنتاجون إن "هذه الضربة تهدف إلى ثني إيران عن أي خطط هجومية أخرى". وحول ردود الفعل الإيرانية عقب العملية، أكد المرشد الأعلى للثورة الإيرانية آية الله علي خامنئي أن الانتقام الرهيب بانتظار المجرمين.. فكيف سيكون الرد؟
سيناريوهات الرد الإيراني

وتحت عنوان: "مقتل سليماني ينذر بتصعيد حرب بين إيران والولايات المتحدة"؛ ذكرت جريدة نوفيل أوبس أن التوتر بلغ ذروته بين إيران والولايات المتحدة بعد الحادث، حيث باتت اللحظة مناسبة للقلق بشأن عواقب هذه العملية. ويرى السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز، المرشح المحتمل للديمقراطيين للانتخابات الرئاسية المقبلة، أنَّ "التصعيد الخطير لترامب يقرب الولايات المتحدة من حرب كارثية أخرى في الشرق الأوسط".
فبعد تصاعد التوترات بين واشنطن وطهران إثر الانسحاب الأمريكي من الاتفاق النووي الإيراني في مايو 2018، وفي ظل تصاعد خطر تصعيد الحرب في العراق، لا تبعث الإشارات التي أرسلتها هذه العملية وردود الفعل التي تلتها على الطمأنينة، وفيما يلي الإشارات المثيرة للقلق:
• المطالبات داخل إيران بالانتقام

بدايةً توعد آية الله علي خامنئي، الزعيم الإيراني الأعلى، الولايات المتحدة على الفور بالانتقام لموت سليماني. حيث قال عبر حسابه على تويتر: "الشهادة هي جزاء عمله الدؤوب على مدار كل هذه السنوات. إن شاء الله، لن يتوقف عمله، والانتقام القاسي ينتظر المجرمين الذين ملأوا أيديهم بدمه وبدم غيره من الشهداء".

وجاء نفس الغضب من الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي قال "إن إيران والدول الحرة الأخرى في المنطقة ستنتقم من أمريكا المجرمة". كما قام باستدعاء السفير السويسري، الذي يمثل المصالح الأمريكية للتنديد بما وصفه بإرهاب الدولة الأمريكية. وحذر وزير الخارجية محمد جواد ظريف من أن "الولايات المتحدة ستعاني عواقب شديدة لمغامرتها المتهورة"، كما توعد الحرس الثوري الإيراني بالانتقام، حيث قال المتحدث الرسمي باسمه إن قواته "سوف تبدأ فصلاً جديداً من تصفية الحسابات من اليوم".

• الميليشيات والجماعات المسلحة على أهبة الاستعداد

من جانبه، دعا القائد الأعلى لقوات الحشد الشعبي العراقي هادي العميري "جميع القوات الوطنية إلى توحيد صفوفها لإخراج القوات الأجنبية" من العراق، حيث لقي الرجل الثاني للحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، مصرعه في نفس الهجوم الذي أودى بحياة سليماني. وعلى تويتر، أمر الزعيم الشيعي مقتدى الصدر مقاتليه من جيش المهدي بـ"التأهب". وأعلن أيضًا أنه كان بصدد إعادة إحياء ميليشيا تم حلها رسميًّا لنحو عقد من الزمان، كانت تثير الرعب في صفوف الجنود الأمريكيين في العراق. وفي لبنان، توعد حسن نصر الله زعيم حزب الله الشيعي، الحليف الكبير لإيران، بالعقاب العادل للقتلة المجرمين، قائلاً إن الانتقام مسئولية "جميع مقاتلي المقاومة والمقاتلين عبر العالم".  فيما دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى قيام قوى المقاومة في المنطقة برد فعل منسق. وفي اليمن، دعا المتمردون الحوثيون المدعومين من طهران إلى "عمليات انتقامية سريعة ومباشرة".
وتحت عنوان: "لماذا قد تتمخض عملية ترامب ضد سليماني عن عواقب وخيمة" ذكرت جردة لوجونال دي ديمانش عدة أسباب للإجابة على التساؤل السابق:
أولًا: لأنها عملية غير مسبوقة على المستوى التنفيذي

يرى الأمريكي ياشار علي، أن سليماني كان ثاني أقوى رجل في إيران، أي ما يعادل نائب الرئيس الأمريكي. بينما يشبهه مارك دوبويتز المحلل الأمريكي في صحيفة نيويورك تايمز برئيس وكالة الاستخبارات المركزية أو رئيس الأركان أو وزير الخارجية. وبالنسبة للولايات المتحدة، لم تكن هناك أي سابقة لعملية عسكرية منذ عام 1945 لاستهداف مسئول بهذا المستوى الرفيع في الخارج. ويقول ياشار: إن "قتل سليماني ليس كقتل زعيم أي منظمة إرهابية. إنه يشبه قتل رئيس منظمة إرهابية ورئيس دولة في آنٍ واحد. ولم تفعل الولايات المتحدة مثل هذه العملية منذ عقود".
ثانيًا: لأنه كان أحد الشخصيات البارزة للنظام الإيراني

لقد كان سليماني الرجل الرئيسي في النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط؛ حيث قدّم الدعم لبشار الأسد في سوريا، ودعم الجماعات الإرهابية، مثل حماس وحزب الله اللبناني، وكان مسئولاً عن الهجمات والحروب الإيرانية في الخارج. وهو أيضًا الرجل الذي كان وراء تصاعد التوتر مؤخرًا بين الولايات المتحدة وإيران، حيث أشارت أصابع الاتهمام في الأشهر الأخيرة، إلى ضلوع إيران في مهاجمة منشآت النفط السعودية وناقلات في بحر العرب وتدمير طائرة أمريكية من دون طيار وإطلاق قذائف الهاون على السفارة الأمريكية.
ثالثًا: لأن ترامب أعلن مسئوليته الشخصية عن الهجوم

أكد البنتاجون بالفعل أنه "بناءً على أوامر الرئيس"، قررت الولايات المتحدة قتل سليماني. وعبر إعلان مسئوليته الشخصية عن الهجوم، يسعى ترامب إلى توجيه رسالة حزم إلى إيران، غير أن هذا الهجوم ينطوي قبل كل شيء على مخاطر دفع النظام الإيراني للرد. فعلى سبيل المقارنة، اعتادت إسرائيل عدم التعليق عندما تُرتكب عملية اغتيال في الخارج حتى لا تشجع الخصم على الانتقام.
رابعًا: لأن الإيرانيين توعّدوا بالانتقام

يبقى من غير الواضح كيف يمكن للإيرانيين الانتقام، لكن كإجراء احترازي، دعت السفارة الأمريكية في بغداد رعاياها إلى مغادرة العراق على الفور، وقرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قطع رحلته إلى اليونان والعودة إلى إسرائيل، وأعلنت البعثات الدبلوماسية الإسرائيلية في الخارج حالة التأهب القصوى، كما صرح رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي أن الغارة الأمريكية "قد تتسبب في اندلاع حرب مدمرة في العراق".
وللرد، تمتلك إيران العديد من الخيارات؛ حيث يمكنها الرد مباشرة أو باستخدام وسطاء كالميليشيات في العراق وسوريا وحزب الله في لبنان، ويمكنها أيضًا أن تستهدف الولايات المتحدة أو أحد حلفائها، كما يمكنها اللجوء للوسائل التقليدية وغيرها، كالهجمات الإلكترونية أو الإرهاب.. لكن الرد الفوري يبقى غير مؤكد.
استخدام إيران لأدواتها في سوريا ولبنان والعراق في الرد المحتمل

وبهذا الشأن نشرت الصحفية "جويس كرم" قائمة بالأماكن التي قد تتعرض للأعمال الانتقامية الإيرانية وهي:
•    القواعد الأمريكية في دول الخليج.
•    السفن الأمريكية في المياه البحرية للخليج.
•    القواعد الأمريكية وشركات النفط والسفارات في العراق.
•    القواعد الأمريكية في سوريا.
•    مهاجمة إسرائيل من خلال حزب الله.
•    السفارة الأمريكية في لبنان.

•    في إفريقيا أو أمريكا اللاتينية أو الاتحاد الأوروبي عبر حزب الله. حيث نفذ حزب الله في الماضي هجمات في الاتحاد الأوروبي (في بلغاريا عام 2012) وفي الأرجنتين (عام 1994 موقعًا 85 قتيلاً).
تأثير العملية على الشرق الأوسط

وتحت عنوان: "التوتر بين إيران والولايات المتحدة بعد مقتل سليماني يقوي موقف إيران"؛ أشار موقع إي سي إي الإخباري إلى تأثير الحادث على المستوى الداخلي الإيراني، فمنذ الخامس عشر من نوفمبر الماضي، تعيش طهران حالة من الاضطرابات إثر قرار الرئيس الإيراني بتقليل الدعم الذي يضمن سعرًا متواضعًا للبنزين والغاز حتى مع انهيار الصادرات الإيرانية، حيث كانت الفئات الشعبية، التي لم تعد قادرة على شراء اللحوم أو الدواء، أول المتظاهرين.
غير أن النظام سارع بإحكام السيطرة على الإنترنت لتجنب تفاقم الأوضاع، فيما أوقف مشغلو الهواتف خدماتهم. ويمثّل اغتيال الجنرال سليماني فرصة غير متوقعة للنظام لحشد الشعب حول شهيد جديد؛ فعبادة الشهداء هي ما يوحّد المؤمنين الشيعة، أما بالنسبة للجنرال فقد جرى ضمه على الفور لقائمة الشجعان الشهيرة في الأدبيات الفارسية، والذين هم على استعداد للتضحية بحياتهم من أجل حماية الضعفاء. إن تقوية النظام الإيراني الحالي يرضي في نهاية المطاف خصوم إيران الجيوسياسيين، والذين ليس لديهم ما يخشونه من دولة مقيدة ماليًّا، تعاني تشويه السمعة في وسائل الإعلام، وتبقيها التهديدات اليومية على عتبة دخول نادي الدول النووية.
من جانبه، أشار موقع ويست فرانس إلى "عواقب مقتل سليماني المخيفة على المنطقة"، حيث هز استهداف سليماني الشرق الأوسط بأكمله. وبالنسبة للمؤرخ بيير جان لويزارد، المتخصص في شئون الشرق الأوسط ومؤلف كتاب "الشيعة والسنة: الخلاف الكبير في 100 سؤال"، فإن الولايات المتحدة خاطرت بإثارة تصعيد قد يؤدي إلى رحيلها عن العراق واحتمالية عودة مقاتلي داعش.
ماذا يمكن أن يحدث بعد اغتيال سليماني؟

وأضاف المؤرخ أن ما حدث يعدّ اندفاعًا رهيبًا من إدارة ترامب وستكون العواقب مرعبة للمنطقة وللسلام العالمي، حيث سيوحد هذا الحادث جميع الطوائف الشيعية ضد الولايات المتحدة. إنه انتحار من جانب الأمريكيين! وهذا يدل على غياب النظرة الاستباقية لرئيس يقع تحت تأثير الجماعات الإنجيلية ذات الرؤية المسيحية التي ترى في إيران عدوًّا لإسرائيل؛ وبالتالي للولايات المتحدة.
والحقيقة أن الجماعات السلفية المتطرفة أكثر خطورة حيث ستستمر في الازدهار بعد تدمير دول مثل سوريا والعراق واليمن؛ ويمكننا توقع عودة داعش إلى الجيوب الجهادية التي ستتشكل في العراق وسوريا.
ماذا يمكن أن يحدث في العراق؟

يمثل هذا الحدث طعنة في حركة الاحتجاج الشيعية التي تعارض السلطات العراقية وإيران منذ ثلاثة أشهر؛ حيث لم تعد قادرة على معارضة المعسكر الشيعي الموالي لإيران بسبب احتمالية التعرض لتهمة الخضوع للأمريكيين.
ولم تتوقع الولايات المتحدة أن يؤدي مقتل سليماني إلى دفع العراق إلى الفوضى، وتدمير الحركة التي أرادت التغلب على الانقسامات الطائفية والتشكيك في دستور 2005، والطبقة السياسية التي انبثقت عنه. وبدلًا من ذلك، سيعود كل عراقي إلى مجتمعه وإلى طائفته الدينية. كما سيقوم جميع الشيعة بتوحيد صفوفهم حلف إيران، وبدأ هذا بالفعل حيث دعم آية الله السيستاني، أعلى سلطة شيعية في العراق، الميليشيات الشيعية التي كان ينتقدها بقسوة بسبب قمعها العنيف للاحتجاجات الشعبية.
وينطبق الشيء نفسه على مقتدى الصدر الذي كان ينتقد بشدة الحكومة الموالية لإيران وبات يدعو قواته الآن إلى الوقوف على أهبة الاستعداد.
هل سيضطر الأمريكيون إلى مغادرة العراق؟

سيصبح العراق ساحة معركة بين إيران والولايات المتحدة، وستتمثل المخاطرة بالنسبة للأمريكيين في الاختيار بين الإهانة بمغادرة البلد الذي دخلوه في عام 2003 لفرض منارة الديمقراطية هناك؛ أو البقاء والمخاطرة بسوء الأمور. ويجب ألا ننسى أن النجاح العسكري الأمريكي ضد صدام حسين في عام 2003 لم يكن ليتحقق إلا بدعم الأكراد وبفضل سلبية الأغلبية الشيعية. أما بالنسبة لاستعادة الموصل من تنظيم داعش في عام 2017، فلم يكن ليتحقق إلا بفضل الميليشيات الشيعية التي تدعمها القوات الجوية الأمريكية. والحليف الوحيد الذي يبقى للولايات المتحدة في العراق هم الأكراد الذين لا يمتلكون الوسائل لفرض أنفسهم كقوة مهيمنة.
إسرائيل وحماس

وتحت عنوان "وفاة سليماني تنذر بتصعيد حرب بين إيران والولايات المتحدة"؛ أشارت جريدة نوفيل أوبس إلى قطع بنيامين نتنياهو لزيارته إلى اليونان وعودته إلى إسرائيل، معلنًا دعمه للولايات المتحدة، حيث يرى أن من حقها أن تدافع عن نفسها في مواجهة إيران.
وبعد الدعوات الانتقامية من جانب طهران، وقفت إسرائيل في حالة تأهب، ورغم عدم إعلان حالة الطوارئ، بيد أن الجيش الإسرائيلي أغلق الطريق المؤدي إلى منتجع التزلج على جبل حرمون، وهو موقع استراتيجي يقع على مرتفعات الجولان على الحدود بين سوريا ولبنان، استهدفته العناصر الموالية لإيران في الماضي.
ولاحظ أحد صحفيي وكالة الأنباء الفرنسية تحركات الدبابات والجنود الإسرائيليين لمنع الوصول إلى جبل حرمون، والذي يضم أيضًا وحدات تابعة لمنظومة القبة الحديدية الإسرائيلية. فيما أعلن مصدر عسكري إسرائيلي عدم نشر تعزيزات عسكرية في شمال البلاد؛ حيث جرى تقديم الضربة الأمريكية ضد سليماني باعتبارها رد فعل على وفاة مواطن أمريكي قُتل الأسبوع الماضي إثر قصف صاروخي. أما الجنرال سليماني فكان على رأس فيلق القدس الإيراني الذي تتهمه إسرائيل في كثير من الأحيان بالتخطيط لشن هجمات ضد الدولة العبرية.
وتحت عنوان "بعد مقتل عدوها الأخطر.. إسرائيل تتوارى عن الأنظار"؛ سلطت جريدة ليبراسيون الضوء على التزام إسرائيل عدم الابنتهاج  إزاء مقتل عدوها الأخطر. وبالرغم من أن جريدة جيروزاليم بوست الإسرائيلية وصفت الحادث قائلة: "لقد حدث ما لا يمكن تصوره، وهو قتل سليماني". لكن الدولة العبرية، الحليف الرئيس لواشنطن في المنطقة، تعرف أنها على خط المواجهة.
ففي حالة قيام طهران الرد، فستكون ضمن مدى صواريخ حزب الله اللبنانية في الشمال وصواريخ حركة الجهاد الإسلامي في غزة. وقال باسم نعيم، القيادي في حماس ومسئول العلاقات الخارجية للحركة، إن الضربة الأمريكية "فتحت الباب أمام كل الاحتمالات، باستثناء احتمالية الهدوء والاستقرار". ومن هنا كانت مصلحة الإسرائيليين بألا يصبوا الزيت على النار.
وفي عام 2008، كان الموساد على بعد ثوانٍ من قتل سليماني، كما يروي الصحفي الاستقصائي رونين بيرجمان في كتابه بعنوان "Rise and Kill First"، وبعد ذلك حاصر الإسرائيليون سيارة عماد مغنية في دمشق، وكانوا ينتظرون اللحظة المناسبة لتفجير عبواتهم الناسفة. وعند رؤية سليماني ومغنية يصعدان معًا، طلبوا إذن رؤسائهم "بقتل عصفورين بحجر واحد". لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، تحت ضغط من جورج دبليو بوش، تراجع عن اغتيال القائد الإيراني. ومع مرور السنوات بزغت هالة الجنرال الإيراني، حتى بدا الاقتراب من سليماني كإعلان حرب، وفضلت إسرائيل إحباط خطط فيلق القدس في سوريا من خلال ضربات طويلة لم تعلن مسئوليتها عنها.
ردود الأفعال في فرنسا

تحت عنوان "ماكرون يريد تجنب تصعيد خطير آخر ويدعو إلى ضبط النفس"؛ استعرضت جريدة لا ليبر البلجيكية الموقف الرسمي الفرنسي من الحادث، حيث أعلن الإليزيه أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سيظل "على اتصال وثيق" بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول الوضع في العراق "لتجنب تصعيد خطير جديد للتوترات، داعيًا جميع الأطراف إلى ضبط النفس". وخلال مقابلة مع نظيره الروسي؛ شدد ماكرون على تمسك فرنسا بسيادة العراق وأمنه واستقرار المنطقة، وأضاف أنه دعى إيران إلى العودة سريعًا للامتثال الكامل بالتزاماتها النووية والامتناع عن الاستفزاز. كما دعا وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان طهران إلى تجنب أي رد فعل على وفاة الجنرال سليماني، الأمر الذي سيؤدي إلى "أزمة انتشار نووية خطيرة"، وفقًا لبيان الوزارة.
وتحت عنوان: "قرار غير مسئول من دونالد ترامب"، استعرض ديديه بييون نائب مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية بباريس والخبير في شئون الشرق الأوسط تداعيات الحادث، معربًا عن خشيته من عواقب هذا الهجوم "غير المبرر".
ويرى "بييون" في حوار له أنه لا ينبغي التقليل من أهمية قرار الولايات المتحدة غير المسئول الذي اتخذه دونالد ترامب. فمنذ انسحاب الولايات المتحدة من جانب واحد من الاتفاق النووي في مايو 2018، زادت التوترات مع بشكل خاص، وما كان مهمًا للغاية هو إبقاء هذه التوترات تحت السيطرة، حيث كان بإمكان واشنطن التأثير القوي على الحياة اليومية للإيرانيين. ومع ذلك، لم يكن هناك الكثير من العيوب العسكرية، بخلاف عدد قليل من الحوادث في الخليج، وقصف مواقع النفط في السعودية. لقد كانت معركة محتومة دون أن يتخطى أحد الخط الأحمر، وأخشى كثيرًا عواقب ذلك كله؛ نظرًا لقيمة الهدف وأهميته في الجهاز الإقليمي الإيراني.
وحول سؤال هل يمكن أن نتوقع عواقب اقتصادية؟ قال بييون: قد يكون العمل على مضيق هرمز، حيث تمر العديد من ناقلات النفط، جزءًا من الإجراءات التي سينفذها الإيرانيون. ويمكنهم حظر أو التهديد بالحظر، ولا أظن أنهم سيفرضون إغلاقًا كاملًا؛ فالإيرانيون يلعبون السياسة ويعرفون أنها ستؤدي إلى نتائج عكسية. ولكن قد تحدث عمليات صعود إلى ناقلات النفط وقد ترتفع أسعاره.

وتحت عنوان: "هل فرنسا سلبية أمام الشرق الأوسط الذي يشتعل؟" عرضت جريدة سبوتنيك بنسختها الفرنسية تحليلًا لبطء رد الفعل الفرنسي تجاه الحادث، فبينما توعد وزير الدفاع والزعيم الأعلى للثورة الإسلامية في إيران بالانتقام لموت سليماني، تحدث ترامب عن ضربات جديدة في حال رد طهران، وطالب البنتاغون بإرسال 3000 جندي أمريكي إضافي إلى الشرق الأوسط. وفي مواجهة ذلك، بدا رد الفعل الفرنسي بطيئًا، إلى أن أعلن قصر الإليزيه أن الرئيس ماكرون تحدث مع فلاديمير بوتين حول الحادث.
وفي الوقت نفسه، أصدرت وزارة الخارجية بيانًا صحفيًّا عقب مقابلة الوزير جان إيف لو دريان مع نظيره الأمريكي مايك بومبو، وفي هذا البيان، دعت باريس الجميع إلى ضبط النفس وإيران إلى "تجنب أي إجراء قد يؤدي إلى تفاقم عدم الاستقرار الإقليمي"، ودعتها كذلك إلى "العودة بسرعة إلى الامتثال الكامل بالتزاماتها النووية".

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا