آسيان بوست| مرونة الإمارات النموذجية في التعامل مع فيروس كورونا المستجد

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

أوردت منظمة الصحة العالمية إنه يجري الإبلاغ عن حوالي 100 حالة جديدة مصابة بفيروس كورونا خارج الصين كل يوم في ظل حدوث تفشي كبير في جنوب شرق آسيا, وإيطاليا والشرق الأوسط. هذا الأسبوع, ارتفع هذا الرقم إلى 300 حالة في اليوم. لقد قتل الفيروس, المعروف أيضًا باسم كوفيد-19, ما يقرب من 4 آلاف شخص, وأصاب أكثر من 100 ألف حالة تم الإبلاغ عنها حول العالم, وبدأ بعض المسئولين التحدث عن إمكانية حدوث جائحة عالمية.

وفي الوقت الذي يظل فيه الفيروس خارج السيطرة, تُظهر أسواق الأسهم المالية, والحكومات, والمواطنين علامات الهلع.

إجراءات إقليمية

منذ بداية التفشي, كانت المنظمات المحلية, والإقليمية والدولية تعمل بلا كلل لاحتواء انتشار الفيروس.

تتدافع السلطات لتطوير أدوية وتقنيات حديثة لمنع فيروس كورونا من القضاء على منظومات الصحة الوطنية, لا سيما في محاور النقل التي تشهد عبور الناس من جميع أنحاء العالم, وكذلك أيضًا الدول النامية حيث تكون المنظومات الطبية ضعيفة بالأصل, وتعاني من نقص التمويل وهشة. تتعرض منطقة جنوب شرق آسيا بوجه خاص لخطر الإصابة نظرًا لقربها من بر الصين الرئيسي, وغياب القيود على السياحة, ونقص مراكز الاختبار والعلاج المناسبة. وبحسب المحللين, حدوث تفشي هناك ربما يتسبب في انهيار المرافق الطبية للمنطقة.

ولعل الأكثر إثارة للقلق هو غياب بيانات الإصابة بالفيروس الواردة من المنطقة, خاصة في إندونيسيا, ما دفع البعض للاعتقاد بأن الفيروس ينتشر بصمت في أنحاء الأرخبيل. تبدأ جاكارتا الاستجابة ببطء, حيث أعلنت عن جولة ثانية من التمويل التحفيزي الأسبوع الماضي عقب بدء العمل ببروتوكولات الكشف في المطارات ببطء.

وعلى النقيض منها, تُعد هونج كونج لاعبًا أساسيًا في تطوير لقاح للقضاء على كوفيد-19 وهي في صدارة القتال ضد الفيروس نظرًا لقربها من بر الصين الرئيسي. طبقت سنغافورة, وهي بلد معروف بنظافته, ونظامه ومرافقه الطبية المتقدمة, طبقت إجراءات مشددة والتي تمنع السفر لبر الصين الرئيسي وتفرض حجرًا صحيًا إجباريًا على أولئك العائدين من مناطق مرتفعة الخطورة. وجرى إتهام أشخاص بتزوير تاريخ السفر.

وفي حين أن هذه السياسات فعالة إلى حد كبير – تتجاوز معدلات الشفاء الآن معدلات الإصابة في سنغافورة – فإنها لا يمكن تكرارها بسهولة في المنطقة حيث إنها تعتمد على تقبل السياسة, والتحفيز الاقتصادي والمشافي المتقدمة. وبالنسبة لمعظم أنحاء جنوب شرق آسيا, والعالم بالطبع, يجب إتخاذ إجراء سياسي استراتيجي أكثر.  

إجراءات وقائية في الإمارات

خارج المنطقة, تبدأ الإمارات العربية المتحدة, وهي مركز عالمي تمامًا مثل هونج كونج وسنغافورة, تبدأ الكشف عن نفسها كرائد براجماتي وفاعل في مكافحة الفيروس.

حتى اليوم, توجد 38 حالة مؤكدة على الأقل في الإمارات. هذا الرقم منخفض بطريقة مفاجئة, خاصة عند المقارنة بتعداد سكان الدولة البالغ 9,5 مليون نسمة, والـ16 مليون زائر والـ110 مليون مسافر الذين يمرون عبر مطاريها الرئيسيين في دبي وأبوظبي كل عام. في الواقع, مطار دبي هو ثالث أكثر المطارات ازدحامًا في العالم.

مع هذا, نظرًا لطبيعة دبي كمركز عالمي للمال, والتكنولوجيا والسفر, فإنها ليست مفاجأة أن التفشي الفيروسي هناك قد تكون له عواقب كارثية يمكن أن تنشر العدوى إلى كل أنحاء العالم.

ومع إدراك نقطة ضعفها لكونها مُيسر محتمل لجائحة عالمية, إتخذت السلطات الإماراتية عددًا من الإجراءات الوقائية, مثل الحجر الصحي الموضعي والفحوصات في المطارات. تتواجد مطهرات اليد الآن في جميع الفنادق, وتُنصح الهيئات الحكومية بالتعامل عبر الإنترنت بدلًا من الاجتماعات وجهًا لوجه, ويبدأ برنامج تجريبي هذا الأسبوع في المدارس الحكومية للتدريس عبر التعلم عن بعد – وإذا نجح ربما ينتشر في مناطق أبعد. عملت الإمارات أيضًا خارج حدودها مؤخرًا, حيث نقلت مجموعة من الطلاب اليمنيين جوًا من ووهان, الصين – مركز الفيروس.  

بالإضافة إلى هذا, يثبت قطاع التكنولوجيا في البلاد فائدته حيث كانت شركة “جروب 42” الإماراتية تتعامل مع التفشي مباشرة. الخطة هي الاستفادة من الذكاء الاصطناعي الحالي وتكنولوجيا الحوسبة السحابية لمنع الفيروس من الانتشار ولضمان أن تصل الإمدادات الطبية إلى المناطق التي تحتاجها بشدة. لهذا السبب, أعلنت الشركة عن إطلاقها لبرنامج الجينوم السكاني, الذي سيوفر التنميط الجيني السريع للمساعدة في جمع البيانات اللازمة للباحثين من أجل تطوير علاج للفيروس.

ستوفر جروب 42 أيضًا مئات الآلاف من الإمدادات الطبية الأساسية للصين, والتي تشمل أقنعة جراحية, ونظارات واقية, وقفازات, ومجموعة متنوعة من الملابس الواقية الأخرى لحماية العاملين في مجال الرعاية الصحية الذين يعالجون المرضى.

وعلاوة على هذا, أعلنت الإمارات أيضًا استخدام نظام “وريد” في المرافق الصحية في دبي وشمال الإمارات. البرنامج مُصمم لمساعدة الأطباء والعاملين في مجال الرعاية الصحية في اكتشاف حالات فيروس كورونا المحتملة أثناء الاستشارات الطبية.

عن طريق استخدام هذا النظام, يتمكن الأطباء من توثيق التفاصيل الخاصة بالمرضى, مثل الأعراض التي تظهر عليهم وتاريخ سفرهم, والتي ستعالجها خوارزمية لتقرير ما إذا كان المريض في خطر أم لا.

يأتي تطوير هذه الأنواع من التكنولوجيات المبتكرة في وقت حرج حيث يصارع المجتمع الدولي مع كارثة عالمية محتملة. تقدم الإمارات أيضًا لبقية جنوب شرق آسيا مبادرات عملية وفعالة والتي تُعد أقل تشددًا مما تقدمه سنغافورة.

تأثير كوفيد-19 على سياحة الإمارات

لقد أثر تفشي فيروس كوفيد-19 على السفر والسياحة في آسيا بسبب حظر السفر وسياسات الحجر الصحي الموضعي. تراجعت السياحة, خاصة في فيتنام, وبالي, وماليزيا وتايلاند, بشدة مع توظيف حكومات المنطقة لباقات تحفيز سياحية للتحوط من خسائر نقص السياحة الصينية المربحة هذا العام.

وفقًا لقناة الجزيرة, قيود السفر الأخيرة المفروضة لتحجيم التفشي قد تشكل خطرًا شديدًا أيضًا على صناعة الضيافة والسياحة في الإمارات, التي من المقرر أن تستضيف معرض إكسبو2020 في دبي وتجذب 11 مليون سائح إلى المنطقة.

إلا أن توقعات مثل هذه تكهنية إلى حد كبير. إن القطاع المالي للمدينة لا يزال يؤدي بشكل جيد, وشهد الناتج المحلي الإجمالي للبلاد نموًا بنسبة 2,9% في 2019, ولا توجد مؤشرات على أن عدد المسافرين انخفض.

لكن مؤخرًا في هونج كونج, أصدرت شركة الطيران الرئيسية “كاثاي باسفيك” تحذيرًا مخيفًا بشأن الربح والخسارة بعد أن طُلب منها إلغاء اثنتين من كل خمس رحلات مقررة في فبراير ومارس. ومثل دبي, هونج كونج مركز مالي وسياحي ومركز حركة جوية لمعظم أنحاء العالم لكن قربها من الصين, واستجابة حكومتها البطيئة في التعامل مع العلامات الأولية للفيروس, أبطأوا اقتصادها حتى التوقف.

على الجانب الآخر, بقت شركات الطيران الكبيرة في الإمارات, الاتحاد للطيران وطيران الإمارات, غير متأثرة ولم تصدر أي تحذيرات خطيرة ردًا على التفشي. ولكونها تعلمت من أخطاء منافستها الآسيوية, كانت السلطات الإماراتية سريعة في نشر إجراءاتها الوقائية, مثل الفحص الحراري, مع ضمان أن تبقى القنوات التجارية الحيوية مع الصين مفتوحة (الإمارات لا تزال تشغل مسار دبي-بكين).

الأعمال كالمعتاد في الإمارات

سلكت الإمارات نهجًا استباقيًا, حيث طبقت إجراءات وقائية لضمان أن تبقى الأعمال مزدهرة. وبسبب هذه الإجراءات, لم يؤثر فيروس كورونا على الأعمال في دبي للحد الذي تعطلت فيه المدن المنافسة مثل هونج كونج وسنغافورة.

ووفقًا لأمباريش جالي, مالك مطعم “نيو شنغهاي” الشهير في دبي, ” حوالي 90 في المائة من عملائنا صينيون ولم نر أي انخفاض في أعداد الزوار. إنه العمل المعتاد لدينا. لم نشهد أي انخفاض في المبيعات.”

لقد ضمنت الإجراءات الوقائية التي إتخذتها الإمارات ألا يتراجع اقتصادها وأعمالها. في الواقع, أشادت منظمة الصحة العالمية مؤخرًا بتعامل الإمارات مع الأزمة وقالت, “إن ما رأيناه من الإمارات العربية المتحدة هو استجابة هائلة [للفيروس].”

لقد تبنت الإمارات سلسلة من السياسات التي تبدو وإنها منعت التفشي على نطاق شامل على أراضيها وحافظت على علاقاتها التجارية الحيوية مع آسيا. وفي حين أن الكثير من الدول حول العالم شهدت تداعيات طبية واقتصادية في الأسابيع الأخيرة, مع تلقي جنوب شرق آسيا لضربة قوية, فإن نهج الإمارات المتوازن هو نهج يمكن, بل وينبغي, تكراره.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا