جلوبال فيليدج سبيس| الإمارات تضرب نموذجًا رائعًا في مواجهة كورونا والحفاظ على اقتصادها مع الصين

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – بسام عباس

ردت العديد من الحكومات في جميع أنحاء العالم على تفشي فيروس كورونا بحظر بعض الرعايا الأجانب، ووقف الرحلات الجوية من وإلى الصين، والتهديد بسجن المواطنين إذا خالفوا شروط الحجر الصحي.

فيما تفاعل بعض الأفراد مع الفيروس بالاعتداء اللفظي والجسدي على أي شخص يبدو صينيًّا، وبينما أثّرت الفاشية بشكل أساسي على الصين والاقتصادات الآسيوية الأخرى، فقد انتشر الآن إلى نحو 50 دولة على الأقل، وأصاب أكثر من مائة ألف وقتل أكثر من ثلاثة آلاف.

ربما لا تكون التوجيهات الحكومية الصارمة التي لا تتسامح على الإطلاق حلولًا فعالة. وبدلًا من ذلك، يجب تشجيع النماذج التي وضعتها دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي اتّبعت نهجًا أكثر دقة لاحتواء انتشار فيروس كورونا.

فقد تمكنت الإمارات من حماية مواطنيها مع الحفاظ على العلاقات التجارية المهمة والعمليات التجارية مع الصين ودول شرق آسيا، وهذه هي الطريقة الصحيحة للتعامل مع الفيروس. وعلى الرغم من أن هذا النوع من ردود الفعل التي اجتاحت العالم أمر مفهوم، غير أن العنصرية التي رافقته ليست كذلك.

كانت التوترات العرقية تجاه أولئك المنحدرين من أصل آسيوي موجودة منذ فترة طويلة في الغرب، ولكن في أوج انتشار فيروس كورونا، تتزايد الهجمات ضد الآسيويين؛ ولذلك فالسياسة الحكومية التي تقودها الهستيريا والتوجيهات الصحية الصارمة لن تفيد حينئذٍ.

فهذه السياسات لا تحمي المواطنين من الفيروس، بل إنها في الواقع تعمل أيضًا على تسهيل المعاناة الاقتصادية، حيث تعاني العديد من الدول الآسيوية من الفوضى الاقتصادية مع توقف أنشطة السياحة والأعمال التجارية؛ فيما تشعر الدول الأخرى التي تعتمد أيضًا على التجارة والسياحة الصينية أيضًا بالضغط، بيد أنها تواصل منع الأنشطة التجارية مع الصين لحماية مواطنيها.

ورغم أنه فيروس مميت، إلا أن السياسات الطبية المتحمسة بشكل مفرط تضر بالدبلوماسية وبالتجارة؛ فمعدل الوفيات يبلغ حوالي 2٪ في بؤرة التفشي، وأقل من ذلك في الأماكن الأخرى. وهو معدل أكثر قليلًا من الأنفلونزا الموسمية، والتي عادةً ما يكون معدل الوفيات فيها أقل من 1٪، لكنها أقل بكثير من متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد الوخيم (السارس)، التي انتشرت بـ 37 دولة في عام 2002، وقتلت أكثر من 750 شخصًا.

وقد أغلقت الحكومات في جميع القارات تقريبًا حدودها أمام معظم الرحلات الجوية من الصين، إن لم يكن جميعها، وللزوار الأجانب الذين ذهبوا إلى الصين أو مناطق معينة منها، كما ألغت شركات الطيران بما في ذلك الخطوط الجوية البريطانية وكانتاس أكثر من 200 ألف رحلة، معظمها داخل الصين. وقد أوقفت شركات النقل الأمريكية الخدمة إلى الصين وهونج كونج بسبب الفيروس، وتم منع أي مواطن أجنبي كان قد زار الصين في الأيام الـ 14 الماضية من دخول الولايات المتحدة.

ومن المتوقع أن ينخفض الطلب على السفر جوًّا على مستوى العالم للمرة الأولى منذ عام 2009 وبذلك تخسر شركات النقل في منطقة آسيا والمحيط الهادئ نحو 27.8 مليار دولار من الإيرادات، مع خسارة 12.8 مليار دولار في السوق المحلية الصينية وحدها.

ومع ذلك، أشادت منظمة الصحة العالمية بجهود دولة الإمارات، عبر سياساتها المتوازنة التي تحاول تحقيق التآزر بين التداعيات الاقتصادية والطبية، فقد قامت الدولة بعمليات إنسانية خارج حدودها لإجلاء الطلاب اليمنيين ومئات الأجانب الآخرين من ووهان إلى أبو ظبي، وهناك يتم اختبار الأشخاص الذين تم إجلاؤهم وإيواؤهم وإعادتهم إلى وطنهم بناءً على طلب حكوماتهم المحلية التي غالبًا ما تكون غير قادرة على أداء مثل هذه المهام باهظة الثمن بنفسها.

وهذه السياسة ربما تتعارض مع الاستراتيجية الانعزالية للدول الأخرى التي تغلق حدودها، وتذكي حدة التوترات بهذه الإجراءات، حيث أفادت وسائل الإعلام الأمريكية عن "هجمات عنصرية وكره الأجانب ضد مواطنيها الأمريكيين أو أي شخص في الولايات المتحدة يبدو وكأنه شرق آسيوي".

فيما تحقق الشرطة البريطانية في سلسلة حوادث عنصرية مرتبطة بالفيروس تستهدف الصينيين، وتتصاعد الأعمال والتعليقات العنصرية ضد الآسيويين في فرنسا. كما وقعت "حوادث" عنصرية موجهة ضد الآسيويين في عدة دول أوروبية أخرى بالإضافة إلى أستراليا وكندا ومصر وكوريا الجنوبية وأماكن أخرى.

ويتساءل المرء ما إذا كانت مجرد مصادفة أنه لم يتم الإبلاغ عن عنصرية معادية لآسيا في الإمارات العربية المتحدة، التي تعمل مع السلطات الصينية للحد من انتشار فيروس كورنا، وربما يرجع ذلك إلى أن الإمارات تُدرك مدى اعتماد اقتصادها على التجارة مع الصين وبقية دول آسيا.

الإمارات العربية المتحدة هي أحد شركاء الاستيراد الرئيسيين للصين، واحد بالمائة من جميع الصادرات الصينية متجه إلى الإمارات، علاوة على ذلك، فإن الإمارات هي – بلا شك – الوجهة الاستثمارية المفضّلة للصين بين الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية.

وفي الواقع، يشكّل صندوق الاستثمار المشترك بين الصين والإمارات، وهو مبادرة بقيمة 10 مليارات دولار لإقامة علاقات سياسية وتجارية، ركيزة إضافية لهذه العلاقة التجارية، ووفقًا لـ "ني جيان" سفير الصين لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، فإن نحو 6000 شركة صينية انتقلت إلى طيران الإمارات.

وبغض النظر عن الأعمال، سجلت دبي العام الماضي وحده ما يقرب من مليون سائح صيني. ومن الواضح أن حكومة دولة الإمارات قدرت أن قطع العلاقات مع الصين بالكامل سيكون له تأثير اقتصادي ضار للغاية.

وبدافع الحفاظ على علاقاتها الاقتصادية المربحة مع الصين وبقية دول آسيا، تبدو الإمارات واثقة من أن بكين ستكون قادرة على احتواء انتشار الفيروس والسيطرة عليه. وتعهدت الحكومة الإماراتية بإتاحة الإمدادات الطبية لدعم جهود الصين وأقامت علاقات دبلوماسية أكثر دفئًا في الآونة الأخيرة من خلال إضاءة برج خليفة بألوان العَلَم الصيني كتعبير عن التضامن.

وفي حين علقت حكومة الإمارات جميع رحلاتها إلى إيران وتايلاند، وجميع رحلات الركاب تقريبًا إلى الصين، تركت طريقها في بكين مفتوحًا للحفاظ على العلاقات التجارية.

وعلى أي حال، سيكون هناك بلا شك تأثير كبير على صناعة الطيران الإماراتية، وقد تتأثر صناعة الضيافة والسياحة في دبي في هذه العملية. وتستضيف دبي 16 مليون زائر وحوالي 90 مليون مسافر ترانزيت كل عام، وهي أرقام رائعة تعمل السلطات جاهدة للحفاظ عليها.

وتبدو الأمور حتى الآن جيدة جدًا، فأداء الدولة كان – وما زال – جيدًا، فقد تم تشخيص 27 شخصًا فقط مصابين بفيروس كورونا، كما أن وزارة الصحة الإماراتية كانت سبّاقة في تحديد وتخفيف تهديد الفيروس من خلال الحفاظ على اتصالات قوية مع منظمة الصحة العالمية ومركز السيطرة على الأمراض، وتوسيع نطاق التغطية الصحية الحكومية لاختبار وعلاج وإدخال جميع المرضى المشتبه بهم.

كما أدخلت الوزارة فحصًا حراريًّا في المطارات للمسافرين القادمين من الدول عالية الخطورة مع تشجيع اللقاءات عبر الإنترنت للمدارس والمكاتب، وهذه القيود ضرورية لمنع إصابة الناس بسرعة كبيرة؛ ما وضع عبئًا ثقيلًا على مرافق الرعاية الصحية.

الإنذار الدولي أمر مفهوم. ومع ذلك، يجب أن تتخذ الحكومات نهجًا متوازنًا يهدف إلى مواجهة الفيروس وحماية مواطنيها، مع الحفاظ في الوقت نفسه على العلاقات التجارية مع الصين والدول الآسيوية الأخرى لحماية اقتصاداتها، ولا شك أن هذه هي أفضل طريقة للمضي قدمًا والتغلب على تداعيات انتشار الفيروس المميت.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا