الجارديان| الأرقام الأخيرة جرس إنذار.. أزمة كوفيد-19 العالمية لم تقترب من النهاية

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – آية سيد

لقد استغرق الأمر أكثر من ثلاثة أشهر لكي يسجل العالم مليون حالة إصابة بكوفيد-19. وآخر مليون حالة سُجلت في أسبوع واحد, ما يرفع العدد الإجمالي إلى أكثر من 10 ملايين. في يوم الأحد 28 يونيو, سجل العالم أكثر من 190 ألف حالة جديدة في يوم واحد, وهو رقم قياسي جديد. 

لا تركزوا على الأرقام الدقيقة. نحن نجري اختبارت أكثر من أي وقت مضى، لذلك نجد المزيد من الحالات. إن ما يهم هو الصورة الكبيرة: الأزمة لم تنته بعد. إنها بعيدة كل البعد عن النهاية. وفي الوقت الذي بدأت شرق آسيا وأوروبا في التعافي, يزداد زخم المرض على المستوى العالمي. وهذه ليست "الموجة الثانية". إن الموجة الأولى لا تزال تنتشر عبر سكان العالم البالغ عددهم 7.8 مليار نسمة.

السؤال هو هل نمتلك الخيال السياسي والتعاطف والعزيمة اللازمين لاستيعاب هذه الأزمة على المستوى العالمي؟ هل يمكن حشد الرأي العام وصناع القرار في أوروبا وآسيا, حيث تم تقريبًا منع المرض من الانتشار بفاعلية, لدعم استجابة عالمية ملائمة للأزمة في بقية أنحاء العالم؟

تفرض الجائحة تحديًا كبيرًا على الخيال المعاصر. لقد جعلت درجة ترابطنا والصعوبة الشديدة التي نمتلكها, خاصة نحن في الغرب, في فهم العوامل العالمية العاملة حقيقة واقعة.

كان هذا واضحًا بالفعل في يناير 2020. لا داعي هنا لإعادة التنقيب في القصة المؤلمة للتأجيل والمراوغة؛ الاتهامات المضادة اللانهائية وتشريح الجثث هي مثال على ضيق الأفق. لكن بيت القصيد هو أن الغرب تعامل مع الأزمة في "ووهان" على أنها مشكلة بعيدة وغريبة, صنعتها استجابة الصين "الاستبدادية". لقد تحدثنا عن "لحظة تشرنوبل" بالنسبة إلى نظام شي, كما لو كانت أزمة تحدث في الثمانينيات في بلدة أوكرانية غير معروفة خلف الستار الحديدي, وليس مرض شديد العدوى ينتشر في أنحاء واحدة من التجمعات السكنية الأكثر ديناميكية وترابطًا على مستوى العالم. كان ينبغي أن تكون شيكاغو هي النموذج وليس تشرنوبل.

لم يبدُ أن لندن ونيويورك, اللتين تنعمان بمكانتهما كمدن عالمية, تُقدّران أن الأزمة في ووهان أمر بالغ الأهمية. في الولايات المتحدة, لم تكن أكبر الإخفاقات التي حدثت في شهري فبراير ومارس في العاصمة واشنطن وإنما في نيويورك. أغلقت كاليفورنيا, لكن نيويورك لم تفعل. ونحن نعرف النتائج: في ولاية نيويورك, مات 31.484 شخصًا على الأقل, حتى الأمس.

يكفي هذا الحديث عن الإخفاقات. لكن حتى تقديرنا لجغرافيا النجاح متحيز. إن الدول التي أحسنت التصرف كانت تلك الأقرب إلى الصين, التي كانت لها تجارب حديثة مع تهديدات الأمراض المعدية مثل متلازمة الشرق الأوسط التنفسية. لكن, مجددًا, نتجه لجعل الاختلاف يبدو غريبًا. نحن نهملهم بوصفهم "نمور آسيوية" ذات أسواق ناشئة, بلاد بأنظمة تعليم غير إنسانية, ودرجات مذهلة في مواد العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات, ونهج متراخ تجاه الخصوصية الشخصية.    

لقد حان الوقت لإلقاء نظرة مجددًا على الأرقام ومواجهة الحقائق. لم تعد كوريا وتايوان دولًا "ناشئة"؛ لقد صعدت، وفي الواقع, لقد تفوقت على معظم دول الغرب من ناحية الرفاهية والتطور التكنولوجي والأمن العام الأساسي الذي تقدمه لمواطنيها المحظوظين.

تأتي سنغافورة, التي استحضرها مؤيدو البريكست كنموذج لمجتمع السوق الحرة, على قمة رابطة الرفاهية, إلى جانب سويسرا والنرويج الغنية بالنفط. يتساوى الناتج المحلي الإجمالي للفرد لتايوان بناتج الدول الأوروبية الأكثر ثراءً، مثل ألمانيا والسويد. وتقع كوريا الجنوبية في نفس المجموعة مع إسبانيا, والمملكة المتحدة ونيوزيلندا. إن كوفيد-19 جرس إنذار لتعديل تصنيفاتنا العالمية وفهمنا لمكانتنا في هذه التصنيفات.

وفي الوقت الذي تخبّط فيه بقية العالم, كانت المشكلة بالنسبة للدول صاحبة قصص النجاح, ومن ضمنهم الصين, هي احتواء خطر العدوى القادم من الخارج. كان هناك نوع من العدالة التاريخية في هذا. بداية من القرن التاسع عشر, بنت الدول الأوروبية نظام صحة عامة عالمي بهدف الحد من انتشار الأمراض، مثل الكوليرا والحمى الصفراء من آسيا وأفريقيا إلى الغرب. في 2020 خشيت آسيا من العدوى القادمة من أوروبا، لكن هذا الانعكاس الكرنفالي للجغرافيات التاريخية كان قصير الأمد. الآن, مع انتشار المرض إلى أمريكا اللاتينية وأفريقيا وجنوب آسيا, يهدد تسلسل كئيب جديد. سوف يقسم المرض أولئك الأغنياء, والذين هم بالتالي في موقف يسمح لهم بـ"التكيف", عن البقية. ربما يصبح كوفيد-19 واحدًا من "أمراض الدول الفقيرة" التي تقتل مئات الآلاف في العام، مثل الملاريا أو السُل, لكنه مُعدٍ أكثر وبالتالي يحتاج لتباعد اجتماعي أكثر صرامة.  

إن التداعيات على مجتمعاتنا متعددة الأعراق كئيبة. يشكل الأمريكيون من أصل مكسيكي حوالي 11% من سكان الولايات المتحدة, واللاتينيون 18%. يدخل الملايين ويخرجون كل عام. تمثل أمريكا اللاتينية الآن 53% من معدل الوفيات العالمي. وربما تفكر أن الانتشار المتفشي لكوفيد-19 جنوب الحدود الأمريكية سيمثل أولوية مُلحة للولايات المتحدة، وسوف يستغل ترامب بالتأكيد الكارثة من أجل أغراضه المتعلقة بكراهية الأجانب. لكن ما هو الحل التقدمي؟ 

إن السبب الوحيد الذي لا يجعل الأمريكتين تهيمنان بالكامل على إحصائيات الوفاة العالمية في الوقت الحالي، هو أن الأعداد ترتفع بشكل يُنذر بالخطر في الهند وأفريقيا أيضًا. وإذا استمر بنفس المسار الحالي, سوف يشكل هذا التصعيد تحديات ضخمة للعمال المهاجرين وعائلاتهم, حيث إن قوانين الحجر الصحي تمنع السفر، والبطالة المرتفعة تقطع تدفق الحوالات المالية.

لقد جرى التنبؤ بأزمة كوفيد-19 في الدول الفقيرة منذ فترة طويلة. في الربيع, كانت هناك فورة من النشاط بين المؤسسات مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لكن أعقب هذا إحساس بالهبوط المفاجئ، حيث بدا أن المرض يتباطأ. لكن الجائحة العالمية الآن في كامل قوتها. في شهر مارس, أُغلق أغلب العالم، لكن لم يستمر ذلك، وسوف يحتاج الأمر لمعدلات وفاة كارثية لكي تصبح عملية الإغلاق الثاني صالحة سياسيًّا. وإذا كان منع الانتشار على الطريقة الصينية أو الأوروبية غير مطروح على الطاولة, يجب أن يصبح التركيز على الاختبارات الشاملة منخفضة التكلفة والجهد العالمي لضمان أفضل الممارسات في العلاج, ويشمل هذا توفير العقاقير الأساسية للجميع. إن التكلفة مرتفعة لكنها في المتناول، وفي الوقت الذي تقف أمريكا عاجزة بسبب رئيسها الانعزالي, يصبح السؤال حول كوفيد-19, مثلما هو حول التحديات العالمية الأخرى مثل أزمة المناخ: هل يمكن لآسيا وأوروبا أن تجتمعا لتقديم القيادة اللازمة؟

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا