الصحافة الألمانية| بوتين في السلطة إلى الأبد وترامب لن يتغير.. وماذا بين أنقرة وموسكو؟

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – عماد شرارة

إيران.. الإصلاحيون في أزمة

نشر موقع "دويتش فيلله" تقريرًا للكاتب "كريستن كنيب" تحدث عن الأزمة القوية التي يمر بها التيار الإصلاحي في إيران، لا سيما بعد نتائج الانتخابات الأخيرة، ومستقبل هذا التيار بعد الإخفاقات المتتالية والمواقف المخزية تجاه الاحتجاجات والمظاهرات المتزايدة من الشعب الإيراني احتجاجًا على سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية في البلاد.

ويتعرض الإصلاحيون في البرلمان الإيراني لضغوط، كما هو الحال أيضًا بالنسبة للمتشددين، لكن أنصار التيار الإصلاحي باتوا أقل اقتناعًا بهذا الاتجاه بعد الإخفاقات الأخيرة. خطوة إلى الوراء، هكذا جاء عنوان صحيفة "أرمان ملي"، الموالية لمعسكر الإصلاحيين الإيرانيين. ومعلوم أن الجدل القائم في البرلمان الإيراني الحالي حول مستقبل خدمة انستجرام إذا ترك في يد المتشددين، فإنه سيتم إيقاف الخدمة في النهاية، وسيؤدي ذلك أيضًا إلى حظر آخر منصة رقمية أجنبية في إيران. وتابعت الصحيفة بأن خطوة إغلاق انستجرام من الويب في إيران ليست سوى نهجًا يهدف إلى القضاء على وسائل التواصل الاجتماعي وإذكاء المزيد من السخط العام على حكومة روحاني.

ويستخدم المتشددون -الذين يظهرون كذبًا التأييد الرئيس الذي بدا كمصلح – سياسة الأرض المحروقة، ويعكس هذا الموقف الوضع المتأزم للإصلاحيين الذين ساء موقفهم منذ الانتخابات العامة في شهر فبراير 2020، وبسبب عجزهم وتضييق الخناق عليهم من قِبل المتشددين.

العقاب مضاعف

في الفترة التي سبقت الانتخابات، لم يتم قبول آلاف المرشحين المعتدلين، وتم رفض حوالي 75% من مرشحي هذا التيار من قبل مجلس صيانة الدستور، ولهذا السبب بدا أن المحافظين والمتشددين قد حققوا نجاحات كبيرة حين تم الإعلان عن فوزهم بـ 221 مقعدًا من إجمالي 279، بينما ذهب 20 مقعدًا فقط للإصلاحيين و30 آخرين للمرشحين المستقلين. وفي طهران فاز المحافظون بجميع المقاعد الثلاثين.

وجاء العقاب الثاني من الناخبين هذه المرة، حيث انخفضت نسبة التصويت لأدنى مستوى لها منذ عام 1979، ولم تشارك سوى نسبة 43% ممن لهم حق التصويت. وقد أثر انخفاض نسبة التصويت في المقام الأول على الإصلاحيين الذين عوقبوا حرفيًّا من قبل مؤيديهم.

مظاهرات الخريف الماضي

يتهم أنصار التيار الإصلاحي الإيراني الرئيس روحاني وحزبه بالخضوع للمتشددين في مواقف كثيرة، وخاصة خلال الاحتجاجات الأخيرة في الخريف من العام الماضي (2019)، حيث اعترض روحاني على استمرار التظاهر في الشوارع الإيرانية، وقال في نوفمبر 2019 إن هناك عناصر تخريبية تعمل لصالح الأعداء (المملكة العربية السعودية) والصهاينة (إسرائيل) والأمريكيين تقف وراء هذه التظاهرات. هذه التظاهرات التي راح ضحيتها الكثير من أنصار هذا التيار الذي ينبغي أن يكون روحاني أحد أهم رموزه، وأعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش لحقوق الإنسان مقتل أكثر من 200 متظاهر في هذه الاحتجاجات، بينما تحدث المبعوث الأمريكي الخاص لإيران، برايان هوك عن مقتل أكثر من 1000 إيراني، لكن الحكومة الإيرانية تقول إن عدد القتلى خلال هذه التظاهرات لم يتجاوز العشرات.

خيبة الأمل

لم يصنع الإصلاحيون شيئًا فيما يخص ضحايا المظاهرات، بالإضافة لخيبة الأمل التي أصابت مناصريهم بسبب تدهور الأحوال السياسية والاقتصادية في السنوات الأخيرة، وكشفت تقارير إعلامية استياء وعضب الكثير من الإصلاحيين من أداء هذه الحكومة؛ فقد أعلن أحد الأساتذة الجامعيين في طهران أنه لن يشارك في الانتخابات القادمة بالتصويت للإصلاحيين بسبب خيبة الأمل التي لحقت به؛ فقد اعتقد أنهم سيصلحون اقتصاد البلاد وسينشرون الحرية الاجتماعية ويعملون على تحسين صورة إيران على المستوى العالمي لكنهم في الواقع لم يفعلوا شيئًا من ذلك.

ويقول السيد عدنان الطباطبائي، الخبير السياسي ومدير مركز أبحاث" كاربو" بمدينة بون، إن مثل هذا التطورات أمر متوقع، فبعد الوعود الانتخابية بتحسين العلاقات مع الغرب والوضع الاقتصادي فشل المعتدلون حول الرئيس روحاني فتأرجح البندول إلى الجانب الآخر من الطيف السياسي، ولو لم يكن هناك إصلاحيون غير مؤهلين للانتخابات العامة، لما استطاع المتشددون تعبئة الناخبين إطلاقًا.

وقال محمد صادق جوادي، عضو حزب الإصلاح الوطني، ذي التوجه الإصلاحي في مقابلة مع DW إن الشباب والطلاب والأكاديميين في إيران هم دائمًا وقود الانتخابات لكنهم باتوا اليوم محبطين بوعود كاذبة بعدما ظهر عجز هذا التيار على أرض الواقع.

معاناة الإصلاحيين

عانى معسكر الإصلاحيين بالفعل من خسارة شرعيته في نظر الكثير من مؤيديه بسبب الاخفاقات السياسية والاقتصادية، بحسب تحليل لمجلة أورينت 21 الإلكترونية المتخصصة في الشرق الأوسط، وتسببت مشاركة معكسرهم في السلطة في خسارة قطاع كبير من الإيرانيين، ومن ثم فإنه لا مناص من إصلاح هذا المعسكر من خلال خطوتين: مراجعة موقفهم السياسي وتعديل موقفهم السلبي تجاه مطالب المجتمع المدني، التي يتم التعبير عنها من خلال المظاهرات، على سبيل المثال. والخطوة الثانية هي انضمام الإصلاحيين إلى أعلى مستويات السلطة في إيران وحينئذٍ سيملكون نوعًا من القوة وخاصة في حالة زيادة الضغط الشعبي، كما سيمكنهم تنفيذ جزء من رؤيتهم الاستراتيجة على الأقل دون معوقات قوية، وبهذه الطريقة يمكن إنقاذ إيران لصالح الإصلاحيين والمحافظين، وفقًا لتحليل أورينت 21.

انستجرام في إيران بين المخاطر والفرص

لا تملك قوى الإصلاح في الوقت الحالي سوى الأغلبية في بعض مجالس المدن، أي على المستوى المحلي، كما يقول الطباطبائي، هذه القوى لا يمكنها تشكيل السياسة الإيرانية، ومع ذلك فلا ينبغي أبدًا الاستهانة بقدرة هذه المحليات، ويواصل الطباطبائي بأن القوى المعتدلة والموجهة نحو الإصلاح باتت تعاني تهميشًا سياسيًّا بشكل متزايد مرة أخرى بعد الصعود اللافت للنظر بين عامي 2013 و2017، وسيتعين عليها إعادة اكتشاف نفسها إذا أرادت استعادة قوتها.

وبالنسبة للجدل القائم حول انستجرام فإن الإصلاحيين يواجهون الآن اختبارًا آخر، حيث يريد المحافظون حظر المنصة، وإذا ما استطاع الإصلاحيون الحفاظ على انستجرام في إيران كمنصة قانونية، فسيكون بإمكانهم استعادة جزء من مصداقيتهم، أما إذا فشلوا في ذلك فمن المرجح أن تتفاقم أزمتهم مع الشرعية في البلاد.

روسيا وتركيا.. بين الصداقة والعداء

نشر موقع "زوددويتشا تسايتونج" تقريرًا لكلٍّ من "سيلكي بيغالك" و"بول أنطون كروجر" لفت إلى الصراع الروسي التركي على الأراضي الليبية وأسبابه ومدى قوة كل طرف، خاصة روسيا وتركيا.

يشتد الصراع بين بوتين وأردوغان من أجل النفوذ في سوريا وليبيا، ولا يتوانى الطرفان في سبيل ذلك عن استعمال الطرق غير القانونية والحرب بالوكالة، وتظهر بعض الصور التي بثها الجيش الأمريكي طائرة مقاتلة من طراز MiG-29 في طريقها إلى ليبيا، كما أظهرت الصور وصول 14 طائرة أخرى، بما في ذلك قاذفات مقاتلة من طراز Su-24 إلى قاعدة الجفرة الجوية في وسط ليبيا في شمال أفريقيا، ويُزعم أنه تم إعادة طلاء هذه الطائرات في قاعدة حميميم الجوية العسكرية في سوريا التي تديرها روسيا لإخفاء هويتها حتى لا يمكن التعرف عليها.

نقل الطائرات الروسية هو أحد حلقات الصراع من أجل التأثير في شرق البحر الأبيض المتوسط. ويُعدّ أردوغان هو الخصم اللدود للرئيس الروسي فلاديمير بوتين في ليبيا كما في سوريا، حيث تتمركز القوات التركية في محافظة إدلب للقتال ضد نظام الأسد المدعوم من موسكو. تمكن بوتين من بسط نفوذه العسكري في سوريا بالفعل منذ عام 2015، ويحاول الرئيس التركي الآن تعزيز نفوذه في ليبيا.

قامت تركيا في نوفمبر 2019 بعقد اتفاق مع حكومة الوفاق المعترف بها في طرابلس بقيادة فايز السراج، هذا الاتفاق لم يتم الاعتراف به إلا من البلدين فقط، وأرسل أردوغان بموجبه فرقاطات مضادة للطائرات إلى قبالة الساحل الليبي، بالإضافة إلى العربات المدرعة والطائرات القتالية البرية، والعديد من الضباط الأتراك الذين يعملون كمستشارين عسكريين والآلاف، من عناصر الميليشيات التابعة للجماعات الإسلامية من سوريا، وفي غضون أشهر قليلة تحولت موازين العسكرية في ليبيا لصالح المليشيات الموالية للسراج.

تاريخ طويل من الحروب بين البلدين

بعد تراجع الجنرال خليفة حفتر في السيطرة على العاصمة من خلال الهجوم الذي أطلقه في أبريل 2019، عاد الروس للسيطرة على الشرق، الذي لا يزال في يد حفتر، وتعمل الأمم المتحدة على دفع عملية السلام، خاصة بعد اتفاق موسكو وأنقرة على مناطق النفوذ. روسيا التي ظلت بالفعل في صراع في السابق مع الإمبراطورية العثمانية على النفوذ والسيطرة في البحر الأسود وبحر إيجه والبحر الأبيض المتوسط، أعادت العلاقات الطبيعية بين البلدين بعد الحرب العالمية الأولى واستطاع البلدان تسوية النزاعات الإقليمية وزيادة التجارة بينهما.

وكان من المقرر أن يسافر وزير الدفاع الروسي سيرجي شويغو ووزير الخارجية سيرجي لافروف إلى إسطنبول للقاء نظيريَهما التركيين خلوصي أكار ومولود أوغلو؛ لكن ذلك لم يحدث، الأمر الذي يؤكد أن الخلافات بين الجانبين لا تزال كبيرة للغاية، وقالت أنقرة إن دبلوماسيين رفيعي المستوى قد سافروا بالفعل لمواصلة التفاوض، وردت وزارة الخارجية في موسكو بأن كلا الجانبين يعملان بنشاط على إيجاد حل.

ويتحدث الدبلوماسيون الأوروبيون عن اتفاق مشابه لاتفاق أستانة عللى الأراضي الليبية. ورغم أنه لا تزال قرارات الأمم المتحدة تشكل الإطار المرجعي الرسمي، غير أن الأمم المتحدة والولايات المتحدة أو أوروبا لا يملكون تأثيرًا حقيقيًّا في ليبيا، لكن هناك قوى إقليمية مثل الإمارات ومصر باتت لهم اليد الطولى في الصراع الليبي، ولا تخضع كل من موسكو وأنقرة لقرار حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة. حتى أن السفن الحربية التركية امتنعت عن الخضوع للتفتيش من قبل السفن الحربية التابعة لبعثة الاتحاد الأوروبي (إيريني)، والتي من المفترض أن تقوم بمهمة مراقبة الحظر نيابة عن مجلس الأمن الدولي. وحتى في سوريا لم يؤد اتفاق الأستانة إلى سلام ولا إلى وضع نهائي مستقر، بل إلى توازن هش بين المصالح الروسية والتركية، وربما يتكرر الأمر نفسه في ليبيا قريبًا.

وفيما يتعلق بسوريا خطط بوتين لتوسيع القواعد الروسية، وبالفعل في نهاية عام 2019 أُعلن أن الكرملين يرغب في استثمار ما يعادل 500 مليون دولار في قادة طرطوس (لبناء القاعدة البحرية الوحيدة لروسيا خارج منطقة الاتحاد السوفيتي السابق). في عام 2018 أرسل بوتين بالفعل أكثر من 20 سفينة حربية إلى البحر الأبيض المتوسط لإجراء مناورة، وهو عرض للقوة الجديدة التي جاءت نتيجة لتوسيع نفوذه في البحر المتوسط من خلال ميناء طرطوس، والذي ساهم في تواجد البحرية الروسية على جانبي البوسفور. ويقول السيد، بافيل فيلغينهاور، الخبير العسكري الروسي، بأن مصالح موسكو في المنطقة تتمركز حول ضرورة التواجد على البحر الأبيض المتوسط، الأمر الذي يفسر استمرار تمسك بوتين بالبقاء في سوريا رغم التكفة الباهظة وعدم التأييد الشعبي الروسي لهذا البقاء.

وفي ليبيا يعمل بوتين أيضًا على وضع قدمه هناك من خلال طائراته المقاتلة في الجفرة، على الرغم من إنكار الكرملين الرسمي للمشاركة العسكرية في ليبيا، ويقول السيد، ألكسندر جولتس، الخبير العسكري الروسي: "روسيا ترسل طائرات وطيارين متقاعدين إلى سوريا، وترسل قوات فاجنر أيضًا إلى قاعدة أخرى في سرت، التي لا يتعاطف سكانها مع حكومة الوفاق، فمن هذه المدينة جاء معمر القذافي، الذي أطيح به وقتل في عام 2011، بينما في مصراته كانت تركيا تحاول إصلاح قاعدة الوطية الجوية بالقرب من الحدود التونسية، وتعتبر المليشيات موالية وترتبط أيديولوجيًّا بأردوغان، وهذ يؤكد أن هناك صراعًا واضحًا بين الطرفين على النفوذ في ليبيا".

قامت تركيا بغزو الشمال السوري لضمان مصالحها وأصبح المتمردون الإسلاميون يسيطرون على مدينة إدلب بعدما كان يسيطر عليها في السابق ميليشيات وحدات حماية الشعب الكردية. ولم تنس تركيا الصفعة القوية التي وجهتها لها موسكو حين قامت بقتل أكثر من 30 جنديًّا تركيًّا إثر قصف قافلة عسكرية تركية في إدلب في نهاية فبراير 2019، ووفقًا لما ذكره الجيش الأمريكي، فإن القوات الجوية الروسية هي من نفّذت هذا الهجوم، وفي نهاية الأمر وافق كل من بوتين وأردوغان مرة أخرى على وقف إطلاق النار. ويبدو أن هذا الأمر سيتكرر في ليبيا لأن هذا السيناريو من شأنه أن يخدم في المقام الأول المصالح الجيوسياسية لأنقرة وموسكو، وربما يكون ذلك سببًا في وقف الحرب اليبية مؤقتًا فقط.

من جانب آخر أعلن البنتاغون انزعاجه من الوجود غير الرسمي لموسكو في ليبيا وإقامة قواعد جديدة على الجناح الجنوبي للناتو، كما يقلق ذلك الأمر أيضًا الاتحاد الأوروبي، ومع ذلك فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كان يدعم الجنرال خليفة حفتر المدعوم من مصر والإمارات. الآن تمارس الولايات المتحدة ضغوطًا على القاهرة وأبو ظبي لإنهاء التعاون مع "الفجنر"، لكن ربما بعد فوات الأوان، حيث لم تعد موسكو تعتمد على حفتر وحده بل على عقيلة صالح، رئيس البرلمان، وأهم رجل في شرق ليبيا بعد حفتر.

وفي النهاية سيبقى الصراع ملتهبًا في ليبيا خلال الوقت الراهن وخاصة بين روسيا وتركيا، ورغم التغير السريع لميزان القوى في الدولة الواقعة في شمال أفريقيا أكثر من مرة في وقت قصير، إلا أن روسيا ما زالت لم تتعمق في الصراع الليبي حتى يمكنها حسم المعركة وإرغام أنقرة على القبول بما تتركه في الساحة الليبية كما هو الحال في الساحة السورية.

تصاعد الأزمة بين شركاء الناتو.. تركيا وفرنسا

نشرىت قناة "إيه أر دي1" تقريرًا حول تصاعد الأزمة بين تركيا وفرنسا، الحلفاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو)، على خلفية التصادم بين الفرقاطة الفرنسية، التي تعمل ضمن بعثة مراقبة البحار التابعة للاتحاد الأوروبي، والسفينة الحربية التركية التي كان يشتبه في نقلها أسلحة إلى ليبيا.

تتهم فرنسا تركيا بتهم خطيرة: تهديدات بحرية، وخرق لحظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة. أدت حادثة البحر المتوسط إلى أزمة خطيرة بين شركاء الناتو، تركيا وفرنسا. ولا يقتصر الخلاف بين الجانبين على الملف الليبي فقط؛ بل الملف السوري وقبرص وقضية التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط، وغير ذلك كثير، الأمر الذي يهدد باشتعال الموقف بين الطرفين وينذر بمواجهة عسكرية مباشرة إذا ما استمرت حرب التصريحات والمناوشات بين الطرفين؛ فقد أدى تصادم الفرقاطة الفرنسية مع الزوارق الحربية التركية في البحر الأبيض المتوسط إلى أزمة خطيرة بين عضوي الناتو، حيث تتهم تركيا فرنسا باختلاق أزمة، وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال إقامته في برلين إنه لم يتم إخبار الاتحاد الأوروبي أو حلف شمال الأطلسي بالحقيقة، وأن فرنسا تتسم بـالعداء لتركيا.

وتصر فرنسا بدورها على موقفها، وأكدت وزيرة الدفاع الفرنسية "فلورنسا بارلي" مرة أخرى لأعضاء البرلمان الأوروبي أنه من غير المقبول أن يحاول تحالف المراقبة تهديد الطرف المخالف الذي ينتهك قواعد حظر توريد الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة.

عمل عدواني في البحر الأبيض المتوسط

الحادث الذي وقع في 10 يونيو 2020 وفقًا لما أعلنته باريس، حيث وجهت سفينة حربية تركية رادارًا لمكافحة الحرائق إلى فرقاطة فرنسية، وتبين أن الهدف من العملية كان استفزاز الطرف الفرنسي، الأمر الذي اعتبرته باريس عملًا عدوانيًّا للغاية، وقدمت به شكوى رسمية خلال اجتماع وزراء دفاع الناتو، حيث قام الأمين العام للناتو "ينس ستولتنبرغ" بالتحقيق في الحادث، لأن الفرقاطة الفرنسية كانت ضمن بعثة المراقبة البحرية التابعة للناتو، وقد اعترضت فرنسا على نتيجة تقرير الناتو وأعلنت أنها لن تشارك بعد ذلك في هذه المهمة (Sea Guardian).

الصراع على ليبيا

من الواضح أن أحد أهم أسباب هذا الصراع القائم بين البلدين هو الحرب في ليبيا، حيث تدعم فرنسا الجنرال خليفة حفتر بينما تدعم تركيا حكومة الوفاق الليبية، وتقول أنقرة إنها تدعم حكومة الوفاق بناءً على اتقاق بين الطرفين، وهذا الأمر معلن، بينما تدعم فرنسا حفتر وتمده السلاح في السر، وهي التهم التي رفضها ماكرون تمامًا، وتخشى أنقرة من إمكانية استغلال فرنسا للوضع في ليبيا لإقامة قاعدة عسكرية فرنسية تهدد الأطماع التركية في موارد المتوسط، سواء على الساحل الليبي أم على الساحل اليوناني القبرصي، حيث تعمل الشركات الفرنسية في التنقيب عن الغاز لصالح هذه الدول، الأمر الذي يزيد من حدة الصراع بين الجانبين.

ألمانيا على الحياد وماكرون ينتقد الناتو

وقفت الحكومة الألمانية في هذا الصراع على الحياد، واكتفت المستشارة أنجيلا ميركل بوصف التطورات الأخيرة بأنها "خطيرة للغاية"، بينما دعا وزير الخارجية الألماني هيكو ماس إلى ضرورة حل مثل هذه المشاكل عبر الحوار، وتابع: "من المهم للغاية أن تكون العلاقات بين فرنسا وتركيا بنّاءة"، ولا يزال الموقف الأوروبي منقسمًا تجاه الوضع في ليبيا، فبينما تدعم فرنسا الجنرال حفتر تقوم إيطاليا العضو في الاتحاد الأوروبي بدعم حكومة الوفاق بقايدة السراج، الأمر الذي يفسر هذه الموقف المبهم لألمانيا حيال هذه التطوات، وهو ما دفع الرئيس الفرنسي لانتقاد حلف الناتو مرة أخرى، حيث وصفه بأنه "في حالة موت دماغي".

بوتين في السلطة إلى الأبد وترامب لن يتغير

نشر موقع "شبيجل" مقالًا للكاتب "فيليب فيتروك" أشار إلى الاستفتاء الأخير في روسيا، وإدارة بوتين لهذه المرحلة مقارنة بإدارة ترامب وتأثير ذلك على إمكانية انتخابه لفترة قادمة، ويشير الكاتب إلى أن قيادتي البلدين الكبيرين تثيران العديد من علامات الاستفهام، فالرئيس الروسي بوتين يجري تعديلات دوستورية من أجل استكمال مسيرة الديمقراطية كما يزعم، بينما يكافح ترامب من أجل إعادة انتخابه لفترة ثانية في الولايات المتحدة، فهل سينجحان في ذلك؟

بوتين إلى الأبد

كان من المفاجئ بالنسبة لكثير من المراقبين في الشأن الروسي أن تصوت الغالبية العظمى من الروس لصالح أكبر إصلاح دستوري في تاريخ البلاد، حيث تم إجراء 206 تغييرات في شكل اختيار بين القبول أو الرفض(نعم أم لا)، وتتتعلق التغيرات بمجالات كثيرة كرعاية الحيوانات والاعتراف بالزواج الطبيعي (دور الأسرة) بين الرجل والمرأة والحفاظ على اللغة الروسية، وتعديل المعاشات، وفي نهاية هذه الحزمة الكبيرة من التغيرات جاءت الفقرة الخاصة بإمكانية استمرار حكم بوتين لولايتين تاليتين، ومن الغريب أن بوتين لم يتطرق خلال الدعوة لهذا الاستفتاء إلى الحديث عن هذا البند حينما كان يحث الروس ويدعوهم إلى الموافقة، لكن يبدو أن هذه الفقرة كانت الأهم، وهي التي من أجلها جرى تغيير الدستور في المقام الأول، الأمر الذي يوضح سبب إصرار بوتين على إجراء الاستفتاء رغم انتشار الوباء، ورغم أنه كان يمكن تأجيله، خاصة بعد موافقة أغلبية أعضاء الكرملين وتوقيع بوتين على هذه التغيرات.

ومع ذلك فقد قام بوتين بإغراء الناخبين بمزايا اجتماعية ومكافآت وهدايا، وصعب مراقبة الاستفتاء من خلال تمديد التصويت لأيام، وإمكانية التصويت في الساحات الخلفية، أو في الملاعب أو في الحدائق، وفي النهاية بدا الأمر وكأنه مشهد تمثيلي ساخر للديمقراطية في إمبراطورية بوتين، وأكدت نتيجة الاستفتاء نتائج الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأن بوتين سيصير الرئيس المقبل لروسيا مجددًا.

ترامب لن يتغير

لم يهنئ ترامب بوتين على انتصاره المريب، لأن هذا الأمر يمكن أن يسبب مزيدًا من الإحراج لترامب، ولذلك لم يغرد الأخير، كعادته عبر تويتر للإشادة بالرئيس الروسي كزعيم عظيم، ربما وقع ترامب في الحيرة بسبب هذا الموقف خاصة بعد اعترف الرئيس الروسي بمساعدة طالبان في شن هجمات على الجنود الأمريكيين، ومن ثم فلن يستطيع ترامب التصريح بذلك حتى لو ظن في نفسه أنه أعظم قائد على مر العصور؛ فقضية التدخل الروسي في الانتخابات الماضية، وتعامله الفج مع قضية جورج فلويد وحركة "حياة السود مهمة" وكذلك إدارته لملف أزمة كورونا، كلها كفيلة للإيقاع بترامب في الانتخابات القادمة، وقد لا تخدم استطلاعات الرأي في الواقع ترامب، كما أن تشتت الجمهوريين، وانتشار شائعات الاستقالات من الحزب، عوامل تزيد من الشكوك في إمكانية نجاح ترامب في الانتخابات القادمة، لكن هل تؤثر هذه القضايا بالفعل على مؤيدي ترامب؟ وكيف كانت استطلاعات الرأي بالنسبة لترامب في عام 2015؟

لا أحد يستطيع التنبؤ بنتيجة الانتخابات الأمريكية المقبلة رغم كل هذه المؤشرات، كما أن المنافس الديمقراطي"جو بايدن" لم يقدم جديدًا حتى الآن، ورغم أن الأمور لا تسير في صالح ترامب إلا أن النظام الانتخابي في الولايات معقد جدًا ولا يعتمد في الأساس على مثل هذه العوامل، الأمر الذي يستغله ترامب جيدًا ويوجه خطاباته وسلوكه لإرضاء هذه الفئة التي يعتقد أنها تستطيع ترجيح الكافة لصالحة رغم كل الأخطاء الفادحة ورغم كل الكوارث التي حلّت على واشنطن خلال هذه الولاية.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا