آسيا تايمز | الريادة التكنولوجية العالمية هي ما تشغل الولايات المتحدة وليس تقنية الجيل الخامس

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – شهاب ممدوح

إن تقنية الجيل الخامس 5G هي ضحية نجاحها. تُوصف تقنية الجيل الخامس بأنها بوابة العبور للمملكة الرقمية، وتفتح أيضًا فرصًا جديدة للمستهلكين والشركات عبر تقديم قابلية التوسُّع (Scalability) والموثوقية اللتين لم تملكهما الأجيال السابقة.

بواجهة هوائية عالية الكفاءة، وعدد أكبر من النطاقات التي يمكن استخدامها، وقابلية توسُّع هائلة لربط الأشياء، ووقت انتظار منخفض low latency، تعدّ تقنية الجيل الخامس أفضل من تقنية الجيل الرابع من كل النواحي.

بينما كانت الأجيال السابقة من التكنولوجيا المتنقلة تعالج الاحتياجات قصيرة ومتوسطة الأمد للمستخدمين، تتطلع تقنية الجيل الخامس إلى ما هو أبعد من هذا، عبر دراسة متطلبات الاقتصاد الرقمي الذي لم يتحقق بعد والذي يكون فيه كل شيء مرتبطًا ببعضه، ويكون كل شيء لديه استشعار ويتمتع بالذكاء.

النتيجة هي أن تقنية الجيل الخامس هي عبارة عن حل متنقل موجّه نحو الخدمات، سيزيد ليس فقط من كفاءة اتصالات المستهلكين ذات النطاق العريض، ولكن أيضا من كفاءة الأسواق العمودية عبر تكامل التطبيق للنطاق الترددي الذكي والقوة الحوسبية التي تتغير بشكل ديناميكي مع متطلبات الخدمة.

لكن سواء كانت الخدمة هي محوره أم لا، فإن جمال الإنترنت يكمن في طبقة تجريده (abstraction layer) بين البنية التحتية الأساسية والبيانات والتطبيقات التي نستخدمها. وبصورة أدق، الغرض الأساسي لبروتوكول الإنترنت هو السماح لحزم البيانات للانتقال في كل مكان وبشكل موثوق فيه، من دون الخوف مما يكمن في الباطن، حتى لو كان ذلك يتضمن تقنية الجيل الخامس.

إن تقنية الجيل الخامس والتقنية الخلوية المتنقلة عمومًا، هي مجرد جزء بسيط من البنية التحتية الأساسية التي تحرّك الإنترنت، كما أن القيمة الإجمالية لكل البنية التحتية العالمية لتقنية الجيل الخامس، تتضاءل مقارنة بالقيمة الإجمالية للاقتصاد الرقمي الذي يقوم عليها.

في الواقع، تبلغ قيمة سوق البنية التحتية للاتصالات بأكملها نحو 80 مليار دولار اليوم، ومن المتوقع أن تتجاوز حاجز الـ 100 مليار دولار في عام 2025. وستمثل البنية التحتية للجيل الخامس نصف هذا السوق بحلول عام 2026.

بالمقارنة، بلغت العائدات المجمّعة لاثني عشر شهرًا بنهاية الحادي والثلاثين من مارس 2020 لشركات ألفًا بيت وأمازون وآبل وفيسبوك ومايكروسوفت 943 مليار دولار. لو تواصل هذا المستوى من النمو، ستزداد قيمة أكبر خمس شركات عملاقة في أمريكا بمعدل مرتين ونصف، أو نحو 2.5 تريليون دولار بحلول عام 2026، أو أكبر بـ 50 مرة من القيمة الإجمالية للبنية التحتية للجيل الخامس.

سيبلغ إجمالي السوق الرقمي، الذي من المعروف عنه عمومًا أنه يساهم بنسبة 25 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، بحلول العام 2025 – 2026 نحو 20 تريليون دولار تقريبًا، وستبلغ مساهمة تقنية الجيل الخامس نحو 0.2 بالمائة فقط.

إذًا لماذا تهتم الولايات المتحدة بتقنية الجيل الخامس؟

لا تهتم الولايات المتحدة بانتزاع قطعة من كعكة سوق البنية التحتية للاتصالات، لكنها مهتمة أكثر بإرسال إشارة.

إن شركة هواوي ربما تكون أكبر قصة نجاح دولية للصين، ويُعزى هذا جزئيًّا إلى تركيزها التجاري المتواصل الذي يعتمد على استراتيجية استثمار على مدار عقود من الزمن. والنتيجة هي أن هواوي باتت تحتل موقع الصدارة في تقنية الجيل الخامس، ما يدفع الكثيرين لاعتبارها متقدمة ب 12 أو 14 شهرًا على أقرب منافسيها.

إن القيام باعتراض مسار جيل معين من التكنولوجيا المتنقلة بشكل تعسفي، مثل تقنية الجيل الخامس، والمبالغة في تصوير تأثيرها على الاقتصاد الرقمي الإجمالي هو مثل تعريف جيل معيّن من وحدات المعالجة المركزية بوصفها العامل المساعد الوحيد للذكاء الاصطناعي.

أوقفوا تقنية الجيل الخامس، وستظهر تقنية الجيل السادس. أوقفوا تقنية الجيل السادس وستظهر تقنية الجيل السابع. فنظام التسمية هنا ليس ذا أهمية. إن هذه المعايير يتم استحداثها من قبل مجموعة من المنظمات الدولية ومئات الأفراد، من بينهم مشغلون وبائعون.

إن هجوم الولايات المتحدة على تقنية الجيل الخامس هو إهانة لعملية وضع المعايير، وذلك عبر استهداف حفنة من الشركات بشكل تعسفي لمجرد أنها اتبعت القواعد وأدّت دورًا أفضل، وتجاهل التفويض غير الربحي للاتحاد الدولي للاتصالات السلكية واللاسلكية والمتمثل في "ربط كل شعوب العالم".

هل الأمر يتعلق حقًّا برغبة الولايات المتحدة في انتزاع قطعة من هذا السوق البالغ قيمته 50 مليار دولار، أم أن هذا يتعلق بأجندة دولة تتعرض لخطر أن يتفوق عليها اقتصاد بلد آخر؟

وكما أوضح المدعي العام الأمريكي "ويليام بار" في خطابه المهم في مؤتمر مبادرة الصين: "للمرة الأولى في التاريخ، لا تتزعم الولايات المتحدة العهد التكنولوجي المقبل". 

بالرغم من أن هذا الأمر يبدو حتميًا، إلا أنه من المبالغة القول إن تقنية الجيل الخامس هي التقنية الوحيدة المهمة، مع تجاهل قيادة الولايات المتحدة العالمية في مجال تطوير البرمجيات والمعدات.

لا يتعلق السباق بهيمنة تقنية الجيل الخامس، لكنه يتعلق بقيادة تحول رقمي سيجعل اقتصادًا بأكمله أكثر كفاءة واستجابة لطلبات المستهلكين.

لقد تعلمت دائمًا أنك تفوز بسباق لو ركضت أسرع، وليس بعرقلة المتفوق في السباق. كتب "غو بين"، وهو أستاذ مساعد في جامعة بكين للدراسات الأجنبية، مؤخرًا: "الآن بعد وصلت الولايات المتحدة لقمة سُلّم التفوق التكنولوجي، تريد الآن أن تركله بعيدًا".

وفقًا لمقاييس عديدة، تفوقت الصين بالفعل على الولايات المتحدة، لكن الولايات المتحدة للأسف لديها القدرة على تغيير القواعد اثناء اللعب- على الأقل في الوقت الراهن. بالرغم من أنه ليس من الحتمي أن يتفوق الاقتصاد الصيني على نظيره الأمريكي، غير أن هذا بالتأكيد أمرًا محتملًا.

إن حصة الولايات المتحدة المقترحة في سوق بيع تقنية الجيل الخامس، هي آخر هجوم مسيّس هدفه إرسال تحذير مهم لعالم بأن الولايات المتحدة ما تزال طرفًا مهمًا في المعادلة.

في الواقع، إن انتقال اقتصاد الولايات المتحدة من المركز الأول للمركز الثاني، ربما يكون هادئًا مثلما كان الحال مع "مشكلة الألفية"، لكنني أيضًا لا أريد أن يتذكرني التاريخ بأنني كنت الشخص المسئول عندما يحدث هذا.             

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا