هآرتس | إسرائيل وحماس تغزلان الروايات المتناقضة..ولكن المخاوف من جائحة غزة تفرض الهدوء

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – بسام عباس

بالنسبة لحماس، التطورات الأخيرة دليل على قدرتها على استخدام القوة العسكرية للحصول على تنازلات من إسرائيل
تريد إدارة ترامب إتمام بيع طائرات إف 35 إلى الإمارات قبل انتخابات نوفمبر.

كانت إسرائيل تخش من أن يُلقي التدهور على حدود غزة بظلاله على زيارتها الدبلوماسية العامة الأولى إلى دولة لإمارات، ولكن في النهاية حدث العكس تمامًا. فمع وصول الوفد الإسرائيلي إلى أبو ظبي، توصل جيرانها القطريون إلى تسوية مؤقتة أخرى بين إسرائيل وحماس.
وكالعادة، فهذه صفقة متواضعة نسبيًّا، والتي من المرجح أن تستمر لفترة محدودة فقط. وإلى أن يظهر سبب جديد للاشتعال، ستواصل قطر تقديم مدفوعات شهرية، فيما ستلتزم إسرائيل بإزالة القيود المفروضة على مشاريع البنية التحتية في غزة، وستوقف حماس عن إطلاق النار، وتتوقف عن إطلاق البالونات والصواريخ الحاملة للمتفجرات إلى إسرائيل.

"يحيى السنوار" زعيم حماس هو من تعمد إشعال الساحة هذه المرة في قطاع غزة. في نوفمبر الماضي، توصل الطرفان إلى تفاهمات بشأن وقف إطلاق نار طويل المدى مقابل تدفق الإمدادات وتحسين الأوضاع الاقتصادية ومشاريع جديدة في قطاع غزة. إلا أن هذه الخطة تلقت أول ضربة لها عندما تفشى فيروس كورونا في مارس، حيث منعت حماس، خوفًا من الوباء، 7000 من سكان غزة ممن لديهم تصاريح للعمل في إسرائيل من الذهاب إلى هناك. وانهارت هذه التسوية تمامًا قبل أن ينتهي الشهر، عندما اعتقد السنوار أنه اكتشف ضعفًا إسرائيليًّا، ناجمًا عن مزيج من أعداد الإصابات المتزايدةوالأزمة السياسية. وهو ما قاده إلى ممارسة الضغط.

وخلافا لما مضى، لم تحاول حماس حتى إخفاء تحركاتها، فقد أطلقت خلاياها العسكرية مئات البالونات المتفجرة، فيما أطلقت الفصائل الأخرى معظم الصواريخ.
وفي المقابل ردت إسرائيل بسلسلة من الهجمات الجوية الانتقامية ضد عدد كبير من الأهداف وبتقييد إضافي على منطقة الصيد، وكذلك بالحد من كمية الوقود المسموح بدخولها إلى غزة، وهو الأمر الذي أعاق بشكل خطير إمداد الكهرباء اليومي إلى سكان غزة.
والآن، كما هو الحال دائمًا، هناك معركة حول الرواية الحقيقية. إذ تقول مؤسسة الدفاع أن ردود الجيش الإسرائيلي القاسية هي التي دفعت حماس إلى وقف إطلاق النار. فيما تعزو حماس الصفقة إلى المقاومة الثابتة التي أظهرتها. ويبدو أن التفسير الحقيقي يكمن في مكان آخر. حيث شهد الأسبوعان الماضيان ارتفاعًا حادًا في عدد الإصابات بفيروس كورونا في قطاع غزة. فمن منطقة "خضراء" بالكامل، أصبحت غزة تتعامل حاليًا مع 300 مصاب بفيروس كورونا، على الرغم من الخطوات الحازمة المتخذة لحجر أي شخص عائد إلى غزة من الخارج.

وعلى خلفية الاكتظاظ السكاني والظروف غير الصحية، تتعرض قيادة حماس لضغوط شديدة خوفًا من انتشار سريع للفيروس. إذ سارعت إلى نصب حواجز ترابية حول مخيمات اللاجئين في وسط قطاع غزة، حيث حدثت معظم الحالات، وذلك لمنع السكان من الخروج، وفي ظل هذه الظروف، فقدت حماس رغبتها في إشعال معارك جديدة.

وبحسب الصفقة التي أبرمها المندوب القطري، "محمد العمادي"، ستحصل حماس هذا الأسبوع على 27 مليون دولار. وهذا المبلغ سيوزع على العاملين الحكوميين التابعين لحماس وعلى العائلات المحتاجة. وابتداء من الأشهر المقبلة، ستصل مبالغ أكثر قليلاً إلى غزة.
ومن جانبها،سترفع إسرائيل القيود التي تفرضها على بعض أعمال البنية التحتية. كما يبدو أن هناك بعض الاتفاق على إدخال المزيد من المساعدات الطبية، بالإضافة إلى مجموعات اختبار كورونا التي تلقتها حماس مؤخرًا. وربما يشمل ذلك أجهزة التنفس الصناعي.
وقد تعرض السنوار لضغوط بسبب فيروس كورونا مرة في أبريل الماضي، ولكن بعد ذلك تمكنت الحكومة من السيطرة على الفيروس. أما هذه المرة، فإن الأمور أكثر تعقيدًا. ربما توجد فرصة أخرى لمناقشة إطلاق سراح مواطنين إسرائيليين وجثامين جنديين إسرائيليين محتجزين في غزة. وفي المرة السابقة، ألمح السنوار إلى أنه منفتح على المفاوضات مقابل المساعدات الطبية. ويبدو أن الحاجة أصبحت أكثر إلحاحًا هذه المرة.
ومع ذلك، يجب أن نتذكر أن هذه اتفاقيات هشة، وأن السنوار قد يستنتج من أحداث الأيام الأخيرة أنه من الممكن ممارسة ضغوط عسكرية للحصول على مزيد من الاتفاقات وتيسير الشروط. وهناك عامل آخر يجب وضعه في الحسبان.. إنه مزاج العمادي،فالقطريون ليسوا سعداء بالخطوة الأخيرة التي اتخذتها الإمارات، التي بالكاد استثمرت في الأراضي المحتلة، ومع ذلك فقد حسنت مكانتها الإقليمية باتفاقها مع إسرائيل. ومن المحتمل أن تكون قطر في مرحلة ما قد ملَّت من كونها ماكينة صراف آلي تابعة لحماس، مع العلم أن هذا لم يترجم إلى تحسين وضعهاالإقليمي.
أما في الضفة الغربية، فلم تبد السلطة الفلسطينية استعدادها للعودة إلى تنسيق الشؤون الأمنية والمدنية مع إسرائيل، رغم مرور ثلاثة أسابيع على إعلان رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" عن تجميد خطط ضم الأراضي والمستوطنات، كجزء من المفاوضات مع الإمارات. بل يبدو أن رئيس السلطة الفلسطينية "محمود عباس"، الذي فوجئ بالصفقة السرية التي توصلت إليها إسرائيل مع الإمارات، يريد التزامًا صريحًا من نتنياهو بأن الضم لن يحدثمستقبلاً، قبل أن يعود عباس إلى التنسيق.
ونوعًا ما يبدو أن عباس يعاقب نفسه؛لأن السلطة الفلسطينية، وخاصة السكان الفلسطينيين، هم من يعانون من المأزق ذي الآثار السلبية على الوضع الاقتصادي في رام الله. وفي غضون ذلك، صرح مسؤولون إماراتيون هذا الأسبوع لصحفيين إسرائيليين بأنهم يتوقعون أيضًا ضمانات إسرائيلية بعدم تنفيذ عملية الضم. وفي مفاوضات مبكرة بين الجانبين، كان هناك حديث عن التزام إسرائيلي بذلك لمدة خمس سنوات، وعلى حد علمنا، فإن نتنياهو رفض هذا الطلب.
وفي الوقت نفسه، لا تزال مسألة بيع طائرات حربية أمريكية من طراز"إف 35"للإمارات قائمة. وعلى الرغم من إنكار نتنياهو التام، فقد أصبح من الواضح أن الدولة الخليجية تتوقع إبرام الصفقة مع الولايات المتحدة، على أمل أن تكون المعارضة الإسرائيلية مجرد كلام، مما سيسمح لإدارة ترامب بالالتفاف قليلاً عن التزامها بالحفاظ على التفوق العسكري لإسرائيل. فيما أكد وزير الدفاع الإسرائيلي "بيني جانتس" هذا الأسبوع في مقابلة مع صحيفة (جيروزاليم بوست) أن هناك مفاوضات حول مثل هذه الصفقة، مضيفًا أن إسرائيل يمكن أن تحصل على أنظمة عسكرية أخرى، كتعويض عمَّا ستحصل عليه الإمارات.

فيما أشار موقع "فورين بوليسي" إلى أن إتمام صفقة كهذه عادة ما يتطلب سنة على الأقل، إلا أن الإدارة مهتمة بإتمامها قبل الانتخابات الرئاسية في نوفمبر، أو على الأقل قبل يناير المقبل. ومع ذلك، فالوتيرة التي يصادقبها الكونجرس على هذه الصفقة–والتي من المتوقع أن تثير تساؤلات حول تأثير هذه الصفقة على أمن إسرائيل–تعتمد على حدة المعارضة التي عبر عنها نتنياهو. فالقانون الأمريكي لا يمنح إسرائيل حق النقض على الصفقات التي تعرض تفوقها العسكري للخطر. ولكنه فقط يلزم الرئيس بالتشاور مع الحكومة الإسرائيلية قبل أن يقرر.

وفي ظل الهدوء المؤقت في غزة،تلتفت إسرائيل إلى الجبهة الشمالية، ففي خطاباته الأخيرة، لم يعد الأمين العام حزب الله، "حسن نصر الله"، يخفي نيته في تنفيذ هجوم على الحدود الشمالية، ردًّا على غارة جوية إسرائيلية في دمشق في نهاية شهر يوليو، قُتل فيها أحد عناصر حزب الله.
وتتوافق تصريحات نصرالله مع تقديرات إسرائيل بعد محاولتين فاشلتين من حزب الله للرد. أولاً، تم تحديد موقع خلية تابعة لحزب الله وإحباط عبورها عبر الحدود بالقرب من "هاردوف". وفي وقت لاحق، أخطأت رصاصات القناصة مجموعة من المراقبين الإسرائيليين بالقرب من كيبوتسمنارة. وتشير التقديرات إلى أن نصرالله، عازم على شن عملية محدودة لتصفية الحسابات مع إسرائيل دون جر المنطقة إلى التصعيد.
وفي غضون ذلك، وبعد هدوء طويل، ورد تقرير آخر عن غارة إسرائيلية في سوريا، مرة أخرى في مطار دمشق، مساء يوم الاثنين. وبحسب التقارير الواردة من سوريا، قُتل عدد من الجنود، بينهم ضباط. وخلافًا للعملية التي قتل فيها الناشط اللبناني، لا يتوقع رد جاد هذه المرة. ففي القواعد السائدة على الجبهة الشمالية، فإن حياة لبناني واحد تساوي أكثر بكثير من حياة العديد من الجنود السوريين.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا