ذا هيل | عودة عقوبات الأمم المتحدة لن توقف إيران النووية.. بل ستوقف الدبلوماسية

ترجمات رؤية

ترجمة بواسطة – بسام عباس

مع التهديد الأخير بالتخلي عن السفارة الأمريكية في بغداد بسبب هجمات الوكلاء الإيرانيين، تحتاج الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في حملتها لفرض العقوبات على إيران؛ إذْ فرضت إدارة ترامب عقوبات أحادية الجانب مؤخرًا لفرض آلية “سناب باك”، وهي آلية لاستئناف القيود المفروضة على مبيعات الأسلحة لإيران بعد أن عجزت الولايات المتحدة عن الحصول على موافقة مجلس الأمن الدولي في أغسطس.
وكما صرح وزير الخزانة الأمريكي “ستيفن منوتشين”، فإن الهدف هو “وقف مساعي إيران النووية والصاروخية والأسلحة التقليدية”. لكن هذه العقوبات، سواء بموجب فرضيات قانونية دولية مريبة، أو عقوبات أحادية الجانب تفرضها وزارتا الخزانة والخارجية، لا تعزز الغاية المعلنة لمنع العدوان والانتشار النووي.
وبموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231، الذي ينص على قيود بيع الأسلحة وحدود الأنشطة النووية الإيرانية، وافقت الدول على الحد من أنشطة إيران النووية وكذلك وارداتها العسكرية. ويحدد قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 مواعيد انتهاء صلاحية هذه القيود على فترات خمس وثماني وعشر سنوات. 
وبعد أن وصلت بالفعل إلى موعد انتهاء الفترة الأولى، ما هي المخاطر؟
أولًا: وفقًا للقرار، يمكن لإيران الآن شراء معظم الأسلحة العسكرية التقليدية، بما في ذلك الدبابات والطائرات العسكرية، وأنظمة الصواريخ، خاصة بعد المواجهة الأمريكية الإيرانية هذا العام. فهل هذا يستدعي القلق؟ لا. فالاستراتيجية العسكرية الإيرانية بأكملها تركز على الحرب غير التقليدية؛ الصواريخ المصنعة محليًّا، والقوات بالوكالة مثل حزب الله، والقوارب السريعة.
ومع إنفاقها العسكري المتواضع نسبيًّا، يتعين على إيران أن تكون انتقائية فيما تنفق عليه، وكما توقع وزير الخارجية الأمريكي “مايكل بومبيو” ذات مرة، لا يمكن لميزانية إيران استيعاب شراء أرتال متنوعة من الدبابات الصينية.
ولكن حتى إذا كانت إيران ستشتري أسلحة من الخارج، فهذا شيء يجب أن نرغب في أن تفعله “دولة طبيعية”. سيكون من الأسهل ردع وتقليل حدوث هجمات بالوكالة، والتي كادت أن تسبب حربًا هذا العام.
وعلى عكس وكلائها، لدى إيران أهداف مادية صلبة يمكن ضربها، ولا يمكنها التظاهر بالغموض حول قيادة وسيطرة قواتها المسلحة، وستجبر عقوبات “سناب باك” إيران على البقاء دولة غير طبيعية.
ثانيًا: لا يزال قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2231 مناسبًا لوقف التهديد النووي الإيراني دون اللجوء إلى آلية “سناب باك”.
تمنع البنود إيران من تلقي أي شيء “يمكن أن يساهم في تطوير أنظمة إيصال الأسلحة النووية” حتى عام 2023. بعبارة أخرى، لا شيء يمكن لإيران أن تشتريه سيساعدها في صنع سلاح نووي قابل للاستخدام. وعلى الرغم من الانتهاكات الأخيرة للاتفاق النووي، لا تزال إيران تسمح لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة الأنشطة النووية الإيرانية، في إطار عمليات التفتيش التي لن تتوقف لمدة 10-20 سنة أخرى. لذا فإن فرض عقوبات قديمة على الأسلحة التقليدية لا يعيد إيران إلى الامتثال للاتفاق، ولا يزيد من الصعوبات التقنية في حصولها على سلاح نووي.
هناك القليل من الجانب الإيجابي لتفعيل آلية “سناب باك”. إذًا ما هي السلبيات؟
أولًا: العزلة الدبلوماسية. في أحدث تصويت لمجلس الأمن الدولي، انحازت جمهورية الدومينيكان فقط إلى جانب الولايات المتحدة، بينما وقف باقي أعضاء مجلس الأمن ضدها، حيث وجهت ألمانيا وبريطانيا وفرنسا توبيخًا أشد قسوة ضد الولايات المتحدة، لافتةً إلى أن الولايات المحتدة بصفتها دولة غير مشاركة في الصفقة النووية، فإن مناوراتها الإجرائية “لن تحقق أي أثر قانوني”. وكذلك قال الأمين العام للأمم المتحدة: إن الأمم المتحدة لن تدعم العقوبات دون موافقة مجلس الأمن الدولي.
ورغم أن معارضة حلفاء الولايات المتحدة يمثل جانبًا سلبيًّا لا ينبغي التغاضي عنه، فإن الجانب الأكثر أهمية هو تأثير “سناب باك” على العلاقات الأمريكية الإيرانية المستقبلية. وكما يزعم كلٌّ من بايدن وترامب أنهما يريدان إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات، وأنه سيكون أمرًا عسيرًا عندما تُستخدم الدبلوماسية الأمريكية حصريًّا كوسيلة لإجبارها، ومع ذلك فهذا لم يخسره الإيرانيون أيضًا؛ إذ كشف استطلاع أجرته جامعة ماريلاند عام 2018، أن 1.4٪ فقط من الإيرانيين يؤيدون المزيد من الامتيازات النووية إذا انسحبت الولايات المتحدة من الصفقة الإيرانية. ومع انتصار الجناح المتشدد على الجناح المعتدل في الانتخابات الإيرانية، أصبح هذا الميول المعادي للمعتدلين حقيقة واقعة، فيما تبدو آفاق الدبلوماسية محفوفة بالمخاطر بشكل متزايد؛ ومن ثمَّ فلن تساعد آلية “سناب باك” في تسهيل العودة إلى الدبلوماسية.

وفي النهاية، لا يمكن إصلاح السياسة الأمريكية مع إيران بين عشيةٍ وضُحاها، غير أن التكرار الأخير للعقوبات لن يساعد الولايات المتحدة في تحقيق أي من أهداف سياستها. وإذا كنا نريد إيران غير نووية ومسالمة، فإن السير على نفس مسار الدبلوماسية القسرية ليس هو السبيل لتحقيق ذلك. إن عامين من الضغط الأقصى لم يؤديا إلا إلى زيادة احتمالية نشوب حرب، وزيادة احتمالية وجود إيران نووية، وزيادة صعوبة الطريق إلى السلام؛ لذا فإننا نخلص إلى أن هذه الآلية هي مجرد ردّ لاستراتيجية أخرى فاشلة.

للإطلاع على الموضوع الأصلي .. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا