واشنطن تايمز | روسيا وإيران تقوضان السلام في القوقاز

آية سيد

ترجمة – آية سيد

وصف رجل الدولة الأمريكي الراحل زبجنيو بريجينسكى أذربيجان بأنها أشبه بفلينة الزجاجة لموارد الطاقة الهائلة الموجودة في منطقة بحر قزوين. كان وصف بريجينسكي الملائم لواحد من أقوى شركاء أمريكا وأكثرهم موثوقية على الساحة العالمية هو بالضبط ما جعل روسيا بشكل عام والرئيس فلاديمير بوتين بشكل خاص يلعبان دورًا غير بنّاء في حل الصراع بين أذربيجان وأرمينيا حول إقليم ناجورنو قره باغ.

إن الأهداف الروسية فيما يخص الصراع بين أذربيجان وأرمينيا واضحة. تفضّل موسكو السيطرة مقابل الاستقرار على طول حدها الجنوبي. إن بوتين، مثل ستالين من قبله، مؤمن بشدة بفكرة “فرّق تسد”. وبالتبعية، لا تريد موسكو رؤية سلام دائم بين أرمينيا وأذربيجان لأن السلام يعني أن منطقة القوقاز بالكامل ستكون حرة ومستقلة عن موسكو، نهائيًّا. وفي حين أن أذربيجان نالت استقلالها عن موسكو، تواصل روسيا معاملة أرمينيا كحاملة طائرات لها في القوقاز لكي تُبقي المنطقة غير مستقرة.

ثانيًا: لا تشارك روسيا الهدف الجيوسياسي لأذربيجان والولايات المتحدة بالنقل غير المنقطع لموارد النفط والغاز من بحر قزوين الغني بالطاقة إلى أوروبا. لماذا؟ لأن كل متر مكعب من الغاز الطبيعي يحل محل الغاز الروسي المُباع لأوروبا يعني خصم دولار من أنشطة بوتين ودعمه الشائن لأصدقائه الديكتاتوريين الحاكمين في إيران وفنزويلا وسوريا. تكسب روسيا حوالي 111.3 مليار دولار كل عام من مبيعات الغاز إلى أوروبا. في الواقع، ربما منحت روسيا الضوء الأخضر لحليفتها أرمينيا في يوليو الماضي لشن هجوم في منطقة توفوز في أذربيجان – ممر خط الأنابيب الذي ينقل النفط والغاز إلى أوروبا.

ثالثًا، في حين أن روسيا ضغطت وطالبت باحترام قرارات الأمم المتحدة عندما يتعلق الأمر بحلفائها مثل النظام الإيراني القاتل، فإنها لم تضغط بقوة من أجل تطبيق قرارات مجلس الأمن دعمًا لسلامة أراضي أذربيجان وسحب القوات الأرمينية من الأراضي الأذرية المحتلة. وبدلًا من ذلك، وحتى الآن، دعمت أرمينيا بشكل صريح، لا سيما عن طريق توفير الدعم العسكري ليريفان.

وكما أن طموحات روسيا ودوافعها على طول حدها الجنوبي واضحة، فإن أهداف النظام الإيراني الخطيرة ليست مفهومة ولكنها مثيرة للمخاوف بنفس القدر – تتشارك إيران حدًا مع أرمينيا وأذربيجان. تبدأ سياسة النظام الإيراني الخاصة بناجورنو قره باغ بعلاقات طهران العميقة والاستراتيجية مع أرمينيا، إلا أن محور طهران – يريفان يتعلق أكثر بما تمثله أذربيجان، وذلك لعدة أمور:

أولًا، النظام الإيراني لا يريد وجود أذربيجان مزدهرة ومستقلة على حدوده الشمالية. لماذا؟ لأن النموذج الأذربيجاني للنمو الاقتصادي والازدهار يقوم على الروابط الطبيعية والبناءة مع الولايات المتحدة. وعلى نحو غير مفاجئ، تحت قيادة الرئيس علييف، انخفضت معدلات الفقر في أذربيجان إلى 5%، بينما دفع نظام علي خامنئي الديكتاتوري 60 مليون إيراني تحت خط الفقر.

ثانيًا، تبغض العصابات الحاكمة لإيران ثقافة التسامح الديني لأذربيجان. ففي حين أن المسيحيين واليهود والبهائيين يستطيعون ممارسة شعائر دينهم بحرية في أذربيجان، تتعرض الأقليات الدينية (خاصة مجتمع البهائيين) لمضايقات تحت الحكم الديكتاتوري لآيات الله، وفي بعض الحالات يُقتلون.

ومن الأمور المتعلقة بالنسيج متعدد الثقافات لأذربيجان، هو علاقات هذه الدولة المسلمة مع إسرائيل، وفي الواقع، يقع أحد أكبر الكنس خارج إسرائيل في باكو. وبصورة غير مفاجئة، أظهرت إسرائيل دعمها القوي لهجوم أذربيجان المضاد لتحرير أراضيها عن طريق تقديم تكنولوجيا عسكرية متطورة لأذربيجان.

إن ولاء النظام الإيراني لموسكو هو سبب آخر لميل طهران ناحية أرمينيا. على سبيل المثال، ردًا على مقطع على وسائل التواصل الاجتماعي يُظهر شاحنات إيرانية تنقل حمولات عسكرية إلى أرمينيا عبر معبر نوردوز الحدودي، تظاهر إيرانيون في تبريز احتجاجًا على دعم النظام الإيراني لأرمينيا، وأحبط المجرمون التابعون لعلي خامنئي المظاهرات بوحشية.

باختصار، لا يمكن الوثوق بموسكو أو طهران من أجل تحقيق سلام دائم بين أذربيجان وأرمينيا. وفي حين أن البعض انتقد تدخل تركيا في الصراع تحيزًا لأذربيجان، ربما تعكس هذه الخطوة إحباط أنقرة من فشل “الدبلوماسية” الروسية خلال الـ28 سنة الماضية في تحقيق سلام دائم لشعبي أذربيجان وأرمينيا.

إن أي اتفاقية سلام دائم بين أذربيجان وأرمينيا يجب أن تتناول سلامة أراضي أذربيجان وكذلك أيضًا المخاوف الأمنية الراسخة والمشروعة لأرمينيا، خاصة في ضوء المآسي التاريخية التي تكبدها الشعب الأرميني خلال حكم الإمبراطورية العثمانية. وتُعد اتفاقيات السلام الأخيرة إثباتًا على أنه عندما تضع الولايات المتحدة قوتها الدبلوماسية وراء مبادرة سلام، يمكن أن يصبح الأعداء السابقون أصدقاء.

ويوفر الصراع الحالي بين أذربيجان وأرمينيا لحظة تاريخية للدبلوماسية الأمريكية لكي تشرق مرة أخرى؛ لذا يجب أن تنتهز واشنطن تلك الفرصة لتحقق السلام لشعبي أذربيحان وأرمينيا؛ وبالتالي تُظهر للعالم مرة أخرى أن الولايات المتحدة، وليس روسيا، هي أفضل ضامن للاستقرار والسلام العالمي.

ربما يعجبك أيضا