الصحافة الألمانية | لبنان مستمر في الانهيار.. وما هدف الإخوان في أوروبا؟

ترجمات رؤية

ترجمة: عماد شرارة

قطر وقضية تمويل فصائل الإخوان المسلمين في أوروبا

نشر موقع “تليوبولس” حوارًا صحفيًّا مع الكاتب “كريستيان شينو”، الذي قام بعمل التقرير الذي ترجم إلى الفيلم الوثائقي: “الملايين من أجل إسلام أوروبا”، ومؤلف كتاب “أوراق قطر”، كيف تمول قطر المساجد في فرنسا وأوروبا؟”.

وقد شارك كل من “كريستيان شينو” وزميله “جورج مالبرونو” في إعداد دراسات وثائقية نقدية عن الأدوار المشبوهة لقطر، لا سيما فيما يتعلق بالجوانب الاقتصادية، وقد أكدت هذه الدراسات أن الدوحة لا ترغب فقط في التخطيط لأن تكون لاعبًا فاعلًا في الاقتصاد الغربي؛ بل تخطّط للتدخل في المجتمعات الأوروبية عن طريق دعم الجمعيات الإسلامية، وخاصة المقربة من جماعة الإخوان المسلمين، وقد استغرق المؤلفان عامين كاملين لإثبات هذه الحقائق التي ظهرت جلية في الفيلم الوثائقي الذي بثته قناة “إيه أر تي”.

وأظهرت الوثائق تقديم قطر أمولًا لبناء المركز الإسلامي الأكبر في أوروبا بمنطقة مولهاوس، والذي يضم متحف الحضارة الإسلامية، الذي جرى افتتاحه عام 2016 بإقليم “لا شو دو فون” بسويسرا، ويتبع هذا المركز مركزًا آخر بمقاطعة نيفر المركزية الفرنسية لتدريب الأئمة ومركزًا للاجئين في صقلية، والذي كان يستقبل المهاجرين السوريين عقب اندلاع الحرب السورية، وقد أثبت الوثائق أن هذه التدفقات المالية لم تكن بهدف المساعدة؛ ولكنها كانت تهدف لنشر أيديولوجية الإخوان بين هؤلاء اللاجئين. وقد ظهر هذا الكتاب بالفرنسية، ثم بالإنجليزية، والألمانية، مع فصل قصير عن كلٍّ من سويسرا والنمسا وألمانيا.. وإلى أبرز ما جاء في الحوار:

كيف كانت الصدمة عندما استطعت اكتشاف تمويل قطر للإسلام السياسي عن طريق “مؤسسة قطر الخيرية”؟

كريستيان شينو: لم تكن مفاجأة على الإطلاق، بل كنا نبحث عن ذلك، فقد قمت سابقًا بنشر كتاب حول نشاطات الدوحة المشبوهة في كتاب بعنوان: “قطر.. أسرار الخزانة”، وذلك قبل خمس سنوات من نشر كتاب: “أوراق قطر”، وأثبتُّ في هذا الكتاب كيف تعمل الدوحة على التأثير على الاقتصاد الفرنسي والأوروبي من خلال الاستثمارات، وهذ الأمر هو ما أثار عندي الدهشة، وبدأت أتعجب من أن تحاول دويلة صغيرة، الإقدام على مثل هذه الاستثمارات الضخمة في فرنسا وأوروبا من شراء أندية رياضية، وأسهم بالشركات الفرنسية والعالمية والمنشآت السياحية، حتى أنها استطاعت أن تكسب استطافة كأس العالم 2022، ولم يقتصر الأمر على الاستثمار في هذه المجالات، بل امتد إلى تمويل الجمعيات والهيئات والمؤسسات الدينية في كامل أوروبا تقريبًا، وليس فقط في فرنسا، وقد كنا في غفلة من هذا الأمر رغم أنه كانت هناك العديد من التساؤلات حول مغزى هذه النشاطات المتزايدة للدولة القطرية في أوروبا.

متى اكتشفت أن أغلب دعم وتمويل مؤسسة “قطر الخيرية” كان موجهًا في المقام الأول لشبكة الإخوان المسلمين.. وهل كنت تتصور وجود هذا الكم من الوثائق المسربة التي تؤكد ذلك؟

كريستيان شينو: لقد ذُهلنا بالفعل من مدى الدعم المُوثَّق من خلال البيانات المسربة للجمعيات الإسلامية، والتي يقع أغلبها بالفعل في فرنسا، لكن المثير للدهشة فعلًا هو أن قطر تمول المراكز والجمعيات الإسلامية في جميع أنحاء أوروبا، مثل ألمانيا وسويسرا والنمسا وإيطاليا وإسبانيا، وحتى النرويج، وليست فرنسا وحدها، ومن الواضح أن قطر ليست مهتمة فقط بالاستثمارات الاقتصادية، ولكنها مهتمة في الحقيقة بتصدير علامتها التجارية “الإسلام السياسي” لأوروبا والعالم.

كيف تفسر دعم قطر لجماعة الإخوان المسلمين التي تأسست في مصر؟

كريستيان شينو: إن المذهب المنتشر في قطر هو المذهب الوهابي السني، الذي يدّعي أنه يمثل الإسلام وأنه هو الممثل الحصري الوحيد والصحيح للإسلام في العالم، وأن المسلمين من جميع أنحاء الأرض يجب عليهم اتّباع هذا المنهج إذا ما أرادوا أن يكونوا مسلمين بحق، وتشبه أيديولوجية الإخوان المسلمين إلى حد بعيد هذا التفسير للإسلام، ولهذا السبب هناك تقارب بين إمارة قطر وجماعة الإخوان المسلمين، وتعد الدوحة واحدة من الممولين والداعمين الرئيسيين لجماعة الإخوان المسلمين، ولذلك يقيم “يوسف القرضاوي” مُنظِّر الجماعة، وأحد أهم رموزها الدينيين هناك، وكانت قناة الجزيرة تمثل منبرًا استطاع من خلاله الوصول إلى ملايين المسلمين في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في أوروبا، كما تقوم قطر بتمويل حركة حماس، التي تعدّ كذلك فصيلًا من جماعة الإخوان.

لماذا تستضيف قطر وبعض البلدان العربية الأخرى هذه الأعداد الكبير من الإخوان؟

كريستيان شينو: أعتقد أن ذلك يرجع لما حدث في مصر، التي ظهرت بها جماعة الإخوان المسلمين، حيث قام الرئيس جمال عبد الناصر بحظر الجماعة، وخاصة بعد محاولة الاغتيال الفاشلة، والتي جرى بعدها التضييق على عناصر الجماعة، فاضطروا للهرب إلى الكثير من الدول العربية والتي كان في مقدمتها قطر، وكانت هذه الدول العربية تستقبل المصريين بكل ترحاب، بما فيهم جماعة الإخوان المسلمين، واستمر الأمر على ذلك حتى حُظرت الجماعة في العديد من الدولة العربية، مثل المملكة العربية السعودية، والتي صنفت الجماعة على أنها منظمة إرهابية عام 2014.

هل كان أعضاء الجماعة في ذلك الوقت في حاجة إلى الدعم المالي والنفسي بعدما حدث معهم في مصر، ففكروا بالهجرة أو السفر للبلاد التي يمكنهم فيها إنشاء تجمعات مثل النمسا وسويسرا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا العظمى والسويد وإيطاليا؟

كريستيان شينو: بالفعل أدت حركة السفر لعناصر جماعة الإخوان المسلمين من وإلى أوروبا لتكوين هذه الشبكة؛ فقد جاء الكثير منهم إلى أوروبا للدراسة، وحتى سعيد رمضان، صهر حسن البنا مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، حصل على الدكتوراه من كولونيا، لكنه استقر بعد ذلك في سويسرا، وظل لفترة بالنمسا وميونيخ، وقد أصبح في النهاية رئيسًا لـ ” لجنة بناء المساجد” (IZM)، التي انبثق عنها “المركز الإسلامي في ميونيخ”. هذه اللجنة جرى تغير اسمها لاحقًا لتصبح “الرابطة الإسلامية في جنوب ألمانيا”، ثم إلى “الرابطة الإسلامية في ألمانيا”، وأخيراً أصبح اسمها في عام 2018 اتحاد المسلمين الألمان.(DMG)

ومثّلت “الرابطة الإسلامية في ألمانيا” بالإضافة لاتحاد المسلمين الألمان (DMG) الركائز الأساسية في “المجلس المركزي للمسلمين بألمانيا(ZMD) ، لكن تم تعليق عضويتهما مؤخرًا بعد الاشتباه بوجود صلات لهم بالإخوان، وقد كانت جمعية ميونيخ بمثابة الجسر الذي انتشرت عبره جماعة الإخوان إلى المجتمعات الغربية، واستطاعت استغلال مظلة الدستور الديمقراطي للمجتمعات الأوروبية في تطوير هياكل دائمة في ظل حماية القوانين والمؤسسات الديمقراطية وتوسيع شبكتها الأصولية المتطرفة عبر هذه البلدان.

ما هدف الإخوان في أوروبا؟

كريستيان شينو: تدّعي جماعة الإخوان المسلمين بأنها حركة عالمية، وأنها تمثل أسرة واحدة كبيرة، كخطوة في طريق إعادة مجد الأمة واستعادة الخلافة، فمن الأسرة يبدأ المخطط لينتهي – وفق تصورهم الخاص – إلى الخلافة المزعومة. هذا الأمر يفسر تواجد وامتداد شبكة جماعة الإخوان إلى أكثر من 70 دولة وانتشار هذا الفكر الأصولي المتشدد عبر هذا الكم من دول العالم، كما يزعمون.

كما تخطط الجماعة لفتح أوروبا عن طريق الهجرة واستغلال تراجُع معدلات الإنجاب في القارة العجوز لتحويل الأقلية إلى أكثرية، وكذلك الأمر بالنسبة للبلاد الإسلامية؛ فهم يخططون لاستقطاب المسلمين لهذا الفكر حتى يستطيعوا في النهاية تطبيق الشريعة الإسلامية ولو بالعنف والقوة حين يتاح لهم السبيل لذلك.

هل تتناغم هذه الأهداف للجماعة مع فكر حُكّام قطر؟

كريستيان شينو: قطر دولة إسلامية، ونظام الحكم فيها مقارب للنظام الذي تطمح إليه جماعة الإخوان المسلمين، فالشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للقوانين في قطر، الأمر الذي يعني أن المرأة المغتصبة إذا لم يكن معها شهود على عملية الاغتصاب أو لم تستطع اثبات التهمة على المُغتصب فإنها -وفقًا للقانون القطري- تعاقب بتهمة قذف الرجل، وهكذا تصبح المجني عليها جانية، ويمكن أن يحدث ذلك مع الأجنبيات المتواجدات في قطر، والمرأة وفقًا لهذا التصور هي المذنبة على الدوام وهي من تغري الرجل!

 إلى أي مدى تمثل جماعة الإخوان المسلمين خطرًا على المجتمع الأوروبي؟

كريستيان شينو: لقد ذكرت في كتابي موقف العديد من أجهزة المخابرات الألمانية من جماعة الإخوان المسلمين، حيث ذكر السيد “بوركهارد فرير”، رئيس مكتب وكالة الاستخبارات الداخلية (LfV) بولاية شمال الراين – وستفاليا (NRW) أن جماعة الإخوان المسلمين أخطر على المجتمع الألماني من السلفية، لأن الأخيرة، وإن كانت تدعم الإرهاب، إلا أنها مرفوضة من أغلب المنظمات الإسلامية في أوروبا، بخلاف الإخوان التي تسلل عناصرها إلى الأحزاب والسياسة والإعلام والقضاء لتنقضّ على هذه المؤسسات متى أُتيح لها ذلك.

من المستفيد من الآخر.. الإخوان من قطر أم قطر من الإخوان؟

كريستيان شينو: الإخوان من قطر والعكس أيضًا صحيح؛ فالإخوان يملكون القوة البشرية، والعلاقات تصل بين الطرفين إلى قمة السياسة، بينما توفر الدوحة للجماعة المصدر التمويلي الذي لا ينضب.

 ذكرت في كتابك مثالين جرى فيهما تحويل الكنائس إلى مساجد.. فهل لاحظت من خلال الوثائق وعملك الميداني أن الإسلام السياسي يسعى ويخطط بالفعل لتحويل الكنائس المهجورة بعد شرائها إلى مساجد؟

كريستيان شينو: لا أستطيع الجزم بذلك، لكن يمكن القول إن كل مسجد يتم بناؤه في أوروبا يمثل في ذاكرة العقل الجمعي للجماعة تذكارًا، وكل مسجد جرى بناؤه مكان كنيسة سابقة يمثل انتصارًا على أوروبا المسيحية.

هل التمويل القطري يكون دائمًا مقيدًا بشروط أو متطلبات أم أنه يكون حرًا، ثم إذا كان هناك شروط ومطالبات فما نوعيتها؟

كريستيان شينو: نعم؛ لا شيء بالمجان، ولا حتى التمويل من قبل مؤسسة “قطر الخيرية”؛ فقبل تخصيص الأموال تُبرم العقود التي يجري فيها تحديد الالتزامات بدقة، ويجري مراقبة هذه الالتزامات عن كثب من قبل قطر، حيث يقوم المفتشون بزيارات ميدانية لمواقع البناء للمشاريع الكبرى، وأحد أهم هذه الالتزامات يتمثل في وضع لافتات على مواقع البناء مكتوب عليها أن هذه المشروع ممول من قبل مؤسسة “قطر الخيرية”، وقد تحدثت بإسهاب في كتابي عن المؤسسة وذكرت العديد من المشاكل التي نشبت بين المستفيدين والمؤسسة بسبب مخالفات منصوص عليها في العقد بين الطرفين.

كيف تتم عمليات التمويل؟ وهل يمكن لأي جمعية إسلامية الحصول على تمويل من مؤسسة قطر الخيرية إذا كان المشروع المعني يستحق الدعم؟ وهل سيتم عندئذ تحويل الأموال إلى حساب هذه الجمعية مباشرة؟

كريستيان شينو: في الغالب، نعم، طالما أبدى المتقدمون الاستعداد للاستجابة لمطالب المؤسسة.

كيف تتم عملية تحويل الأموال إلى الدول الأوروبية الأخرى مثل ألمانيا؟

كريستيان شينو: هذا الأمر يختلف من دولة لأخرى وقد ذكرت في كتابي، كيف كانت تتم عمليات التحويل من قبل مؤسسة قطر الخيرية إلى فرنسا؟ لكن الأمر يختلف في ألمانيا، حيث لا يتعين على المشتري إثبات مصدر الأموال التي يجري تمويل المشروع بها، كما هو الحال في فرنسا، ولكن يمكن تخمين ومعرفة الممولين من خلال احتفالية الافتتاح، كما حدث في مركز النور الإسلامي بهامبورج حين كان نائب سفير الكويت من بين الضيوف، وإن لم ينكر القائمون على المشروع دعم الكويت لهذا المشروع إطلاقًا.

لماذا تعتقد أن هذا الشكل من التمويل للمؤسسات والمشاريع الإسلامية يمثل إشكالية؟

كريستيان شيسنو: لأن هذه الجمعيات الممولة تسعى إلى تحقيق هدف يتمثل في تطبيق ونشر الشريعة الإسلامية بشكل أساسي في أوروبا وإجبار المجتمعات الأوروبية على قبولها، عن طريق ما يُعرف بالمجتمعات الموازية، ولكن في النهاية هم يخططون لتحويل أوروبا إلى خلافة، وحتى لو كانت هذه مجرد يوتوبيا، غير أنه لا يمكن التغاضي عن هذه الرغبة وهذا المخطط الخطير على مستقبل أوروبا.

من الملاحظ أن مؤسسة قطر الخيرة متحفظة جدًّا أمام تمويل المشاريع الإسلامية في ألمانيا، فما سبب ذلك؟

كريستيان شينو: غالبية المسلمين في ألمانيا من أصل تركي، لذلك فإن المنظمات الإسلامية ذات الجذور في تركيا هي المهيمنة، لكن هذا لا يعني أن قطر ليس لها يد في ذلك؛ فهناك علاقات وثيقة للغاية بين تركيا وقطر، ومن يرغب في معرفة المشاريع الإسلامية التي تمولها قطر عليه فقط أن يتابع مسار الأموال من قطر إلى تركيا ومن تركيا إلى قطر.

كيف يمكن وقف قطر ومنعها من تمويل الإسلام السياسي في أوروبا؟

كريستيان شينو: يجب على السياسيين الاستماع إلى تحذيرات أجهزة المخابرات من مخاطر تغول جماعات الإسلام السياسي في المجتمع الأوروبي، كما يجب تحقيق المزيد من الشفافية ومراقبة الأموال التي تُضخ لهذه الجماعات، كما ينبغي بعدم السماح بإحضار الأئمة من دول إسلامية أخرى بل يجب أن يتم تدريبهم في البلدان المعنية، ويجب أن يكونوا قادرين على التحدث باللغات الوطنية للبلدان التي يعيشون بها، كما يجب على السياسيين في أوروبا وقف وإلغاء المدارس التي يتم فيها الفصل بين المسلمين وغيرهم من مجتمع الأغلبية، لأن ذلك أدى إلى اضطرابات اجتماعية واسعة النطاق وتقوية القوى الشعبوية اليمينية في فرنسا، ويجب أن تُحترم حرية العبادة، ولكن مع الشفافية وفي إطار احترام القوانين القائمة.

دبلوماسية دولة الإمارات العربية المتحدة في التعامل مع واشنطن وبكين

نشر موقع “شبيجل بوليتيك” تقريرًا للكاتبة “رانيا سالوم” أشار إلى الدبلوماسية الإماراتية في التعامل مع كل من واشنطن وبكين، حيث جنحت دولة الإمارات لجانب الصين في توفير لقاح كورونا للشعب الإماراتي، وقد سمحت بالفعل السلطات الإماراتية باستخدام اللقاح للفئات التي لها اتصال مباشر مع المصابين بالفيروس بعدما أثبت التجارب فاعليته وعدم خطورته. وبهذه الخطوة تكون الصين قد نجحت في توسيع نفوذها في الخليج العربي بعد نجاح اختبارات كورونا الذي انتجته شركة “سينوفارم” الصينية.

ونشرت “هند العتيبة”، مديرة الاتصالات الاستراتيجية في وزارة الخارجية والتعاون الدولي لدولة الإمارات العربية المتحدة، صورة لها على تويتر أثناء استعدادها للحصول على لقاح كورونا، وقالت: “سيكون اللقاح متاحًا قريبًا لجميع العاملين في الخطوط الأمامية بدولة الإمارات، وهذه خطوة كبيرة إلى الأمام في معركتنا الناجحة ضد كورونا”.

وقد مثّل التعاون بين دولة الإمارات والصين في تطوير لقاح كورونا مكسبًا للبلدين، لا سيما وأن مثل الخطوة تؤكد على ريادة دولة الإمارات وأسبقيتها في مكافحة هذا الوباء والقضاء عليه، كما يمثل هذا التعاون أيضًا مكسبًا دبلوماسيًّا للصين على غريمتها التقليدية الولايات المتحدة.

وتسعى الإمارات لتحقيق التوازن الصعب في الحفاظ على علاقات وثيقة مع واشنطن بكين في نفس الوقت، ففي الوقت الذي يستثمر فيه الإماراتيون الكثير من الأموال للحفاظ على متانة العلاقة مع واشنطن من خلال خطوات مدروسة كان آخرها الاتفاق مع إسرائيل من خلال الوساطة الأمريكية، يتمسك الإماراتيون في السنوات الأخيرة بالحفاظ على الشراكة الاستراتيجية مع بكين؛ فالأخيرة باتت الآن هي الشريك التجاري الأكثر أهمية لدولة الإمارات؛ ففي عام 2018 دخل البلدان في شراكة استراتيجية شاملة وصلت لأعلى مستوى في العلاقات الثنائية، كما دعت أبو ظبي في العام الماضي (2019) شركة هاواوي الصينية العملاقة لتوسيع استثماراتها وتزويد الإمارات بتقنيات الجيل الخامس، رغم أن ترامب شخصيًّا هو من يحارب هذه الشركة وهو من أدرجها في القائمة السوداء.

تقارب سريع

ليس من المستغرب أن تتجه دولة الإمارات نحو الصين تدريجيًّا؛ فالنظام العالمي بأكمله يتحول إلى الشرق، كما أن مبادرة طريق الحرير الصينية تمثل أهمية كبيرة للإماراتيين، حيث تجعل من دولة الإمارات محورًا بين أوراسيا والمحيط الهندي، ولا يقتصر اهتمام الصين فقط بتوسيع استثماراتها مع الإمارات بل أبرمت الصين أيضًا شراكات استراتيجية واسعة النطاق مع كل من المملكة العربية السعودية وإيران، لكن من اللافت للنظر سرعة التقارب بين الصين، وهذه الدول رغم تعهد الرئيس الأمريكي بالوقوف ضد النفوذ الصيني في العالم، لكن بكين استغلت أزمة كورونا لتواصل انطلاقها الدبلوماسي على حساب واشنطن التي تراجعت في ظل إدارة ترامب ولم تعد رائدة في الجانب العلمي كما كانت، في حين استطاعت دول أخرى استغلال أزمة كورونا بمهارة أكبر لتحقيق مكاسب سياسية في المقام الأول.

لعبة التوازن

في بداية ظهور الوباء أرسلت الإمارات مساعدات طبية (أقنعة وقفازات) إلى الصين، لكن عندما وصل الوباء إلى الإمارات استعانت الدولة بحكومة بكين في إنشاء معامل اختبارات ضخمة، وقد نجحت بالفعل في تجاوز هذه الأزمة، وها هو التعاون بين البلدين يثمر للمرة الثالثة بعد نجاح اختبارات اللقاح الذي انتجته الشركة الصينية، ورغم كل هذه النجاحات فما تزال لعبة التوازن الجيوسياسي بين واشنطن وبكين من قبل الإمارات مستمرة؛ ولا تزال الولايات المتحدة الحليف العسكري الأوثق للإمارات، حتى ولو لم تعد الأخيرة تعتمد عليها اعتمادًا كليًّا، خاصة في ظل إدارة ترامب؛ وما تزال أبو ظبي تستورد أهم الأسلحة من واشنطن، ورغم ذلك قامت أبو ظبي باستيراد الطائرات من دون طيار من الصين، لأن الولايات المتحدة وضعت قيودًا كثيرة لتصدير هذا السلاح، ولذلك لجأت الإمارات إلى بكين، في خطوة لا تحظى برضا الولايات المتحدة، لكن إدارة ترامب السيئة هي التي تدفع الدول الحليفة لاتخاذ مثل هذه الخطوات.

اتفاقية التعاون الإماراتي مع إسرائيل في مصلحة الفلسطينيين

نشر موقع “فيلت” تقريرًا للكاتب “ساشا لينارتس” تحدث عن اتفاقية التعاون بين الإمارات وإسرائيل، وأثر هذه الاتفاقية على مستقبل العلاقة مع الفلسطينيين ومستقبل التعامل مع التهديد الإيراني المستمر لمنطقة الشرق الأوسط. وتعد تلك الاتفاقية خطوة تاريخية من شأنها أن تعزز العمل على الشراكة بين البلدين، ولهذا السب التقى كل من سفير دولة الإمارات السيدة “حفصة عبد الله محمد شريف العلماء” والسيد “جيريمي إساكروف”، سفير إسرائيل في ألمانيا.

ولا شك أن هذا حدثٌ فارق في منطقة الشرق الأوسط، أن توقَّع اتفاقية سلام بمساعدة الولايات المتحدة بين إسرائيل والإمارات بالإضافة للبحرين، هذه الدول التي كانت تعادي إسرائيل منذ عقود، وينتظر العالم أن تتوج هذه الاتفاقيات بتوقيع السعودية على اتفاق سلام مماثل من شأنه أن يغيّر المنطقة جذريًّا ويمثل تحولًا في الصراع العسكري والسياسي المشتعل منذ أكثر من 70 عامًا. كما التقى وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكنازي ووزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد مع وزير الخارجية الألماني “هايكو ماس” في العاصمة الألمانية برلين وقاموا بزيارة النصب التذكاري للهولوكوست، ثم اجتمع الوزراء بعدها لإجراء محادثات سرية بين الأطراف الثلاثة.

وأشار القائم بأعمال سفير الولايات المتحدة في برلين، روبن كوينفيل، إلى أن السلام مع إسرائيل في منطقة الشرق الأوسط ظل لعقود جامدًا بسبب جمود القضية الفلسطينية حتى جاء ترامب وحرك المياه الراكدة واستطاع عقد مثل هذه الاتفاقيات التي من شأنها أن تغير وجه الشرق الأوسط، وأشار كوينفيل إلى أن الإدارة السياسية الواعية لا تعرف اليأس، حيث استطاع جورج بوش الأب توحيد ألمانيا رغم أن ذلك كان يبدو مستحيلًا. من جانبها قالت السفيرة الإماراتية إن السلام بين العرب والإسرائيليين كان ضربًا من الخيال في أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات، وكانت اللغة السائدة في ذلك الوقت هي لغة الحرب، وربما تصور المرء آنذاك أن يصبح سفيرًا لدولة الإمارات، لكن لم يخطر ببال أحد أن يكون هناك يومًا اتفاق سلام مع إسرائيل.

ورد السفير الإسرائيلي بأن العلاقات الشخصية الآن باتت وثيقة بشكل أسرع بكثير مقارنة بالعلاقات الدبلوماسية، التي غالبًا ما تستغرق وقتًا أطول، ويجب أن تأخذ في الاعتبار المؤسسة السياسية والرأي العام، وتابع بأن الاتفاقية شكّلت تحالفًا إقليميًّا جديدًا في الشرق الأوسط لمواجهة التهديدات والتحديات المشتركة، لا سيما من قِبل إيران التي تنتهج سلوكًا عدوانيًّا يزعزع الاستقرار في المنطقة. فيما أكدت سفيرة الإمارات أن الاتفاق مع إسرائيل “ليس موجهًا ضد إيران في المقام الأول؛ بل إن الأمر يتعلق برغبة دولتين في الشراكة المستقبلية بين البلدين”.

كما أعرب وزير الخارجية الألمانية “هيكو ماس” عن سعادته بهذا الاتفاق وعن أمله في التوصل لحل الدولتين لتنعم المنطقة بالسلام وتقبل المزيد من الدول على استكمال خطوت التطبيع، وتابع إساكروف بأن مواطن الاتفاق مع الإمارات كثيرة؛ فكلا الشعبين يسعى للاستقرار وتحقيق الرفاهية، لكنهما في الوقت نفسه يشعرون بالقلق والخوف مما تصنعه طهران بالمنطقة، حيث يمثل البرنامج النووي والصاروخي، بالإضافة للتدخلات في سوريا ولبنان والعراق واليمن من خلال المليشيات الإرهابية مثل حزب الله، تهديدًا كبيرًا لمصالح البلدين، بالإضافة لتبعات أزمة كورونا التي تتطلب التضافر والتعاون لحماية مواطنينا؛ فهذا أهم بكثير من خلافاتنا.

وأشار إساكروف إلى أن وزير الخارجية الإسرائيلي أعلن خلال زيارته لبرلين أن السياسة الإسرائيلية تحولت من “الضم إلى التطبيع” وأن الاتفاق مع الإمارات لم يكن على حساب الفلسطينيين؛ فلا أحد يحاول إقصاء الفلسطينيين، ولكنهم هم من يرفضون، على حد زعمه، ويواصل إساكروف بأن ألمانيا يمكن أن تساعد في إعداد مبادرة جديدة تؤدي إلى اتفاق سياسي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، لذلك طلبت إسرائيل من ألمانيا دعوة الفلسطينيين للمشاركة في مفاوضات السلام. وفي النهاية يرى إساكروف أن الحل الوحيد للأزمة والصراع يكمن في التفاوض من أجل حل الدولتين والوصول إلى حل جذري لهذا الصراع التاريخي المتأزم.

استمرار انهيار لبنان

نشر التلفزيون الألماني بنشرة الظهيرة تقريرًا للمراسل “يورن بلاشك” لفت إلى استمرار الأزمة اللبنانية بعد رفض رئيس الوزراء المكلف “مصطفى أديب” تشكيل الحكومة بسبب عدم الاتفاق بين الفرقاء والمكونات السياسية للمشهد اللبناني، طبقًا لنظام المحاصصة المعمول به هناك.

وبعد الانفجار المدمر في بيروت، تحول الاهتمام الدولي إلى لبنان، ووعد الرئيس الفرنسي بتقديم المساعدة، داعيًا إلى إصلاحات في المشهد السياسي اللبناني. وقد اندلعت ألسنة اللهب من المبنى المركزي لشركة الكهرباء الحكومية وتصاعد الدخان من النوافذ، جاء ذلك عقب انفجار مستودعات الذخيرة في جنوب البلاد واحترق المركز التجاري في بيروت، ولم تتوقف سلسلة الحوادث والانفجارات منذ انفجار مخزن نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت.

كان الرئيس ماكرون قد زار لبنان مرتين بعد الكارثة المدمرة التي حدثت في بيروت يوم 4 أغسطس 2020، ووعد الرئيس الفرنسي بمساعدات مالية، بما في ذلك الإفراج عن أموال من صندوق النقد الدولي وعقد مؤتمر للمانحين لإعادة بناء لبنان، لكن مساعدات ماكرون كانت مشروطة بتشكيل حكومة جديدة في غضون 15 يومًا، وضرورة الشروع في عمليات الإصلاح في الأسابيع التالية.

فشل تشكيل الحكومة

انقضى الموعد الذي حدده الرئيس الفرنسي ماكرون دون تشكيل الحكومة أو الوفاء بالشروط، بل اعتذر رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب، الذي عينه الرئيس “ميشيل عون” عن تشكيل الحكومة الجديدة بسب عدم التوافق وبسبب إصرار الأحزاب الشيعية (“حركة أمل” و”حزب الله”)، على الحصول على وزارة المالية وتسمية وزيرها وسائر الوزراء الشيعة، فيما أصر أديب على اختصاصيين بعيدًا عن الأحزاب السياسية.

أحزاب جديدة واستراتيجيات جديدة

وإذا ما رغبت الأطراف السياسية اللبنانية في الإصلاح فإن المبادرة الفرنسية يمكن أن تُمثّل منطلقًا لبداية جديدة للبنان، وإذا ما نجحت الدولة اللبنانية في تغير نظامها السياسي العفن، والذي يعتمد على المُحاصصة فإنه من الممكن أن تنهض لبنان من عثرتها، وتتكون بعد ذلك أحزاب سياسية جديدة تجمع كل الأطياف والألوان، أما إذا ما استمر الأمر على هذا المنوال فإن لبنان مقبل على كارثة بكل المقاييس، سواء فيما يتعلق بالجانب السياسي، حيث ستعود نفس الوجوه القديمة التي لم تقدم جديد لهذا البلد، أو حتى على الجانب الاقتصادي، حيث سيخسر لبنان فرصة الدعم المقدمة من ماكرون، الأمر الذي سيترتب عليه استمرار الأزمة الاقتصادية الطاحنة والفساد والحرائق والانفجارات التي توشك أن تقضي على هذا البلد.

ربما يعجبك أيضا