مجلس العلاقات الخارجية | الميليشيات المدعومة إيرانيًّا في العراق تستعد لتوسيع نفوذها

آية سيد

ترجمة – آية سيد

تعهّد الكثير من المشرعين العراقيين بإخراج القوات الأمريكية من بلادهم بعد أن قتلت غارة جوية أمريكية بالقرب من مطار بغداد في بداية شهر يناير قاسم سليماني, قائد فيلق القدس الإيراني, وأبو مهدي المهندس, قائد ميليشيات قوات الحشد الشعبي الشيعية المدعومة من إيران. هذا لم يحدث, لكن إدارة دونالد ترامب قد تكون في منتصف عملية إخراج نفسها.

أعلنت الولايات المتحدة مؤخرًا عن خطط لتخفيض عدد القوات الأمريكية في العراق من 5200 إلى 3000, وفي أواخر سبتمبر, هدد وزير الخارجية مايك بومبيو بإجلاء السفارة الأمريكية في بغداد بالكامل إذا استمرت هجمات القوات الوكيلة لإيران. ومنذ ذلك الحين, يبدو أن هجمات الصواريخ على السفارة الأمريكية والمنشآت العسكرية الأمريكية في العراق توقفت, لكن هجمات العبوات الناسفة على القوافل العراقية التي تزود القوات الدبلوماسية والعسكرية الأمريكية استمرت. حدث خفض التصعيد هذا على الأرجح بدافع رغبة إيران في تجنب حدوث أزمة قبل الانتخابات والتي قد تساعد في إعادة انتخاب الرئيس ترامب. الآن عرضت الميليشيات تعليق هجمات الصواريخ على القوات الأمريكية إذا قدمت الحكومة العراقية جدولًا زمنيًّا لانسحابها.

مواجهة إيران في العراق

ربما يكون من المنطقي للولايات المتحدة أن تخفض حجم بعثتها الدبلوماسية في بغداد – وهي الأضخم في العالم – مثلما اقترح الزميل في مجلس العلاقات الخارجية ستيفن كوك. لكنها ستكون مجازفة أن تسحب كل قواتها أو دبلوماسييها من العراق. هذا, في الواقع, من شأنه أن يعطي إيران ما تريده بالضبط. وما دامت القوات الأمريكية باقية في العراق, يمكنها أن تواجه النفوذ الإيراني, الذي يظل دون مساس بالرغم من كل العقوبات التي فرضتها إدارة ترامب على طهران.

تحاول إيران أن تحول العراق إلى نسخة من “لبنان”: أن تسمح لحكومة موالية للغرب بأن تحكم نظريًّا بينما تمارس الميليشيات المدعومة من إيران السلطة الحقيقية. في لبنان, تلك القوة هي حزب الله. في العراق, هي ميليشيات مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق. إن أهم عمل لتحديد نفوذ الميليشيات الإيرانية قام به هشام الهاشمي, الباحث العراقي الذي عمل مستشارًا للحكومة العراقية وحارب من قبل كمتمرد ضد القوات الأمريكية.

وجد الهاشمي أن “الاستيلاء التدريجي للميليشيات على الدولة, الذي يستند إلى إعادة الإعمار والتصالح بعد الحرب الأهلية, هو حرب طائفية من ناحية, ومن ناحية أخرى استيلاء وجريمة منظمة, وهيمنة إيرانية من جميع النواحي”. وأوضح أن الميليشيات “انتزعت السيطرة واسعة النطاق على معظم الاقتصاد العراقي: من جمارك المطار, ومشروعات البناء, وحقول النفط, والصرف الصحي, والمياه, والطرق السريعة, والكليات, والملكيات العامة والخاصة, والمواقع السياحية, والقصور الرئاسية, إلى ابتزاز المطاعم, والمقاهي, وشاحنات البضائع, والصيادين, والمزارعين, والأسر النازحة”.

دفع الهاشمي حياته ثمنًا لبحثه: في 6 يوليو, تعرض للاغتيال على يد مسلح خارج منزله في بغداد، فيما اعتُبر أنه عملية نفّذتها قوات الحشد الشعبي. النتائج التي توصل إليها, والتي ذُكرت بالأعلى, نقلها صديقه, المحلل الأمني السوري – الأمريكي حسن حسن, الذي تحدث مع الهاشمي قبل ساعتين من وفاته.

تهديد تنظيم الدولة الإسلامية يلوح في الأفق

منذ أن تحطمت دولة الخلافة المزعومة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق في 2017, كان رؤساء الوزراء العراقيون يحاولون, بقليل من النجاح, الحد من سلطة قوات الحشد الشعبي التي كان سبب وجودها هو محاربة المتطرفين السُنة. آخر من حاول هو مصطفى الكاظمي, الرئيس السابق للمخابرات العراقية الذي صعد إلى منصب رئيس الوزراء في شهر مايو عقب احتجاجات شعبية على الفساد والبطالة. في أواخر يونيو, أمر بالقبض على أربعة عشر عضوًا في كتائب حزب الله. لكن بعد توجه رجال مسلحين في شاحنات صغيرة إلى المنطقة الخضراء في بغداد (مقر الحكومة) والمطالبة بإطلاق سراحهم, جرى الإفراج عن معظمهم. ثم تم تصويرهم لاحقًا وهم يحرقون الأعلام الأمريكية ويدوسون على صور الكاظمي.

ينبغي أن تواصل الولايات المتحدة دعم الكاظمي, أكثر رئيس وزراء عراقي موالٍ للغرب منذ سقوط صدام حسين. إنه أفضل رهان ليس فقط لردع وكلاء إيران, ولكن أيضًا لمنع انبعاث تنظيم الدولة الإسلامية، وهو تنظيم إرهابي لا يزال يُزعم أنه يمتلك عشرة آلاف مقاتل في العراق وسوريا وعلى الأقل 100 مليون دولار احتياطي مالي. إن الهدفين مرتبطان بشدة: كلما سيطرت الميليشيات المدعومة إيرانيًّا على الدولة العراقية, سوف يتجه السُنة العراقيون إلى الجماعات السُنية المتطرفة مثل تنظيم الدولة الإسلامية من أجل الحماية. في المقابل, كلما بدت الدولة العراقية غير طائفية, رفض السُنة تملق تنظيم الدولة الإسلامية. 

وفي النهاية، ينبغي على الولايات المتحدة أن تواصل الضغط من أجل دولة غير طائفية عن طريق المساعدة في تدريب قوات الأمن العراقية, والمساعدة في تقديم المشورة للقادة العراقيين, وتقديم المساعدة الضرورية في مجالات مثل المخابرات, والاستهداف واللوجيستيات. يمكن فعل هذا فقط إذا حافظت الولايات المتحدة على تواجد كبير على الأرض – ثلاثة آلاف جندي على الأقل – بالرغم من مخاطر الهجمات المدعومة من إيران.  

لمشاهدة الموضوع الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا