ناشيونال إنترست | إرهابيو داعش يستغلون الإغلاق الناتج عن فيروس كورونا

آية سيد

ترجمة – آية سيد

لقد فاقمت حالات الإغلاق الناتجة عن كوفيد-19 حول العالم أوجه عدم المساواة الاجتماعية-السياسية، خاصة في الجنوب العالمي حيث تحاول الحكومات مواجهة الجائحة. تحاول عدة جماعات إرهابية، ومتطرفة وعنيفة، لا سيما ما يُسمى بتنظيم داعش، الاستفادة من أوجه عدم المساواة هذه لكي تروج للروايات المليئة بالكراهية.

في نيجيريا، على سبيل المثال، وصفت جماعة بوكو حرام غلق المساجد – وهو إجراء احترازي لمواجهة كوفيد-19 – وصفته بأنه “هجوم مباشر على الإسلام.” وبصورة مماثلة، يظل هناك خوف لدى خبراء الأمن من إنه بينما تستمر حالات الإغلاق في حبس الناس في منازلهم، تكسب الجماعات المتطرفة والعنيفة فرصة لتحويل الجمهور “الأصغر سنًا” إلى التطرف ممن يمضون المزيد من الوقت على الإنترنت دون إشراف.

وحذر نائب مدير منظمة الأمن والاستخبارات الأسترالية (ASIO) “هيثر كوك”، متحدثًا أمام اللجنة المشتركة للمخابرات والأمن بالبرلمان الأسترالي، من أن الأوضاع الناتجة عن الجائحة وفرت للجماعات المتطرفة، ومن ضمنها تنظيمات النازيين الجدد، السُبل لتحويل مزيد من الأشخاص إلى التطرف.

وفي اجتماع عُقد مؤخرًا لمجلس الأمن حول القضايا الأمنية العالمية المُلحة في شهر أغسطس، لاحظ خبراء مكافحة الإرهاب ارتفاعًا في الأنشطة الإلكترونية لما يُسمى بتنظيم داعش. وأكد الخبراء أيضًا على أهمية إعادة عائلات الإرهابيين العالقة في الشرق الأوسط لمنع داعش من نشر نفوذه. وتشير هذه المخاوف إلى أن التهديد القادم من الجماعات المتطرفة العنيفة والإرهابية مثل داعش يبقى ضمن الشبكات “الافتراضية” (الإنترنت) و”الحقيقية” (الأسرة).

في الشهور الأخيرة، ازدهرت حملة الدعاية الإلكترونية لداعش– على عكس حملاتها الإعلامية المترابطة خلال ذروة الجماعة قبل 2017– حيث أدار المؤيدون حول العالم حملات فردية. وبحسب “مايكل كرونا”، فإن معظم مؤلفات داعش تُروَج على يد المؤيدين من خلال روبوتات الإنترنت على تليجرام ومنصات التواصل الاجتماعي الأخرى. وعلاوة على هذا، فمن أجل تجنب أن تكشفهم وكالات إنفاذ القانون، زاد داعش ومؤيدوه نشاطهم الإلكتروني في الشهور الأخيرة من خلال التجديد المستمر للروابط التشعبية على الإنترنت والهجرة من وإلى منصات مختلفة.

كذلك فلقد شهدت الوكالات الأمنية في جنوب آسيا أيضًا ارتفاعًا في نشاط داعش الإلكتروني الذي يهدف لتحويل الجمهور الأصغر سنًا إلى التطرف. حيث أوردت وكالة التحقيقات الوطنية الهندية ارتفاعًا في النشاط الإلكتروني لمؤيدي داعش، خاصة في الولايات الجنوبية مثل كيرلا، وتيلانجانا، وأندرا برديش، وكارناتاكا وتاميل نادو، حيث جرى القبض على 122 متهمًا حتى الآن. كما أوردت بنجلاديش ارتفاعًا في الأنشطة الدعائية الإلكترونية لداعش والتي تستهدف بشكل رئيسٍ شباب المدن المتعلمين. 

وتبقى شبكات الإرهاب العائلية سمة مميزة لعمليات داعش العالمية. وتمثل هذه الشبكات تهديدًا أمنيًا عالميًا كبيرًا، وغالبًا بسبب المخاوف القانونية والاجتماعية والمتعلقة بالخصوصية التي تجعل من الصعب مراقبة الأسر وأنشطتهم بشكل موسع. لقد شملت عدة هجمات إرهابية بارزة تحت شعار داعش، في الآونة الأخيرة، الأسرة والأقارب. ففي حادثة يوم 24 أغسطس، نفذت “أرملتان” لمسلحين داعشيين بارزين تفجيرين انتحاريين في بلدة جولو بالفلبين، مما تسبب في مقتل 15 شخصًا. وبصورة مشابهة، في شهر أكتوبر الجاري، ألقت وكالات الأمن في الفلبين القبض على امرأة أخرى تخطط لهجوم انتحاري في البلاد. يُعتقد أن “رزقي فانتازيا رولي” هي زوجة مسلح قُتل في سولو في شهر أغسطس وربما تكون ابنة زوجين انتحاريين نفذا هجومًا على كاتدرائية كاثوليكية في جولو في 2019.

إن حقيقة أن يكون أفراد أسرة واحدة متورطين في الأنشطة المتطرفة والهجمات الإرهابية تستدعي الانتباه من الخبراء الاستراتيجيين وصناع السياسة الأمنية. وفي ظل تطبيق الإغلاق في معظم أنحاء العالم وزيادة مؤيدي داعش المتواجدين على الإنترنت، فإن احتمالية استهداف داعش للأسر المحافظة التقليدية من أجل تحويلهم إلى التطرف مرتفعة. وفي هذه الأسر، يكون الذكور الأكبر سنًا موقرين بشكل عام، ما يجعله أسهل لإقناع الأفراد الأصغر سنًا والإناث بالانضمام إلى الجماعات الدينية والسياسية المتطرفة والعنيفة.

ويوجد الآن تركيز خاص من الجماعات المتطرفة على تجنيد الإناث، خاصة في بنجلاديش، ما يشير إلى أن هذه الجماعات تتجه بشكل متزايد إلى النساء لكي يحولن أفراد الأسرة الآخرين إلى التطرف. إذ استهدفت جماعات أخرى في جنوب آسيا مثل لشكر طيبة – وهي الجماعة المسلحة الباكستانية المتهمة بالاشتباك في حرب بالوكالة في كشمير الهندية– الإناث واستخدمتهن لإقناع أبنائهن بالجهاد ضد الهند.

ويمثل التجنيد الافتراضي والحقيقي تهديدًا ذا تداعيات قصيرة وطويلة الأمد على دول الجنوب التي تفتقر للبنية التحتية والقدرات اللازمة لمكافحة التطرف والإرهاب. وعلى الرغم من أن التقدم التكنولوجي يتيح مراقبة الإرهابيين على الشبكات الإلكترونية، فإن مراقبة ومواجهة شبكات الأسر الحقيقية لا تزال تمثل تحديًّا سياسيًّا كبيرًا.

وكما شهدنا في هجمات عيد الفصح المنسقة في 2019 في سيريلانكا– والتي شملت أفراد من أسرتين– وعلى الرغم من أن القدرة التشغيلية لداعش تلقت ضربة كبيرة في الشرق الأوسط، لا ينبغي التقليل من قدر تهديد شبكات الأسر والإنترنت الإرهابية، لا سيما في جنوب آسيا. 

لمشاهدة الموضوع الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا