كاب إكس البريطاني | ماذا يعني فوز بايدن لبريطانيا؟

بسام عباس

رؤية

ترجمة – بسام عباس

هناك مقولة شهيرة لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق “ونستون تشرشل” يقول فيها: “يمكنك دائمًا الاعتماد على الولايات المتحدة للحصول على النتيجة الصحيحة – بعد أن جربوا جميع الخيارات الأخرى”. ويبدو الآن أنه بعد أن جرَّب الشعب الأمريكي جميع الخيارات الأخرى خلال السنوات الأربع الماضية، فقد ثبتت صحة قول تشرشل.

ماذا تعني رئاسة بايدن بالنسبة للمملكة المتحدة، وما هي علاقة “10 داونينج ستريت” مع ساكن البيت الأبيض الجديد؟

وجهة النظر التقليدية هي أن هذا الأمر سيكون صعبًا للغاية، وأن علاقة “بايدن” و”بوريس جونسون” ستكون فاترة على أقل تقدير. ولا يمكن استبعاد هذا الرأي، فقد قدَّم ترامب وجونسون نفسيهما على أنهما “توأم روحي”. وغالبًا ما يُنظر إليهما على أنهما مغامران وقراصنة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن بايدن أمريكي أيرلندي، وهو ما يعني أنه سيقول إن أي محاولة من جانب جونسون لتفكيك الجوانب الأيرلندية لاتفاقية الانسحاب من الاتحاد الأوروبي ستنسف أي احتمال لصفقة تجارية بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

وعند النظر في مستقبل العلاقة بين المملكة المتحدة والولايات المتحدة، فإن الاعتبار الأساسي سيكون السياسة الخارجية والقضايا الدولية. وفيما يتعلق بجميع القضايا الصعبة، نأى جونسون بنفسه بعيدًا عن توجهات ترامب، وكان بالفعل في نفس المعسكر مع “أنجيلا ميركل” و”إيمانويل ماكرون”.

ضاعف جونسون المساهمات البريطانية في منظمة الصحة العالمية بينما كان ترامب يخطط للخروج منها. وبينما يؤمن جونسون بشدة بضرورة التعامل مع قضية تغير المناخ ينكر ترامب أهميتها، وبينما يتحمس جونسون للتجارة الحرة العالمية، يصر ترامب على المفاوضات الثنائية، حيث يمكن للولايات المتحدة الاستفادة من قوتها الاقتصادية.

وكذلك الأمر فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والدفاعية، حيث كان جونسون متحمسًا لحلف الناتو، وللسيطرة على الأسلحة، ولصفقة تفاوضية مع إيران بشأن تطلعاتها النووية، ولحل الدولتين في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. لذا لن يواجه بايدن وجونسون مشكلة كبيرة في العمل بانسجام بشأن القضايا العالمية.

ولكن ماذا عن الكيمياء الشخصية بينهما؟

أشك في أن جونسون سيكون قادرًا على متابعة إنجاز “تيريزا ماي” في كونها أول زعيم غربي يُدعى للقاء الرئيس الجديد في البيت الأبيض. سيرغب بايدن في التأكيد على احترامه ودعمه لأنجيلا ميركل، التي عاملها ترامب بازدراء. كما سيرغب بايدن أيضًا في إعادة إنشاء علاقة ودية مع الاتحاد الأوروبي، الذي يمثل 27 دولة أوروبية، ليكون حصنًا رئيسيًا ضد روسيا بوتين.

لكن جونسون لا يحتاج لأن يشغل باله كثيرًا بذلك. إذ ستتاح له فرصتان ممتازتان في عام 2021 للعمل عن كثب مع بايدن ودعوته إلى لندن.

أولاً: ستتولى بريطانيا رئاسة مجموعة السبع في العام المقبل، وستستضيف مؤتمرها السنوي الذي سيعقد في مكان ما في المملكة المتحدة. وسيكون بايدن ملزمًا بحضور مثل هذا التجمع الكبير لقادة العالم الحر.

ثانيًا: تستضيف المملكة المتحدة أيضًا مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ في جلاسكو في نوفمبر المقبل. بالنسبة لبايدن، سيكون التعامل مع تغير المناخ سمة مميزة لرئاسته وسيكون جونسون حليفًا متحمسًا.

وبالتأكيد سيتشكك الكثير من الناس فيما يتعلق بالأهمية المستمرة لـ “العلاقة الخاصة” بين الولايات المتحدة والمملكة المتحدة. وبالطبع، أصبح للولايات المتحدة العديد من الحلفاء والأصدقاء، ولم تعد المملكة المتحدة مهمة كقوة عالمية كما كانت في السابق، حيث إن قدرتها العسكرية تتعرض لضغوط، وأهميتها الاقتصادية أصبحت أقل أهمية بكثير من ألمانيا.

ومع ذلك، أختتم بسؤال لم أسمع إجابة له من قبل: إذا لم تبق المملكة المتحدة أقرب حليف عالمي للولايات المتحدة، فمن سيشغل مكانها؟

لا يمكن أن تكون ألمانيا، فعلى الرغم من قوتها الاقتصادية، تتمتع ألمانيا بقدرات عسكرية ضئيلة ونفوذ دبلوماسي متواضع خارج أوروبا. ولكن تقارن فرنسا بالمملكة المتحدة كقوة عسكرية، إضافة إلى أن لها سياسة خارجية عالمية. ولكن جميع الرؤساء الفرنسيين منذ “شارل ديجول” أعربوا عن استيائهم من القيادة الأمريكية لحلف الناتو، وفضلوا الاستقلال الذاتي الأوروبي في الدفاع والسياسة الخارجية.

ولا توجد قوة أوروبية أو آسيوية أخرى– باستثناء واضح للصين– يمكن مقارنتها بقوة المملكة المتحدة العسكرية والبحرية، والتجارة العالمية، وشبكة “العيون الخمسة” الاستخباراتية، والعضوية الدائمة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والقوة الناعمة من خلال انتشار اللغة الإنجليزية في العالم، ودول الكومنولث.

إن المملكة المتحدة هي الشريك الأصغر للولايات المتحدة بالطبع. ومع ذلك، سيجد بايدن وجونسون أن لديهما الكثير من القواسم المشتركة مثل أسلافهما في البيت الأبيض وداونينج ستريت منذ عام 1945.

لقراءة النص الأصلي.. اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا