مجلس العلاقات الخارجية | هل أنهت روسيا الحرب بين أرمينيا وأذربيجان؟

آية سيد

ترجمة – آية سيد

إن اتفاقية وقف إطلاق النار الموقعة يوم 9 نوفمبر بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ورئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان، والرئيس الأذري إلهام علييف، فعلت ما هو أكثر من تعليق الأعمال العدائية. في الواقع، هي تمتلك الكثير من عناصر معاهدة السلام النهائية، حيث أذربيجان هي الرابح الواضح.

بعد أكثر من ستة أسابيع من الحرب في ناجورنو قره باغ وحولها – وهو إقليم أرميني إلى حد كبير ويُعدّ رسميًّا جزءًا من أذربيجان لكن أرمينيا تسيطر عليه منذ ثلاثة عقود – هناك تغييرات كبيرة تجري الآن. يتبادل الطرفان السجناء وقتلى الحرب، ومن المقرر أن تنسحب القوات الأرمينية حتى من الأراضي التي لم تخسرها في القتال، ووصلت قوات حفظ السلام الروسية لحماية الممر بين أرمينيا وناجورنو قره باغ لخمس سنوات على الأقل. كما يدعو الاتفاق أيضًا إلى ممر ثانٍ بين أذربيجان وأرضها المعزولة، المعروفة بـ”نخجوان”.

إلى متى سيستمر هذا السلام الجزئي؟

ولأن العديد من اتفاقيات وقف إطلاق النار انهارت أثناء القتال، فإن التشكك حول هذه الاتفاقية مفهوم، غير أن هناك أسبابًا للاعتقاد بأن الاتفاق سيصمد لفترة طويلة:

التواجد العسكري الروسي. في ظل وجود 2000 من قوات حفظ السلام في المكان، سيكون في غاية التهور أن يأمر الرئيس علييف بهجوم جديد، حيث إنه يعلم أن الأمر قد ينتهي بقواته وهم يحاربون القوات الروسية. لقد أوضح بوتين في أكتوبر أن روسيا لن تتدخل للدفاع عن أرمينيا، حليفة المعاهدة، إلا إذا تعرضت أراضي أرمينيا الأصلية للهجوم. لكن الآن بما أنه نشر قوات روسية، لن يكون من السهل تفادي التدخل في حالة استئناف الأعمال العدائية (ينبغي ملاحظة أن النص المُعلن لاتفاقية 9 نوفمبر لا يسمح لأذربيجان بطلب الرحيل المبكر لقوات حفظ السلام).

حجم انتصار أذربيجان

 لقد أعطى النجاح العسكري علييف أكثر شيء أراده، حيث أنهى الاحتلال الأرميني لكل الأراضي الأذرية بخلاف ناجورنو قره باغ نفسها، وأتاح عودة مئات الآلاف من اللاجئين، كما استعادت أذربيجان أيضًا شوشا (شوشي، بالنسبة إلى الأرمن)، البلدة التي كانت تحتوي على أكبر نسبة سكان أذريين منذ ثلاثين عامًا. وبالنسبة إلى علييف، هذا ليس نجاحًا جزئيًّا.. إنه انتصار ضخم.

مردود متضائل وخطر مرتفع

 إن محاولة تجاوز الانتصار لاستعادة كل ناجورنو قره باغ سوف تفرض مشاكل أكبر بكثير على أذربيجان، حتى لو استطاعت تجنب القوات الروسية. سوف تفعل القيادة العسكرية لأرمينيا كل ما في وسعها لتحصين ناجورنو قره باغ، وهو ما يجعل الجولة الأخرى من الحرب أقل قابلية للتنبؤ. ولأن السكان المتبقين في الإقليم كلهم تقريبًا من الأرمن، فإن استعادته سوف تُجبر أذربيجان على الاختيار بين التطهير العرقي والاحتلال الذي ربما يكون عنيفًا.

هل يمكن أن تُعزّز الدبلوماسية السلام؟

حتى لو صمد اتفاق 9 نوفمبر لوقف إطلاق النار، فمن غير المرجح أن تتبعه جولات أخرى من الدبلوماسية الجادة. وفي كلٍّ من أرمينيا وأذربيجان، من شبه المؤكد أن الاعتبارات السياسية الداخلية سوف تمنع أية جهود للتوصل إلى تسوية نهائية.

بالنسبة إلى الأذريين، كان احتمال استعادة الأراضي المحتلة يعني أن اتفاقية السلام مع أرمينيا لا يمكن رفضها على الفور، حتى لو عنت إمكانية خسارة ناجورنو قره باغ. لكن الابتهاج بنصرهم الجديد سيجعل من غير الوارد السماح لناجورنو قره باغ بالتصويت على تقرير المصير. سوف يسأل المسئولون الأذريون أنفسهم، “بعد استعادة أراضينا بمجهوداتنا، كيف يمكننا تبرير التنازلات الجديدة لأرمينيا؟” لقد استبعد علييف الآن إمكانية “وضع الحكم الذاتي” لناجورنو قره باغ ما دام هو الرئيس.

بالنسبة إلى أرمينيا، التعامل مع الهزيمة سوف يعني صراعًا سياسيًّا حادًّا وعاطفيًّا. لقد اختفى فجأة النفوذ الذي ألزم أذربيجان من قبل بأخذ المفاوضات على محمل الجد، وربما يسأل البعض كيف تبددت هذه الفرصة الدبلوماسية الهائلة؛ وربما يسأل آخرون هل هناك أي شيء آخر سوف تسعى إليه أذربيجان مقابل التنازل عن ناجورنو قره باغ. (اهتمام علييف بوجود ممر إلى نخجوان يشير إلى احتمالية ذلك)، لكن المحور الرئيسي للجدل الداخلي في أرمينيا سيكون مختلفًا، وسوف يدور حول إلقاء لوم الهزيمة العسكرية، وتشويه صورة أولئك الذين تفاوضوا على اتفاقية 9 نوفمبر (وزير الخارجية استقال بالفعل)، وإعادة بناء دفاعات ناجورنو قره باغ، وحتى لو ظلت الحكومة باقية، لن يكون لديها حافز للتحدث إلى أذربيجان.

كانت ناجورنو قره باغ لعقود واحدة مما يُعرف بالصراعات المجمدة في محيط روسيا. وبعد رفع التجميد الوجيز وغير المتوقع، من شبه المؤكد أن يعود كما كان مرة أخرى.

لمشاهدة الموضوع الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا