مجلس العلاقات الخارجية|ما تداعيات مقتل العالم النووي الإيراني فخري زاده؟

بسام عباس

ترجمة: بسام عباس

لم يتضح بعد كيف سيؤثر مقتل العالم الإيراني الكبير “محسن فخري زاده” في 27 نوفمبر على طريق خارج طهران على البرنامج النووي الإيراني. ولكن بعد عمليات الاغتيال الناجحة الأخرى، التي ربطتها إيران بإسرائيل، أثارت هذه العملية دعوات في النظام لإصلاح هياكل الأمن الداخلي، وكذلك معارضة الآراء القائلة بوجوب الانتقام لمقتل فخري زاده.

كما أن اغتيال “فخري زاده” سيؤدي إلى إثارة المزيد من الجدل في طهران حول ما إذا كان ينبغي عليها الانخراط مجددًا في الاتفاق النووي مع الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة بايدن.

ما مدى أهمية فخري زاده لبرنامج إيران النووي، وماذا سيكون أثر مقتله؟

– من الصعب تقييم تأثير ذلك على برنامج إيران النووي، فقد شارك فخري زاده في أهم جوانب البرنامج، مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة 20٪ من نظير اليورانيوم -235 – أعلى بكثير من المستوى المطلوب لتوليد الطاقة – وتطوير مفاعل الماء الثقيل في آراك، وهو مصنع يمكن أن ينتج البلوتونيومالمستخدم في القنابل الذرية. ورغم أن برنامج إيران النووي تعرض للتخريب والاغتيالات من قبل، ولكنه تمكن من التطور. ومن المحتمل أن يمضي قدمًا، رغم ما أصابه من أضرار واضحة.

ومع ذلك، فإن الهجوم سلط الضوء على ثغرات في الأجهزة الأمنية الإيرانية. فبعد عملية الاغتيال، دعا المرشد الأعلى “علي خامنئي” “جميع الإداريين المعنيين” إلى “التحقيق في هذه الجريمة ومحاكمة مرتكبيها وقادتها بحزم”، وسينتج عن تعرض إيران للهجمات تزايد الدعوات المطالبة بتجديد الإجراءات الأمنية وتشديدها.

ربط مسؤولون إيرانيون إسرائيل بالهجوم..فهل يمكن أن تؤدي عملية الاغتيال هذه إلى إثارة التوترات وتعرض الشرق الأوسط لخطر الأعمال الانتقامية؟

– يلقي الرئيس “حسن روحاني”باللوم على إسرائيل، ويقول إن إيران لن تقع في فخ الانخراط في سلوك متهور ربما يؤدي إلى صراع أكبر. ومن غير المحتمل أن يكون هناك رد انتقامي فوري قد يعرقل المحادثات المحتملة مع الإدارة القادمة للرئيس الأمريكي المنتخب “جو بايدن”. فعلى مدى السنوات الأربع الماضية، هاجمت إسرائيل القوات العسكرية الإيرانية في سوريا وأزالت ملفات نووية من مستودع في طهران. ولكن لا يمكن لإيران تحمل التصعيد لتدبير هجمات انتقامية مع إسرائيل في وقت لا تستطيع فيه إدارة اقتصادها أو احتواء جائحة فيروس كورونا.

ما هو التأثير المحتمل لهذه الحادثة على جهود إدارة بايدن لإحياء المحادثات حول الاتفاق النووي الإيراني؟

– أدت هذه الحلقة إلى مزيد من الاستقطاب في الآراء في إيران. فالمتشددون مثل المرشد الأعلى ومسئولي الحرس الثوري الإسلامي– الذين يؤكدون أن الاتفاق النووي، “خطة العمل الشاملة المشتركة”، لم يكن في صالح إيران– يرون تورط الولايات المتحدة في الهجوم الأخير ويستشهدون بهذا كمؤشر آخر على أن واشنطن ليست شريكًا مفاوضًا موثوقًا. من ناحية أخرى، يواصل روحاني والعناصر الأكثر اعتدالًا–الذين يعتقدون أن الطريق إلى تخفيف العقوبات هو المفاوضات– التأكيد على الدبلوماسية. ولكن اغتيال أحد أهم علماء إيران يجعل الدبلوماسية أمرًا شديدالصعوبة. فهناك العديد من الجهات الفاعلة في الجمهورية الإسلامية لا تثق كثيرًا في المحادثات مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، فمن المرجح أن توافق إيران على محادثات جديدة مع الإدارة الأمريكية المستقبلية إذا ما ركّزت على العودة إلى الاتفاق النووي كما تم التفاوض عليه سابقًا.

ونفى مسئولون في إدارة “دونالد ترامب” أي علم مسبق بمقتل “فخري زاده”. وربما يكون وجود وزير الخارجية “مايك بومبيو” في المنطقة قبل الهجوم مباشرة مصادفة. ومع ذلك ورغم كل التكهنات ونظريات المؤامرة، فإنه لا يوجد دليل حتى الآن على أنالولايات المتحدة وإسرائيل قد نسقتا معًا تنفيذ هذه العملية.

هل من المرجح أن يقوى المتشددون في إيران بسبب الهجوم أم ستضعف شوكتهم؟

– التأثير المتناقض هو أن كلا الفصيلين في إيران يبدو أنهما يتعززان،إذ يصرّ المتشددون مجددًا على أن الاتفاق النووي لم يوقف فرض العقوبات أو تخريب المنشآت النووية تحت المراقبة الدولية أو اغتيال العلماء. وفي المقابل، يقول المعتدلون إن مثل هذا الهجوم يقدم دليلًا على أن العدو الرئيسي لإيران– إسرائيل– يخشى بشدة من جولة جديدة من الدبلوماسية لدرجة أنها ستبذل قصارى جهدها لعرقلة المفاوضات.

ومن المرجح أن يتحدد ميزان القوى بين هذه الفصائل من خلال تقدم المحادثات بين إيران والولايات المتحدة، في حال استئنافها، إضافة إلى ما ستسفر عنه نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية في يونيو 2021.

الرابط الأصلي من هنا

ربما يعجبك أيضا