الصحافة الفرنسية|مكافحة الانفصالية صداع في رأس ماكرون.. وهذه أدوات كبح جماح الهجرة لأوروبا

مترجمو رؤية

ترجمة: فريق رؤية

ما إجراءات الحكومة الفرنسية لمحاربة الراديكالية الإسلاموية؟

اهتمت الصحافة الفرنسية هذا الأسبوع بالجدل القائم حول سبل مكافحة الإسلاموية؛ حيث أبرزت جريدة “عرب نيوز” بالنسخة الفرنسية الخطوات التي بدأت الحكومة باتخاذها في هذا الصدد. وفي الثالث والعشرين من أكتوبر الماضي، أشار رئيس الوزراء الفرنسي “جان كاستكس” إلى أنه سيتم إدراج إجراءات جديدة في مشروع القانون المستقبلي ضد النزعة الانفصالية.

كان الرئيس إيمانويل ماكرون قد دعا أعضاء الحكومة إلى الإسراع في الإجراءات التي ستتخذها الحكومة لمحاربة تيار الإسلام الراديكالي في بلاده، فيما أكد وزير الداخلية “جيرالد دارمانين” خلال مقابلة أجرتها معه القناة الفرنسية الأولى أن “كل من دفع وشجع على اغتيال هذا المعلم (صامويل باتي)، يجب إدانته وملاحقته بدأب”. ومن بين الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الفرنسية: إغلاق بعض المساجد، وطرد الأجانب المتطرفين المسجلين على قوائم أجهزة الدولة، ومحاربة أيديولوجية الإسلام الراديكالي على الإنترنت.

الجمعيات والمساجد

تقوم وزارة الداخلية منذ عدة أيام بتفتيش إداري للجمعيات والمساجد والجماعات المشتبه في ارتباطها بالفكر الإسلاموي المتطرف. وترى الحكومة أن هناك نحو خمسين جمعية، مثل تجمع مناهضة الإسلاموفوبيا في فرنسا، الذي كان يدين كراهية الدولة للإسلام. وتقوم أجهزة الدولة حاليًا بفحص هذه الجمعيات، حيث يقول جيرالد دارمانين: “سيتم حل العديد منها بناءً على الاقتراح الذي تقدّمت به في مجلس الوزراء”. وتابع: “هناك إجراءات أخرى قيد الدراسة.. وسنقوم بعمليات حل وإغلاقات أخرى في الأيام المقبلة”.

المبلّغ عنهم بالتطرف والمنصفين “إس”

بناءً على طلب العديد من الأحزاب السياسية المعارضة، بما في ذلك حزب الجمهوريين، والتجمع الوطني، وحزب مارين لوبان اليميني المتطرف، تفحص الأجهزة السيادية للدولة أوضاع الأشخاص المبلّغ عنهم بالتطرف والمصنفين “إس”.

وأكد الوزير جيرالد دارمانين أن “أجهزة الوزارة تتابع 22 ألف شخص مسجلين على قوائم التطرف الإسلاموي”، كما يؤكد أن عمليات الترحيل قد بدأت بالفعل. وفيما يتعلق بالمسجلين من قِبل أجهزة المخابرات بأنهم يعيشون بشكل غير نظامي على الأراضي الفرنسية، ذكر دارمانين أن: “من بين ثمانية آلاف ملف نشط، هناك 600 أجنبي في وضع غير قانوني”. وقبل أيام قليلة، أشار الوزير الفرنسي إلى أن أجهزته سترحّل 231 أجنبيًّا، من بينهم 180 شخصًا رهن الاعتقال، وسيتم القبض على 51 آخرين في الأيام المقبلة.

الإسلاموية السيبرانية

واستقبلت مارلين شيابا، الوزيرة المنتدبة المسئولة عن المواطنة، المدراء المحليين لشبكات التواصل الاجتماعي والمنصات والمضيفين في فرنسا (فيسبوك وانستغرام وتويتر وجوجل ويوتيوب وتيك توك وسناب شات وويكبيديا ولوبوت كومان وبنتريست) في 20 أكتوبر الماضي بفندق بوفو، وذلك لمناقشة قضية مكافحة “الإسلاموية السيبرانية”.

وقالت الوزيرة الفرنسية: إن “العدو الذي أمامنا لا يهتم بالقواعد والأنظمة وشروط الاستخدام. ومن غير المعقول أن يعثر طفل على صورة قطع رأس وفيديو لخطاب كراهية وكل الدعاية التي دأبت عليها داعش منذ سنوات، والتي كنا نحاربها دون اعتذار. لذا أدعو جميع الفاعلين الى تحمل مسئولية حماية أطفالنا”. وجاء في البيان الصحفي الصادر عن وزارة الداخلية أنه يجري حاليًا تعبئة جميع أجهزة وزارة الداخلية وهيئات إنفاذ القانون على الأرض وعلى الإنترنت، وأن الدولة جهّزت نفسها في هذه المعركة بقوة؛ للحد من خطاب الكراهية على الإنترنت.

عمليات الشرطة

وأكد جيرالد دارمانين، في مقابلة مع جريدة أوروبا 1، أن “عمليات الشرطة تستهدف حاليًا الأشخاص الذين دعموا الإرهاب على شبكات التواصل الاجتماعي”، مشيرًا إلى فتح 80 تحقيقًا بتهمة بث الكراهية على الإنترنت، وبعضها لا يرتبط بالضرورة بمأساة كونفلان سانت أونورين.

من جانبه، قال رئيس الوزراء الفرنسي جان كاستكس: إنه بفضل مشروع القانون، يمكن أن يعاقب أي شخص يضع معلومات شخصية تُعرّض حياة الآخرين للخطر على الإنترنت. أما بالنسبة لإريك دوبوند موريتي، وزير العدل فطالب بوضع نهاية للقدرة على إخفاء الهوية على الإنترنت. ولتحقيق ذلك، أعلن كاستكس تعزيز القوى العاملة في منصة فاروس، المخصصة للإبلاغ عن المنشورات الممنوعة عبر شبكة الإنترنت، وإنشاء قسم متخصص داخل مكتب المدعي العام في باريس؛ وهذا الإجراء من شأنه التركيز على الملاحقات القضائية. ووفقًا للوزارة المختصة، تتلقى منصة فاروس نحو 20 ألف بلاغ شهريًّا، ما يسمح بإرسال البيانات إلى أجهزة التحقيق بعدما تتحقق صحة البلاغ.

وتؤكد وزارة الداخلية أن الشرطة والدرك في منصة فاروس منشغلون بشكل كبير في الفترة الحالية ويتعاملون مع مئات من البلاغات ذات الصلة بالهجوم. ومنذ بداية العام، أُزيل أكثر من 3 آلاف محتوى إرهابي، وكذلك إلغاء تسجيل أكثر من ألف موقع، بفضل الإجراءات التي اتخذتها المنصة والمواطنون الذين يبلغون عن المحتويات المسيئة.

ماكرون هو المتحكم بالتوقيت في مكافحة الانفصالية

وأشار موقع “فرانس تي في إنفو” الإخباري إلى حرص الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على سرعة إنجاز قانون مكافحة الانفصالية. فبعد أسبوع فقط من تقديم نص القانون إلى مجلس الوزراء، يبدأ البرلمان خلال أيام دراسة مشروع قانون يعزّز المبادئ الجمهورية، حيث يريد ماكرون أن يخرج القانون إلى النور قريبًا جدًّا.

ومنذ أيام قليلة، جرى تشكيل اللجنة الخاصة المسئولة عن التحضير للمناظرات القادمة في الدورة البرلمانية الجديدة. وبمجرد تشكيلها بدأت العمل على الفور، حيث من المقرر عقد جلسات الاستماع الأولى يوم الخميس المقبل، وهي الجلسة الخاصة بوزير الداخلية “جيرالد دارمانين”، يليها جلسة زميله المكلف بحقيبة التعليم “جان ميشيل بلانكيه”.

الإجراءات المعجلة والوقت المحدد مسبقًا

وسيتم تحديد مواعيد جلسات الاستماع الأخرى حتى قبل أن يستأنف البرلمان أعماله رسميًّا في منتصف يناير المقبل. وحينها سيساعد الوباء الغالبية بعد أن تسبب بإلغاء المراسم التقليدية لعودة الانعقاد، كما أن هناك رغبة في عدم إطالة المناقشات حتى فيما يخص النقاش حول تفعيل الآليات الدستورية، حيث تطالب الحكومة بإقرار وقت التشريع المحدد مسبقًا، والذي يسمح بتحديد مدة المناقشات مقدمًا حتى لا تطول، وسيكون لكل مجموعة برلمانية وقت أقصى للتحدث، كما ستلغي الإجراءات المعجلة الدورة البرلمانية، وهذا يعني أن النص سيتم مناقشته والتصويت عليه مرة واحدة في الجمعية، ومرة ​​واحدة في مجلس الشيوخ، وهذا أيضًا يوفّر الوقت.

خطر التعجل على غرار ليونيل جوسبان

وإذا كانت الحكومة تريد التحرك بهذه السرعة، فإن ذلك يرجع بشكل أساسي إلى أسباب سياسية، منها أن مساعدي إيمانويل ماكرون يراهنون على أن الانتخابات الرئاسية ستدور بشكل أساسي حول مشكلات العلمانية والهوية وحرب القيم.

ويحلل أحد الوزراء ذلك قائلًا: “بقدر ما لا يمكن لأحد أن يقول: سأكون أفضل فيما يتعلق بالأزمة الصحية، بقدر ما يوجد أشخاص على الخط السيادي”. والخطر يتمثل في التعجل على غرار رئيس الوزراء الأسبق ليونيل جوسبان، هذا التشبيه الذي استخدمه الرئيس ماكرون نفسه في وقت سابق من هذا العام، حين أصدر تعليمات لقواته قائلًا: “يتكرّس انطباعٌ بأن البلاد محتلة”، وهذا القانون يساهم في التصدي جزئيًّا لهذه المشكلة، وسيتوجب تمرير القانون قبل الصيف ثم استخدامه كحجة خلال الحملة الانتخابية الرئاسية.

ومع ذلك، ليس ثمة شك في توفير منصة للاعتراض على كل ما سبق، ولذلك، يعتزم الحزب الاشتراكي الكشف عن الثغرات الخاصة بتكافؤ الفرص. ويريد حزب فرنسا الأبية إجراء 700 إلى 1000 تعديل، وسيقترح اليمين مشروعًا تشريعيًّا مضادًّا والعديد من التعديلات، لا سيما فيما يخص الهجرة، والسرعة هي الطريق الأمثل لقطع الطريق أمامهم.

في مواجهة الانفصالية.. لنطبّق القوانين القائمة أولًا قبل أن نُشرع في المعركة الأيديولوجية

وأبرزت جريدة “ماريان” وجهة نظر “طارق يلديز” أستاذ علم الاجتماع والمدرس في كلية العلوم السياسية، الذي يؤمن بأن فرنسا تمتلك بالفعل ما يكفي من الأسلحة لمحاربة الإسلاموية. ويهدف مشروع القانون لـ “تعزيز العلمانية وترسيخ المبادئ الجمهورية”، كما يتكون من 54 مادة تهدف لمحاربة النزعة الانفصالية الإسلاموية، لا سيما من خلال تعزيز متطلبات الشفافية في التمويل الخارجي للمؤسسات، والحد من التعليم المنزلي، وإنهاء الزواج القسري وتحسين مكافحة الكراهية على الإنترنت…إلخ.

وبالرغم من أن الإجراءات التي يقترحها نص هذا القانون لا تزال تقتضي التوضيح، غير أنه يمكن للأحكام المنتظرة تحسين مواجهة حالات معينة؛ فالمادة 20، على سبيل المثال، تمهّد الطريق لعقد جلسة استماع فورية في المحكمة لمروجي العبارات المرفوضة على شبكة الإنترنت، كما أن إدخال مبدأ الحياد الديني لموظفي القانون الخاص المكلفين بمهمة الخدمة العامة سيوسع نطاق تطبيق ملف مرتكبي الجرائم الإرهابية. ومع أن المكونات المختلفة لهذا المشروع ليست عديمة الفائدة، إلا أنها لا تؤدي إلا إلى التصدي لجانب من هذه التحديات.

الاستجابة القضائية ليست قوية بما يكفي!

وعلى الرغم من أنه لا تزال هناك بعض النقاط العمياء في هذا القانون، لكن الصعوبة الرئيسية تتلخص في عدم تطبيق التشريعات الحالية، ويجب أن تكون الأولوية لفهم لماذا لا يزال هناك زواج قسري في فرنسا بينما لا تسمح قوانيننا به نظريًّا؟ وبالمثل، لماذا يُحكم على الجناة عشرات المرات ولا يتم تنفيذ هذه الأحكام؟ لقد جرى استنكار الصلة بين الجريمة والتطرف والنزعة الجهادية في أكثر من مناسبة، وهذا القانون سيتيح كسر هذه الصلة، لكن الاستجابة القضائية ليست سريعة وحازمة بما يكفي.

وينجم سوء تطبيق القانون عن ظواهر مختلفة مثل: الجوانب التقنية، ونقص الموارد، ونقص التدريب، والمهارات غير المناسبة، ويبدو أن أخذ التشخيص الدقيق في الاعتبار بات أمرًا ضروريًّا من أجل تطبيق أفضل للقانون مراعاةً لهذه الأبعاد المختلفة.

شن معركة أيديولوجية لتفادي الاستغلال

في بعض الأحيان، تمنع الأسباب الأيديولوجية الأخرى التطبيق الصحيح للقوانين على الجميع. فبعض التيارات، على سبيل المثال، تخص مواطنين مسلمين من معسكر واحد وتنكر تنوعهم، مثلما حدث في الماضي مع “سكان الأحياء”. وهكذا تدّعي الحركات السياسية أنها “المدافعة عن الأقليات”، وتنتقل من الحق في الاختلاف، إلى تمجيد هذا الاختلاف من حيث المبدأ، وتشعر بالتقدير من خلال هذا الموقف الذي وصفه “جان بول سارتر” بشكل جيد، عندما وصف حب جده قائلًا: “كان يعشق فيَّ كرمه”. وتَعتبر هذه الجماعات أي مبادرة لمحاربة التطرف بمثابة هجوم ضد المسلمين، وينضمون إلى أولئك الذين يتعمدون الخلط بين المجاهدين المتطرفين والمسلمين، معتبرين أن المسلم يتعارض بطبيعته مع مبادئ الجمهورية.

 إن استغلال المواطنين وفقًا لانتمائهم الحقيقي أو المفترض إلى دين أو جماعة عِرقية ما، كأداة لجعلهم جلادين محتملين أو ضحايا أبديين، هو أمر يختلف عن العنصرية المعتادة، ويؤدي أحيانًا إلى عدم تطبيق القانون بنفس الصرامة؛ نظرًا لاختلاف الجمهور المستهدف، وهكذا تتطور الجريمة بطريقة ماكرة تؤدي أحيانًا إلى التطرف.

المحاربة باستخدام الأسلحة السياسية غير الدينية

وبالإضافة إلى ذلك، يتطلب الرد على الراديكالية والانفصالية الإسلاموية نهجًا متعدد الأبعاد: أيديولوجيًّا وتعليميًّا وقمعيًّا، ولكنه بالتأكيد ليس دينيًّا. وفي الواقع تتعارض الفكرة الزائفة لفرض إسلام فرنسي مع التراث الجمهوري، وتبرز حالة سوء الفهم لتنوع المسلمين في فرنسا، والكثيرون يرفضون وجود وسطاء بينهم وبين الدولة، مشككين في شرعية المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية.

وفي سياق يمكن فيه الوصول إلى جميع الاتجاهات الدينية على الإنترنت، من يستطيع أن يعتقد أن الفرد المتطرف سيعدل سلوكه بعد الاستماع إلى إمام “مرخص”، ينظر إليه على أنه باع نفسه للسلطة؟ في الواقع، تُظهر الدراسات الاستقصائية، أنه علاوة على التطرف في مجتمعات ما بعد الحداثة، فالإصلاح الديني الشامل يشكّل حجة مطمئنة للأفراد الذين يفتقرون إلى المعايير.

ويجب على الدولة في ظل هذه الظروف، إعادة رسم المعايير، ووضع حدود للتعامل مع هذه الظاهرة بعمق. وذلك من خلال فرض قواعد وقيم الدولة دون تمييز وكسر الصلة المثبتة بين الجريمة والراديكالية، وتبسيط النظام القضائي، والسماح بالتطبيق المنهجي للأحكام، وتعزيز تحقيق الفائدة من السجن عبر شرط تخفيف العقوبة، وفرض الانضباط القوي في المدرسة دون المماطلة في التعليم التقليدي، لا سيما للطلاب الذين تمثّل المدرسة وسيلة التحرر الوحيدة بالنسبة لهم. ويجب أن يكون المواطن قادرًا على التمتع دون عوائق بالحق في عدم الإظهار وعدم اتخاذ موقف، وفي النهاية، دعونا فقط نحكم على كل شخص بأفعاله مع عدم المبالغة أو التقصير في التسامح.

الانفصالية والهجرة قضيتان مترابطتان

وأجرت جريدة “باري ماتش” حوارًا مع المحافظ الفرنسي السابق “باتريك ستيفانيني”، حلّل من خلاله مأزق سياسة الهجرة الفرنسية والربط بينها وبين النزعات الانفصالية.. وإلى أهم ما جاء في الحوار:

الصحيفة: لم يحدث أبدًا أن وصلنا إلى مثل هذا العدد الكبير من تصاريح الإقامة، كما أن طلبات اللجوء أيضًا آخذة في الازدياد.. فما مسئولية السلطة التنفيذية إزاء ذلك؟

باتريك ستيفانيني: فيما يتعلق باللجوء، العلاقة غير مباشرة ولكنها حقيقية. فمنذ عام 2016، اتخذت جميع الدول الأوروبية إجراءات صارمة أدت إلى تسجيل انخفاض في الطلبات، ولكن هذا الأمر لم يحدث في فرنسا، التي تعاني من ثلاثة شرور: أولها صعوبة كبيرة في استبعاد المرفوضين، لذلك يختار طالبو اللجوء فرنسا لأنهم يعرفون أن احتمالية ترحيلهم ضئيلة للغاية في حال تم رفض طلبهم.

وبالنسبة للمرفوضين الذين يقررون البقاء، يعدّ نظامنا الاجتماعي الأكثر جاذبية في أوروبا، وأخيرًا، باتت فرنسا الوجهة الرئيسية للخاضعين لاتفاقية دوبلن، وهم الذين قدّموا طلبًا للجوء للمرة الأولى في بلد أوروبي آخر، وبعد أن جرى رفضهم بستة أشهر، بات بإمكانهم تقديم طلب جديد في فرنسا.

الصحيفة: ماذا عن الزيادة المستمرة في عدد تصاريح الإقامة؟

باتريك ستيفانيني: تظل الهجرة الأسرية تمثل النسبة الأكبر في عدد التصاريح؛ حيث تمثل ثلث نسبة القبول، وهذا الأمر لا يتوافق مع وضعنا الديموغرافي الذي هو أفضل من وضع البلدان الأوروبية الأخرى، ولا مع الحالة الاقتصادية لبلادنا والتي تعاني النمو الضعيف، والبطالة الجماعية. ومع ذلك، منذ عام 2012، لم تفكر الحكومات أبدًا في الانتقال إلى نظام الحصص، حيث إنه النظام الوحيد القادر على تنظيم الهجرة الأسرية، وبات من الضروري حقًّا تعديل الدستور.

الصحيفة: هل يمكننا تعليق تدفقات الهجرة كما يطالب بعض اليمينيين؟

باتريك ستيفانيني: من الضروري إدانة الاتفاقيات القانونية الدولية أو الاتفاقيات الثنائية التي تربطنا بمستعمراتنا السابقة. لكن هذا من شأنه أن يتسبب بتوترات دبلوماسية قوية، ولتعذُّر ذلك، يمكننا اتّباع مسار طويل الأجل وحازم للحد من الهجرة، تمامًا مثلما فعل نيكولا ساركوزي عقب عودته إلى وزارة الداخلية في عام 2005. وقد يشكّك البعض في أن يتوافق مثل هذا الإجراء مع توجهات الأغلبية الحاكمة، والتي لم يدرك جزء منها حجم أزمة الهجرة لدينا.

الصحيفة: ما الأدوات التي من شأنها كبح جماح الهجرة؟

باتريك ستيفانيني: باتباع نظام الحصص، لن يتمتع الأجنبي الذي لديه روابط عائلية في فرنسا وأوروبا بالحق التلقائي في الحصول على الإقامة، مثلما يحدث حاليًا. وكما يتم في ألمانيا، يجب أن ترتبط سياستنا الخاصة بالهجرة بحالة سوق العمل لدينا؛ فنحن نستقبل 90 ألف أسرة مهاجرة كل عام دون أن نسأل أنفسنا على الإطلاق عما إذا كان لدى البالغين في هذه الأسر أدنى فرصة للعثور على وظيفة! ويجب علينا أيضًا التحكم بشكل أفضل في حدودنا، والمراجعة الجذرية لسياستنا الخاصة بالمساعدة الإنمائية، والتأكد من أن تقديم طلب اللجوء على الأراضي الفرنسية لم يعد الأساس بل الاستثناء.

الصحيفة: كيف نقلّل من قدرة نموذج التكامل الخاص بنا؟

باتريك ستيفانيني: يُعدُّ الاندماج أحد الواجبات القوية، كما قال الجنرال ديغول. ولكن من أجل تحقيق الاندماج بشكل أفضل، ربما يكون من الضروري استقبال عدد أقل، وذلك من خلال الحد قدر الإمكان من التسويات التي تتيح دخول 30 ألف شخص سنويًّا، من خلال اشتراط حد أدنى من إتقان اللغة الفرنسية للحصول على تصريح إقامة، مقارنةً بما يشترط حاليًا من مجرد إثبات الحضور في الدراسة.

الصحيفة: هل قانون الانفصالية محكوم عليه بالفشل لعدم تضمينه قسمًا خاصًّا بتعزيز مكافحة الهجرة غير الشرعية؟

باتريك ستيفانيني: يمثل مشروع هذا القانون خطوة في الاتجاه الصحيح، بالرغم من أنه لا يهدف إلى الحد من الهجرة، لكن مع ذلك، فالانفصالية والهجرة قضيتان مرتبطان؛ حيث إن فشل نموذج الاندماج الخاص بنا يمكن أن يؤدي ببعض المهاجرين إلى شكل من أشكال انسحاب الهوية، أو حتى إلى تفاقم النزعة الطائفية، التي تمهّد الأرض الخصبة للإسلام الراديكالي، وفي النهاية، السياسة الشاملة فقط بمقدورها أن تحل تلك المشكلة.

ربما يعجبك أيضا