أوراسيا ريفيو| لماذا لا تشتري إيران اللقاح المضاد لفيروس كورونا؟

علي عبدالعزيز

ترجمة – بسام عباس    

طلبت أكثر من 80 دولة بالفعل 7 مليارات جرعة من لقاحات فيروس كورونا، بما في ذلك الدول الفقيرة، مثل الإكوادور وبنما وأفغانستان، وحتى فنزويلا، التي تواجه أزمة مالية حادة، طلبت اللقاح. وبدأت بعض الدول، بما في ذلك دول الخليج العربي، التطعيم العام، غير أن النظام الإيراني لم يتخذ أي إجراء لشراء أو طلب لقاح فيروس كورونا.

والسؤال: ما هي المشكلة ولماذا؟ على الرغم من أن إيران من الدول التي يوجد بها أكبر عدد من ضحايا فيروس كورونا، فوفقًا لمصادر موثوقة: لقي أكثر من 190 ألف شخص حتفهم حتى الآن، ومع ذلك، لم تتخذ الحكومة الإيرانية أي خطوة لشراء لقاح كورونا لمنع المجزرة التي يتعرض لها الإيرانيون؟ ففي الأسابيع الأخيرة ارتفع عدد القتلى إلى قرابة 500 شخص كل يوم، بحسب النظام نفسه.

وحتى من الناحية الاقتصادية، يتسبب التأخير اليومي في شراء اللقاح في إلحاق ضرر كبير بالاقتصاد الإيراني، كما كتبت الصحيفة الحكومية الإيرانية “دنیاي اقتصاد” (عالم الاقتصاد) يوم الأحد، 20 ديسمبر: “تظهر الدراسات أنه في أسوأ السيناريوهات، التكاليف الاقتصادية بسبب تفشي فيروس كورونا هي 48 مليار دولار، وفي أفضل الأحوال، 32 مليار دولار.. وفي الوقت نفسه، تقدر تكلفة تطعيم جميع سكان البلاد بحد أقصى 5 مليارات دولار. لذلك، فإن فائدة شراء اللقاح تفوق بكثير التكاليف الاقتصادية”.

وقد وصل هذا التهاون إلى حد فتح فيه بعض المسئولين في إيران أفواههم للاحتجاج على تقاعس الحكومة. فعلى سبيل المثال، قال “مصطفى معين”، رئيس مركز أبحاث المناعة والربو والحساسية في جامعة طهران للعلوم الطبية: “إن التطعيم في الوقت المناسب هو الحل الأكثر فاعلية وحسمًا لتحقيق السلامة الجماعية ووضع حد لقتل المشردين، ويجب علينا شراء لقاح فيروس كورونا في أسرع وقت ممكن”.

* لكن لماذا لا يشتري نظام الملالي لقاح فيروس كورونا وما هي مبرراته؟!

يمكن رؤية هذا السؤال أيضًا في الصحف الإيرانية. فقد كتبت صحيفة “مردم سالاري” الحكومية تحت عنوان “انتقادات لرفض المسئولين شراء اللقاح المضاد لفيروس كورونا”: “على عكس كل الدول التي سارعت لشراء هذين النوعين من اللقاحات [فايزر وموديرنا]، اتخذت إيران قرارًا آخر، ففي الأسابيع الأخيرة، كانت هناك آراء متضاربة حول مشاكل شراء اللقاحات، مثل “نقص العملة الأجنبية الكافية”.. “استحالة تحويل العملة”.. “العقوبات”.. “الافتقار إلى وسائل النقل المناسبة”.. وما إلى ذلك… “.

فيما كتبت صحيفة “همدلي” يوم 23 ديسمبر في مقال بعنوان: “أعذار المسئولين ومطالب الناس في مكافحة فيروس كورونا”: “على الرغم من إنتاج لقاح موديرنا وسهولة الحصول عليه، سواء من حيث السعر أو قابلية النقل، لا يزال المسئولون الإيرانيون يتطلعون إلى إنتاج لقاح يتم تصنيعه في إيران هذا الشتاء وسيصل إلى مرحلة الحقن ربيع العام المقبل. ويقدم مسئولو الصحة هذا الوعد مع تسارع الزمن، بينما يفتك فيروس كورونا يوميًّا بمزيد من الإيرانيين ليعم الحزن على أسرهم”.

من الواضح أن ضحايا فيروس كورونا ليسوا مجرد “أرقام”، فهم بشر ولديهم عائلات. لقد ولدوا ذات يوم وسط ضحك عائلاتهم وأقاربهم، وكان لديهم “أرواح” وشعروا بـ “الألم” والضحك والفرح وكذلك، بالطبع، أحبوا الحياة. ولذلك فإن تسهيل موتهم تحت أي ذريعة يخفي وراءه كارثة مؤلمة.

ويعد شراء لقاح لفيروس كورونا دون إضاعة الوقت مطلبًا عامًا، خاصة الآن بعد أن أظهر فيروس كورونا طفرته الجديدة الأكثر عنفًا، حيث زاد تطور العدوى به 70 مرة. فيما تداول الأشخاص على وسائل التواصل الاجتماعي، وخاصة تويتر، المطلب الجماهيري من خلال إطلاق هاشتاج: “شراء اللقاح”.

ويبدو أن النظام الإيراني وصل، مثل مشاكله الاجتماعية الأخرى، إلى طريق مسدود في عملية شراء لقاح فيروس كورونا وذلك بسبب الصراعات الداخلية. فمن ناحية، فإن إيران بعدم توقيعها على اتفاقية عدم تمويل الإرهاب، لن تتمكن من تحويل الأموال. ومن ناحية أخرى، إذا وقعت على الاتفاقية، فسيتم قطع طريق مساعدتها المالية الجماعات الإرهابية التي تدعمها.

وفي هذه الأثناء، وبما أن مافيا الحرس الثوري الإيراني تسيطر مباشرة على جميع الشئون في إيران تحت الإشراف المباشر لخامنئي، يعتقد الكثيرون أن اللقاحات لم يجرِ شراؤها بسبب تدخل الحرس الثوري الإيراني، الذي يسعى إلى استخدام تفشي فيروس كورونا كوسيلة لمنع التجمعات والاحتجاجات؛ لأنه يعرف جيدًا أنه إذا كان هناك مجال للتجمع وإذا بدأت احتجاجات الشعب، فسيحدث وضع أسوأ بكثير مما كان عليه في نوفمبر 2019 بالنسبة له، حيث اجتاحت أكثر من 100 مدينة في 3 أيام احتجاجات حاشدة والعديد من المباني الحكومية. وكانت ردة فعل الحرس الثوري الإيراني عنيفة؛ إذ أطلق النار مباشرة على المتظاهرين وقتل أكثر من 1500 منهم، وتمكن بذلك من قمع الاحتجاجات. ولكن هذه المرة ربما لن يستطيع السيطرة على هذه الاحتجاجات والانتفاضة العامة، التي قد تؤدي إلى تغيير النظام الإيراني بأكمله.

لمشاهدة الموضوع الأصلي اضغط هنا

ربما يعجبك أيضا